لقيتها ليتني ما كنت ألقاها**************تمشي وقد أثقل الإملاق ممشاها
أثوابها رثة والرجل حافية***************والدمع تذرفها في الخد عيناها
بكت من الظلم فاحمرت مدامعها*********واصفر كالورس من جوع محياها
مات الذي كان يحميها ويسعدها********فالزوج من بعده بالفقر أشقاها
الظلم أفجعها والفقر أوجعها***********والهم أنحلها والغم أضناها
فمنظر الحزن مشهود بمنظرها***********والبؤس مرآه مقرون بمرآها
كر الجديدين قد أبلى عباءتها**********فانشق أسفلها وانشق أعلاها
تمشي بأطمارها والبرد يلسعها********كأنه عقرب شالت زباناها
حتى غدا جسمها بالبرد مرتجفا********كالغصن في الريح واصطكت ثناياها
تلك المأساة التي تولدت من أمرين
1- الجشع و الطمع و حب المال
2- التخلص من البنت لأسباب عديدة ليس هذا مجال ذكرها .
مأساة و أي مأساة و ظاهرة سيئة و أي ظاهرة
تلك التي تذهب ضحيتها طفلة بريئة أو امرأة مغلوب على أمرها او يتيمة فقدت الأب الحنون أو أرملة تقاذفتها الأقدار
تلك المأساة التي لا أظن أن في منطقة جازان قرية و لا مدينة إلا و تكررت فيها عشرات المرات خاصة الجنوبية منها
هذه المأساة بدأت منذ أكثر من خمسين سنة
ألا وهي تزويج بناتنا من مجاهيل البدو و الأعراب و القبائل الأخرى من خارج المنطقة
أنا لن أطنب في في أبعاد المأساة و لن أذكر الشبه المسوغة لهذا العمل و الرد عليها
و لكني سأنقل كلام امرأة من بني جلدتنا كانت ضحية زواج ظالم لم تكن موافقة عليه و لا تريد ذلك الزوج الذي نسميه بالشرقي
هذه المراة التقت بها والدتي بالمصادفة عند أحد الأقارب في مدينة الرياض فقصت عليها قصتها و حكت لها مآسي الكثير من بناتنا المنتثرات في منطقتهم الموجودة غرب منطقة القصيم
تقول أختنا لوالدتي /
زوجني أبي من دون رضاي و بالقوة أيضا و بالضرب و التهديد لأجل حفنة من المال بنى بها بيتا من الأعواد و الطين .
خرجت من بيت أبي كأني خرجت من الدنيا و أنا أبكي و أصرخ و عمري يومئذ 10 سنوات لم أبلغ بعد خرجت مع شخص غريب عن الديار و الأهل لا أعرف عنه إلا أنه بدوي (شرقي) أعطى أبي قيمتي
من حسن حظي أني سقطت في رجل يخاف الله أتى بي إلى أهلي مرتين من يوم تزوجت قبل خمس و ثلاثين سنة – فقالت أمي في نفسها فكيف لو كان لا يخاف الله كم مرة سترى أهلها
تقول أختنا لوالدتي /
الرجل البدوي الذي يأتي لمنطقتنا للزواج هو أحد أربعة رجال غالبا
1- رجل فقير معدم لا يجد ما يؤهله للتزوج من قبيلته.
2- رجل معروف بسوء أخلاقه و معشره و دينه فلا يجد من يزوجه.
3- رجل لديه أنعام من إبل و غنم و يريد من يرعى بها .
4- رجل كبير في السن لم تقبل به امرأة لعجزه و كبره.
أما الشباب الأقوياء و الذين لديهم قدرة ملية و مرضي عنهم فإنهم لا يفكرون بالزواج من خارج قبيلتهم
تقول أختنا لوالدتي /
تخرج البنت من بيت أهلها كزوجة و في الطريق و بقدرة قادر تنقلب إلى خادمة لأسرة البدوي و راعية لأغنامه في جو بعيد كل البعد عن العدل و الحياة الزوجية و التراحم و التآلف
تقول أختنا لوالدتي /
كثير من النساء الجيزانيات – و خاصة اللاتي خرجن و هن صغار – لا يعرفون أهلهم و لا أين يسكنون بل إن أزواجهم غالبا ما يكذبون عليهم و يقولون لهن إن أهلكم قد ماتوا و لم يبق منهم أحد
تقول أختنا لوالدتي /
المرأة الجيزانية تسمع أقسى العبارات و أشنعها من الزوج البدوي و من أشهرها
1- أنتن كلاب و لا قيمة لكن – أعز الله القارئ- و لو كانت لكن كرامة لما زوجكن آباؤكن من أغراب لا يعرفونهم
2- أنا لم أتزوجك لتجلسي مع ضرتك و أهلي في البيت و لكن لرعي الغنم و جمع الحطب و و السقي و غيرها من المهن التي تزاول خارج البيت أو الخيمة .
3- ليس لكي أهل و لا جماعة و لو كان لكي أحد فلن ترينه و انسي شيء اسمه جازان
تقول أختنا لوالدتي /
تضرب المرأة الجيزانية و لا تحترم و لا تقدر و كثير من الأخوات يسقطن حملهن من شدة الضرب و مشقة العمل
تقول أختنا لوالدتي /
لا تجد المرأة الجيزانية راحتها و كرامتها إلا بعد أن يكبر و يتوظف أولادها الذكور و يحمونها و يرعونها – هذا إن كان فيهم خير- و المرأة التي لا تنجب أو أو ذريتها بنات فلا تسألي عن مأساتها حتى تموت أو تعجز عن العمل .
تقول أختنا لوالدتي /
في ديار الغربة و في بعض القرى قد يجتمعن ثلاث و أربع و أكثر من ذلك من الأخوات الجيزانيات و أهم سؤال تتكرر دائما هو
هل تذهبين إلى جيزان أو تعرفين أحدا يذهب إلى هناك ؟؟؟
لماذا ؟؟ حتى ترسل إلى أهلها تبلغهم بمكانها حتى يأتوا لتراهم أما هي فمن المستحيل أن يسافر بها زوجها إلا في حالة إذا كبر أولادها و رأفوا بحالها و سافروا بها
تقول أختنا لوالدتي /
نعاني من العنصرية المقيتة لدرجة أن أولادنا و بناتنا يسمونهم عيال الجيزانية بل و الأدهى من ذلك بعض الأمهات الجيزانيات يسبونهن أزواجهن بل و أولادهن إذا كبروا و يعيرونهن بجازان
و إذا تقدم أحد الخطاب لبنت الجيزانية يقولون له أهله ماذا تريد بالجيزانية أو بنت الجيزانية
تقول أختنا لوالدتي /
إذا عرف الزوج أن أهل زوجته عرفوا مكانه و استطاع أن ينتقل انتقل و خاصة أيام الترحال و البداوة القحة
تقول أختنا لوالدتي /
إذا عرف الزوج الشخص الذي دل أهل زوجته على مكانه فإنه يخاصمه و لا يكلمه و يشهد عليه أهله
تقول أختنا لوالدتي /
لا تكادين تجدين امرأة جيزانية مرتاحة عند زوجها البدوي إلا في حالات شاذة لا يقاس عليها
و بعد كل هذه المآسي التي تعانيها المرأة الجيزانية مع الأعراب أحب أن أقول أن ما ذكرته غيض من فيض مما تحدثت به تلك المسكينة لوالدتي و لولا الإطالة عليكم لذكرت قصصا و تفاصيل أكثر يشيب منها الولدان .
و ختاما
ماذا نستطيع أن نفعل حيال هذه المأساة التي لا زالت تضرب بأطنابها و لا زال الكثير من الجهلة من الآباء يزوجون بناتهم من هؤلاء الأعراب
و أظن أنه لا يوجد عضو في هذا المنتدى إلا و يعرف أبا أو أكثر باع ابنته على أعرابي و يعرف أسرا تبحث عن بناتها في مجاهيل الصحاري و الهجر و القرى بلا فائدة
هذه اقتراحات مني و اجتهادات شخصية و أرجو ممن لديه رؤية للموضوع أو له نشاط في القضية أن يدلي بدلوه
الاقتراح الأول /
تكوين لجنة شعبية من عقلاء المنطقة و كل مدينة و كل بلدة تنتخب من ترى فيه الخير و الصلاح
و تكون مهمة هذه اللجنة إحصاء أعداد البنات اللاتي خرجن من المنطقة و لم يعدن باسم الزواج و محاولة متابعتهن في القرى و الهجر و تحسين أوضاعهن و الدفاع عنهن و تفعيل دور أسرهن في البحث و تكون هذه اللجنة مرتبطة بأعلى مستوى في المنطقة
الاقتراح الثاني /
محاولة إقناع رؤساء تحرير الجرائد كالوطن و عكاظ و المدينة بتبني القضية و فتح ملف صحفي أو تقرير عن نسائنا المهاجرات و ليس صعبا تقصي أماكنهن و عرض معاناتهن و مساعدتهن في البحث عن أهلهن
الاقتراح الثالث /
على الأخوة الذين يعيشون خارج المنطقة و خاصة العسكر منهم و هم كثير أن يتعاونوا مع كل من يسأل عن ابنته أو أخته أو قريبته و يبحثوا و يسألوا معهم
الاقتراح الرابع /
على كل من يعرف عائلة لها ابنة متزوجة من رجل من خارج المنطقة و تعيش وضعا مأساويا أن يشارك بما يعرف و ما يعلم من وضع هذه البنت
و أخيرا قد يقول قائل /
إن (وادي خلب ) يبالغ في الأمر و أن الأمر لا يعدو كونه حالات فردية لا تصل إلى مستوى الظاهرة
فأقول /
الظاهرة موجودة بل و متفاقمة و في القرية التي أنا منها يوجد أكثر من عشر بنات متزوجات من أغراب عن المنطقة إحداهن لم يروها أهلها مذ خرجت و لا يعرفون أين هي و لا حتى يذكرون اسم زوجها- و الله على ما أقول شهيد- و البقية لا يأتون لزيارة أهلهن إلا كل أربع أو خمس سنوات أو أكثر
و منهن من لا تأتي إلا كل عشر سنوات أو خمس عشرة سنة و أكثر
و السماسرة فاعلوا الشر من المنسقين بين الأعراب و أهل المنطقة لا يزال أكثرهم أحياء إلى اليوم و لا يزالون يزاولون هذه المهنة الدنيئة و لا تزال الدعوات تتابع عليهم من الأهالي جازاهم الله بما يستحقون
|
 |
رد مع اقتباس
