*** القهوه العربية رمز الاصالة ***
القهوة العربية رمز الاصاله
القهوة العربية رمز الكرم والنخوة في المجالس..
كل خميس وعلى مدى اكثر من اربع سنوات ارتشفنا العشرات بل المئات من فناجين قهوة الاجداد والآباء في مجالسهم العامرة بالذكريات وسوالف ماضي الحياة في الامارات.. وتذوقنا عبر تلك الرشفات نكهات مختلف انواع (( اللبن )) الذي كان استهلاكه شائعاً في مجتمع الامارات بادية وحضرا وريفاً ، براً، وبحرا ، وكذلك شأن ما تذوقنا من نكهات((القناد )) وهو الهيل بتعدد أنوعه حيث له رائحة طيبة ويضاف الى القهوة لزيادة تأثير النكهه واضفاء مزيد من التقدير والأهمية بل الدلال المزاجي إن صح التعبير لهذا المشروب الشعبي المنعش.
والواقع ان القهوة في مجتمعنا كما في مجتمعات الخليج والجزيرة العربية وفي كثير من المجتمعات العربية ذات قيمة معنوية واستهلاكية ورمزية عالية وكبيرة ولذلك فإنها كانت تتصدر قائمة المواد الغذائية الاستهلاكية بين كل الفئات والطبقات الاجتماعية بل ان منهم من كان يستغني عن بعض المواد الاساسية إذا اضطرته الظروف ولكن يستحيل استغناؤه عن القهوة . وهذا أحد الشعراء الشعبيين المحليين القدامى يقول :
يا القهوة بتشارع وياك.............. لو يستوي منك بعشرين
كان ( من ) القهوة أي _4 _ كيلوجرامات بروبتين أو ثلاث روبيات ، ولو وصل ثمنه الى عشرين روبية وهو مبلغ يعد كبيراً في ذلك الوقت فإن الناس سيشترونه وذلك لأهمية وقيمة القهوة، بالنسبة لهم.
وفي سنوات الحرب العالمية الثانية التي توقفت خلالها حركة التصدير والاستيراد الى المنطقة انعدمت القهوة من الاسواق الى جانب الركود الاقتصادي الكبير الذي حل بالبلاد فكان الأهالي يصنعون قوتهم من نوى التمر حيث يطحنونها ويقلونها ويضيفونها الى الماء المغلي ليتحول لونه الى بني كلون القهوة وإن اختلفت النكهه والمذاق ، كما كان البعض يعد قهوته في تلك الفترة من الشعير المغلي أيضاً ..
وتقدر ذكريات الآباء حجم استهلاك القهوة الشهري في بيوت العائلات الغنية ( بيونية ) (1) كاملة اي كيس واحد يزن ثلاثين مناً من القهوة ( 120 ) كيلوجراماً، اما العائلات المحدودة الدخل فقد كانت تستهلك 10_15 كيلوجراماً في الشهر الواحد. ويقدرون الاستهلاك اليومي للفرد الواحد بين 20_30 فنجاناً من القهوة ، علماً ان كمية القهوة في كل فنجان تكون ربعه فقط.
أما النساء فيتناولنها اكثر من ربع الفنجان حتى نصفه ، وقد جرت العادة ان تصنع القهوة 3 مرات في اليوم الاول قبل اذان الفجر والثانية بعدالظهر والثالثة عند المغرب ، ولم تكن القهوة وادوات تحميصها وطحنها وحفظها تفارق الانسان اينما حل او رحل ففي سفن الغوص ورحلاتها كانت القهوة وادوات صنعها تحتل المكانة الاساسية والبارزة بين مواد التموين وكذلك في رحلات السفن الشراعية البعيدة المدى للتصدير والاستيرادوفي تنقلات البادية بقوافلها بين الجبال والبراري..
وخلال مسيرات تلك القوافل وتنقلاتها ليلا او نهارا تسمع بعضهم ينادي جماعته قائلا :
(( تصوعنا )) فتتوقف القافلة القافلة حيث يقوم افرادها بجمع قليل من الحطب وإشعال النار به ، ويعدون القهوة ويحضرون التمر ، ويرتشف الواحد منهم عدة فناجين منهم منها مع بعض حبات التمر ويقولون (( خاز الصوع )) اي زال الصداع أو الهوس ، ثم تستكمل القافلة مسيرتها وهكذا حتى يتجدد (( الصوع ))او الهوس مرة اخرى لتقف وتشرب القهوة من جديد وهكذا.
ويقول شاعرهم:
(( ياما حلا الفنجان في راس عرقوب ...... في مجلس مافيه نفس ثقيلة ))
((وهذا ولــــد عــــم وهذا ولد خال ...... وهذا صديق مالقينا مثيلة ))
وفي احدى السنزات البعيدة دار جدال بين بعض رجال الدين وشيوخ العلم في المنطقة حول القهوة هل هي حرام ام حلال او مكروهة وما الى ذلك ، لكنهم جميعاً افتوا فيما بعد بانها حلال وهذا احدهم وهو الشيخ خليفة المصيعي من أبوظبي يقول :
(( قهوة شابنيه ...... حله المولى عليه
اسقي منها وزدني ...... الى آخره
شعبية واسعة للقهوة واستخدامات علاجية عديدة
ولأهمية القهوة وشعبيتها فإن المحلات التي كانت تبيع الشاي وتقدم ( القدو)(2) وبعض الاكلات الشعبية الخفيفة سميت (( قهوة )) بالرغم من أنها لا تقدم القهوة فيقولون مثلا: (( بنسير قهوة فلان.. أو قهوة السوق أو قهوة التجار )) ، وهكذا ، ذلك لأن القهوة تجمع الناس ، كما ان زيارة احدهم او احداهن لبيت صديق أو صديقة في الصباح او المساء وتناوله معه الافطار مثلا يقول عقب ذلك : (( تقهويت عند فلان )) ولا يقول فطرت ،ذلك لأن القهوة ذات قيمة ورمز اكبر . واذاما حل ضيف على احدهم وقرر إكرامه ينادي بقوله : (( قهووا الضيف )) بالرغم من انه قد يعد له مائدة عامرة.
واذا . زار انسان صديقا له او قريبا وبات الليل في بيته فإنه في الصباح يقدم له القهوة اولا ثم الافطار. كما إن القادم من بعيد وهو منهك وتعب تعد له القهوة قبل كل شيء ويمكن الاكتفاء بإكرام الضيف . بعدة فناجين من القهوة ولكن من العيب ان يكرم الضيف بمائدةعامرة بدون قهوة . فالقهوة رمز الكرم العربي وقد جرت العادة في البادية خاصة انه اذا التجأ احدهم الى مجلس او بيت عندهم وتناول رشفة من قهوتهم فإنه بذلك يكون يكون في حمايتهم حتى ولو كان جانيا ويبررون ذلك بقولهم : (( ما كان بيننا وبينك شربة ماء وفنجان قهوة ؟!)).
واذا تزوج احدهم امرأة واكتشف انها ناقصة الخبرة بشؤون التدبير المنزلي وصفها يقول : (( هذه ما تتعاشر ، حتى فنجان قهوة ما تعرف تسوي )).
وكان الرجل اذا ما اراد ان يؤكد لصاحبه انه صادق فيما يقول ويروي يقول له : (( اذا رأيت كلامي موب صدق رد عني فنجانك )) ورد الفنجان عن الرجل يعد إهانه له وخاصة في المجالس
![]()
كما ان البيت الذي يخلو من القهوة يعتبر صاحبه شاذا او قاصرا فهذا شاعر زار احدهم فلم يقدم له القهوة الامر الذي يعني عدم تكريمه فقال معاتبا و شاتما له:
((يينا عند علوان راع الحلة.... لا شفنا فنجان ولا دلة ))
والى جانب استخدام القهوة كمشروب اساسي في حياة الاجداد و الاباء كرمز للجود و الكرم و كانوا ايضا
يستخدمونه كدواء شعبي لبعض الامراض، فمن معتقداتهم عنها: ((ان تناول القهوة على الربق من شانها ان تقضي على ديدان الامعاء))ز لذلكفقدكان الكل حريصا على ان يرتشف فنجانا من القهوة فور استيقاظهمن النوم فجرا.كما كانوايستعملون القهوةلايقاف نزيف الدم اذا ما اصاب احدهم و ذلك بصب بودرة القهوة او القهوة المعدة للشرب على موقع النزيف في الجسم. و اذا ما تعرضت حيواناتهم لاسهال فانهم يسحقون خمرة القهوة اي حثالتهاز كما تؤخذحثالة القهوة و تجفف حثالة القهوة و تجفف و تستعمل للمسح على الحروق في جسم الانسان.
وكانت القهوة ايضا هي الوسيلة العد والحساب لتجار اللؤلؤ وممولي سفن الغوص وتجار التمور والمواد الغذائية وتجار المياه في الماضي بحيث كان الواحد منهم يضع بجانبه نصف كيلوجرام من القهوة ويحسب مواده او بضاعته على حسب حبات القهوة حبة حبة واذا ما وصل عدد الحبات الى مائة اخرج عشر حبات ليعد الحبة الواحدة عن عشر وبالتالي فإن إجمالي الحبات العشر يساوي مائة حبة وهكذا.
القهوة هي : شراب البن ، وفي قولهم(اتقهوى) أي احتس ِ القهوة.
ومن آداب تقديم القهوة ، تقديمها الى الشيخ أو كبير القوم أولاً ، أو من كان من خارج نطاق العشيرة أو البلد . وإذا كان والد ساقي القهوة موجوداً في المجلس ، فعلى ولده أن يتوجه نحوه أولاً ويقدم له القهوة ، فإن كان هناك شيخ أو ضيف ، فعلى الوالد أن يؤشر له بيده أن يقدم القهوة إلى الشيخ أو الضيف أولاً.
وإذا تم تقديم القهوة إلى أول من في المجلس . دار الساقي بأقداحه من اليمين إلى اليسار ممسكاً بدلة القهوة بيده اليسرى والفناجين بيده اليمنى. أما إذا كان المجلس كبيراً ، وكان شيوخ القوم ووجهاؤهم قد توسطوه ، تقدم أربعة سقاة مرة واحدة ؛ إثنان يتجهان إلى حيث الوسط وواحد يتجه شمالاً والآخر يميناً .
ومن الأصول في تقديم القهوة ، عدم ملء الفنجان(الفنجال) ، فهذا معناه إشارة للشارب بأنه قاصر أو أنه مطعون بشرفه . أما الأصول فهو صب القهوة في الفنجان إلى أقل من النصف تقريباً .
وإذا كان في المجلس صبي حضر مع والده ، فيجب تقديم القهوة له ، وعدم تجاوزه ، لأن تجاوزه معناه إهانة لوالده.
وكذلك تكون الإهانة هائلة ، وقد تؤدي إلى (( قص خشوم)) أي حرب ضروس ، إذا جلس أحدهم في مجلس ودار الساقي بالقهوة على الجلاس ، وتجاوزه ولم يقدم له القهوة.
كما انه من الأصول المتبعة عند الشارب ، أن يشرب فنجانين أو ثلاثة فناجين متتالية ، فإن شرب الرابع فقد يكون ذلك من المآخذ عليه . وعند بعض العشائر يعتبر من يشرب أربعة فناجين متتالية دخيلاً يحتاج إلى مساعدة.وإلى جانب ذلك فإن الأصول تقتضي تقديم القهوة تباعاً على فترات ، وبين المرة والمرة ما يقارب عشر دقائق على ربع ساعة . أما علامة الاكتفاء من شراب القهوة فهي هز الفنجان الفارغ يميناً وشمالاً عدة مرات ، وهو بين السبابة والابهام.
واشربوا القهوة الامارتية الطيبة ابتسامة:
تحياتي لكم جميعاً...... واقول لا تنسون تمرونا نشرب القهوة يميع![]()
اختكم في الله
رديمه