كأس !
(((يروى أن ديك الجن الحمصي قتل جاريته حبا بها وغيرة عليها ، وجبل من بقايا جثتها المحروقة كأسه
وكان ينشد بين شربه وبكائه أبياتا من الشعر
أجريت سيفي في مجال خناقها... ومدامعي تجري على خديها
رويت من دمها الثرى ولطالما ..روّى الهوى شفتيّ من شفتيها
ديك الجن )))
دعها ! فهذي الكأس ما مرت على شفتي نديم ِ=
لي وقفة معها أمام الله في ظل الجحيمِ=
دعها فقد تشقيك فيها لفحة البغي الرجيم ِ=
وتنفس الشبح الشقي على جذى حب أثيم ِ=
ما لي أراك تطيل في تأمل الطرف الرحيم=
أتخالني أهذي ؟ وخمري صحوة القلب الكليم =ِ
كانت تغنيني وكنت أحس بالنعمى تغني=
هيفاء لم يبلغ مدى إغرائها وهمي وظني=
كيف ارتضت دنياي دنياها على قلق وأمن=
كيف استقت حبي وقصت فيه أجنحة التمني=
ما غرها مني وماذا أبقت الأيام مني=
الشيب مر بلمتي وأقام في عجزي ووهني=
نادى هواها فالتفتُّ وما رددت له جوابا=
وشبابها الظمآن بين يدي يستجدي السرابا=
فوجمت مجروح الرجولة أخفض الطرف اكتئابا=
ورجعت للأكواب أملأها على غصص شرابا=
وأعبها حمى من الأهواء تصطخب اصطخابا=
فإذا دمي في مثل وهج الجمر يلتهب التهابا=
مالت علي و طرفها في يأسه يتضرعُ=
وعبيرها ما سال من صدر الربيع وأمتعُ=
فضممتها فتنهدت غصص وصكت أضلعُ=
هي نشوة لم يبق لي من بعدها ما يطمعُ=
كم ظبية قعدت بعبء جراحها تتوجعُ =
لما رأت في خشفها الجوع الملح يروعُ=
نامت وخلف ندي جفنيها حياة تحلمُ=
طورا تقطب حاجبيها تارة تتبسمُ=
وعلى ارتعاش شفاهها الحمراء بوح مبهمُ=
فدنوت أصغي علها في همسة تتلعثمُ=
ورجفت خشية أن تطالعني بما لا أعلمُ=
ورجعت أمشي القهقرى وجوانحي تتضرمُ=
نامت وجنح الليل جن وغيرتي الهوجاء غضبى=
أنا لن أعيش غدا فأروي قلبها الظمآن حبا=
من أين والدنيا طوت أظلالها الفيحاء وثبا=
ومراكب الأيام شقت جبهتي دربا فدربا=
نامت وأشباح الغد الباكي أدَفِّعهن رعبا=
أيضم غيري هذه النعمى متى وسدت تربا=
قبلتها والليل ينفض عنه أسراب النجوم ِ=
ومدامعي تجري وكفي فوق خنجريَ الأثيم ِ=
هي وقفة رعناء ضاق بهولها حلم الحليم=
فحملت شلو ضحيتي والنار حمراء الأديم=
وجبلت من تلك الجذى كأسي ومن تلك الكلوم=
وغدا أحطمها أمام الله في ظل الجحيم=
ِ
قصيدة من سبعة مقاطع غاية في روعة التصوير و دقة التحليل النفسي