جئتها مع أول خيوط الفجر ..جئتها وأنفاسي تتسابق لرؤيتها .استقبلتني والدتها
المريضة .. أخبرتني أن سارة تعيش ركودا فهي مابين إغفاءة هادئة ويقظة
مزعجة..هممت بالانصراف خوفا من إزعاجهاوعندما أردت العودة التقت عيني
بعينيها‘ يا للعيون عندما تتكلم حينما ينعقد اللسان!!!
كانت ذابلة مبللة ببقايا دمع التصقت بأهدابها الناعسة، وكأنها قد اكتست
من ذلك الحزن غيما ممطرا..صمتها الذي لاذت إليه كشف عن معاناتها مع
المرض الذي بدأ يدب في جسدها الغض.. انبلاج الفجر يخفي شيئا من الأرق الذي
كانت فيه حاولت أن تتجاذب معي بعض الكلام...حاولت أن تسرق الأحرف خلسة
لكنها أكتفت بدمعات حارة مسحت على أثرها إبتسامة كانت عالقة على شفتيها
حاولت تدارك الأمربدأت أداعبها بالحديث ..سارة حبيبتي.. لاعليك تمسكِ بأهداب
الأمل.. لا تيأس ، قلتها وأنا أحس بمرارة ما تعانيه أعلم أن كلماتي ستذهب أدراج
الرياح فهي ترى معاناتها أكبر من حجم الأمل.. فما حدث ويحدث لها يحتاج إلى
قدرة هائلة من الاحتمال. سارتي مازلت أذكرك تلك الطالبة المجتهدة المحبة للعلم
..مازالت صورتك عالقة في مخيلتي لم يستطع الزمن أن ينسيني تفوقك وهأنتي
اليوم معلمة يشار إليها بالبنان ..كيف ستعلمين طالباتك قيمة الصبر وقيمة
الإبتلاء..سارتي المرض النفسي ليس نهايتك أنتِ تمتلكين قلبا طيبا راضيا..
ستقفين مرة أخرى أعدك ستقفين أمام مديرتك التي ظلمتك وأمام طالباتك الآتي
سخرن منك ستثبتين للعالم أنك الأقوى بإيمانك
...سارتي أعلم أنك تسمعين ما أقول حتى وإن جاوبتني دموعك.. سارتي حاوري
ذاتك بصوت مرتفع ناجيها بلغتك وكلما ابتعدت نفسك أعيديها بقانون الرضا لكيلا
تتسع بينك وبين نفسك الفجوة ويزداد المرض.. سارتي كوني قوية كما عهدتك
.طبعت على خدها قبلة ومضيت بدون وداعا منها فقد دخلت سارة في
إغفاءة هادئة.