حماة الضيم


عاتبتِه ونسيتِ طيب نجارهِ=وأبيت ِ أن تصغي إلى أعذارهِ
تلك البقية من سلافة حلمه= نضبت ولم تنقع غليل أوارهِ
أو ما لمحت على كآبة صمتهِ=ما شقت الأقدار من أستاره
كانت له خيلاؤه أيام لم= تهتك بنات الدهر حرمة داره
أين انطلاق خياله في ملعب =روّى الجفون الرمد من أنواره
كم نجمة وثبت لتلثمه فلم =تظفر به فتعلقت بإزاره
ولكم تموج في صداه نديه=والعز بين يديه من سماره
غنى عريق فخاره حتى أتت =دهم الخطوب على عريق فخاره
فذري العتاب فلن يهزك لحنه=مادام مغموسا بذل إساره
لو شاء بث شجونه لتكسرت =منها أصابعه على أوتاره
وطن أذاب على هواه شبابه=وحباه بالمأثور من أشعاره
المجد يخجل أن يجيل الطرف في = ما هدّم الجبناء من أسواره
فكأنه من نيله لفراته=حمل تجاذبه يدا جزاره
ما ذنب فتيته إذا شبت ولم =تلمح بتربته خطى أحراره
تركت لها آباؤها الإرث الذي =يبقى مطوقها بلعنة عاره
هل في روابي القدس كهف عبادة =تحنو جوانبه على أحباره
خشب الصليب على الرمال مخضب=بدماء من نعموا بطيب جواره
فإذا سبيل الحق منفضّ الصّوى =تاهت به الطلقاء من زواره
وإذا قوافله العجاف طريدة =والبغي يقذفها بمارج ناره
كم متعب جر السنين وراءه=ومشيبه يبكي جلال وقاره
متلفتا صوب الديار مودعا =وخطاه بين نهوضه وعثاره
كم حرة لم تدر عين الشمس ما =في خدرها أغضت بطرف كاره
وبناتها وجلى تضج أمامها =والرجس يدفعها إلى أوكاره
بمن استجارت هذه الزمر التي =مد الزمان لها يد استهتاره
العري ينشرها على أنيابه =والجوع يطويها على أظفاره
فلرب سكّير أشاح بوجهه=عنها وملء البيد سيل نضاره
حسبت بناء العرب مسموك الذرى=تتحطم الأحداث دون جداره
فإذا البناة على ذليل وسادها =تغفو عن الشرف الذبيح وثاره
مهلا حماة الضيم إن لليلنا =فجرا سيطوي الضيم في أطماره
ما نام جفن الحقد عنك وإنما =هي هدأة الرئبال قبل نفاره

1948م