ألا ليت الأمس يعود
وبالغالي نشريه
كم هي مرهقة الأربعون
رعاك الله يا حسن
ألا ليت الأمس يعود
وبالغالي نشريه
كم هي مرهقة الأربعون
رعاك الله يا حسن
جان دارك
رأى في متحف اللوفر بباريس صورة فتاة رائعة الجمال على صهوة جواد أدهم
فاستغرب عندما علم أنها جان دارك
الفجر أومأ والبتول=بحلمها المعسول نشوى
حتى إذا أطيافه = نفرت من الأجفان عدوا
أخذت تمطـّى والفتور=يهزها عضوا فعضوا
وغطاؤها المعطار يزلق=عن ترائبها ويطوى
وأكفها في شعرها=تزداد دغدغة ولهوا
والناهدان بصدرها=يتواثبان هوى وشجوا
فتشد فوقهما وسادتها=وفي شغف تلــَــوّى
هيهات تُـروى والحياء=خدينها هيهات تروى
نظرت إلى مرآتها =والشعر معصوب الضفائر
ولحاظها بثمالة الأحلام=ساهية فواتر
وقميصها المحلول فوق=تواثب النهدين حائر
فاستعرضت عيشا كما =شاء الهوى ريان عاطر
وتمثلت خدنا يحل =براحتيه لها المآزر
ويضمها شغفا وتهمي=فوقها القبل المواطر
فتلجلجت خجلا وغصت=بالشهي من الخواطر
وتنهدت ألما وأطبقت= الجفون على المحاجر
وقفت تصلي هيبة =والنفس خاشعة كئيبة
وصليبها القدسي يرمقها=بنظرات رهيبة
فتزحزحت أجفانها=عن دمعة القلق السكيبة
وفؤادها المخذوليكتم =في مخاوفه وجيبة
فاستغفرت عن حلمه =الطاغي ولفتته المريبة
واستعصمت بصليبها=من كل هاجسة غريبة
وبنت لها خلف الضلوع=هياكل الحب الرحيبة
وأتت على أمل الشباب=وطيب زهرته الرطيبة
مضت الليالي مثلما=الأحلام في اجفان نائم
فإذا البتول على جواد =مثل جلد الليل فاحم
وأمامها علم البلاد =مموج الجنبات باسم
وخيوله مختالة=تحت العوالي والصوارم
ينساب في الوادي كما=الرقطاء بات لها قوائم
وغباره يعلو على جنبيه=من عسف المناسم
والأفق مطروف العيون =بلفحه ، والصخر شاتمنادت بيلقها البتولُ=وهز ساعدها المهند
وعدت إلى حرم الجهاد= السمح بالعزم الموطد
فتلاحم الجيشان فاندلع =اللظى والهول أرعد
هذا يفر وذا يكر=وذا يكب وذاك يصعد
والموت يأكل ما تلقمه=يد الطعن المسدد
حتى إذا نالت نواجذه= من الأشلاء مقصد
بدت البتول كما بدا=من كوة الظلماء فرقد
تختال جذلى بالفخار =وعزة النصر المخلد
نصر على نصر أقض=مضاجع الأبطال ذعرا
حتى إذا الوطن الأسير =بدا من الأغلال حرا
فطغت سخائمهم كما=لو في الهشيم قذفت جمرا
ومشوا مجوسا يحملون =بتولهم للنار نـُـكرا
فتجلدت ويد اللظى=ترمي بمئزرها فتعرى
وتهزها هزا فتعلو= تارة وتخر طورا
أخذت تصعّد روحَها=في قبضة النار الرهيبة
وأمامها تمشي طيوف =الخلد في حلل قشيبة
فبدت تصلي للصليب =صلاة فائزة طروبة
فإذا به يحنو عليها =بابتسامته الحبيبة!!!
![]()
1935م
هيكلي
هو ذا هيكلي! رجعت إليه=لأصلي وفي فؤادي حنيني
لم أجد فيه روعة من جمال=أو جلال بسحرها تطويني
قد تداعت جدرانه وتهاوى=فوق محرابه غبار السنين
هوذا هيكلي! فيا وحشة الغربة= نامي على بقية عمري
طالعتني أطيافه من كوى الشوق=وغابت مابين صحوي وسكري
وسمعت الحب الشقي ينادي:=يا حبيبي!! فقلت : "يقصد غيري"
هوذا هيكلي فماذا حباني=بعد طول النوى فماذا رأيتُ
تعبت فيه ذكرياتي فنامت=وإذا شاء هزّها.. لأبَيتُ
فتلمّستُ في دجاهُ مكاني=" ثم أشعلت شمعتي ..وبكيتُ"!
خـــداع
ملكت علي نعيم الحياة =وحلقت في أفقه طائرة
وتهت علي فلم تسمعي=صدى زفرة في الدجى ثائرة
ولما نفضت يدي من هوى=طهور كقلبك يا طاهرة
علقت بكل سدوم الطباع=صريعة لذاتها الكاسرة
أرى بين جفنيك جسر الدموع=تسير عليه طيوف الألم
أتخشينني ؟ إن أمسي انطوى=فلا تنشريه خضيب الذمم
فلم يبق فيه إذا ما التفت =إليه سوى غصص من ندم
فلا تتركيني على صبوتي=طليق الأماني كسيح القدم
سكت وطرفي على طرفها=غضيض وفوق يديها يدي
فأسندت الرأس في رقة =على قلبي الثائر المجهد
ولما هممت بتقبيلها =ورشف الرضاب الشهي الندي
سمعت نداء الضمير الجريح=يتمتم: يا وغد ، لا تعتد
حنيت على وقعه هامتي= وسرت على غير ما مقصد
نــســـــــر !
أصبح السفح ملعبا للنسور=فاغضبي يا ذرا الجبال وثوري
إن للجرح صيحة فابعثيها =في سماع الدنا فحيح سعير
واطرحي الكبرياء شلوا مدمى=تحت أقدام دهرك السكـّـير
لملمي يا ذرا الجبال بقايا النسر =وارمي بها صدور العصور
إنه لم يعد يكحل جفن النجم= تيها بريشه المنثور
هجر الوكر ذاهلا وعلى عينيه =شيء من الوداع الأخير
تاركا خلفه مواكب سحب=تتهاوى من أفقها المسحور
كم أكبّت عليه وهي تندّي =فوقه قبلة الضحى المخمور
هبط السفح طاويا من جناحيه =على كل مطمح مقبور
فتبارت عصائب الطير ما بين =شَـرود من الأذى ونـَفور
لا تطيري جوّابة السفح فالنسر= إذا ما خبرته لم تطيري
نسل الوهن مخلبيه وأدمت =منكبيه عواصف المقدور
والوقار الذي يشيع عليه=فضلة الإرث من سحيق الدهور
وقف النسر جائعا يتلوى = فوق شلو ٍ على الرمال نثير
وعجاف البغاث تدفعه =بالمخلب الغض والجناح القصير
فسرت فيه رعشة من جنون =الكبر واهتز هزة المقرور
ومضى ساحبا على الأفق الأغبر =أنقاض هيكل منخور
وإذا ما أتى الغياهب واجتاز= مدى الظن من ضمير الأثير
جلجلت منه زعقة نشـّـت الآفاق =حرى من وهجها المستطير
وهوى جثة على الذروة الشماء=في حضن وكره المهجور
أيها النسر هل أعود كما عدت =أم السفح قد أمات شعوري
كانت
عجبت من منزلي في رأس شاهقة =بعيدة عن مدى الضوضاء والصخب
أقمته ملجأ لي بعدما لعبت= أيدي الليالي بأبراد الصبا القشب
أراك مضطربا يا صاحبي ومتى =وقفت مني جريئا غير مضطرب؟
كيف اهتديت إليه؟ ربما عثرت=رجلاك في دربه بالشوك والعشب
يطيب لي أن أرى صحبي به وأرى=على محاجرهم أشباح منقلبي
ما زارني فيه من حنت مودته = إلا ترنحت من سكر ومن طرب
دقات خافقه ما زلت أحسبها = من رعشة الحب لامن رعشة التعب!
لا تندمي
لا تندمي يا أخت لا تندمي=ما زال بعض الطيب في الموسم
ولم تزالي في سماع الدنا=أشهى أغاني الشاعر الملهم
سللتني من عالم بين=وسرت بي في عالم مبهم
وا خيبة الحلم الذي عشت في =دنياه يا ليتك لم تحلمي
أنا ابن هذي الأرض لم ينثني= عن فمها ما جرحت من فمي
حسبي فكم أفرغت في وحشتي=كأسي وكم غنيت في مأتمي!
في البار
عرفت شذاك فالتفتت=تسائل عنك أشواقي
فلحت على خطى مني=فغابت فيك أحداقي
وعاث بنشوتي همس=النديم وبسمة الشاقي
فقد باحا بسرك لي=وأصغيت بإطراق
فكم هزءا بعشاق=وكم رثيا لعشاق
وما دريا بما بيني=وبينك من هوى باق
وكيف يُظن أن أهبط =من علياء آفاقي
متى أنساك ؟ لا أطري =وماذا بعد إخفاقي
وصـيـتــه
في ظرف مختوم لزوجته
عندما أجريت له عملية القلب في أميركا 1981م
رفيقتي لا تخبري إخوتي=كيف الردى كيف علي اعتدى
إن يسألوا عني وقد راعهم=أن أبصروا هيكلي الموصدا
لا تجفلي لا تطرقي خشعة= لا تسمحي للحزن أن يولدا
قولي لهم : سافر. قولي لهم: =إن ّ له في كوكب موعدا !
©{« عمر أبوريشـه »}©
(1910-1990)
شاعر ولد بمنبج بسوريــا
عكف علي الآدب العربي وشغف بالشعر الانكليزي
ألف مسرحية شعريه (رأيات ذي قار)
جمعت أعماله ألشعريه بعنوان
( ديوان عمر أبوريشه 1971م )
له ملحمة ملاحم البطوله في التاريخ الآسلامي
في 12 ألف بيت