لنرى جامعاتنا في مقدمة قائمة 2007
مازن عبدالرزاق بليلة*
تزايد الحديث حول مستوى الجامعات السعودية مؤخرا، الذي أثير بمجلس الشورى، عند مناقشة إعادة تشكيل المجلس الأعلى للجامعات، وكثرة الحديث عنه في الصحف والمجالس دليل على أهمية الموضوع، ومن جانب آخر دليل على معاناة مكبوتة من المجتمع تجاه الجامعات السعودية، وتجاه الأساتذة الجامعيين، وهناك شد ورد بين تصنيف الجامعات السعودية، وأن هذه الجامعات تقبع في ذيل قائمة معلنة على الإنترنت تضم أفضل 3000 جامعة عالمية، وأن هناك تصنيفا آخر لأفضل 500 جامعة في العالم، وأن ذلك لا يتناسب مع ما تنفقه المملكة من دخلها العام، الذي يصل إلى 25% على التعليم سنوياً، هذه الأرقام جوبهت برفض واعتراض فوري من وزارة التعليم العالي، على لسان مسؤوليها، وأكد أعضاء من مجلس الشورى وجهة نظرهم وتم تعزيز أقوالهم بمستندات مطبوعة، وفي كل الأحوال نحن بحاجة لأمرين، أولاً مراجعة المعلومات من مصادرها، وثانياً، من الأفضل القبول بهذه المعلومات المرة لأنها توقظ النائمين، وتذكي روح التطوير والإصلاح، والهدي النبوي يحض بالمعروف لمن أهدى إلينا عيوبنا، فالتعريف بالنقص، قد يكون منحة ومكرمة من قائله، عندما يشجع على التعديل والمعالجة للخطأ. إحصائية أفضل 500 جامعة، يقوم بها معهد التعليم العالي بجامعة شنجهاي جياو تونج، في شنجهاي بالصين، وهو معهد مرموق يديره عدد من البروفيسورات في تخصصات علمية وإدارية مختلفة، ضمن جامعة مرموقة عالمياً وهو المشرف على هذه الدراسة، ويحدث هذه البيانات سنوياً، من خلال أبحاث علمية مكثفة، ويعضد ذلك بمؤتمر سنوي يعقد هناك بإشراف المعهد ومشاركة أمريكية وأوروبية، من خلال معهد سياسة التعليم العالي الأمريكي بواشنطن، والمركز الأوروبي للتعليم العالي، التابع لليونسكو، والذي يقع مقره حالياً في بوخارست برومانيا، وهو دليل على مدى المصداقية التي تتحلى بها هذه الدراسة، التي تصنف أفضل 500 جامعة أكاديمياً، فهي ليست اجتهادا صينياً حتى نشكك فيها، بل هي مشاركة دولية من جهات متخصصة، في القارات الثلاث الكبرى، وإن كان يعود قصب السبق فيها للجامعة الصينية، مع العلم أن جامعة شنجهاي جياو تونج جاء ترتيبها 233 هذا العام، وكانت العام الماضي الجامعة 342 في القائمة.
اكتفت معظم الجامعات العربية برفض هذه الإحصائية لعام 2005 معتزة ومغرورة بمكانتها المحلية، إلا جامعة القاهرة، فهي جامعة عريقة، لم تكتف بالنفي، بل أسرعت إلى تحديث معلوماتها، والاتصال بالمعهد العالي الصيني، وأوضحت مشاركتها العلمية، وصححت معلوماتها، لذلك لم يكن مستغرباً أن تظهر في قائمة أفضل 500 جامعة لعام 2006، لأن المعهد يحدث هذه القائمة في أغسطس من كل عام، وجاء ترتيبها في القائمة الجديدة، رقم 404، بالإضافة إلى الجامعات الإسرائيلية السبع الموجودة في القائمة، مما يدل على أن النقد، والعيب قد يكون طريقنا للتصحيح والتقدم، ويستعد التجمع الدولي للمشاركة في وضع ومناقشة هذه القائمة، في أكتوبر 2007 في شنجهاي بالصين، ونتمنى مشاركة أكاديمية رفيعة المستوى من جامعاتنا في هذا المنتدى لتصحيح أوضاع الجامعات السعودية عالمياً.المعايير التي تعتمد عليها الجامعة الصينية، أكاديمية بحتة: 10% لمستوى الخريجين، وذلك للدلالة على قوة مناهجها العلمية، ويتم التعرف على الخريجين المتميزين الحاصلين على جوائز عالمية، وتتقسم هذه النسبة لموازين أدق حسب السنوات، فتوضع نسبة كبيرة على آخر عشر سنوات وتقل كلما تقادمت السنوات، وهناك معايير أخرى بنسبة 40% لأعضاء هيئة التدريس، ونسبة 40% لمعايير للبحث العلمي من خلال الأبحاث المنشورة، ومعايير بمقدار 10% على حجم الجامعة ومرافقها، فشكل الجامعة لا يتجاوز 10% فقط من المقاييس العالمية للتميز، بينما تهتم الجامعات السعودية، بالشكل بنسبة 90%، وهو ما انعكس على لائحة الكليات الأهلية، والتدخل في تفاصيل مكلفة تقدم المظهر على حساب الجوهر والمضمون. في دراسة عالمية ميدانية نشرتها الاقتصادية، 6 طلاب سعوديين فقط أجابوا عن تحليل معادلة رياضية بسيطة من مجموع 2500 مشترك سعودي، يعني ربع في المائة، تعرفوا على الإجابة الصحيحة، بينما أجاب عنها بشكل صحيح 90% من طلاب هونج كونج، لذلك لا ينبغي الاستخفاف بالتقدم العلمي في شرق آسيا وفي الصين، مقارنة بأوضاعنا التعليمية هنا، فالتواضع طريق النجاح، وعلينا مراجعة طرق التعليم وأنظمة التعليم وأن نعمل على تحديثها. الغريب أن بعض المنتقدين لقائمة التصنيف، قالوا إن هذه قائمة تهتم بالمعلومات التي على الإنترنت لذلك لا تعتبر دقيقة، ولا يمكن الاعتماد عليها، مع العلم أن الحكومات اليوم وليس الجامعات تريد أن تتحول إلى حكومات إلكترونية، فتأتي الجامعات السعودية لتقول إنها لا تقبل التحكيم الإلكتروني، فهذا عذر أقبح من ذنب، لأن عدم مشاركة الجامعات السعودية على الإنترنت، وعدم وضع معلوماتها على الشبكة، وعدم اعتبار النت أداة التميز الحالي، فإن هذه الجامعات تعتبر بمقاييس اليوم متأخرة، وخارجة عن التاريخ، ومنتهية الصلاحية، ولا تصلح أبداً أن تدخل حتى قائمة التصنيف، علماً أن كل جامعة تعلم أن التصدي لمهمة التصنيف الأكاديمي يحتاج إلى جرأة وشجاعة، وثقة كبيرة، لأن أي خطأ في القائمة يعرضها لغضب ومساءلة كبرى الجامعات في العالم، وربما مقاضاتها لو كانت هناك أي ثغرة علمية في هذه الدراسة، لذلك يجب أن نشكر الجامعة الصينية، ونتعلم قواعد اللعبة، ونساهم في تحسين أوضاعنا العلمية لنكون في القائمة عام 2007. قائمة الـ500 لا تضم ولا جامعة سعودية، وقائمة الـ3000 تضم 3 جامعات سعودية، لكن هناك 15 جامعة سعودية غير معروفة بعد في التصنيفين، والطريق أمامها واسع لتعريف العالم بها، فضلا عن أهمية تواجدها في مراحل متقدمة، والغريب أن قائمة أفضل جامعات الشرق الأوسط لم تضم سوى 3 جامعات سعودية، فهل بقية جامعاتنا غير معروفة أيضاً على مستوى الشرق الأوسط؟ وقد ورد أن جامعة الملك فهد تتقدم الثلاث، ثم تأتي جامعة الملك عبدالعزيز، ثم جامعة الملك سعود، والمتعارف عليه محلياً، يختلف عن هذا الترتيب مما يعني أن الشكر يجب أن يوجه لجامعة الملك عبدالعزيز، وأن على جامعة الملك سعود وهي الأعرق، أن تبادر إلى مراجعة وضعها الأكاديمي.
*كاتب سعودي