يا فارس الكرسي
عزاء إلى كل مسلم في وفاة الشيخ أحمد ياسين - رحمه الله -
*شعر- عبدالرحمن صالح العشماوي:
هم أكسبوكَ من السِّباقِ رِهانا *****فربحتَ أنتَ وأدركوا الخسرانا
هم أوصلوك إلى مُنَاكَ بغدرهم ******فأذقتهم فوق الهوانِ هَوانا
إني لأرجو أن تكون بنارهم ****لما رموك بها، بلغتَ جِنانا
غدروا بشيبتك الكريمة جَهْرةً ****أَبشرْ فقد أورثتَهم خذلانا
أهل الإساءة هم، ولكنْ ما دروا ***كم قدَّموا لشموخك الإحسانا
لقب الشهادةِ مَطْمَحٌ لم تدَّخر ****وُسْعَاً لتحمله فكنتَ وكانا
يا أحمدُ الياسين، كنتَ مفوَّهاً ***بالصمت، كان الصَّمْتُ منكَ بيانا
ما كنتَ إلا همّةً وعزيمةً ***وشموخَ صبرٍ أعجز العدوانا
فرحي بِنَيْلِ مُناك يمزج دمعتي***ببشارتي ويُخفِّف الأحزانا
وثََّقْتَ باللهِ اتصالكَ حينما ***صلََّيْتَ فجرك تطلب الغفرانا
وتَلَوْتَ آياتِ الكتاب مرتِّلاً ****متأمِّلاً تتدبَّر القرآنا
ووضعت جبهتك الكريمةَ ساجداً ***إنَّ السجود ليرفع الإنسانا
وخرجتَ يَتْبَعُكَ الأحبَّة، ما دروا ***أنَّ الفراقَ من الأحبةِ حانا
كرسيُّكَ المتحرِّك اختصر المدى ***وطوى بك الآفاقَ والأزمانا
علَّمتَه معنى الإباءِ، فلم يكن ***مِثل الكراسي الراجفاتِ هَوانا
معك استلذَّ الموتَ، صار وفاؤه ***مَثَلاً، وصار إِباؤه عنوانا
أشلاءُ كرسيِّ البطولةِ شاهدٌ ***عَدْلٌ يُدين الغادرَ الخوَّانا
لكأنني أبصرت في عجلاته ***أَلَماً لفقدكَ، لوعةً وحنانا
حزناً لأنك قد رحلت، ولم تَعُدْ ***تمشي به، كالطود لا تتوانى
إني لَتَسألُني العدالةُ بعد ما ***لقيتْ جحود القوم، والنكرانا
هل أبصرتْ أجفانُ أمريكا اللَّظَى ***أم أنَّها لا تملك الأَجفانا؟
وعيون أوروبا تُراها لم تزلْ ***في غفلةٍ لا تُبصر الطغيانا
هل أبصروا جسداً على كرسيِّه ***لما تناثَر في الصَّباح عِيانا
أين الحضارة أيها الغربُ الذي ***جعل الحضارةَ جمرةً، ودخانا
عذراً، فما هذا سؤالُ تعطُّفٍ ***قد ضلَّ من يستعطف البركانا
هذا سؤالٌ لا يجيد جوابَه ***من يعبد الأَهواءَ والشيطانا
يا أحمدُ الياسين، إن ودَّعتنا ***فلقد تركتَ الصدق والإيمانا
أنا إنْ بكيتُ فإنما أبكي على ***مليارنا لمَّا غدوا قُطْعانا
أبكي على هذا الشَّتاتِ لأُمتي ***أبكي الخلافَ المُرَّ، والأضغانا
أبكي ولي أملٌ كبيرٌ أن أرى ***في أمتي مَنْ يكسر الأوثانا
يا فارسَ الكرسيِّ، وجهُكَ لم يكنْ ***إلاَّ ربيعاً بالهدى مُزدانا
في شعر لحيتك الكريمة صورةٌ ***للفجر حين يبشِّر الأكوانا
فرحتْ بك الحورُ الحسانُ كأنني ***بك عندهنَّ مغرِّداً جَذْلانا
قدَّمْتَ في الدنيا المهورَ وربما ***بشموخ صبرك قد عقدتَ قِرانا
هذا رجائي يا ابنَ ياسينَ الذي ***شيَّدتُ في قلبي له بنيانا
دمُك الزَّكيُّ هو الينابيع التي ***تستقي الجذور وتنعش الأَغصانا
روَّيتَ بستانَ الإباءِ بدفقهِ ***ما أجمل الأنهارَ والبستانا
ستظلُّ نجماً في سماءِ جهادنا ***يا مُقْعَداً جعل العدوَّ جبانا
رحمك اللة يا شيخنا