أم ذكرى من المنطقة الشرقية ، أرسلت تقول : إنها لم ترزق إلا بإبنة وحيدة ، وهي تسأل : هل أصبت بمرض منعني من الإنجاب ، أو لماذا حدث لي هذا ؟ إلى آخر ، إلى آخر ما ذكرت 0
الأخت أم ذكرى الله سبحانه وتعالى ،عالم الغيب والشهادة العليم الخبير 00يعلم ما في نفوس عباده ويعلم ما ينفعهم وما يضرهم ، وهو سبحانه العادل الذي أقام السماوات والأرض على العدل الذي حرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرما 00فهو سبحانه وتعالى حينما يعطي فلعطائه حكمة وحين يأخذ فلأخذه حكمة وحين يمنع فلمنعه حكمة ،وهو العادل سبحانه فاذا منع عبدا من عباده شيئا ما فليس ذلا لعبده أو جعله محل استهتار واحتقار وسخرية الآخرين ،وليرى مدى صبر عبده ومدى رضاه بما قسمه الله له وايمانه بقضائه وقدره 00وهو سبحانه يجازي عباده على ما يعايشونه وما يفتقدونه وما لايحصلون عليه وما تحبه نفوسهم ولا يتوفر لهم ،اذا صبروا وآمنوا ورضوا 00ومن رضي بما قسم الله له فله الرضا ومن سخط فله السخط 0ولهذا أعطى أناسا الأموال ورزق آخرين بالأبناء ذكورا واناثا وآخرين لم يرزقهم الا الذكور وآخرين الاناث وآخرين حرمهم الذرّية وآخرين بعدما رزقهم بالذريّة توفاهم وكل ذلك فيه حكمة وأيضا فيه خير للمؤمنين 0وفي سورة الكهف ذكر الله سبحانه قصة موسى عليه الصلاة والسلام مع العبد الصالح (الخضر) عليه السلام حينما أصطحبا ، وأشترط الخضر على موسى عدم السؤال أو المناقشة في أي أمر أو فعل يفعله حتى يحدث له منه ذكرا 00وفعل الخضر أفعالا لم يستطع موسى علية الصلاة والسلام الصبرعليها والسكوت ، ومن ضمن تلك الأفعال أنه قتل غلاما في عمر الزهور ،وحينها قال له موسى : (( أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا )) وعندما فسر الخضر عليه السلام لموسى أفعاله التي لم يصبر على السكوت عليها 00قال عن الغلام : (( وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا () فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما )) فرأفة من الله سبحانه بعبديه الأب والأم توفى ابنهما وفلذة كبدهما ، وهو سبحانه يعلم مدى حب الأبوين لهذا الابن ،وهو سبحانه يعلم أن هذا الابن سيكون سببا في أن يقع الأب والأم في الطغيان والكفر وارتكاب المعاصي ،فتوفاه سبحانه وأبدلهما بطفل خيرا منه 00فقبض أرواح الأبناء ومنع الذرية عن آخرين ووهبه لآخرين الأبناء وجعل آخرين لاينجبون كله رأفة ورحمة بعباده ولتتم رحمته وغفرانه لهم وادخالهم في نعيمه سبحانه0ولهذا يجب أن لايغضب أو يتذمر أو يسخط كل من أبتلي أو منع أو أخذ منه شيئا ما 00والجزاء الأوفى سيكون عنده سبحانه وتعالى 0
والأخت أم ذكرى حينما لم يرزقها الله الا بابنة واحدة فقط ولن تنجب غيرها فلحكمة يعلمها هو سبحانه وسوف يجازيها على صبرها ورضاها بما أعطاها وبما أخذه منها 0فعليها الرضا والصبر والقبول بنفس راضية مطمئنة لتنال الأجر والثواب العظيم عنده سبحانه وتعالى هذا فيما يخص مرضها وعدم انجابها الا طفلة واحدة ثم كان المرض سببا في عدم الانجاب مرة ثانية00وأما فيما يتعلق بزوجها ورغبته في الزواج بأخرى لينجب الأبناء ، فان الله سبحانه وتعالى قد أعطى الرجال المجال والفرصة في الزواج بواحدة أو اثنتين أو ثلاث أو أربع ،بل وحثهم عليه وألزمهم بالعدل بين النساء نظير هذه الفرصة ، وأما من خاف أن لا يعدل بين نسائه فله الزواج بواحدة فقط ،وقد توعد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الأزواج المعددين الذين لايعدلون بين أزواجهم أن يبعثهم الله يوم القيامة وشق الواحد منهم مائل ويكون معروفا لدى أهل الموقف والمحشر بميله وتفضيله زوجة على أخرى وعدم العدل بينهما 00ولهذا فلا يحق لك أن تمنعي زوجك من الزواج بأخرى ما دام قادر على الانفاق والعدل خاصة وأنه يوجد ما يدعوه لذلك ،وحتى لو كنت سليمة وتستطيعين الانجاب فلا يحق لك منعه من ذلك وهو قادرعلى الانفاق واقامة العدل 0 فعليك الرضا والقبول بماكتبه الله وقسمه لك 00وعليك البقاء مع زوجك والمكوث في بيتك ولا تطلبي الطلاق ،وعليك أن تعامليه المعاملة الطيبة الحسنة التي ستجعلك قريبة من قلبه ،وهو لابد أنه يعرف ما يحزنك وما تشعرين به من ألم نفسي وجسدي فسيرتقي في تعامله معك وسيضاعف من احسانه اليك ومعاشرتك العشرة الجميلة الحسنة 0ولأن تبقى المرأة في عصمة رجل أفضل من أن تعيش مطلقة أو عانس ، وليعلم الجميع أن الله سبحانه وتعالى لايظلم مثقال ذرة 0 آمل أن يكون هذا الذي ذكرته هو البلسم الشافي لجراحك وآلامك وأحزانك وقبولك ورضاك بما كتبه الله ،متمنيا لك الصحة والعافية والسعادة الدائمة في الحياة الدنيا وفي الآخرة 0