أنا متبع لرأي العلامة ابن حزم
صاحب كتاب المحلى
وليس لدي جديد في المسألة
أما كتاب المحلى، فقال الإمام الذهبي في السير: قال الشيخ العز بن عبد السلام وكان أحد المجتهدين: ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل المحلى لابن حزم، وكتاب المغني لابن قدامة، قلت: صدق الشيخ عز الدين وثالثهما السنن الكبرى للبيهقي، ورابعهما التمهيد لابن عبد البر، فمن حصل هذه الدواوين وكان من أذكياء المفتين وأدمن المطالعة فيها فهو العالم حقاً. انتهى.
وقد أثنى الأكابر على العلامة ابن حزم قديماً وحديثاً، قال الإمام الذهبي في السير: الإمام الأوحد البحر ذو الفنون والمعارف الفقيه الحافظ المتكلم الأديب الوزير الظاهري صاحب التصانيف، رزق ذكاء مفرطاً وذهناً سيالاً وكتباً نفيسة مهر أولا في الأدب والأخبار والشعر وفي المنطق وأجزاء الفلسفة فأثرت فيه تأثيراً ليته سلم من ذلك، فإنه رأس في علوم الإسلام، متبحر في النقل، عديم النظير على يبس فيه وفرط ظاهرية في الفروع لا الأصول، وبسط لسانه وقلمه، ولم يتأدب مع الأئمة في الخطاب، بل فجج العبارة، وسب، وجدع فكان جزاؤه من جنس فعله بحيث أعرض عن تصانيفه جماعة من الأئمة هجروها ونفروا منها، وبالجملة فالكمال عزيز، وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نغلو فيه ولا نجفو عنه، وقد أثنى عليه قبلنا الكبار، قال الحميدي: كان ابن حزم حافظاً للحديث وفقهه مستنبطاً للأحكام من الكتاب والسنة مفنناً في علوم جمة، عاملا بعلمه، ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء وسرعة الحفظ وكرم النفس والتدين. انتهى بتصرف.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وكذلك أبو محمد بن حزم فيما صنفه من الملل والنحل، فإنه يستحمد بموافقة السنة والحديث مثل ما ذكره في مسائل القدر والإرجاء ونحو ذلك، بخلاف ما انفرد به من قوله في التفضيل بين الصحابة، وكذلك ما ذكره من باب الصفات فإنه يستحمد فيه بموافقة أهل السنة والحديث لكونه يثبت الأحاديث الصحيحة ويعظم السلف وأئمة الحديث، ويقول إنه موافق للإمام أحمد في مسألة القرآن وغيرها، ولا ريب أنه موافق له ولهم في بعض ذلك، وإن كان ابن حزم في مسائل الإيمان والقدر أقوم من غيره وأعلم بالحديث وأكثر تعظيماً له ولأهله من غيره، لكن قد خالط من أقوال الفلاسفة والمعتزلة في مسائل الصفات ما صرفه عن موافقة أهل الحديث في معاني مذهبهم في ذلك فوافق هؤلاء في اللفظ وهؤلاء في المعنى، وبمثل هذا صار يذمه من يذمه من الفقهاء والمتكلمين وعلماء الحديث باتباعه ظاهر لا باطن له، كما نفى المعاني في الأمر والنهي مضموماً إلى ما في كلامه من الوقيعة في الأكابر والإسراف في نفي المعاني ودعوى متابعة الظاهر، وإن كان له من الإيمان والدين والعلوم الواسعة الكثيرة ما لا يدفعه إلا مكابر، ويوجد في كتبه من كثرة الاطلاع والمعرفة بالأحوال والتعظيم لدعائم الإسلام ما لا يجتمع مثله لغيره.