كرامة الأحمر : طيور النور
علي مكي
ونعم أقولها له حين أسمعه أو يستشهد به في مجلس أو محفل أو منبر ، وهو لا يستحق ( نعم ) واحدة ، بل ستين نعم 0 بل هو ( يستاهل ) أن نقول له حين يأتي ذكره ( مية إنعام ) بك يا أستاذ كرامة 0 أو على طريقة أجدادنا عندما تهل سيرة الرجال ، أي أولئك أصحاب ( المرجلة ) الحقيقية من معادن البشر الذين يضعون الأهواء والرغبات والصراعات والحروب الصغيرة وكل توافه ( الكرسي ) تحت أقدامهم فيكبرون ويرتفعون عاليا ، عاليا متسامين فوق المطامح والمكاسب الشخصية وإدمان المناصب !
هؤلاء كما يقول أجدادنا القدماء لا يذكرون إلا ( وأمّطر يُمْطُر ) 0 و ( كرامة ) واحد منهم ، أي من هؤلاء القلائل النادرين في تاريخ منطقتنا جيزان وتاريخ ( صبيا ) على وجه الخصوص 0 وإذ أذكره الآن في هذه السطور الاحتفالية فكأنما أحس بوقع المطر الجميل مثل لحن عذب لخطوات ساقين عبرت بهما تلك الفتاة شارع القلب ذات ريح ، يتقاطر خفيفا ومموسقا على أرض الروح فتطيب النفس وتخضر الأوراق وتنبت من كل كلام بهيج 0 ولمن لا يعرف ( كرامة ) فهو مدير إدارة التربية والتعليم بمحافظة صبيا 0 وقبل أن يخرج ( الفأر ) ليلعب في ( عب ) أية قارئة أو قارئ أو بين بين ـ ( قدمت النسوان هنا لأنهن أكثر شكا ووسواسا ) ـ لابد أن أذكر أن ( أبا مشعل ) أي الموقع أعلاه ، أي كاتب هذه الزاوية ، لا ينتمي لإدارة التربية والتعليم المذكورة ، بل لا ينتمي لسلك التربية والتعليم محليا ، وزارة وفروعا ، إدارات ومدارس ومراكز ، لا معلما ولا موظفا ولا طالبا ولا فراشا ، وليست لي أية حاجة عند هذا الرجل العظيم0 إذن أيتها السيدات والآنسات والسادة اتركوا الفئران في جحورها سلامة ( أعبابكم ) جميعا من الفئران والقطط وكل الحيوانات الهائجة المائجة السعرانة ، وانتبهوا معي إلى أننا مثلما ننتقد يجب أن نشيد ، ومثلما نهجو الظلام لا بد أن نمدح النور ، وكما يجب أن نواجه المخطئ بخطئه والمسيء بسوئه والأعور بعوره حينما يكون لكل ذلك تأثير على الآخرين ، يجدر بنا العدل في ذات الوقت ، فنقول للمصيب أصبت وللمحسن أحسنت ، وندعو للمبصر أن يزيده الله نظرا إلى أبعد مدى 0
بعد هذا الوقت المستقطع ، أعود إلى ( كرامة ) الذي له من اسمه كامل النصيب ، والذي عما قريب سيترجل عن جواده طائعا مختارا ، كأجمل الفرسان النبلاء ، بعد ربع قرن ونيف من ( الجهاد الأكبر ) في ( أعوص ) وأهم وأوسع و ( أصخب ) وأخطر ميدان 0 ميدان التربية والتعليم الذي دخله ( أبو محمد ) نظيفا وهاهو يستعد لمغادرته نظيفا ناصع البياض بإذن الله 0 لقد عرفته عندما كنت طالبا وكنا مجموعة من الزملاء ننتقل يوميا من ( ضمد ) حيث نسكن إلى مدينة صبيا حيث ندرس في المرحلة الثانوية في مدارس تحفيظ القرآن الكريم هناك ، فنراه قبلنا في الصباح الباكر يتقدمنا في سيارته يقودها بهدوء وثقة واطمئنان ، لم نره يوما ينجرف بسيارته إلى ناحية الخط الأصفر أي أقصى ( اليمين ) أو يلامس الخطوط البيضاء المتقطعة والموضوعة كحدود تفصلنا عن الجهة اليسرى ، كان في وسط طريقه على الأسفلت ، وكان يقود آلاف المدارس والمعلمين والطلاب بنفس الطريقة فلم يسمح يوما أن يتخطف التعليم من قبل فئة بعينها كما فعلت إدارات أخرى قريبة منه جفرافيا 0
ولهذا حاربوه ، وحاولوا مرارا وتكرار ( عرقلته ) بشتى الحيل والأساليب والخبث والمكر ، لكن مكر الله كان أقوى ؛ إذ وهب الرجل قوة وجلدا وثباتا فظل وفيا لأمانته ولضميره ومخلصا لدينه ووطنه وولاة أمره 0
إنني لو كنت أملك من الأمر شيئا لأوصيت بأن يبقى سنة أخرى ولأقنعته بذلك ما استطعت 0 وكم أتمنى من وزارة التربية والتعليم أن تسارع إلى تكريمه بما يليق بتجربته وبجهوده وبإنجازاته الكبيرة والعديدة والمتنوعة على مستوى الأنشطة الطلابية وعلى مستوى المواهب التي بزغت في عهده وما كان لها أن تطل برأسها لولا تعهده لها بالرعاية والاهتمام 0
إنها تحية صغيرة أقدمها لأبي محمد الأستاذ القدير كرامة بن علي الأحمر ، وهو يستحقها ويستحق أكبر منها وأدعو صبيا كلها إدارة ومعلمين ومراكز إشراف وطلابا إلى تكريمه على رؤوس الأشهاد ، وهو أقل واجب أو أقل شكر وأقل وفاء لرجل ظل شريفا على الرغم من كل ( الجيف ) التي بدأت تهدد بها ( حدايات ) الظلام وخفافيش الليل البهيم في سماء الإنترنت ( المنخفضة ) وأوكار العنكبوت في محاولة مكشوفة وفاضحة لإسقاطها على حقبة مشرقة ببياض النزاهة وبهاء الأمانة ولمعان التفاني ووضوح الإخلاص 00 حقبة طويلة الزمن راسخة المكان طاهرة المعنى ، تملك من طيور النور آلاف الطيور القادرة برشاقتها الفاتنة وغنائها الحر ، العبور بنا بسلام ، نحو الضفة الأخرى !
علي مكي
صحيفة شمس
تعليق :
وصلتني صورة هذا المقال المنصف الرائع تتحدث عن رجل ليس ككل الرجال ، الأستاذ / كرامة بن علي الأحمر ، مدير التربية والتعليم بمحافظة صبيا 00 للكاتب الرائع / علي مكي ، وقيل لي إنها نشرت بصحيفة شمس ، وبحثت عنها عبر النت علني أجدها وأنسخها وأنشرها كما هي من موقعها ، إلا أنني لم أستطع الوصول إليها 00 فكتبتها مرة ثانية من الصورة التي وصلتني لأنشرها في منتديات التربية والتعليم ليقرأ من لم يقرأ ، سطور الذهب ، وحروف النور التي رُسمت ونُقشت بأنامل فنان ليس ككل الفنانين بل فنان ورسام ومبدع وموهوب ، إنه الكاتب / علي مكي 00 فشكرا جزيلا لك أستاذ مكي على هذه اللوحة الإبداعية لأستاذنا الفاضل / كرامة الأحمر 00 ودمت منصفا مبدعا وبصحة وعافية 0 د 0 ضيف الله مهدي 0