القصيدة كاملة
وطني شدوتُ بحسنه مترنما
والأرضُ تشدو حين أشدو والسَّما
هتفتْ له الدنيا فأومأ شامخاً
وتبسَّمت في وجهه فتبسَّما
وأتى الوجودُ إليه يلتمس الهدى
فأصاب من فيض الهداية مغنما
هبَّت نسائمُه اللطاف فلامستْ
روضَ النفوس فما أرقَّ وأنْعَمَا
وانساب نهرُ الحق يجري سلسلا
فأحال وجهَ الكون بضَّاً مفعما
وعلى ثراه البكر قامت أمة
تجلو عن الأبصار شائبة العمى
وطني أجلتُ الطرف فيك فأبصرت
عينايَ صرحاً للجمال ومَعْلما
ورأيتُ أطيافَ المنى طافت على
أرجائك النَّشْوى طيوراً حُوَّما
ورأيتُ أروع ما رأيت مفاتنا
ذاب المدى فيها هوىً وتنعُّما
من مكة انبعث السَّنا حتى إذا
عمر الرُّبَى نحرَ الزمانَ المظلما
ودعا مؤذنُك الفجاجَ فأعنقتْ
تستشرف المسعى وترشف زمزما
وتدافعتْ أممٌ إليك، خفيفها
وافى، ومُثقلها أشار وسلما
وعلى مغانيك الفساح تراكضت
خيلٌ أبتْ يوم الوغى أن تُلجَما
من لم يكن يستاف حبَّك طائعا
لا ضيْر أن يستاف حبك مرغما
عبدالعزيز أتى فيا أرضُ اطربي
تِيْهَاً، وطولي يا جبالُ الأنجما
لاحت له الأمجاد فامتشق السُّرى
سيفاً صقيلاً والعزيمة أسهُما
في موكب حفَّ الجلالُ به، فما
جرحتْ يداه يداً ولا سفكتْ دما
حتى إذا اشتمَّ الرياضَ هفا لها
متوثباً ومضى إليها مغرما
عبدالعزيز ومن سوى عبدالعزيـــ
ــز بنى فأحسنَ أو أشاد فأحكما
ولت عهود الخوف واندحر الدجى
يلقى هنا أجلا، هنالك مأتما
شدَّت ركائبَها الجهاتُ إليه مُو
لعة متيَّمة تشوق متيما
عبدالعزيز أقام جسر محبة
ورمى عمود تفرُّق فتهدَّما
أنحاءُ مملكة تماهى بعضُها
في بعضها والحبُّ فيها خيَّما
في وحدة ما زال طرف الدهر يَرْ
مُقها فيُطرِقُ حائراً مستفهما
فرحت (تبوك) غداة إذ فرح (الحسا)
وتألمت حين اشتكى وتألما
ودنا (الحجاز) من (الجنوب) فلا تسلْ
عن مبسِم عذبٍ يساقي مبسِما
ما بيننا هيهات أن يفنى، وخا
لصُ وُدِّنا هيهات أن يتصرَّما
إنسان هذي الأرض صافٍ كالندى
يفترَّ لافظاً ولا متجهِّما
عَطِرٌ كأنفاس الخزامى مازجتْ
رَهَجَ العشايا فانتشى وتنسَّما
كالصبح أزرى بالظلام فرَاعَه
وأبان ما استخفى وفضَّ المبهما
سامٍ سُمُوَّ (أجا وفيفا) ساطعٌ
كالبدر أعيا الناظرين وأفحما
ومليك هذي الأرض أعدل من رعى
وأشدُّ من حامي وأشجعُ من رمى
جُمِعَتْ خلالُ الخير تحت ردائه
جبلٌ رسا ليثٌ مشى غيثٌ همى
أضحى لحاجات الورى مستودعا
رحْبا وأمسى للمكارم منجما
مَنْ شخصُه سَكنَ العيونَ وحبُّه
ملكَ القلوب وذكرُه ملأ الفما
في كفه وعدٌ وبين ضلوعه
قلبٌ على أنَّات أمَّتِه ارتمى
قالوا: العقيدةُ قال: ديني ملتي
قالوا: العروبة، قال: نعم المنتمى
قالوا: فتى الميدان قال لهم: أنا
من أنت؟ شقَّ طريقه وتقدَّما
يشتاق شعبُك أن يراك فمذ بَدَتْ
لك جبهة غرَّاءُ خفَّ ويمَّمَا
لما طلعتَ متوَّجا رقص الحصى
طربا وكاد الصخرُ أن يتكلما
آويت مُضْنى الروح ملتهبَ الحشا
فسلا، وواسيتَ الفقير المعدِما
روَّيت شعبَك من حياضك فارتوى
وغذوتَه حتى استطاب المطعما
فلهَتْ بطونٌ كان أنهكها الطوى
وشدتْ شفاهٌ كان أذبلها الظما
حامي الحمى بُلغْتَ ما تصبو له
وبَلغْتَ ما ترجوه يا حامي الحمى
صمّمْتَ حتى لم تقلْ يوماً: (عسى)
وفعلتَ حتى لستَ تعرف (ربَّما)
يومٌ على الإرهاب ردَّ ذوي الأذى
سودَ الوجوهِ وكان يوماً مؤلما
نَكصَتْ فلولُ المرجفين وغادرتْ
خجلى تواري قبحها المتورّما
فتمخضت تلك المزاعم عن هوى
وتكشفت تلك الدعاوى عن دُمَى
وإذا طريقٌ للغواية موحلٌ
وفتاتُ فكرٍ لا يساوي درهما
فيك التقت آمالُ قومك وامّحت
حقبٌ جرت صاباً وسالت علقما
فرقاء (غزة) عند بابك أذعنوا
والقائدان تعانقا واستسلما
وتناغمت تلك الزغاريد التي
حيَّتك، حيَّتْ فيك شهماً ملهما
يا خادم الحرمين ها همْ إخوةٌ
لك عاهدوك فكان عهداً مبرما
زانوك مجتمعين حولك هالة
أو مثلما زان السوارُ المعصما
(سلطان) يمناه السماحة والندى
تعطي وتغدق من نداها أنْعُمَا
كم أسرةٍ فقدتْ حنانَ وليِّها
نادتْ فكان بها أبرَّ وأرحما
وانثال من يسراه في ساح الفدا
مثلُ الشهابِ وصالَ فيها ضيغما
وطني الحبيب أطعتُ فيك مشاعري
وعصيتُ فيك العاذلين اللوَّما
وصرختُ من وَلهي: سعوديٌّ سعو
ديٌّ فأسمعتْ الأصم الأبكما
وانداح شعري في رياضك منجداً
واهتاج فانتعل الحقول وأتهما
فاقبلْ نَجَاوَى شاعر ناجيتَه
فأثرت فيه الكامن المتلثما
ولوى عنانَ الحرفِ مشبوبَ الخُطا
وأصار ناصية القوافي سُلما
غنَّى فأفصحَ والدُّنَى تصغي له
غنَّى.. وخانته اللغَى فتلعثما
لك ما تمازج في العواطف والرؤى
لك ما انطوى خلف الحنايا واحتمى
لك ما توارى عنك، ما عاينتَه
لك ما اشتهيتَ وما تحبُّ وما وما