أتشرف بطرح إحدى قصصي التي دونتها في مذكراتي الخاصة لمنتدانا الراقي ، وأتمنى أن تحوز على رضاكم
أيها الأخوة الأكارم ، فمع القصة:-
كانت هناك غابة جميلة ممتلئة بالأشجار الكثيفة ، وكان يسكن في أطراف هذه الغابة وحش ضخم الجثة بشع المنظر . إلا أنه طيب القلب وهُنا تكمن المفارقة ، وفي يوم من الأيام تعانقت فيه السماء والأرض إثر زخات من المطر الغزير .. أعقبه هواءٌ عليل ، وإشراقة للشمس ، وشذا منقطع النظير لمختلف الورود ، وألحان قلما لها مثيل لأصناف الطيور ، وفي خضم ذلك ، ولما كان من أمر هذه الحديقة ، والأشبه بالسحر الذي لا يقاوم . قرر الوحش أن يخرج من وكره ، ويدخل هذه الغابة ، والتي كان لا يستطيع أن يدخلها خوفاً من أن يعكر صفو ساكنيها من أنواع الحيوانات وأصناف الطيور ، وسواها . إلا أنه ولما كان من تعانق السماء والأرض لم يستطع المقاومة ، وفعلاً خرج الوحش في تثاقل وتباطأ منه وولج الغابة في حذر شديد من أن يزعج من فيها ، وكما توقع الوحش فما إن راءته الحيوانات والطيور حتى ولت الأدبار فارة تاركة له المكان ، وهم الوحش بالرجوع لما أثاره من ضجة ، إلا أن سحر الغابة أجبره على المكوث فيها للحظات .. إذ راح يفترش الخضرة ، ويلقي على السماء نظرة ، ويتنفس بعمق شديد ، وكأنه قد منح ذاته شيئاً من الحرية ، وفجاءة وبينما هو كذلك . لمحت عيناه زهرة كانت غاية في الروعة والجمال ، وبدأ يحدث نفسه ويمنيها الأماني ومكمن حديثه النفسي يكمن في الاقتراب من هذه الزهرة ، ومسها واستنشاق هواها ، ولكنه تردد في الأمر كثيراً إذ قال في ذاته ، وهل يمكن لزهرة بديعة الجمال أن تقبل مثلي أن يقترب منها ويمسها ويستنشق عبيرها لا أظن ذلك ، وبعد تردد وحيرة في الأمر قرر أن يقترب منها ، وما إن أقترب قليلاً حتى عاودته رغبته السابقة في مسها ، وهنا وبينما هو يتأملها كما يتأمل الحبيب حبيبه امتدت إحدى يداه ليمس الزهرة ، وما إن مسها حتى صرخ صرخة عظيمة دوت في أرجاء الغابة ، ثم أغمض عينيه ليرحل كلياً عن دُنيا هذا الوجود ، إذ كانت الزهرة الفاتنة من أنواع الزهور السامة والمميتة ، وسبحان الله من كان يصدق أن ذات الوحش تكمن في زهرة بديعة الجمال ، وذات الزهرة يكمن في وحش بشع المنظر ، فهل لنا أن نأخذ العبرة .. لقد مات الوحش لا لشيء عدا لأنه عشق زهرة....
<< أبووسام>>