مازلت أذكر منذ الصغر عمي رحمه الله عندما يجتمع بوجهاء القرية .. فتجمع تلك المقاعد والأسرة في شكل شبه دائري في بهو المنزل مع تشديده على وجود ماء نقي للشرب يتوسطه قالب من الثلج (لم يكن لديهم وقتئذٍ ثلاجات كما هو الحال في زمننا) .. ثم يأتون بـ "التخزينة" .. ثم ما يلبث أن يأتي ذلك الشيء الملفوف بجزء من شجرة الموز الذي اشتهر بـ "القُرْفْ" .
تنفرج سريرة القوم عن ارتياح بالحصول على تخزينة ذلك اليوم مما ينبئ عن أمسية مليئة بما لذ وطاب من الحديث ، ولاتكتمل فرحة البعض منهم حتى تأتي "الشيشة" .. ساعات طويلة يقضونها في حديث لا يمل - على الأقل من قبلي وقتها - ولازال هذا المنظر يتراءى لي بعد هذه السنين الطويلة .
يشكل تناول القات هنا رابطاً رئيسياً في التواصل بين الرجال وتتعدد مسمياته واشكاله .. مايعنيني هنا هو البحث عن أفضل الأنواع .. أذكر قديماً اسماء من قبيل "العيباني" ، "شماخ" .. إلخ ما يتناقله البعض من أن هذه النبتة التي تبعث على الخدر اللذيذ في الجسم قد تشكل لدى البعض "مقوياً" ..
أثرونا بأفضل الأنواع ياسادة .. لعلنا نحظى بجلسة تخزين كتلك التي تتراءى لي في الذاكرة.