أنَّى تخْتلفْ مَعَ صَديقٍ لَكْ، أوْ يَشوْب عَلاقَتَك الزَّوْجيَّة شَيءٌ منْ سوْءِ الفِهْمِ لا تُعجِّل فيْ أنْ تجْعَل لَحظَات الكَدَرَ تُؤثِّرْ عَلَى إدْراكِكَ لِلْأُمُورِ أوْ تسْتدرِجكَ مَشَاعِرُ الْغَضَبِ إلى إصْدارِ حُكْمٍ ظَالِمٍ جَائِرٍ وَتَسلَّ سَيْفَ الْعُدْوانِ عَليْهِم، وَتَسْلبَ مِنْهُمْ فِعَالَهُمْ الطَّيِّبَة وَصِفَاتهم الْحسْنى!
إنَّ تِلك اسْتِراتيجيَّةٌ رائِعةٌ وَلعلَّهَا اِتَّكأتْ عَلَى حَدِيْثِ سَيِّد الْبَشَرِ الَّذي أسَّسَ لِقَاعدةٍ عَظيْمةٍ فِي فنِّ التَّعاملِ مَعَ جُلِّ النَّاسِ، وَهَاكُمْ الإسْتِراتِيْجيَّة:
فكِّر في نفْسِ الشَّخصِ واسْتَحْضر ثلاثةَ مواقفٍ ايْجابيَّةٍ قَدْ أَسْدَى إبَّانها لكَ خِدْمة، أوْ مَوْقِفَاً قدَّمَ لَكَ فِيْهِ مَعْرُوفَاً، أَوْ (مشْهَدَاً) تَصَرَّفَ مَعَكَ تَصَرُّفَاً حَسَنَاً وَغَيْرَهَا مِنْ مَوَاقِفٍ ايْجَابِيَّةٍ خَدَمَكَ أَوْ أَسْعَدَكَ وَسَرَّكَ بِهَا كِإخْلاصِهِ لَكْ، أوْ كَانَ بِجَانِبِكَ وَأَنْتَ مَرِيْضٌ، أوْ سَافَرَ مَعَكَ وَإلخ!..
إنَّكَ سَتَجِدْ مِنْ الذِّكْرَيَات جَزْمَاً مَا يَفِ بِالغَرَضِ عَطْفاً عَلَى إنَّها ترْفد المْدعينْ كَذلكَ تنْفعُ المُؤْمنينْ.
خُذْ ثَلاثةَ مَواقفٍ رائِعةٍ ثمّ حَاولْ.. حَاولْ أنْ تَعِيْشَ كُلَّ مَوقفٍ وَكَأنَّه يَحْدثْ أَمَامَكَ، وَحَاوِلْ أيْضاً أنْ تصْطَحِبْ نَفْسَ المَشَاعِرْ وَالأحَاسيْسَ، وَأنْتَ تَسْتَرْجِع الْمَوْقِفْ سـ تَرَ نَفْسَكَ قَدْ انْكَفَأْتَ عَنْ المَشَاعِرْ السِّلبيَّة وَعزَّزْتَ الْمَشَاعِرْ الايْجابيَّة.
بعْدَ تَنَفُّسٌ عَمِيْقٌ هَادئٌ حَاوْل أنْ تتذكَّر المَوقِفْ الثَّانِ.. وافْعَلْ بِهِ كَما فِيْ المِثَالِ الأوَّلْ.. و مِنْ بَعْدِه أفْصِلْ الحَالَةَ ثمّ أذْهَبْ لِلموْقفِ أوْ الصِّفة الثَّالثة وَهَكَذَاَ.. بَعْدَ ذَلِكْ.
سَـ تَجِدْ أنَّكَ قَدْ سَامحْتَ ذلكَ الشَّخْص-أوووف إنْ هوَ يعزّ على قلْبكَ- وشَفَعْتَ لَهُ مَواقِفَهُ السَّابِقَة عِنْدَكْ وهُنَا سَتَسْتَمِتِع بِلَذَّةِ التَّحَكُّم بِذَاتَكْ وَمَلَذَّاتك!..
فلا تَتردَّد وَجرِّبْ هَذِهِ المَهَاراتْ الآنَ وسَتَرَ-دوْنَ أنْ يخوْنَ عيْناكَ الكرى- كمْ تَتَناقَصْ قَائِمَة العَدَاواتِ لَدَيْكَ
جرِّبْ..
ثمّ جرِّبْ..،
وسَتَلْمِسْ.. جَرِّبْ وَلَسَوفَ تنْدَهِشْ لِمَا يَحْدُثُ بِداخِلكَ-بإذن الله..!!
ولا شكَّ أنَّ فِي ديْننا مِنْ الآياتِ والحديْثِ مَا يُكْسِبُ التَّسَامُح والعَفْو إيْجابيَّةً هَائِلةً ومِنْ تأمَّل فِيْ مَواقِفِ سيِّد البَشَرِ -اللَّهم صلِّ وسلِّم عليْه- لَوَجَدَ فُنُوْنَاً وَ ألْوانَاً مِنَ التَّسامُحِ وَالْعَفْوِ مَا يُحَفِّزُ كلَّ مُسْلِمٍ إلى التَّميُّز مُقْتدياً بِسيْرتهِ وهدْيه
"صلى الله عليه وسلم"
..
نَقْلاً عنْ مجلَّةِ (الجزيْرة).