لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 20 من 38

الموضوع: سيرة حامد بن عقيل (الجزء السادس )

العرض المتطور

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مسعد الحارثي
    أديـب وكـاتب قصصي
    تاريخ التسجيل
    03 2004
    المشاركات
    235
    سيرة 33

    " قال لي :
    ما أجمل القتلى ،
    هناك موزعين على المداخلِ يحرسون قبورهم .
    هل كنتُ مختلجا يواري عاره ؟
    أم كنتُ مثل الوقتِ محتلا ؟
    من لي بذاكرةٍ تحاصرني ...
    .............. و لا تبلى ؟! "

    يقفز هذا الشطر لأحمد ضيف الله العواضي إلى ذاكرتي كلما حاولتُ نبشها ..
    فيزرعني في أسئلةٍ مؤذيةٍ لا حصر لها .

    إنها الجناية البيضاء لذاكرةٍ تتمترسُ بخياراتِ اللاجدوى
    و ترفعُ شعار التجاوز ............. و الغفران !



    سيرة 34

    لا تجرؤ على اجتثاثك من مكانك ،،،،
    الوقتُ يتطاول في غبنٍ مقصود لك و لأمثالك من المشاكسين ،
    و المعلم يشرح .... و يشرح .... و يشرح ،

    تجربُ أن تمرِّر شيئا من تحت طاولتك لطالب آخر ،
    " براية " مثلا ... " قلم رصاص " ....

    تتلفَّتُ إلى النوافذ ، تعدها ....
    واحد ، اثنان ، ثلاثة ، ....... ألف ..... مليون .... مليارات ... إلى ما لا نهاية ..................................


    حين يباغتك الأستاذ :
    انتبه ، أيها الكسول ...

    تتثاءب ، ثم بصوتٍ يجلجلُ في داخلك :
    ما أكثر النوافذ في رأسي يا أستاذ ..........!





    ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

    هل تعلمون على وجه الدِّقة كم من الوقتِ يؤجلنا عنَّا في هذا الفصل يا رفاق ؟!!!


    __________________


    سيرة 35

    كنا نجلسُ في الحقل المواجه للقرية ، نسردُ أسماء ساكنيها واحدا واحدا ، و نتلذذُ " بغيبةٍ " لا تضر ، عندما أكمل دورته ، كتبتُ في " قصيدتانِ للمغني / مرثيتان توغلانِ في دمي " :
    إلى ذكرى عقيل بن عقيل رحمه الله :

    صديقي ..
    يصرُّ أن يموت ،
    برغم أنني أحمله إلى مسارب الضياء .

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مسعد الحارثي
    أديـب وكـاتب قصصي
    تاريخ التسجيل
    03 2004
    المشاركات
    235
    سيرة 36

    " أما تحرضك الورودُ على الورود
    و لا الرياحين الصغيرة دمعها يغريك بالرقص الحزين
    على عروش الياسمين "

    يقفز هذا الجزء من إحدى فضاءات أشجان هندي إلى أطراف أصابعي .. كلما رأيتُ امرأةً فارهةً تستقصيني ......

    سيرة 37

    جامعة أم القرى لها خصوصيتها ..
    و لها منابرها الخضراء
    و صعاليكها الذين لا يشبههم أحد .. و لا يشبهون إلا الغيم

    كم هم المبدعون في جامعةٍ لا يحتفي أعضاء هيئة التدريس فيها بالإبداع ..
    فتخضرُّ منابرها بفعل الرفض
    و محاولة الركضِ ضد وصاية الكتب الصفراء العتيقة التي كانوا يحاصروننا بها ..

    .............................................
    إنها بداية الوعي .. بالأشياءِ المغايرةِ و النديَّة
    الأشياء التي تخصنا كأدباء ينمون .. بعيدا عنهم .

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مسعد الحارثي
    أديـب وكـاتب قصصي
    تاريخ التسجيل
    03 2004
    المشاركات
    235
    سيرة 38

    لا أحب الأفلام العربية ..
    لأنها لا تحترمُ مشاهديها .

    المشاهد التي تتوالى في الكثير منها تستغبي المشاهد الذي قررَ أن يقتطع من وقته لمتابعة ما يمتع و يثري في آن ...

    تفاجأ أن لا متعة ، كما تفاجأ أنك تُسرق ..
    يسرقُ وقتك ، و شيء من احترامك لذاتك ، و الكثير من إنسانيتك

    أنا هنا لا أعمم ..
    فهناك القليل من هذه الأفلام السينمائية التي تصرُّ على تلبسك
    و نسج الفضة في عالمك ..

    ( ليه يا بنفسج ) .. واحدٌ من هذه الأفلام
    حيثُ يقوم على فكرةٍ بسيطة حول إحدى أهم خصائص المجتمع المصري الذي تمثله حارة شبه منغلقة على ذاتها
    هذه الفكرة - التي يرتكز عليها الفيلم برُمَّته - مأخوذة من القصيدة الشعبية :
    ليه يا بنفسج بتبهج و انته زهر حزين ...
    و أبطال الفيلم من الهامشيين الذين تنتابهم هدايا الحياة المؤلة على أكثر من صعيد ، و بأشكالٍ متعددة .. و رغم ذلك يغنون ، و يرقصون ، و يروون الطرف ..
    و كذلك المجتمع المصري - البنفسج - يغني و يرقص و يروي الطرف المضحكة حدَّ الألم .. ذلك أنها - أقصد الطرف - تسخر من ألمه كمجتمع مثقل برزايا هذه الدنيا ................... العجيبة !

    .


    __________________

    سلامٌ على كلِّ قلبٍ من الآه
    و من فضَّةٍ لا تموت
    و من ساعدٍ لا يُجرِّبُ فينا هداه
    /
    \
    /
    \
    " تحت الإنشاء

  4. #4
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مسعد الحارثي
    أديـب وكـاتب قصصي
    تاريخ التسجيل
    03 2004
    المشاركات
    235
    سيرة 39

    قليلا من الثقة يا سيدتي ..
    قليلا من الثقة ..
    هكذا هتفتُ رادا على رسالتها الخاصة
    تلك التي دعتني فيها للكتابة في أحد المنتديات النخبوية ..
    و أتاحت لي بذلك أن أكون نخبويا .. لأول مرة ، قبل أن أدخل هذه المدينة

    كتبتْ لي ثمانية أسطر
    اثنين منها ضمنتها دعوتها الكريمة
    و ستة أسطر و زعتها بالتساوي على السطرين السابقين ، و التي لم تكن تحتوي إلا على مفردتين باردتين : " أخي " ، " أختك "

    .

    .
    حينها فقط عرفتُ لماذا تُكتبُ مثل هذه المفردة فارغةً من محتواها
    و في إطارٍ ضيِّق جدا ..
    فتصير مفردة رائعة نتمترس خلفها .. لكي لا نُفهم خطأ ...



    سيرة 40

    كثيرا ما يورطني إبراهيم الأفندي في مواقف لا أحسدُ عليها .. ثم يذوب
    لعل أشدها مرارةً ما حدث في سكرتارية قسم الأدب العربي حين كان الدكتور : صالح الزهراني - رئيس قسم البلاغة حينذاك - يزجي الوقتَ في قسمٍ لا يخصه ، و يتأملُ وجوه النابهين من طلاب الأدب العربي و هم يتسولون الساعات التي قد يمنحهم إياها أحد أساتذة القسم في حال اعتدال مزاجه فقط
    فلا قوانين للجامعة .. سوى مزاج الأستاذ ، هذا هو القانون الوحيد ، و المتعارف عليه ضمنا .. بين أساتذة الجامعة و طلابها ....
    أخبرني الأفندي أنه لا يرغبُ في لقاء الدكتور ، و طلب مني أن أقدم ورقة تسجيله لإحدى المواد البلاغية لسعادة رئيس القسم ، مراهنا على أن الأستاذ لا يعرفني ، و قال - ليشد من أزري - : سأنتظرك خارج القسم ..
    و لأنني " كميكازي " بطبعي ، فقد أخذتُ لي مكانا في صف متسولي الساعات الدراسية ...
    و حين جاء دوري .. قَدَّمتُ و رقتي - ورقة الأفندي المشؤومة - إلى سعادة الدكتور .. الذي تصفحني قليلا قبل أن يلتفتَ إلى الورقة ، ثم قال :
    - أنت حامد بن عقيل ..؟!
    صمتُ ، و قد ارتسمت علامات الدهشة على وجهي ، ثم بارتباك :
    - نعم ...
    قال : قرأتُ نصَّك في صحيفة عكاظ اليوم - نُشِر النصُ متوجا بصورتي - ، و قد عجبتُ حقا لاتجاهاتك الحداثية ...
    ثم صمتَ قليلا ، و أخذ يتأمل الورقة ، ....
    - هذه الورقة لابراهيم الأفندي ؟!
    - نعم .
    - ابن الشيخ أحمد ؟!
    - أظنُ ذلك.
    - و أين هو ؟!
    لم أجب .. ، فوقَّع الورقة ، ثم تصفحني من جديد و أنا أتصببُ عرقا ..ثم قال :
    - احذر ، فالجامعة لا تتبنى مثل هذه الاتجاهات ، كما أنني أريد لقاءك الأربعاء القادم ، أنت و الأفندي .

    ....
    حين خرجتُ ..
    قطعتُ ممرَّ كلية اللغة العربية الطويل و أنا أتحدثُ إلى صاحبي عن نسبيَّة القيم ، و عن الصدق و الكذب ..
    بينما كان يتحدثُ صاحبي - في الوقت ذاته - عن البراجماتية ، و عن قوانين الجامعة ....

    كنَّا نتحدثُ حينها عن أشياء لا تخصنا ، كما كان الدكتور يجلس في سكرتارية لا تخصه ، و كما يقوم البعض من الطلاب بتسجيل ساعاتٍ لا تخصهم ....!


    سيرة 41

    كلَّما استوتْ ظهيرةٌ في اليقين ، تسرَّبَ " شارع البرسيم " بمدينة الطائف إلى قلبي بكامل أزقَّته ، و بتتابعِ الحمَامِ فيه .. و هو يحطُ على الأرصفة متآلفا مع الباعة الذين يفترشون الأرض أمام دكاكينهم ، مازجا هديله بالوجوه الطيبة و المجهدة التي تثرثرُ في ظل " مخبز الكشميري " ، و تتحدَّثُ عن أرغفةٍ لا تأتي .....



    .سيرة 42

    كتبت " الهجرة و البرتقال .. مثلا "
    و نُشِرت في الصفحة الثقافية للمبتدئين بصحيفة اليوم ،
    ثم أتبعتها بـ " في انتظار ما لا يأتي "
    و نُشِرت في ذات الصفحة ..

    ،
    بعد نأي عن محاولاتي القصصية البائسة ...
    أرسلت لصحيفة عكاظ ..
    " نادل المدينة " .. و نُشِرت ..

    و كنتُ حين أرسلتها قد تمترستُ خلف اسم " بهاء "
    لأنني لم أراهن كثيرا على القصة

    و لم أمتلك أدواتها التي ترضيني ..

    لكنني استمريت :
    قارئا شغوفا لكل ما أصل إليه من قصص
    متذكرا فشلي الذريع ..
    و أحلامي القصصية المرجأة ...

    .


    .

  5. #5
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مسعد الحارثي
    أديـب وكـاتب قصصي
    تاريخ التسجيل
    03 2004
    المشاركات
    235
    سيرة 43

    لم يكن في حقلنا فراشات ..
    أو على وجه الدقة ، لم أكن أشاهد الفراشات في الحقل ، و لا فيما سواه ..
    و لعلي لم أكن أدري بوجودها أصلا ..

    عندما أخبرنا المعلِّمُ في الفصل عن وجود الفراشات ، و جمالها ، و أسهب في الشرح حول دورة حياتها ،،،،
    لم أجد ما يعينني على تكوين تصور دقيق حولها ..

    و عندما سألتُ أبي :
    - ما الفراشة..؟!

    صمت طويلا قبل أن يجيبني بود :
    " الفراشة هي .. حقيبة ألوان طائرة " .


    سيرة 44

    عندما أشاهد جماعات تحفيظ القرآن في المساجد ، تلك التي جلستُ في حلقاتها ذات وعي خاص بالقرآن العظيم ، أتساءل :
    - تُرى من يفكِّر بقهر أمَّةٍ هؤلاء النشء هم مستقبلها ؟!!


    سيرة 45

    لم يكن من السهل عليَّ مجابهة أستاذ النقد الأدبي ، الذي يستطيع بقليل من التضجر أن يعيدك لصفه عاما آخر ، أو أعواما متعددة ، أو أن يقرر تأمل وجهك البهي لأجيال و أجيال ... و أنتَ تكافحُ في مادة النقد الأدبي ، تلك الشرسة ، آملا أن تجتازها .. أو حالما - على وجه الدقة - أن تجعلها من ماضيك الدراسي ..

    أتذكر ، عندما قال :
    - كان " أرستوفان " يعلي في الضفادع من شأن الاتجاهات التقليدية ، التي تتبنى زرع القيم العليا في أثينا ..
    فقلتُ بمكر :
    - لذا ، صادر يوربيدس .. يا أستاذ ؟!
    فسأل - مستنكرا - :
    - ماذا ؟!
    قلتُ :
    - كان محقا .. في إعادته لأسخيليوس إلى أثينا ..
    فانتشى قبل أن يمنحني وسام سعادته بي :
    - أحسنتَ يا بني ..



    .
    لستُ في حاجة لتذكر ما كان يهمس به رفاقي في تلك المادة ، لأنه استمر إلى ما بعد الانتهاء من دراسة المادة في ذلك العام ، و لما تلاه من أعوامٍ دراسية أخر :
    - لقد كاد أن يضيع مستقبله في سبيل نصرة الحداثة ....


    .
    سيرة 46

    في " المهاجر " ، كتبتُ ذات حكمة :

    عندما تبحثُ عمَّا تمتمنا في مسرى الرَّمل
    بعيداً عنهم ، لا تحزن
    وَقِفْ في الكلماتِ بريئا
    قِف وحدَك ،
    وانثر أنغامك في وجه الشمع ..
    و لا تحزن / أبدا .. لا تحزن
    فالأوطانُ هي الأبعد ...


    سيرة 47

    بكل صدق ، هتف بهم :
    - أنا المسؤول ، إن هذا الخطأ ما كان له أن يقع لولاي .


    فقرروا أن يبعثوا به إلى أحد المتاحف ، ليضعه في قفص آمن و يكتب عليه :


    " نموذج عربي انقرض منذُ قرون "


    سيرة 48

    كنتُ يائسا ، أشعر بضجر الأشياء من حولي ..
    و بهمجية هذا العالم ..

    عندما سألني صديقي :
    - ما بك ؟
    أجبتُ :
    - لا شيء ..
    ثم بغمغمة لا تتجاوز صدري :
    - شيء متعلق بالقيم ، يعني لا شيء .. لا شيء


    سيرة 49

    " يحبونني ميتا كي يقولوا :
    لقد كان منَّا ، و كان لنا " .
    ....
    محمود درويش ، وعيا به و بنصه لن أعلي من شأن ميتٍ لكونه ميتا فقط ، و لم أفعل ذلك من قبل ...

    ..
    حين رحل صديقي ، لم أشعر بالندم ... لأنني لم أدع شيئا يستحق القول لم أقله ..

    و لم أترك فرصة لفعل الدهشة لم أستثمرها

    ...

    نحن نندم على ما لم نقل
    ما لم يسعفنا الوقتُ لقوله ...



    أو فعله ..


    لذا ، عندما رحل صديقي لم يتملكني الندم .. ،


    لكنني شعرتُ بالفقد

    و يالهذا الفقد ... يا صديقي

    يالهذا الفقد . .


    .


    __________________

  6. #6
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مسعد الحارثي
    أديـب وكـاتب قصصي
    تاريخ التسجيل
    03 2004
    المشاركات
    235
    سيرة 50

    كلُّ جدارٍ في طفولتي مررتُ به
    شكى فوضى الألوان التي نقشتها عليه


    بحكمة فنانٍ تشكيلي .. واهم .

    سيرة 51

    قلتُ له : سأدفع جائزةً مالية مجزية لمن يتثبتُ أنه يكرهك ..
    ثم أضفت :
    و أنا متأكدٌ أن مالي لن يفوز به أحد ،،،


    ضحك طويلا ، ثم قال بحكمة بسيطة و بيضاء كقلبه :
    - ماذا تريدُ من الناس ؟!

    ...

    بعد رحيلة ، فهمتُ عن أي شيء كان يتحدث ،

    و عرفتُ أن الكراهيةَ بستان الضعفاء ، الذي لا يمكن أن يُقذفَ بثمرة الفاسد طيبٌ كان يمرُ من هنا ، و يزرعُ الحب ..


    الحب فقط ..!

    سيرة 52

    كلما حاصرتني خيبةٌ بكر
    شعرتُ بالحنين إلى رعي قطيع الأغنام جنوب مدينة الطائف
    كما كنتُ أفعلُ ذات حريَّة

    سيرة 53

    الصخب و العنف .. لوليم فوكنر
    رواية حاولت كثيرا و بجهد أن أتجاوز صفحاتها الأولى .

    .
    .
    رواية الروائيين ..
    و في ذلك كان عزائي ..
    فأنا شاعر فقط
    و مشروع قاص فاشل
    و فنان تشكيلي بائس
    و بعضٌ من ذاكرةٍ مبتلة بهزائم الحياة ..



    ،
    وليم فوكنر ..
    أشعرني بالعجز ، و بالرغبة في تبرير الفشل ، و بشيء من التواضع
    و الاعتراف بأن الكتابة سلَّمٌ يهوي بصاحبه إذا قرر الإمساك بأكثر من جهةٍ .. بيضاء في زمنٍ متمددٍ على قارعة الكسل


    .

    سيرة 54

    أي العالم تريد أن ترى ؟
    العالم الذي تشاهده في الأفلام السينمائية
    أم العالم الذي يتسلقك كل يوم بتبعاته ؟

    العالم الذي رسمه لنا المعلمون كحديقة غناء
    أم العالم الذي صفعنا بصحرائه الموحشة ؟

    أي العالم تريد أن ترى يا نواف ..

    و سيخبرك أبوك بتفاصيله الدقيقة ..

    فاختر أي عالم تريد

    العالم الذي يقبع فوق الطاولة بأسى
    أم العالم الذي يُمررُ بخبثٍ من تحتها ؟




    سيرة 55

    عندما أصيرُ مؤجلا ..
    أو على وجه الدقة .. كلما صرتُ مؤجلا
    صار لي ذاكرة .

    ...
    لماذا أكثرُ من استخدام أفعال التحول في حديثي ؟!
    ...
    صار ، أمسى ، بات ، أصبح ...


    أتذكرُ الآن شيئا ، ستشاركوني فيه بعد فاصلة شمطاء..
    مشهد :
    وقفتُ أمام طلابي منتصبا كرياح صهباء
    شعرتُ بزهو لا نظير له ،
    قلتُ - بعد أن حرصتُ على رفع أنفي قليلا - :
    سيكون اليوم درسنا حول قصيدة .. !
    فأكمل الطلاب :
    ابن الأبار القضاعي يرثي الأندلس يا أستاذ .
    قلتُ :
    يرثي جزءا من الأندلس ، ألا تنظرون إلى تاريخ وفاة الشاعر ..
    قال أحدهم :
    مات قبل سقوط الأندلس
    أضفت متسائلا :
    لعله كان يحمل شيئا من قبس النبوءة ( و ليس النبوة ) ، هكذا هم الشعراء .. صدقوني .. هكذا هم الشعراء .. !

    في منتصف النص
    كنتُ و طلابي نجمع أفعال التحول ، و الصور المتنافرة
    ( حلها الإشراك ، ارتحل الإيمان ، صارت للعِدا بِيعا ، أمسى جِدها تعسا ، و صيرتها الأعادي ... )

    بعد انتهاء النص ، سألت :
    ماذا يقول شعرؤنا اليوم ..

    أجاب طالب :
    سنعجز عن جمع الأفعال المتحولة .
    قلت : أحسنت ، سيصير العالم متحولا
    مثلا
    سنشاهد الهزيمة بدلا من النصر
    و القمع بدلا من الحرية
    و ...

    فقاطعني طالب آخر بأدب جم :
    يا أستاذ .. صدقني لوكنتُ شاعرا لما استخدمتُ قاموس أفعالك المتحولة أبدا ..
    كيف ؟
    رد ضاحكا :
    أفترضُ أننا سنصير إلى هزيمة .. أعلم ذلك
    و لكن أين الانتصار الذي يُفترض أن يسبقها لنبكي عليه ؟!

    .....
    بالتأكيد ، لم يكن ذنبي أن يضم فصلي طالبا قضاعيا يحمل شيئا من مشكاة النبوءة ( و ليس النبوة ) ..
    هذه العبارة هي آخر ما سجلته في محضر التحقيق الذي أمر بفتحه مدير المدرسة بناء على طلب أحد أولياء أمور الطلبة ، و الذي جاء في شكواه ما نصه :
    لقد سمَّم معلم الأدب العربي أفكار ابني ، إنه - أي ابني - يسألني دائما عن الانتصار ، و متى سيجيء ، ذلك أنه يحلم أن يتنبأ بالهزيمة التي ستتلو النصر ، ليكون جديرا بأن يُدرَّس شعره في مدارسنا الثانوية بعد ألف عام تقريبا . إنني يا سعادة المدير أعجز عن التنبؤ حقا بزمن الانتصار القادم الذي يبدو أنه لن يأتي ، و هذا ما يعجزني أيضا عن منح ابني سببا للعيش من أجله مستقبلا .
    عليه فإنني آمل منكم التحقيق مع هذا المعلم ، كما أقترح على سعادتكم إسناد تدريس مادة الأدب العربي لمعلم الجغرافيا الطيب ، فهو لا يفتأ يحدث أبناءنا عن الحدود ... التي يجب احترامها بموجب القوانين الدولية !





    __________________

  7. #7
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مسعد الحارثي
    أديـب وكـاتب قصصي
    تاريخ التسجيل
    03 2004
    المشاركات
    235
    سيرة 56

    لا تسحقني أيها المهذب ..
    فليست القهوة ( العربية ) التي طلبت من آسيوي مكتبك المدرب أن يقدمها لي تبررُ لك سحقي ..
    و ليس ولعك بامتلاك أرقى أدوات الترفيه في مكتبك تبررُ لك سحقي ..
    و ليس وجه سكرتيرك النابض بالفأل يبررُ لك أن تتمادى ..

    .....
    أيها الأنيق الذي عرض عليَّ بفوقية أن يوصلني إلى بر الأمان ، و أن يهبني اليسير من وقته الثمين ، و الذي ثرثر كثيرا حول تاريخه في إدارة هذه المنشأة الشاهقة ..

    لا تسحقني ..
    لأنني عندما حضرتُ إليك هنا لم آتي لاستجدائك هبة على هيئة عقد يقطرُ ذهبا ..
    و إنما جئتُ إلى هنا لأحصل على ما أريدُ بشرفٍ صِرف ..


    أيها الناجح .. المتبرع بهبة نجاح صغيرة للمبتدئين .. ليضيفهم إلى أحاديثه الكثار عن الصعود ..

    جئتك اليوم لأكتب سيرتي بيدي لا بيديك ...


    .
    سيرة 57

    الفوز الوحيد في هذه الحياة هو أن تظفر بأقل الخسارات فداحةً ! .


    سيرة 58

    لؤلؤةٌ أقطفها من المزاد ،
    و حالما أعود بالتفاحِ و الوعود ..
    تسألني حبيبتي :
    - كيف وجدتني هذا المساء ؟!.


    سيرة 59

    كن لا شيء على الإطلاق
    لتصبحَ كلَّ الأشياء .


    سيرة 60

    في اتصالٍ هاتفي قال لي :
    عبدالمجيد الزهراني يسأل عنك ؟
    قلتُ له : عبد المجيد ؟!!
    قال :
    أعجبه " أحبك .. بس لو " ..
    فضحكتُ ، و قلتُ : هذه شهادة أعتز بها .


    ،
    في " المنافي 1 "
    اتصل بي و أصر على نشرها ..
    رضختُ ، رغم إصراري على أن لا تتجاوز القصائد الشعبية دفتري .

    ،
    في " أهداب الحكي "
    وضعني بجوار صالح الشادي .. فسررتُ كثيرا .

    ،
    في أزقة البلاد .. كنتُ أراه بجسده النحيل ، و عينيه الواسعتين الممتلئتين بالدهشة .



    ،
    في شهر رمضان صعدتُ إلى مكتبه الجديد على سطح جريدة البلاد
    كان مكتبا مهترئا
    يسكنه المبدعون ..

    ،
    في الصفحة الأولى من " قصيدتان للمغنِّي / مرثيتان توغلان في دمي "
    كتبتُ له :
    ( إهداء برسم القبول
    آملا أن تجد بين دفتيه ما يبهج )

    ،
    في ملحق مشارف كتبتُ مع الكاتبين :
    " ما بعد الموت "




    ،
    في إحدى مكالماته المطوَّلة ، قرأ لي الأستاذ / إبراهيم الأفندي :

    ( يا بن الحلال
    اتقي ضعف الرجال
    لا تزيد الحاله حال .. )

    ثم تخونني الذاكرة .


    ،
    في آخر الشهر
    يفكر كثيرا في ثمن حليب أطفاله
    بعد أن تكون البلاد قد خانته للمرة العشرين
    و أسقطته - مع بقية البسطاء - من مسيَّر الرواتب ..!


    ،
    في جسد الشعر الشعبي ، يدعو البسطاء و الرائعون من أمثاله رحمه الله إلى جمع ديوانه ..
    ليعلم الجيل القادم
    أن المرحبي إبراهيم كان هنا قبل أن يحضره طريقُ الجنوب ذات جمعة بعيدة ؛ فنشعرُ - بالإضافة إلى فقده - بنهاية ملحق مشارف
    الذي ملأ الآفاق
    و شغل الشعبيين بالجمال .

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •