لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 20 من 38

الموضوع: سيرة حامد بن عقيل (الجزء السادس )

العرض المتطور

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مسعد الحارثي
    أديـب وكـاتب قصصي
    تاريخ التسجيل
    03 2004
    المشاركات
    235
    سيرة 56

    لا تسحقني أيها المهذب ..
    فليست القهوة ( العربية ) التي طلبت من آسيوي مكتبك المدرب أن يقدمها لي تبررُ لك سحقي ..
    و ليس ولعك بامتلاك أرقى أدوات الترفيه في مكتبك تبررُ لك سحقي ..
    و ليس وجه سكرتيرك النابض بالفأل يبررُ لك أن تتمادى ..

    .....
    أيها الأنيق الذي عرض عليَّ بفوقية أن يوصلني إلى بر الأمان ، و أن يهبني اليسير من وقته الثمين ، و الذي ثرثر كثيرا حول تاريخه في إدارة هذه المنشأة الشاهقة ..

    لا تسحقني ..
    لأنني عندما حضرتُ إليك هنا لم آتي لاستجدائك هبة على هيئة عقد يقطرُ ذهبا ..
    و إنما جئتُ إلى هنا لأحصل على ما أريدُ بشرفٍ صِرف ..


    أيها الناجح .. المتبرع بهبة نجاح صغيرة للمبتدئين .. ليضيفهم إلى أحاديثه الكثار عن الصعود ..

    جئتك اليوم لأكتب سيرتي بيدي لا بيديك ...


    .
    سيرة 57

    الفوز الوحيد في هذه الحياة هو أن تظفر بأقل الخسارات فداحةً ! .


    سيرة 58

    لؤلؤةٌ أقطفها من المزاد ،
    و حالما أعود بالتفاحِ و الوعود ..
    تسألني حبيبتي :
    - كيف وجدتني هذا المساء ؟!.


    سيرة 59

    كن لا شيء على الإطلاق
    لتصبحَ كلَّ الأشياء .


    سيرة 60

    في اتصالٍ هاتفي قال لي :
    عبدالمجيد الزهراني يسأل عنك ؟
    قلتُ له : عبد المجيد ؟!!
    قال :
    أعجبه " أحبك .. بس لو " ..
    فضحكتُ ، و قلتُ : هذه شهادة أعتز بها .


    ،
    في " المنافي 1 "
    اتصل بي و أصر على نشرها ..
    رضختُ ، رغم إصراري على أن لا تتجاوز القصائد الشعبية دفتري .

    ،
    في " أهداب الحكي "
    وضعني بجوار صالح الشادي .. فسررتُ كثيرا .

    ،
    في أزقة البلاد .. كنتُ أراه بجسده النحيل ، و عينيه الواسعتين الممتلئتين بالدهشة .



    ،
    في شهر رمضان صعدتُ إلى مكتبه الجديد على سطح جريدة البلاد
    كان مكتبا مهترئا
    يسكنه المبدعون ..

    ،
    في الصفحة الأولى من " قصيدتان للمغنِّي / مرثيتان توغلان في دمي "
    كتبتُ له :
    ( إهداء برسم القبول
    آملا أن تجد بين دفتيه ما يبهج )

    ،
    في ملحق مشارف كتبتُ مع الكاتبين :
    " ما بعد الموت "




    ،
    في إحدى مكالماته المطوَّلة ، قرأ لي الأستاذ / إبراهيم الأفندي :

    ( يا بن الحلال
    اتقي ضعف الرجال
    لا تزيد الحاله حال .. )

    ثم تخونني الذاكرة .


    ،
    في آخر الشهر
    يفكر كثيرا في ثمن حليب أطفاله
    بعد أن تكون البلاد قد خانته للمرة العشرين
    و أسقطته - مع بقية البسطاء - من مسيَّر الرواتب ..!


    ،
    في جسد الشعر الشعبي ، يدعو البسطاء و الرائعون من أمثاله رحمه الله إلى جمع ديوانه ..
    ليعلم الجيل القادم
    أن المرحبي إبراهيم كان هنا قبل أن يحضره طريقُ الجنوب ذات جمعة بعيدة ؛ فنشعرُ - بالإضافة إلى فقده - بنهاية ملحق مشارف
    الذي ملأ الآفاق
    و شغل الشعبيين بالجمال .

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مسعد الحارثي
    أديـب وكـاتب قصصي
    تاريخ التسجيل
    03 2004
    المشاركات
    235
    سيرة 61

    " بكى صاحبي لما رأى الدَّرب دونه * و أيقن أنا لاحقان بـ .. "
    لا يا سيدي ..
    صاحبي لم يبك ..
    صاحبي عاد من القاهرة برأس تتغنى حواسه بباراتها
    و بعبد الرَّب إدريس .. هناك ،
    و بآلة النقود الساخرة من الحالمين بالثراء


    و بليالي لا حصر لها .

    صاحبي لم يبكِ أيها الكِندي ..
    لأنه استبدل الهجرة بأحلامها المترهلة ..



    و لم يبك ..
    لأنه آثر أن يغرس هنا أبناء و أحفادا ممن يعملون على إنباته هناك


    و لو بعد رَمس ..



    سيرة 62

    لم أفلح أبدا في التعامل مع التقنيات الحديثة ..
    و لستُ ممن يحبون محاولة اكتشافها
    لأنها لا تعنيني ،
    أتذكَّر تماما عندما كنتُ قريبا من حرم الله الآمن بمكة ذات هلال قرآني يتكرر كل عام
    أحببتُ أن أتصل بأصدقائي مهنئا ، و سارت الأمور كما أحب :
    - ألو .
    - ...........
    - كل عام و أنتَ مضيء .
    - ..........
    - إلى اللقاء .

    إلا أنني فوجئت بصوت أحدهم مقرصنا :
    ( لستُ موجودا الآن ، أترك رقمك و رسالتك و سأعاود الاتصال بك )

    فوقعتُ في مأزق التقنية اللعين ، إلا أنني تركتُ رسالة التهنئة ، و لم أترك رقمي ، أو على وجه الدقة لم يكن لدي رقم لأتركه .


    بعد أسبوع ، قابلني صديقي بصوته الطازج ، وقد بادرني ساخر :
    ( - هذه رسالة ، أم خطبة جمعة لإمام مسجد يقف أمام الجموع لأول مرة ، ....
    لماذا اهتز صوتك يا صاحبي ألف مرَّة في رسالة صوتية مدتها دقيقة واحدة ؟!! )

    .
    سيرة 63

    أطفال البحر لا يغيبون ...
    يستمرون في الركض هنا و هناك ،
    يشرقون في كل حين ،
    و حين تأذن الشمسُ لقطع الليل بهزيمتها القدرية و الدارجة ..
    يبحث أطفال البحر عن فقاقيع الحكمة فيما تشبثوا به من مواويل و رثوها عابرا عن عابر .


    سيرة 64

    ... / و أردف قائلا :
    - إذا رأيتَ عمَّ أولادك يصلي فلا تقلق على أبنائك .
    ثم - و بنبرة تقتربُ من حكمة الوصايا المجدبة - :
    - أقصد أثر الصلاة لا أفعالها الظاهرة فقط ... /..

    ...
    بعد نأي أرضي جاثمٍ على الممرات التي ألفتْ بوحَ جسدين شاخ أحدهما ، أما الآخر فحلَّق إلى مالا بداية ..
    كانت الرؤيا تتَّسع ..
    و الأصدقاء يتكاثرون كالفطر ..
    و العمُّ يتجاوز في وِرده كلَّ يومٍ آياتِ المواريثَ بكلِّ حنو ... / ..

    ...
    قبل هذا و ذاك .. أحبُ أن أخبركم أنني شاهدتُ في طفولتي أطفالَ " الوبر " يموتون بتتابعٍ متناغم مع فرائهم الداكنة و ذلك بعد غياب الأب ، و لعل ما يدهش في ذلك أنهم لا يعولون كثيرا على عمهم المثابر على ورده كلَّ تقوى ..



    سيرة 65

    ليس صحيحا أن نجاحي - كما تراه أنت - يجعلك تعتقد أن نجاح أبي حتمي بالضرورة .
    قاطعني قائلا :
    - و لكنه لم يكن ناجحا كنجاحك ؟!
    نظرتُ إليه مليا قبل أن أجيبه بهدوء :

    - لأن أبي لم يهتم بتنشئته أبٌ عظيمٌ كأبي .


    سيرة 66

    يركنُ البعضُ منا إلى تغييب التفاسير
    لأن هذا البعض يظن أنه يرفل مُنَعما بوعيه في إهاب .. ابن عباس ..


    و لعل الأكثر تواضعا يظن نفسه قريبا من أبي العالية فقها بالكتاب العظيم ،،


    و لعلي هنا أعترف بما أسبغه عليَّ من فضلٍ - بعد الله - ترددي بنهم على رياض ابن كثير الوارفة ..


    لأنجو .. منِّي


    ليس إلا ..

    سيرة 67

    سأعود .
    هذا ما أقوله دائما لكلِّ شبرٍ ألفَ بوحَ جسدي ذاتَ مرور .. قبل أن تلتهمني مساربُ لا حصرَ لها ..


    و ترهقُ ذمَّتي بالمزيد من وعود العودة المزعومة .

    سيرة 68

    لا تشعلوا في الهشيم ..
    لأني أشاهدُ في قطرة الماءِ ألفَ وطن .


    سيرة 69

    بمدينة جدّة ..
    بزواياها ..
    يتذكّرُ إبراهيم الأفندي ( أم الغريب ) التي جاءت فيماورائياته بصحيفة البلاد
    و ذلك على خلفيات قصيدة ( جدَّة ) :
    ..
    أطالعُ وحدي
    عيونا برتها الإشاراتُ
    و الزمنَ المتسرِّبَ في القاعِ
    و الدَّهشةَ البدويةَ من كلِّ هذا الزِّحام

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مسعد الحارثي
    أديـب وكـاتب قصصي
    تاريخ التسجيل
    03 2004
    المشاركات
    235
    سيرة 70

    يحزنني الاحتفاء بمنيف بعد موته ..


    .....

    أتذكرُ كيف كنتُ أقرأ " النهايات " ، كيف كنتُ أقرأ بشغف ..
    بعيدا عن كل رواياته الأخرى التي قرأت ، سكنتني النهايات حتى الغرق في تفاصيلها ..
    الجدب / عساف / أهالي الطيبة ..


    روايات منيف و لاسيما " النهايات " صاحبة سَفرٍ طويل معي ، حين أذرع ممرات الجامعة أبحث عن شيء كان ينبغي أن يكون نتاجا لحياة أكاديمية طالما حلمتُ بها ، إلا أنني أرتدُّ إلى مكتبتي ففيها العزاء ..



    بالتأكيد ..



    سيرة 71

    صرتُ مؤمنا بشكل شبه دائم و مستمر :
    - أنك تحظى بالردو و المجاملات على مشاركاتك بقدر ما ترد و تجامل الآخرين ، تماما كمن يمشي في مواكب الموتى احتسابا لمن سيمشي في جنازته .
    - أن مواقع الشعر ، و صحفه ، و مجلاته ، و قنواته .. متاحةٌ للوجوه الإعلامية و المكرَّسة و الصديقة ، تماما كالدعوات الخاصة على العشاء .
    - أن لا كرامة لنبي في وطنه .
    - أن الموتى فقط في وطننا العربي هم من يعتلي منصات التتويج .
    - أن هناك الكثيرين و الكثيرات ممن يتاجرون بجرحهم و أحزانهم ليكتسبوا شعبية خاصة .
    - أن المثقف في ذيل القائمة من كل شيء .
    - أن من أصابته حرفة الأدب أخطأه الشَّبع .
    - أن رسائل التهنئة و " مسجات " الجوال ، و تلويحات المعايدة لا يتجاهلها إلا من لا يستطيع الفرز ، و تحليل المواقف و قراءتها بشكل واعٍ .
    - أن السيرة ليست عملا مجانيا يغتصبُ خصوصية الفرد بقدر ما هي مساقط ضوء تنعش الذاكرة .
    - أن الشعر يحتضر .
    - أن الرواية لا يكتبها إلا المجربون لا القراء بكثرة .
    - أن القصة الطويلة تُسمَّى في وطني رواية .
    - أن الرواية السعودية وهم .
    - أن عبدالرحمن منيف ليس روائيا سعوديا أبدا .
    - أن الفن التشكيلي بمدينة جدة يأخذ حيزا كبيرا و مستحقا من الساحة الإبداعية .
    - أن النادي الأدبي بجدة أصبح مأوىً للأرامل و المطلقات و سيدات الأموال لا الأعمال اللاتي ضجرن من البحر .


    سيرة 72

    مالذي بقي في ذاكرتك من أيام الدراسة الثانوية سوى مكتبة ثانوية هوازن التي وارتك - من دون قصدٍ منك - عن أعين من طلبوك لأداء واجباتك ؟

    سيرة 73

    قل هو الحب
    و ما ينهار ينهار، فما بعد العرار
    غير مجهول الصحارى وتفاصيل الفرار


    ...........


    يعلمني هذا الشِعر أن أعود للكتّاب أو الكتاتيب لأتعلَّمَ كلما قرأته


    يعلِّمني هذا الشعر أن قاسم حداد مثلا لم يصل لما وصل إليه من فراغ


    أو من حرصٍ على الحضور الإعلامي فقط



    يعلمني هذا الشِعر أن أخلد للنوم و أنا أهجس بقصائد من نور




    و نار



    .


    __________________


    سيرة 74

    صديقي الشاعر يدهشني إصراره على إسماعي قصائده التي لا تنتهي ..
    و في كلِّ مرَّّة
    ألتفت إلى الجدار ، و أقرأ داخلي :
    كان أبي يسمعني الشِعر ، و عند رؤيته لي شارد الذهن يسألني غاضبا :
    لماذا لم تحفظ ما قلته لك مراتٍ عديدة ؟ لماذا لا تُنصتْ الآن ؟

    ...
    أبي ..
    إنني كائنٌ قرائي ، فاغفر لي و لعي بالكتب ..
    إنها الحقيقة ، أنا أدرك ما أقرؤه تماما .. أما ما أسمعه منك و من الآخرين - حتى ولو كان شِعرا - فإنني لا أفقه منه شيئا ..!


    ..
    و مازلتُ أستمع إلى حفيفِ الشعر ينساب قريبا منِّي ... بلا جدوى !
    .


    __________________

    سيرة 75

    النفط هو خصوبة اليوم
    أما المطرُ فقد غدا أسطورة الرعاة في كتبنا القديمة
    و في ذاكرتنا الجمعية المستندة إلى حكايات الجدات عن الغيم ،
    و إلى قصائد الهزاني .. الشعبية !
    .................

    سيرة 76

    بين " سيرج " و بين " فرونسكي " ..!
    بين الزوج الضرورة / العادة / حاجة المجتمع / السقوط في الشَّرف
    و بين العاشق / القلب / الاختيار / الفائض عن حاجة المجتمع و الآخر / السقوط في الرذيلة ..
    و أخيرا ..
    بين القبول و بين الرَّفض
    بين العربة الأولى .. و بين العربة الثانية
    أو ،
    تحديدا بين العجلتين / الأولى و الثانية ..
    تبدو لي آنا كرنينا .. أجمل ما قرأت من الأدب الروائي المترجم .. عن الروسية !


    سيرة 77

    لم تتسرب " مكة " إلى قصائدي إلا مرَّة واحدةً في " رؤى " :
    ( .../ أفقدُ مكَّةَ / أفقدني .. ) .
    - ترى ، لماذا رأيتها حينئذٍ ماثلةً في مواتي المقيم ؟!


    ___________
    سيرة 78

    الجداول تنتفي هنا .
    هي لا تبرِّر أفعالها ..
    و تتاجر بالكثير من جراحاتها لتستجدي الحب ، و العطف ..
    و العبور كثير / غيض من فيض بنظرة مستقبلية .

    الجميع ينامون ..
    و أنا أثقبُ جدران المدينةِ بتأملاتي ..
    و أتذكرُ المعارك الطفولية غير المبرَّرة .

    الجداول تنتهي هنا .
    هي كائنٌ رقميٌ لا يعدو كونه خطاً باردا يصلني عبر العالم إلى غرفتي بأحرفٍ متقطعة و نائية ..
    هذا يدعوني لأتساءل :
    هل يغضبُ المرء من حاسبه الشخصي ؟

    سيرة 79

    يبقى غناء الجدَّات في ذاكرةِ الألعاب المبتكرة
    كليالي طويلة ينيرها الزَّيتُ و الوجوه الشاحبةُ من أثرِ الحقول .
    يكبرُ الأطفال ..
    و يغني الأبُ رحالاته الغابرة بعيدا عنك
    و تهتمُّ الأم بتفاصيلِ المحيط من إبرٍ و معاطف شتائية لا تقي من الحزن .
    يكبرُ الأطفال ..
    و تظلُّ الرياحُ في الخارج متعطشة لرفيقٍ غضِ الحلم كي يرافقها إلى المستقبل !
    تماما .. كغمامة مزهرة بالوعود .

    سيرة 80

    لمَ السؤال الدائم عن شواعر جدَّة ؟1
    - تلكَ مدينة من نور ،،،
    هذا ما قلته ..
    قال آخر :
    - المجدُ للنساء في مساربهن .. الضَّاجّة بالحرف .
    و قال عابرٌ يستفيق من وهجٍ و جنون :
    - المدن لا تلفظ النساء ! .
    ...
    بعد عامٍ من " المحمل " و " العلوي " و " التحلية " و " بارنيز " و نوافذ حبلى بالمشاهداتِ الآتية و لا ريب - إذ تعدُ بذلك - رأيتُ في " جدَّة " امرأةً عابرةً في أجمل خطاياها ...
    لم تحدثني عن قصائدها المؤودة ؛ و لكنها سألتني عن غريب يفتش عن وطن ..
    أشرتُ إليها :
    - إنه هناك ، حيثُ يبقى بعيدا عن الأذى ..
    فقط .. " بعيداً عن الأذى " يا سيدتي !.



    .


    __________________


    سيرة 81

    قال : عندما تكفُّ عن الدَّوران سأكون ،
    أما أنت فستظلُّ تُحدِّقُ في بقايا نهار يستمر فيك كالطاعون / يتصاعد .
    قلتُ : جسدٌ أصعده / يأسرني ..
    كلماتٌ توغل في الظِّلِ و كلماتٌ توغلُ في الإطراء ..
    قال : كيف يكونُ لكَ أن تبررَ خطاياك ، حتى و إن كنتَ مثقفا ؟!
    نظرتُ إليَّ ، و رحتُ أتمتمُ :
    أسكنُ بحرا / أنثى ..
    أو
    أقمعُ رقصَ غبارٍ لم تغزله الريح ..!!


    سيرة 82

    لم يورثنا والدنا ما ورثه عن آبائه ..
    ثروته الكبيرة تبددت - رغم اجتهاده - في غمضة بؤس
    صرنا بلا ثروة ..
    فقط
    أورثنا حبّ الشعر ..

    و قليل من حريّة التعبير في فضاء يقمع حتى الهواء .


    سيرة 83

    خيالُكَ يُلْغيكَ:‏
    طفلٌ تَعَبَّدَ.‏
    ليلٌ تَجاسَرَ.‏
    قافيةٌ أُسْلبتْ.‏

    هكذا تأتي النصوص ، ملتبسة بالوعي تارة ، و تارة تأتي و قد تخضبت بسكون يحرك الأشياء .
    في " مازلتُ آملُ " كانت الأشياء تتحرك من حولي ، و كان النص الديني على أشده ، هو النص الوحيد الذي ذيلته بتاريخٍ هجري ، ذلك أن رمضان يختلف قليلا ؛ فهو شهر القرآن .. مثلا :
    كنتُ مفتونا منذ صغري بتأمل " تحولات الخطاب القرآني " ، قلتُ : عندما أكبر قليلا سأناقش هذه القضية ! سأبين للعالم كيف أن القرآن يتحول من الخطاب المفرد إلى الجمع و من الغائب إلى الحاضر أو العكس ..
    في القرآن العظيم هناك أسلوب سردي مذهل ، فالمسكوت عنه يكاد يجعلك تتمايل طربا و أنت تتابع قصة يوسف ، او تقرأ شيئا من سير الأمم الغابرة ..
    جاءت " ما زلتُ آملُ " لحظة حضور النص الديني ، فكانت بالنسبة لي بداية لمرحلة جديدة ، و إبحار للمرة الأولى تجاه اللغة بشكل مباشر .

    غداً..‏
    تَعَوَّدْ على اليُتْمِ في حَلَباتِ التَمَدُّنِ.‏
    لا بُدَّ منْ..‏
    ولا بُدَّ منْ..‏
    غداً،‏
    وليسَ لوادِ الظنونِ نشيجٌ..‏
    كباقي الدِّمنْ.!!‏
    وليسَ التأمّلُ إلا صَدىً للتزَامنِ،‏
    أو للزَّمن.‏
    غداً..‏
    رجاءُ "لعلَّ"‏
    سيغدو "لماذا"؟!‏
    وفي راحتيكَ،‏
    ستطلبُ خيلُكَ منكَ ملاذا.‏

    مازلتُ آمل


    __________________


    سيرة 83

    أهربُ / ألغي المسافة منذ المسافة حتى حنيني ..
    صوري ..
    ربما ذات يومٍ سأشعلُ فيها غنائي الوحيد
    صوري ..
    ربما ذات طلعٍ سأخبرُ قومي لماذا كرهتُ الصور ..
    ربما صوري ..
    يدي و هي تنسج أغنيةً دافئه
    و طني و هو يُنْشدني آخرَ الغرباء
    ظلُّ أمي و هي تخاطبُ أيامها الخاليه .

    صوري ..
    ربما صوري ..
    هي ذات المسافة بين حنيني و بين المنابرِ :

    ( ليلى ..
    أخبريني لماذا نحبُ الصور ..؟!
    و لماذا تسمَّر فيها العبورُ
    و لم يشعروا بالآمان ؟! ) *



    .

    *) ذات نص في : قصيدتان للمغني / مرثيتان توغلان في دمي


    __________________


    سيرة 84

    .. / و أشرح للعبيد مرارة الأسياد ..
    ...
    هكذا كان تكريس المعنى في غير جهته الأصلية / الأصيلة
    أن تأتي في نص شعري
    هو أن تخترق العالم
    أن تضع قدمك على أول الحدس ، ثم عليهم هم أن يتذوقوا هذه المرارة ..
    مرورا بانهيارات / و نكسات / و نكباتٍ لا حصر لها ..
    و كأني بالشِعر يلغي الأمكنة
    و يضل طريقه إلى زمن الخيبة و الجهل و الفساد ..
    في العصر العباسي قتلوا " بشار بن برد " و قد شارف الثامنة و الستين من عمره ، فأخذوه بجريرة الحرف
    و في هذه العصور الحجرية صادروا الكثير من وهج الأحرف / طمسوا القائل / و علَّقوا النَّص على بابِ التأويل عبرة لمن اعتبر ..
    ألم ير العباسيون بياض الحكمة يتخللُ وقار الشيخ قبل أن يهبوا له آخرة قد يكونوا اشتروا فيها منه جرائره فباؤوا بغضب على غضب ؟
    ألن نرى في هذه العصور الظلامية اي نبوءة يحملها الشاعر و نحن نقدمه إلى عذابه الثاني المتمثل برفضه بعد أن كابد عذابا أول باقترافه الوعي ؟!


    .. / غدا ؛ ( وعداَ )جريئاَ جاء
    يخالطني
    و يقسم أنني لغةٌ / فضاءٌ طاف بالأسماء ..
    و حدَّثهم
    عن التاريخِ و الأسياد
    و بلَّلهم
    بفيضِ قصيدةٍ عذراء .


    ...........

    يالهذا الجنوح !

  4. #4
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مسعد الحارثي
    أديـب وكـاتب قصصي
    تاريخ التسجيل
    03 2004
    المشاركات
    235
    سيرة 85

    ... / لأجمع آلامي
    ألقيها في صندوق بريدٍ تافه .
    سيرة 85

    ... / لأجمع آلامي
    ألقيها في صندوق بريدٍ تافه .
    سيرة 85

    باتّجاه المدينةْ ...
    و اُنكرُ ذاتي
    و أسكبُ خلفَ المدى
    .. جميعَ صفاتي
    إذا ما رحلنا إلى المدن الواعدةْ
    إذا ما عطشنا ..
    إلى الماءِ
    و النفطِ
    و الشِّعرِ
    .. في لحظةٍ واحدةْ .

    سيرة 86

    تعرفتُ على الشِعر اليمني حين دسستُ بعض قصائد عبدالله البردوني في شنطتي المدرسية :
    حين يشقى النَّاس أشقى معهم * و أنا أشقى كما يشقون وحدي

    رحلتُ مع المقالح حتى في الدَّارج :
    صنعانية
    مرَّت على الشارع غبش
    كان الندى ظمآن
    و البرد اشتكى نار العطش
    و طربتُ لصوتي الخاص / القادم من اليمن / النازف من كلِّ أرض :
    .. و ياقة الجندي لا تقوى على حمل البطولة
    ذلك هو صوت أحمد ضيف الله العوضي ، و الذي رحلتُ معه أكثر من وعي و أنا أقرأ له أيضا :
    قال لي ما أجمل القتلى ..

    في رائعته : ( في البدء كانت جنَّة الرؤيا )

    لكن حين يفاجئك صوتٌ قادم من أرضِ الأساطير :
    لماذا بلادي ملبدة بالوجوم
    تشيخ الجداول فيها
    تشيخ العصافير والكائنات
    يشيخ من الحال حتى الجنين؟
    يفتشُ عن وطنٍ من أرصفة لا تتقيح على حوافها أقدامُ عشاقه الطيبين تعلم أنَّك معي تنصتُ إلى صوتِ اليمن السعيد ؛ هذا الصوت القادمُ من الهند ..
    فلا تمتلك إلا أن تردد مثلي :
    رفقا بنا يا عبدالحكيم

    رفقا بنا
    فكلنا في " الوطن " شرق .



    .

    قراءة ساخرة على باب المدينة الصوفية


    __________________
    سيرة 87

    كنتُ أقطع ماشيا قرابة أربعة كيلو مترات للعودة من المدرسة الثانوية إلى المنزل ..
    و كان يسيرُ بمحاذاتي ، يتحدثُ ، يثرثرُ عن " كرة القدم " ، المطربين ، و عن مجلات الشعر الشعبي ..
    الحقيقة أن ما لفت نظري في رفيق طريق العودة الطويل من المدرسة هو حبُّه الشديد للتأنق في ملبسه .. و هدوئه الذي يتناسب بشكل غريب مع ثرثرته الدائمة حول كل شيء !
    بعد تخرُّج
    و جامعة
    و رقم وظيفي

    .. كنتُ في زيارة لمدينة الطائف ، و اضطررتُ - آسفا - أن أزور " مكتب جريدة عكاظ " كي أرسل " فاكس " للجريدة في جدة ..
    كان هو ذاته يجلس خلف مكتب يتسع لربع مسافة قطعناها طوال أيام الدراسة معا
    و بعد أن سلَّمتُ عليه ، بادرته قائلا :
    - أنا فلان .
    - نعم ، رأيتك تكتب " بشكلِّ لطيف !! " من قبل في جريدة عكاظ ..
    - و لكن ..
    - أنا مشغول ، و لا أخفيك كم أسعدتني زيارتك ، كان بودي أن أقضي معك الوقت الكافي لأتعرَّف !! عليك .



    ...
    في ذلك اليوم ، و بعد خروجي من " مكتب جريدة عكاظ بمدينة الطائف " تعلَّمتُ أن أربعة كيلومترات و لمدة ثلاث سنوات و بشكل شبه يومي ليست مسافة كافية للتعرُّف عن كثب على أصدقائك ؛ حتى و إن ثرثرتم معا حول مجلات الشعر الشعبي ، و المطربين ، و عن لاعبي كرة القدم !




    سيرة 88

    قالت : المؤكد أنني أموت الآن ، عليك أن تحبَّ ثانية ، أن تغامرَ ثانية ، أن تدخن السجائر بشغف كما كنتَ تفعلُ معي ، أن تجبر حبيبتك على التدخين بشغب كما كنتَ تجبرني بنظرة من عينيك ..
    ...
    يمتدُّ الزمنُ أمام
    لم أعد أحبها
    نعم ..
    هذه حقيقة لا أستطيع مقاومة إغرائها لي بضرورة تلبسها كحقيقة وحيدة ..
    لم أعد أحبها ..

    ..
    هل يحبُّ شاعرٌ مثلي " قصيدة " توهمها ذات يأس ، و آمن بها ذات وجود ، و ما برح ينظرُ إلى نهاراتها الآفلة كما ينظرُ مشدوها لبهاء وردة شفيف ..؟!

    ..
    لم أعد أحبها ؛ ذلكَ أني الآن مؤمنٌ بأنني لم أصدق يوما أنها كانت تمد إليَّ يدها ، و تغني .. بكامل ما في هذا العالم من ودّ !






    و جمال !.


    __________________

    سيرة 89

    في " أجمل غريق في العالم " لماركيز
    رأيتُ كيف يجعل الرجلُ من وهمه حقيقةً ماثلة ؛ و قابلة للتصديق ؛ و متعبة حدَّ الاستعداد التام لمحاربتها .



    سيرة 90

    الانتظار ..
    حكمة الوقت المتسرب في قاع الروح .
    حين تنظرُ إلى الثواني أكثر من مرَّة / تحدِّق في ثباتها الممل .. تعتصرُ " وردة " اللقاء القادم ، و تتأفف .. فإنكَ - هنا فقط - تشعرُ بجمال البقاء على قيد " الوعد " ، و بشاعة الهلع من " وعيد " هواجسك الكامنة .

    سيرة 91

    و حدثني صاحبي في تلك الليلة عن رحلته لمدينة جدَّة :
    هناك السيارات كثيرة ، و النَّاس يركضون في كلِّ اتجاه ، و القادمُ من أرضِ اليمن ليس نادرا كما هنا حين يعبر قريتنا في طريقه للحج أو العمل ..
    ثم حدثني عن جدَّة :
    أبي يقول عندما تكبر ستعيش في هذه المدينة ، ستتركني في الحقل ، أنا أحب جدَّة ، أحبُ ازدحامها ، نساؤها كثير ، أطفالها كثير ، و إذا لم تنم فليس هناك قمر تقضي الليل بطوله تستجديه مسامرة مملة ؛ إذ إن بقاءك على باب المنزل لمشاهدة العبور يجعلك ترى كل شيء و ضدُّه ..
    أما البحر ؛ هل رأيتَ البحر يا حامد ؛ لن تصدق أي متعة تقطفها من أهدابه حين يرسلها بيضاء إلى الشاطئ .
    ثم حدثني صاحبي عن جدَّة ..
    .


    ...
    أتذكرُ كلَّ هذا عندما تمسك " سارة " بذراعي متوسلة نزهة بحرية ، و بدعم من " نواف " الذي يمسك ألعاب البحر خاصته و يقف بعيدا ينظرُ إليَّ برجاء ..


    ترى هل ستفهمين يابنتي ما أقول :
    لقد رأيتُ البحرَ لأول مرَّة في حياتي بعد نهاية دراستي الثانوية ، و كنتُ قد رسمتُ له و لعروسه صورة من فتنة لم أرها أبدا حين بدأتُ أركضُ في كلِّ شوارع المدينة القذرة ..

    تُرى ؛ هل كان صاحبي يحدِّثني عن هذه المدينة تحديدا ؟!!!



    سيرة 92

    ربما أنتَ فيما اعتراك
    ربما كنتَ في رقصة لا تراك
    أو ..
    ربما كنتَ شيئا سواك !

  5. #5
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مسعد الحارثي
    أديـب وكـاتب قصصي
    تاريخ التسجيل
    03 2004
    المشاركات
    235
    سيرة 93

    من تبعثره فتاة ؛ يتعذر على نساء العالم جمعه .


    ___________
    سيرة 94

    حين كانتْ تجلس بجواري ؛ و أنا أقود " سيارتي " بحكمة مرورية .. قلتُ لها : كنتُ أسكنُ هذا المنزل .. هنا قرأتُ - على هذا الرصيف تحديدا - موضوعا عن الحرب العالمية الثانية في صحيفة " اليوم " .. من هذه النافذة كنتُ أطلُّ على الشارع ملوِّحا لأصدقائي و هم يركضون خلف كرة من صوف في هدأة المساء ، و هناك - أنظري جيدا - كنتُ ألتقي ملهوفا بـ ..
    عندما التفتُ إليها رأيتها تنام في سلام لا مثيل له .. لقد أرهقتها رحلة امتدتْ لوطنٍ بأكمله !

  6. #6
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مسعد الحارثي
    أديـب وكـاتب قصصي
    تاريخ التسجيل
    03 2004
    المشاركات
    235
    سيرة 95

    ... / و قال أيضا :
    المسافرون بلا زاد ، ضُلّال يجوسون العنب بلا قطف ، و ينزلون القرى النائية الموحشة إلا من دعاء لا يبره عمل ، آملا أحدُهم فيما لا أمل يحيطُ به ، و قد دأبو على ذلك حقبةً من التوق .
    ثم أضاف :
    عندما نزل الغزاة بدارهم ، كانوا لا يزالون في رَمَلِهم يوغلون .


    __________________

    سلامٌ على كلِّ قلبٍ من الآه
    و من فضَّةٍ لا تموت
    و من ساعدٍ لا يُجرِّبُ فينا هداه
    /
    \
    /
    \
    " تحت الإنشاء

  7. #7
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مسعد الحارثي
    أديـب وكـاتب قصصي
    تاريخ التسجيل
    03 2004
    المشاركات
    235
    سيرة 95

    ... / و قال أيضا :
    المسافرون بلا زاد ، ضُلّال يجوسون العنب بلا قطف ، و ينزلون القرى النائية الموحشة إلا من دعاء لا يبره عمل ، آملا أحدُهم فيما لا أمل يحيطُ به ، و قد دأبو على ذلك حقبةً من التوق .
    ثم أضاف :
    عندما نزل الغزاة بدارهم ، كانوا لا يزالون في رَمَلِهم يوغلون .


    __________________

    سلامٌ على كلِّ قلبٍ من الآه
    و من فضَّةٍ لا تموت
    و من ساعدٍ لا يُجرِّبُ فينا هداه
    /
    \
    /
    \
    " تحت الإنشاء "


    سيرة 96

    القصيدة ..
    ربما - على سبيل التخلُّص من التزامٍ فكري - هي الوطن المباغتْ لكثير من المبدعين .
    يعجبني من لا يتَّبع أسلوبا خاصا أو طقوسا خاصة في الكتابة
    فالوعي بالنَّص الشِعري و ماهيته يكادُ يكونُ ضربا من المستحيلات .
    لهذا ؛ لم أترددْ في إجابة من سألني عن طقوسي الكتابية :
    سيدي ، عليكَ أن تسألَ كلَّ نص على حِدة !
    .


    __________________

    سلامٌ على كلِّ قلبٍ من الآه
    و من فضَّةٍ لا تموت
    و من ساعدٍ لا يُجرِّبُ فينا هداه
    /
    \

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •