سيرة 85
... / لأجمع آلامي
ألقيها في صندوق بريدٍ تافه .
سيرة 85
... / لأجمع آلامي
ألقيها في صندوق بريدٍ تافه .
سيرة 85
باتّجاه المدينةْ ...
و اُنكرُ ذاتي
و أسكبُ خلفَ المدى
.. جميعَ صفاتي
إذا ما رحلنا إلى المدن الواعدةْ
إذا ما عطشنا ..
إلى الماءِ
و النفطِ
و الشِّعرِ
.. في لحظةٍ واحدةْ .
سيرة 86
تعرفتُ على الشِعر اليمني حين دسستُ بعض قصائد عبدالله البردوني في شنطتي المدرسية :
حين يشقى النَّاس أشقى معهم * و أنا أشقى كما يشقون وحدي
رحلتُ مع المقالح حتى في الدَّارج :
صنعانية
مرَّت على الشارع غبش
كان الندى ظمآن
و البرد اشتكى نار العطش
و طربتُ لصوتي الخاص / القادم من اليمن / النازف من كلِّ أرض :
.. و ياقة الجندي لا تقوى على حمل البطولة
ذلك هو صوت أحمد ضيف الله العوضي ، و الذي رحلتُ معه أكثر من وعي و أنا أقرأ له أيضا :
قال لي ما أجمل القتلى ..
في رائعته : ( في البدء كانت جنَّة الرؤيا )
لكن حين يفاجئك صوتٌ قادم من أرضِ الأساطير :
لماذا بلادي ملبدة بالوجوم
تشيخ الجداول فيها
تشيخ العصافير والكائنات
يشيخ من الحال حتى الجنين؟
يفتشُ عن وطنٍ من أرصفة لا تتقيح على حوافها أقدامُ عشاقه الطيبين تعلم أنَّك معي تنصتُ إلى صوتِ اليمن السعيد ؛ هذا الصوت القادمُ من الهند ..
فلا تمتلك إلا أن تردد مثلي :
رفقا بنا يا عبدالحكيم
رفقا بنا
فكلنا في " الوطن " شرق .
.
قراءة ساخرة على باب المدينة الصوفية
__________________
سيرة 87
كنتُ أقطع ماشيا قرابة أربعة كيلو مترات للعودة من المدرسة الثانوية إلى المنزل ..
و كان يسيرُ بمحاذاتي ، يتحدثُ ، يثرثرُ عن " كرة القدم " ، المطربين ، و عن مجلات الشعر الشعبي ..
الحقيقة أن ما لفت نظري في رفيق طريق العودة الطويل من المدرسة هو حبُّه الشديد للتأنق في ملبسه .. و هدوئه الذي يتناسب بشكل غريب مع ثرثرته الدائمة حول كل شيء !
بعد تخرُّج
و جامعة
و رقم وظيفي
.. كنتُ في زيارة لمدينة الطائف ، و اضطررتُ - آسفا - أن أزور " مكتب جريدة عكاظ " كي أرسل " فاكس " للجريدة في جدة ..
كان هو ذاته يجلس خلف مكتب يتسع لربع مسافة قطعناها طوال أيام الدراسة معا
و بعد أن سلَّمتُ عليه ، بادرته قائلا :
- أنا فلان .
- نعم ، رأيتك تكتب " بشكلِّ لطيف !! " من قبل في جريدة عكاظ ..
- و لكن ..
- أنا مشغول ، و لا أخفيك كم أسعدتني زيارتك ، كان بودي أن أقضي معك الوقت الكافي لأتعرَّف !! عليك .
...
في ذلك اليوم ، و بعد خروجي من " مكتب جريدة عكاظ بمدينة الطائف " تعلَّمتُ أن أربعة كيلومترات و لمدة ثلاث سنوات و بشكل شبه يومي ليست مسافة كافية للتعرُّف عن كثب على أصدقائك ؛ حتى و إن ثرثرتم معا حول مجلات الشعر الشعبي ، و المطربين ، و عن لاعبي كرة القدم !
سيرة 88
قالت : المؤكد أنني أموت الآن ، عليك أن تحبَّ ثانية ، أن تغامرَ ثانية ، أن تدخن السجائر بشغف كما كنتَ تفعلُ معي ، أن تجبر حبيبتك على التدخين بشغب كما كنتَ تجبرني بنظرة من عينيك ..
...
يمتدُّ الزمنُ أمام
لم أعد أحبها
نعم ..
هذه حقيقة لا أستطيع مقاومة إغرائها لي بضرورة تلبسها كحقيقة وحيدة ..
لم أعد أحبها ..
..
هل يحبُّ شاعرٌ مثلي " قصيدة " توهمها ذات يأس ، و آمن بها ذات وجود ، و ما برح ينظرُ إلى نهاراتها الآفلة كما ينظرُ مشدوها لبهاء وردة شفيف ..؟!
..
لم أعد أحبها ؛ ذلكَ أني الآن مؤمنٌ بأنني لم أصدق يوما أنها كانت تمد إليَّ يدها ، و تغني .. بكامل ما في هذا العالم من ودّ !
و جمال !.
__________________
سيرة 89
في " أجمل غريق في العالم " لماركيز
رأيتُ كيف يجعل الرجلُ من وهمه حقيقةً ماثلة ؛ و قابلة للتصديق ؛ و متعبة حدَّ الاستعداد التام لمحاربتها .
سيرة 90
الانتظار ..
حكمة الوقت المتسرب في قاع الروح .
حين تنظرُ إلى الثواني أكثر من مرَّة / تحدِّق في ثباتها الممل .. تعتصرُ " وردة " اللقاء القادم ، و تتأفف .. فإنكَ - هنا فقط - تشعرُ بجمال البقاء على قيد " الوعد " ، و بشاعة الهلع من " وعيد " هواجسك الكامنة .
سيرة 91
و حدثني صاحبي في تلك الليلة عن رحلته لمدينة جدَّة :
هناك السيارات كثيرة ، و النَّاس يركضون في كلِّ اتجاه ، و القادمُ من أرضِ اليمن ليس نادرا كما هنا حين يعبر قريتنا في طريقه للحج أو العمل ..
ثم حدثني عن جدَّة :
أبي يقول عندما تكبر ستعيش في هذه المدينة ، ستتركني في الحقل ، أنا أحب جدَّة ، أحبُ ازدحامها ، نساؤها كثير ، أطفالها كثير ، و إذا لم تنم فليس هناك قمر تقضي الليل بطوله تستجديه مسامرة مملة ؛ إذ إن بقاءك على باب المنزل لمشاهدة العبور يجعلك ترى كل شيء و ضدُّه ..
أما البحر ؛ هل رأيتَ البحر يا حامد ؛ لن تصدق أي متعة تقطفها من أهدابه حين يرسلها بيضاء إلى الشاطئ .
ثم حدثني صاحبي عن جدَّة ..
.
...
أتذكرُ كلَّ هذا عندما تمسك " سارة " بذراعي متوسلة نزهة بحرية ، و بدعم من " نواف " الذي يمسك ألعاب البحر خاصته و يقف بعيدا ينظرُ إليَّ برجاء ..
ترى هل ستفهمين يابنتي ما أقول :
لقد رأيتُ البحرَ لأول مرَّة في حياتي بعد نهاية دراستي الثانوية ، و كنتُ قد رسمتُ له و لعروسه صورة من فتنة لم أرها أبدا حين بدأتُ أركضُ في كلِّ شوارع المدينة القذرة ..
تُرى ؛ هل كان صاحبي يحدِّثني عن هذه المدينة تحديدا ؟!!!
سيرة 92
ربما أنتَ فيما اعتراك
ربما كنتَ في رقصة لا تراك
أو ..
ربما كنتَ شيئا سواك !


رد مع اقتباس