• مشكلات الحياة الزوجية :
تتخلل الحياة الزوجية مشكلات عديدة تقود إلى العديد من حالات سوء التكيف بين الزوجة والأبناء ، وسأتعرض هنا لما يسبب اضطراب في الحياة الزوجية وسوء التكيف ، وهي : الزواج التعيس والشغي ، والغيرة بين الأزواج ، وكذلك التنافس بين الزوجين ، والأنماط الزوجية المرضية أو العصابية وأنواع أخرى 0
• الزواج التعيس والشقي :
توجد عدة عوامل تجعل الحياة الزوجية جحيما لا يطاق ، وأغلبها يعود إلى عدم قدرة الطرفين على مواجهة الصعوبات 0 والعوامل هي :
1ـ تعقد طبيعة الزوج والزوجة البشرية ، ومعها تتنافر الطباع ، وهذا يؤدي إلى التهيج الانفعالي 0
2ـ عدم وجود تجاذب جنسي بين الزوجين ، ويحل محله النفور بدلا من الجاذبية 0
3ـ تدخلات خارجية في حياة الزوجين ، سواء من قبل أهل الزوج أو الزوجة ، أو بعض الأقارب ، وقد أثبتت الدراسات والتجارب أن تدخلات هؤلاء المتدخلين والمتطفلين تترك أثرا ومرارة في نفس الزوجين 0
4ـ إنعدام الصراحة والصدق بين الزوجين ، والجهل بالتبعات والمسؤوليات التي تتطلبها الحياة الزوجية 0
5ـ العبودية للأسرة ، فهناك الكثير من الرجال لا يستطيعون حزم رأيهم ، ويظلون في صحبة أهلهم وأمهاتهم 0 وحين يهرع مثل هذا الزوج إلى أحضان والده أو والدته ينشأ خلافا زوجيا 0 فالزوج الناضج عاطفيا يستطيع أن ينزع نفسه من أسرته الأولى ، ويبني لنفسه صرحا مستقلا في بيئته 0 أما الزوج غير الناضج والذي يظل تابعا لأسرته هو أنموذج سيء ، لأن الزواج عنده هو عبارة عن علاقة طفل بأمه ، يعتمد عليها ، ولا يستطيع التخلص من تبعيتها 0
6ـ الخيانة الزوجية : والخيانة آفة ولها أسبابها المميزة ، وخاصة البرود الجنسي عند المرأة ، والذي يرجع في أصوله إلى أعماق طفولتها 0 والزوج المنشغل عن زوجته يعرضها للغواية ، وكذلك الزوج الذي لا يشبع زوجته جنسيا يجعلها عرضة أيضا للخيانة ، خاصة إذا لم تكن على دين وتربية إسلامية جيدة 0
• البرود الجنسي في النساء :
يعتبرُ مفهوم البرود الجنسي مفهومًا جديدًا إلى حد ما في المجتمعات العربية ، وبالرغم من ذلك فإن استخدام هذا المفهوم يشوبه الكثيرُ من الاختلاط ، فما بينَ آراء الرجال والنساء من أفراد المجتمع البالغين على اختلاف أعمارهم، وما بينَ ساحات الحوار العربية على شبكة الإنترنت، يتضحُ للباحثِ أن المفهوم إما أن يكونَ غير محددٍ بصورةٍ دقيقةٍ من قبل المتكلمين عنه ، أو أنهُ في الأصل مفهومٌ غير محدد المعالم أو يمكنُ استخدامهُ للتعبير عن العديد من الحالات، والحقيقةُ أنني كطبيبٍ نفسي عربي أجدُ ذلك الاختلاط مبرَّرًا رغم كونه غير مرغوبٍ فيه من قبل من يريدونَ تناولَ الأمر بشكلٍ علمي، لأن الخطوةَ الأولى في البحث العلمي لابد أن تكونَ تحديد المفاهيم بدقة 0 وقارئ الأبحاث العلمية في الموضوع حتى سنة1970سيكتشفُ أن حالة الأبحاث الغربية حتى ذلك التاريخ لم تكن تختلفُ كثيرًا من ناحية اختلاط المفاهيم عن الحاصل إلى اليوم ما بينَ الناس ومعظم المتحدثين في الموضوع في البلاد العربية، فقد كان البرود الجنسي في الإناث يطلقُ على أيِّ واحدةٍ من الحالات التالية:
1ـ على المرأة التي لا تشعرُ أصلاً بالرغبة في الجنس Sexual Desire أو لا تتواردُ على خاطرها خيالاتٌ جنسيةٌ Sexual Fantasies مُحَبَّبةٌ مثيرة ، وهيَ التي تعاني من اضطرابٍ نفسي نسميه نقص أو فقدان الرغبة الجنسية ، أو ربما من اضطراب النفور الجنسي في الحالات المتطرفة الشدة ، والذي يعني نفورًا واشمئزازًا من كل ما يتعلقُ بالجنس.
2ـ على المرأةٌ التي تشعرُ بالرغبة في الجنس وتتواردُ على خاطرها خيالاتٌ جنسيةٌ مُحَبَّبةٌ مثيرة ، لكنها تفشلُ في الاستجابة لزوجها عند اللقاء الجنسي لسببٍ أو لآخر ، وهيَ التي تعاني من اضطرابٍ نفسي نسميه فشل استجابة الأعضاء الجنسية، فلا تتزلقُ قناةُ المَهْبِلِ على سبيل المثال مما يجعلُ الجماع صعبًا.
3ـ على المرأةٌ التي تشعرُ بالرغبة في الجنس وتتواردُ على خاطرها خيالاتٌ جنسيةٌ مُحَبَّبةٌ مثيرة وتستجيبُ أعضاؤها لزوجها وتتجاوبُ معهُ لكنها تفشلُ في الوصول إلى ( الإرجاز ( أي رعشة الجماع Orgasm)) ، بالرغم من الآداء الجيد للزوج ، وربما أحست بأن زوجها يتركها في منتصف الطريق ، وهيَ التي تعاني من اضطرابٍ نفسي نسميه انعدام الإرجاز، أو خللُ الأداء الجنسي في الإرجاز.
4ـ على المرأةٌ التي تشعرُ بالرغبة في الجنس وتتواردُ على خاطرها خيالاتٌ جنسيةٌ مُحَبَّبةٌ مثيرة وتستجيبُ أعضاؤها لزوجها وتتجاوبُ وتصل إلى الإرجاز أيضًا لكنها لا تحسُّ للإرجاز طعمًا! 0
ومعنى ذلك هو أن مصطلح البرود الجنسي Sexual Frigidity يمكنُ أن يطلقَ على امرأةٍ تعاني من اضطرابٍ في أي مرحلةٍ من مراحل دورة الاستجابة الجنسية التي تبدأُ بالشهوةِ ثم الفعل الجنسي أو الاستجابة لفعل الزوج وتنتهي بالإرجاز، ولذلك السبب لا نجدُ البرود الجنسي مقبولاً كاسمٍ من أسماء الاضطرابات النفسية الجنسية حيثُ تستخدمُ مصطلحاتٌ أكثرُ دقةً في وصف الاضطراب وتبينُ في أي مرحلةٍ من مراحل دورة الاستجابة الجنسية يكونُ ذلك الاضطراب 0
وهنا أقول : إن تعبير البرود الجنسي لم يعد تعبيرًا علميا بسبب كونه مفهوما مختلطا وغير محدد 0 وقبل أن ندخل في محاولة مناقشة المفهوم لابد أن نقرَّ حقيقةً علميةً يتغافلُ عنها الكثيرون من المتحدثين في هذا الموضوع ، وهيَ أننا عندما نتحدثُ عن مشاعر الأنثى الجنسية لا نتحدثُ عن شيءٍ تفهمهُ كل أنثى بنفس المعنى الذي تفهمه به الأخرى! وذلك لأن تقارير النساء عن شعورهنَّ بالإرجاز وهو أكثرُ المشاعر التي كان يظنُّ أنها متطابقة قد بينَ بما لا يدعُ مجالاً للشك تباينًا شاسعًا ما بينَ شعور واحدةٍ وأخرى بل ما بينَ شعور نفس الأنثى ما بينَ إرجازٍ وإرجاز، فبعضُ الإرجازات يكونُ ضعيفًا وبعضها قوي وبعضها يكونُ طويلاً وبعضها قصير، وأحيانًا يجيء الإرجاز منفردًا إن حدثَ بينما تتحدثُ بعض الإناث عن ما يشبهُ سلسلةً متتابعةً من الإرجازات التي تحدثُ أحيانًا وربما مع شخصٍ معينٍ وليسَ مع غيره! إذن فنحنُ نتحدثُ عن ظاهرةٍ لا نمطيةٍ بالمرة ، ولا يجوز للمتحدثِ أن يعتبرَ أنهُ يتكلمُ عن مفهومٍ تعرفهُ كل النساء 0 والإرجاز في الأنثى يختلفُ عن الإرجاز في الرجل في نقطةٍ مهمةٍ جدا وهيَ كونهُ غير مصحوبٍ دائما بالقذف إلى فتحة المبال الخارجية ، وهو بالتالي ليسَ شرطًا للعملية الجنسية الناجحة إذا اعتبرنا أنها تعني كل ما يجعل التلقيح ممكنا من الناحية البيولوجية ، فليسَ لإرجاز المرأة دور محوريٌّ في ذلك ، وبطريقةٍ أوضح فإن امرأةً قد تتزوج وتنجبُ عدةَ مراتٍ دونَ أن يحدثَ لها الإرجاز ولو مرةً واحدةً بينما يستحيل حدوثُ الإخصاب إذا لم يحدثُ إرجازُ الرجل في كل مرةٍ لينتجَ الحمل 0 كما أن علينا أن ننتبه جيدًا إلى أن المفهوم في الأصل هو مفهوم مستورد أي أن مشكلةَ البرود الجنسي هيَ مشكلةٌ برزت في المجتمعات الغربية واستوردناها ، وأنا هنا لا أقولُ أنهُ غيرُ موجودٍ في مجتمعاتنا ، فالحقيقة أنهُ موجود بالتأكيد، لكن البحثَ عن أسبابه يجبُ أن ينبعَ من نقاط أخرى غير التي يلجأ إليها الباحثون تقليديا عند بحثهم في مجتمعاتنا ، فيرجعون الأمر إلى التربية الدينية الصارمة بينما الحقيقةُ غير ذلك لعدة أسبابٍ أهمها :