موقف الشريعة الاسلامية من المخدرات
لم تكن المخدرات الموجودة في عصرنا الحاضر معروفه عند سلف الامة _ رحمهم الله – وفي أوخر القرن السادس الهجري ظهرت الحشيشة حينما غزا التتار بلاد المسلمين فجلبوها معهم ، فابتلى فساق المسلمين بأكلها وانتشرت بينهم وعرفوها ، ولما ظهرت تكلم العلماء - رحمهم الله على اختلاف مذاهبهم - عليها وبينوا حرمة استعمالها وغيرها من المواد المخدرة إذا أثرت في العقل وأزالته لأنها في حكم الخمر التي ورد النص الصريح في الكتاب والسنة بتحريمها قال الله تعال " يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر ولأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ".
وقد دلت السنة الصحيحة على حرمة تناول المخدرة ففي الصحيح من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم " .. كل مسكر حرام " رواه مسلم (3/79 ) فقوله صلى الله عليه وسلم " كل مسكر" عام يشمل كل ما وقع به الاسكار سواء أكان شراباً ، أم طعاماً، جامداً أو مائعاً ، والمخدرات مسكرة مزيلة للعقول سواء كانت نباتيه او مصنعة او نباتيه مصنعة . وفي حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر " رواه أحمد وأبوداود ، فقد دل هذا الحديث الشريف على حرمة مايسكر ويفتر والمخدرات فيها العلتان فهي مسكرة ومفترة .
وكما دلت السنة الصحيحة على حرمة تناول المواد المخدرة دل العقل على ذلك لأن القياس الصحيح يدل على أن المخدرات كالخمر بجامع زوال العقل في كل فوجب اتحادهما في الحكم المحرمة .
إضافة إلى ذلك كله فإن القواعد الشرعية تدل على حرمة تعاطي المخدرات واستعمالها لأن الشريعية الاسلامية راعت درء المفاسد ، ومن قواعدها العامة " الضرر يزال " والمواد المخدرة على اختلاف أنواعها وأشكالها فيها أضرار كبيرة ومفاسد كثيرة لاتقتصر على الفرد بل تتعداه الى مجتمعه .. ولذلك انعقد الاجتماع الدولي على محاربتها ومنع ترويجها وعد ذلك جريمة وجناية ويعاقب فاعلها .. وهذا مالم يحدث في الخمر نفسه وإن كان جديراً بذلك ولم يقف الأمر عند شرع القوانين المحرمة للمخدرات ، بل أنشئت الأجهزة والمراكز الدولية لمكافتحها