لن أتحدث عن إجراءات الشفاء من داء الحقد والكراهية
فأخي أبو إسماعيل كفى ووفى
ولكن
سأضيف شيء
عفوا بل أشياء
لا أريد منك إلا طولة البال فقط
ففي هذا الزمن يا سيدتي
اصبح الواحد لايهتم ألا بنفسه
لا يكافح إلا من اجل نفسه وشخصه
لا يريد أن يعطي
وإذا طلب منه أحدا أن يؤدي له عملا
يسال
كم ستدفع ؟..
انتصرت المادة
واختفت القيم العليا
إذا جاء شخص واخبر صديقه عن رأيه الشخصي فيه
بمنتهى الصراحة
وواجهه بحقيقة أسلوبه الغير المجدي في شيء ما
أو ناقشه في عدم جدوى خطته للحياة التي يسير عليها
أو عن تفرقته الواضحة في التعامل مع أقرانه
بطريقة نابعة من المصلحة العامة
ماذا يكون موقفه منه ؟..
شعور بالتحدي والحسد
حينما نعترف لشخص ما
بخطئه
يعتقد جازما أننا نتطاول عليه
وأننا أيضا نعطي لا نفسنا حق التدخل بأمور لا تعنينا
بل ويزيد عنادا ويسيء المعاملة
ويظهر ذلك التصرف مع الكل
فلا يستقبل الموضوع بروح رياضية
ولا يحاول على الأقل أن يبدأ في تعديل سلوكه
لأنه لا يريد لأحد مـــا أن ينبهه إذا أخطاء
بل يحاول أن يظهر الهيمنة في كل شيء
يخصه أو لا يخصه
في هذا الزمن
نجد الواحد يفتح الباب لكل واشي
ليبث سمومه
فتشتغل النميمة بين الباقين
وبالتأكيد المقرب
هو الذي يأتي بأكثر الأحاديث المشاعة
والأخبار المستورة
البعض منهم متخلف لدرجة الذوبان
ولا ادري
كيف درسوا ؟..
واحتكوا مع الناس ؟..
بل كيف تزوجوا وانجبوا وعاشروا ؟..
الواحد منهم عقلة مغلق تماما
بل لا يستخدمه
وان استخدمه
يستخدمه بالمقلوب !..
سقطت القيم يا سيدتي
وعلا الانحطاط
وهان الرفيع
وساد الدنيء
سقطت المثل العليا
ومن لا حياء له نجده ملازما من لا ضمير له
علاقات وصداقات تمارس انحدارها يوميا
ولا أحد يستطيع إيقاف انحدارها ونزفها الساخن
فندخل بذلك في غيبوبة
اصبح الكلام مهنة
نجد المرء يلون كلامه
ويتلاعب به
ويفسره بألف معنى ومعنى
ويقدم خدماته بسخاء
نجده
شديد المصلحة
إذا كان له مصلحة
يبتلع الأمانة
يتحمل السخرية
يطلب العفو يخطب الود
وعندما ينتهي
ماذا يحدث ؟..
يظهر وجه القبح الحقيقي
فيفتعل موقفا
ويهاجم بشدة
وينكر مـــا كان يستحسنه سابقا
ليالي ممطوطة
نهارات مقتولة
أفكار ممسوخة
لحظات حب مسحوقه
ننادي
فلا مجيب
نستغيث
بالصراخ
بالنداء
فلا أجوبة
ولا حتى صدى
تغيرت الحياة
أصبحت لا تطاق
تغيرت الناس
صارت الخيانة
هي القاعدة الاساسيه
والطيبة والوفاء
استثناء
في هذا الزمن
الناس يريدون من المرء
أن يتكلم مثلهم
ويترك أفكاره
ومشاعره وأحلامه
وعلاقاته بالناس والأشياء من حوله
ليتحول إلى آلة فقط
آله تردد ما يقولون وحسب
اصبح الواحد منا يغضب لأتفه الأسباب
بل ويتفنن في افتعال أسباب النكد والشجار
إن عدم التفاهم يا سيدتي اصبح أزمة
اصبح من مكونات شخصيتنا
لانه لا يوجد وعي
أو استيعاب
فجأة
يصبح الواحد منا رهنا للمساءلة
بسبب وبدون سبب
أف والف أف على زمن كهذا
حتى الضحكة البريئة
أصبحت نوعا من الموضى
يجد الإنسان نفسه أمام البشر يضحكون في وجهه
وهم يضمرون له الشر
وأي شر ؟..
فهم من النوع الذي لا يرحم
الحيوان المفترس يا سيدتي
قد يروض ويصبح صديقا للإنسان
وقد يكون رفيق عمره
هذا بالنسبة للحيوان
أما الإنسان الذي خلق ليكون أليفا رحوما
والذي يجب أن يكون كما خلقه الله
لا يريد أن يكون كذلك
بل يطور نفسه
لتكون له مكانة الحيوانات التي خلقت لتأكل بعضها البعض
عجبا للإنسان
كيف يبحث لطبيعته عما خلقه الله عليها !..
وكيف للإنسان أن يتحول إلى حيوان شرس
لا إلى حيوان أليف !..
إن هذه الحياة غريبة عجيبة
كل إنسان في هذه الحياة
تصادفه تجارب مريرة
وتترك فيه ندبات غائرة جدا
كثير من الناس جرحى في أعماقهم
لدرجة الموت
ونفس الإنسان البشرية عندما تواجه الصدمات المتتالية من هنا وهناك
تحاول الهروب
لكن إلى أين ؟..
وأين المفر ؟..
عندما يكون هو الجاني والضحية في نفس الوقت
الواحد منا تصادفه في أحيان كثيرة مشاكل
هي اقرب إلى عالم الخيال
يقف بعدها
يفكر
ويتعجب
ثم يصيبه البرود
ومع الوقت يصبح إنسانا ثلجيا
بارد المشاعر
بسبب أمور خارجه عن إرادته
بعد ذلك
يجد الناس يهاجمونه ويوجهون له أصابع الاتهام دونما رحمة
ولا يبحثون عن الدوافع التي جعلته هكذا
لانهم لا يريدون أن يعرفوا السبب الذي دفعه ليصبح
لصــــــا
أو مجنونا
أو سارقــا
أو زانيــــا
أو كاذبــــا
أو حـــاقدا
بعد إن كان مستقيما وعاقلا
إنها الظروف
عندما تعصف بالإنسان
تحطمه
تكسر عظامه
تطحنه طحنا
ومع كل هذا لا يجد من يرحمه
أو على الأقل يتعاطف معه
وهذا دليل على القصور العقلي وعدم النضج
أصبحت الحياة تافهة
وكل ما فيها عوج
يوميا يتساقط المئات صرعى
بسبب الظروف القاسية
والمغالطات وعدم فهم الآخرين
فقط الناس يريدون من الإنسان أن يصبح كبش فداء
ولا يريدوا أن يقفو معه لحظه
ليعرفوا سبب تدهوره
وعالمه الخاص الغامض الحزين
إن المعاناة
وتجرع سم الحياة
والألم
والمكابدة
وعدم الارتياح النفسي
والعقلي
والذهني
والعاطفي
والاجتماعي
وأمورا عديدة
سوداء قاتمة
سببها
الأيام
الأيام التي تلد كل يوم مولودا غير شرعيا
يوجه التهم للناس بصفة أخرى غير شرعية
ليصبح بعد ذلك متطفلا على الحياة بطريقة هي الأخرى غير شرعية
اصبح كل شيء له ألف وجه ووجه ووجه
اصبح للناس الاف الوجوه
المزيفة الملونة
كل وجه لها قصة
وكل قصة لها سبب وهكذا
أصبحت الغاية تبرر الوسيلة مائة بالمائة
واصبحت المصالح هي التي تقرر وجود الإنسان من عدمه
اصبح الزيف هو العملة اليومية
ومن يريد إن يعيش ويصبح له كيانا كالآخرين
يجب أن يكون له ألف وجه ووجه
كل وجه لمناسبة
من يريد أن يشار إليه بالبنان
يجب أن يشق طريقه بطريقة ملتوية
يجب أن يكون ثعلبا
وضبعا
وأفعى
وأرنب
لكن لا يجب أن يكون سلحفاة
لانه سيداس بالأقدام
فالثعلب ماكر
وهذا الزمن بناسه يتطلب من الإنسان أن يكون ماكرا
الضبع لئيم
وهذا الزمن بأهله
يتطلب من الإنسان أن يكون لئيما في كل شيء
أما الأفعى
تتلوى في مشيتها
ولا تعرف الاستقامة
وهذا الزمن يتطلب ذلك
الأرنب سريع
وهذا زمن السرعة في كل شيء
أما السلحفاة
فهي مسكينة وبطيئة
كان الله في عون من كان سلحفاة
لانه لا محالة سيموت ضربا بالأحذية
إن السخرية
والضحك المجنون
واللامبالاة
واللف والدوران
والكذب
والنفاق
أصبحت أمورا لابد منها في زمننا هذا
فهي بمثابة الشهادة الجامعية
لحياة مزيفة في كل شيء
فالكلام اصبح مزيفا
والضحك مزيفا
والعاطفة مزيفة
ومواساة الضعيف أيضا مزيفة
فالناس تمارس التزييف منذ الصباح الباكر
وحتى موعد النوم
فعلا إنها حياة غريبة عجيبة
إذا
يجب أن نصدق بان الغاية تبرر الوسيلة في زمن كهذا
وفاقد الشيء لا يعطيه

سيدتي
ان غياب العوامل الروحية التي تغذي الروح
واعتمادالنفس الكلي على المادة
ادت الى تدهور اخلاق الناس
وحالتهم ايضا
ومن هنا علينا
ان نؤمن
ونصدق المثل
الشائع
القائل
( الطبع يغلب التطبع )
وهذا موضوع آخر مهم
لن ادخل في سياقه الان

المعذرة على الاطاله
وبارك الله فيك

تحياتي
أبو عمـــر