
كتابُ يديكِ
كتابُ يديكِ .. أميرُ الكتبْ
ففيه قصائدُ مطلية ٌ بالذهبْ
وفيه نصوص مطعمة ٌ بخيوط ِ القصبْ .
وفيه مجالسُ شعر ٍ
وفيه جداولُ خمر ٍ
وفيه غناءٌ
وفيه طربْ .
يداك سريرٌ من الريش ِ
أغفو عليهِ
إذا ما اعتراني التعبْ .
يداكِ ..
هما الشعرُ ، شكلا ً ومعنى
ولولا يداكِ ..
لما كان شعرٌ
ولا كان نثرٌ
ولا كان شيءٌ يُسمى أدبْ .
كتابُ يديكِ
كتابٌ صغيرٌ .. صغيرْ ..
ولكنهُ صارَ موسوعتي
فمنهُ تعلمتُ
كيف النحاسُ الدمشقيُّ يُـطرق
كيف تحاك خيوط الحريرْ .
ومنه تعلمتُ
كيف الأصابعُ تكتب شعرا ً
وأنّ حُـقولا ً من القطن ِ
يمكنها أنْ تطيرْ ..
كتابُ يديكِ ، كتابٌ ثمينْ
يذكرني بكتاب ( الأغاني )
و ( طوق ِ الحمامة )
و (مجنون ِ إلزا)
وأشعار ِ لوركا
وبابلو نيرودا
ومَـنْ أشعلو في الكواكب ِ
نارَ الحنينْ ..
كتاب يديكِ ..
يشابهُ أزهارَ أمي
فأولُ سطر ٍ مِنَ الياسمينْ .
وآخرُ سطر ٍ مِنَ الياسمينْ .
يداكِ ..
كتابُ التصوفِ ، والكشفِ ،
والرقص ِ في حلقاتِ الدراويش ِ
والحالمينْ ..
إذا ما جلستُ لأقرأ فيهِ
أصلي على سيدِ المرسلين ..
كتابُ يديكِ ، كتابُ أصول ٍ
وشعر ٍ .. وحبٍّ ..
وفقه ٍ .. ودينْ ..
تخرجتُ منهُ إماما ً
وعمري ثلاثُ سنينْ ...
كتابُ يديكِ
يوزعُ خبزَ الثقافةِ كلّ نهار ٍ
على الجائعينْ ..
ويُعطي دروسَ المحبةِ للعاشقينْ
ويلمعُ كالنجم ِ ، في عتمةِ الضائعينْ
وكنتُ أنا ضائعا ً ، مثلَ غيري
إلى أن قرأتُ كتابَ يديكِ
فأدركتُ نورَ اليقينْ .
حديثُ يديكِ ،
خلالَ العشاءِ
يغيرُ طعمَ النبيذِ
وشكلَ الأواني .
أحاولُ فهمَ حوار يديكِ
ولا زلتُ أبحثُ عمّـا وراء المعاني
فإصبعة ٌ تستثيرُ خيالي
وأخرى تزلزلُ كلّ كياني .
حَـمامٌ
حَـمامٌ
يحط على كتفي
فمن أين هذا الحمامُ أتاني ؟
و( موزارتُ ) يصحو .. ويرقدُ
فوقَ مفاتيح هذا البيان ِ
ويغسلني بحليب النجوم .
وينقلني من حدودِ المكان ِ .
لماذا أضيعُ
أمامَ يديكِ اتزاني ؟
إذا ما لعبت بزرّ قميصي
تحولت فورا
إلى غيمة ٍ مِـنْ دخان .