قصيدة نهج البردىللأديب الكبير أحمد شوقي
1- ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ ** أَحَلَّ سَفكَ دَمي فـي الأَشهُـرِ الحُـرُمِ
2 رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَداً ** يا ساكِنَ القـاعِ أَدرِك ساكِـنَ الأَجَـمِ
3 لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً ** يا وَيحَ جَنبِـكَ بِالسَهـمِ المُصيـبِ رُمـي
4 جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي ** جُرحُ الأَحِبَّـةِ عِنـدي غَيـرُ ذي أَلَـمِ
5 رُزِقتَ أَسمَحَ ما في الناسِ مِن خُلُقٍ ** إِذا رُزِقتَ اِلتِماسَ العُذرِ في الشِيَـمِ
6 يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ ** لَو شَفَّكَ الوَجـدُ لَـم تَعـذِل وَلَـم تَلُـم
7 ِلَقَد أَنَلتُـكَ أُذنـاً غَيـرَ واعِيَـةٍ ** وَرُبَّ مُنتَصِـتٍ وَالقَلـبُ فـي صَمَـمِ
8 يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَداً ** أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفظِ الهَوى فَنَمِ
9 أَفديكَ إِلفاً وَلا آلو الخَيالَ فِدىً ** أَغـراكَ باِلبُخـلِ مَـن أَغـراهُ بِالكَـرَمِ
10 سَرى فَصادَفَ جُرحاً دامِياً فَأَسا ** وَرُبَّ فَضـلٍ عَلـى العُشّـاق لِلحُلُـمِ
11 مَنِ المَوائِسُ باناً بِالرُبى وَقَنـاً ** اللاعِبـاتُ بِروحـي السافِحـاتُ دَمـي
12 السافِراتُ كَأَمثالِ البُدورِ ضُحىً ** يُغِرنَ شَمسَ الضُحى بِالحَليِ وَالعِصَـمِ
13 القاتِـلاتُ بِأَجفـانٍ بِهـا سَقَـمٌ ** وَلِلمَنِيَّـةِ أَسـبـابٌ مِــن السَـقَـمِ
14 العاثِراتُ بِأَلبابِ الرِجالِ وَما ** أُقِلـنَ مِـن عَثَـراتِ الـدَلِّ فـي الرَسَـمِ
15 المُضرِماتُ خُدوداً أَسفَرَت وَجَلَت ** عَـن فِتنَـةٍ تُسلِـمُ الأَكبـادَ لِلضَـرَمِ
16 الحامِلاتُ لِواءَ الحُسـنِ مُختَلِفـاً ** أَشكالُـهُ وَهـوَ فَـردٌ غَيـرُ مُنقَسِـمِ
17 مِن كُلِّ بَيضاءَ أَو سَمراءَ زُيِّنَتا ** لِلعَيـنِ وَالحُسـنُ فـي الآرامِ كَالعُصُـمِ
18 يُرَعنَ لِلبَصَرِ السامي وَمِن عَجَـبٍ ** إِذا أَشَـرنَ أَسَـرنَ اللَيـثَ بِالغَنَـمِ
19 وَضَعتُ خَدّي وَقَسَّمتُ الفُؤادَ رُبيً ** يَرتَعنَ في كُنُـسٍ مِنـهُ وَفـي أَكَـمِ
20 يا بِنتَ ذي اللَبَدِ المُحَمّى جانِبُهُ ** أَلقاكِ في الغابِ أَم أَلقـاكِ فـي الأُطُـمِ
21 ما كُنتُ أَعلَمُ حَتّى عَنَّ مَسكَنُـهُ ** أَنَّ المُنـى وَالمَنايـا مَضـرِبُ الخِيَـمِ
22 مَن أَنبَتَ الغُصنَ مِن صَمصامَةٍ ذَكَرٍ ** وَأَخرَجَ الريمَ مِن ضِرغامَةٍ قَـرِمِ
23 بَيني وَبَينُكِ مِن سُمـرِ القَنـا حُجُـبٌ ** وَمِثلُهـا عِفَّـةٌ عُذرِيَّـةُ العِصَـمِ
24 لَم أَغشَ مَغناكِ إِلّا في غُضونِ كِرىً ** مَغنـاكَ أَبعَـدُ لِلمُشتـاقِ مِـن إِرَمِ
25 يا نَفسُ دُنياكِ تُخفى كُلَّ مُبكِيَـةٍ ** وَإِن بَـدا لَـكِ مِنهـا حُسـنُ مُبتَسَـمِ
26 فُضّي بِتَقواكِ فاهاً كُلَّما ضَحِكَـت ** كَمـا يَفُـضُّ أَذى الرَقشـاءِ بِالثَـرَمِ
27 مَخطوبَةٌ مُنذُ كانَ الناسُ خاطِبَةٌ ** مِن أَوَّلِ الدَهرِ لَـم تُرمِـل وَلَـم تَئَـمِ
28 يَفنى الزَمانُ وَيَبقى مِن إِساءَتِها ** جُـرحٌ بِـآدَمَ يَبكـي مِنـهُ فـي الأَدَمِ
29 لا تَحفَلي بِجَناها أَو جِنايَتِها ** المَـوتُ بِالزَهـرِ مِثـلُ المَـوتِ بِالفَحَـمِ
30 كَم نائِمٍ لا يَراها وَهـيَ ساهِـرَةٌ ** لَـولا الأَمانِـيُّ وَالأَحـلامُ لَـم يَنَـمِ
31 طَوراً تَمُدُّكَ في نُعمى وَعافِيَـةٍ ** وَتـارَةً فـي قَـرارِ البُـؤسِ وَالوَصَـمِ
32 كَم ضَلَّلَتكَ وَمَن تُحجَب iiبَصيرَتُهُ ** إِن يَلقَ صابا يَـرِد أَو عَلقَمـاً يَسُـمُ
33 يا وَيلَتاهُ لِنَفسي راعَها وَدَها ** مُسـوَدَّةُ الصُحـفِ فـي مُبيَضَّـةِ اللَمَـمِ
34 رَكَضتُها في مَريعِ المَعصِياتِ وَما ** أَخَذتُ مِن حِميَـةِ الطاعـاتِ لِلتُخَـمِ
35 هامَت عَلى أَثَرِ اللَذّاتِ تَطلُبُها ** وَالنَفسُ إِن يَدعُهـا داعـي الصِبـا تَهِـمِ
36 صَلاحُ أَمـرِكَ لِلأَخـلاقِ مَرجِعُـهُ ** فَقَـوِّمِ النَفـسَ بِالأَخـلاقِ تَستَقِـمِ
37 وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ ** وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَـعٍ وَخِـمِ
38 تَطغى إِذا مُكِّنَت مِن لَذَّةٍ وَهَوىً ** طَغيَ الجِيادِ إِذا عَضَّـت عَلـى الشُكُـمِ
39 إِن جَلَّ ذَنبي عَنِ الغُفرانِ لي أَمَلٌ ** في اللَهِ يَجعَلُني فـي خَيـرِ مُعتَصِـمِ
40 أَلقى رَجائي إِذا عَزَّ المُجير عَلى ** مُفَرِّجِ الكَرَبِ فـي الدارَيـنِ وَالغَمَـمِ
41 إِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُ ** عِـزَّ الشَفاعَـةِ لَـم أَسـأَل سِـوى أُمَـمِ
42 وَإِن تَقَـدَّمَ ذو تَقـوى بِصالِحَـةٍ ** قَدَّمـتُ بَيـنَ يَدَيـهِ عَبـرَةَ الـنَـدَمِ
43 لَزِمتُ بابَ أَميرِ الأَنبِيـاءِ وَمَـن ** يُمسِـك بِمِفتـاحِ بـابِ اللَـهِ يَغتَنِـمِ
44 فَكُـلُّ فَضـلٍ وَإِحسـانٍ وَعارِفَـةٍ ** مـا بَيـنَ مُستَلِـمٍ مِنـهُ وَمُلتَـزِمِ
45 عَلَّقتُ مِن مَدحِهِ حَبلاً أُعَزُّ بِهِ ** فـي يَـومِ لا عِـزَّ بِالأَنسـابِ وَاللُحَـمِ
46 يُزري قَريضي زُهَيراً حينَ أَمدَحُهُ ** وَلا يُقاسُ إِلى جـودي لَـدى هَـرِمِ
47 مُحَمَّدٌ صَفوَةُ الباري وَرَحمَتُـهُ ** وَبُغيَـةُ اللَـهِ مِـن خَلـقٍ وَمِـن نَسَـمِ
48 وَصاحِبُ الحَوضِ يَومَ الرُسلِ سائِلَةٌ **مَتى الوُرودُ وَجِبريلُ الأَمينُ ظَمـي
49 سَناؤُهُ وَسَناهُ الشَمسُ طالِعَةً ** فَالجِـرمُ فـي فَلَـكٍ وَالضَـوءُ فـي عَلَـمِ
50 قَد أَخطَأَ النَجمَ ما نالَت أُبُوَّتُهُ ** مِـن سُـؤدُدٍ بـاذِخٍ فـي مَظهَـرٍ سَنِـمِ
51 نُموا إِلَيهِ فَزادوا في الوَرى شَرَفاً ** وَرُبَّ أَصلٍ لِفَرعٍ فـي الفَخـارِ نُمـي
52 حَواهُ في سُبُحاتِ الطُهرِ قَبلَهُمُ ** نـورانِ قامـا مَقـامَ الصُلـبِ وَالرَحِـمِ
53 لَمّا رَآهُ بَحيـرا قـالَ نَعرِفُـهُ ** بِمـا حَفِظنـا مِـنَ الأَسمـاءِ وَالسِيَـمِ
54 سائِل حِراءَ وَروحَ القُدسِ هَل عَلِما ** مَصونَ سِـرٍّ عَـنِ الإِدراكِ مُنكَتِـمِ
55 كَم جيئَةٍ وَذَهابٍ شُرِّفَت بِهِما ** بَطحـاءُ مَكَّـةَ فـي الإِصبـاحِ وَالغَسَـمِ
56 وَوَحشَةٍ لِاِبنِ عَبدِ اللَهِ بينَهُما ** أَشهى مِـنَ الأُنـسِ بِالأَحسـابِ وَالحَشَـمِ
57 يُسامِرُ الوَحيَ فيها قَبلَ مَهبِطِـهِ ** وَمَـن يُبَشِّـر بِسيمـى الخَيـرِ يَتَّسِـمِ
58 لَمّا دَعا الصَحبُ يَستَسقونَ مِن ظَمَإٍ ** فاضَت يَداهُ مِـنَ التَسنيـمِ بِالسَنَـمِ
59 وَظَلَّلَتـهُ فَصـارَت تَستَظِـلُّ بِـهِ ** غَمامَـةٌ جَذَبَتهـا خـيـرَةُ الـدِيَـمِ
60 مَحَبَّةٌ لِرَسـولِ اللَـهِ أُشرِبَهـا ** قَعائِـدُ الدَيـرِ وَالرُهبـانُ فـي القِمَـمِ
61 إِنَّ الشَمائِلَ إِن رَقَّت يَكادُ بِها ** يُغرى الجَمـادُ وَيُغـرى كُـلُّ ذي نَسَـمِ
62 وَنودِيَ اِقرَأ تَعالى اللَهُ قائِلُها ** لَـم تَتَّصِـل قَبـلَ مَـن قيلَـت لَـه بِفَـمِ
63 هُنـاكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَـنِ فَاِمتَـلَأَت ** أَسمـاعُ مَكَّـةَ مِـن قُدسِيَّـةِ النَـغَـمِ
64 فَلا تَسَل عَن قُرَيشٍ كَيفَ حَيرَتُها ** وَكَيفَ نُفرَتُهـا فـي السَهـلِ وَالعَلَـمِ
65 تَساءَلوا عَن عَظيمٍ قَـد أَلَـمَّ بِهِـم ** رَمـى المَشايِـخَ وَالوِلـدانِ بِاللَمَـمِ
66 يا جاهِلينَ عَلى الهادي وَدَعوَتِهِ ** هَل تَجهَلـونَ مَكـانَ الصـادِقِ العَلَـمِ
67 لَقَّبتُموهُ أَمينَ القَومِ فـي صِغَـرٍ ** وَمـا الأَميـنُ عَلـى قَـولٍ iiبِمُتَّهَـمِ
68 فاقَ البُدورَ وَفاقَ الأَنبِياءَ فَكَم ** بِالخُلقِ وَالخَلقِ مِن حُسـنٍ وَمِـن عِظَـمِ
69 جاءَ النبِيّـونَ بِالآيـاتِ فَاِنصَرَمَـت ** وَجِئتَنـا بِحَكيـمٍ غَيـرِ مُنصَـرِمِ
70 آياتُـهُ كُلَّمـا طـالَ المَـدى جُـدُدٌ ** يَزينُهُـنَّ جَـلالُ العِتـقِ وَالقِـدَمِ
71 يَكادُ في لَفظَـةٍ مِنـهُ مُشَرَّفَـةٍ ** يوصيـكَ بِالحَـقِّ وَالتَقـوى وَبِالرَحِـمِ
72 يا أَفصَحَ الناطِقينَ الضادَ قاطِبَةً ** حَديثُـكَ الشَهـدُ عِنـدَ الذائِـقِ الفَهِـمِ
73 حَلَّيتَ مِن عَطَلٍ جيدَ البَيانِ بِهِ ** فـي كُـلِّ مُنتَثِـرٍ فـي حُسـنِ مُنتَظِـمِ
74 بِكُلِّ قَولٍ كَريـمٍ أَنـتَ قائِلُـهُ ** تُحـيِ القُلـوبَ وَتُحـيِ مَيِّـتَ الهِمَـمِ
75 سَرَت بَشائِرُ باِلهادي وَمَولِدِهِ ** في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ
76 تَخَطَّفَت مُهَجَ الطاغينَ مِن عَرَبٍ ** وَطَيَّرَت أَنفُسَ الباغيـنَ مِـن عُجُـمِ
77 ريعَت لَها شَرَفُ الإيوانِ فَاِنصَدَعَت ** مِن صَدمَةِ الحَقِّ لا مِن صَدمَةِ القُدُمِ
78 أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِم * * إِلا عَلى صَنَمٍ قَـد هـامَ فـي صَنَـمِ
79 وَالأَرضُ مَملوءَةٌ جَوراً مُسَخَّـرَةٌ ** لِكُـلِّ طاغِيَـةٍ فـي الخَلـقِ مُحتَكِـمِ
80 مُسَيطِرُ الفُرسِ يَبغي في رَعِيَّتِهِ ** وَقَيصَرُ الرومِ مِـن كِبـرٍ أَصَـمُّ عَـمِ
81 يُعَذِّبـانِ عِبـادَ اللَـهِ فـي شُبَـهٍ ** وَيَذبَحـانِ كَمـا ضَحَّيـتَ بالغَنَـمِ
82 وَالخَلقُ يَفتِكُ أَقواهُـم بِأَضعَفِهِـم ** كَاللَيـثِ بِالبَهـمِ أَو كَالحـوتِ بِالبَلَـمِ
83 أَسرى بِكَ اللَهُ لَيلاً إِذ مَلائِكُهُ ** وَالرُسلُ في المَسجِدِ الأَقصى عَلـى قَـدَمِ
84 لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفّـوا بِسَيِّدِهِـم ** كَالشُهـبِ بِالبَـدرِ أَو كَالجُنـدِ بِالعَلَـمِ
85 صَلّى وَراءَكَ مِنهُم كُلُّ ذي خَطَـرٍ ** وَمَـن يَفُـز بِحَبيـبِ اللَـهِ يَأتَمِـمِ
86 جُبتَ السَمـاواتِ أَو مـا فَوقَهُـنَّ بِهِـم ** عَلـى مُنَـوَّرَةٍ دُرِّيَّـةِ اللُجُـمِ
87 رَكوبَةً لَكَ مِن عِزٍّ وَمِن شَرَفٍ ** لا في الجِيادِ وَلا فـي الأَينُـقِ الرُسُـمِ
88 مَشيئَةُ الخالِقِ البـاري وَصَنعَتُـهُ ** وَقُـدرَةُ اللَـهِ فَـوقَ الشَـكِّ وَالتُهَـمِ
89 حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَهـا ** عَلـى جَنـاحٍ وَلا يُسعـى عَلـى قَـدَمِ
90 وَقيلَ كُـلُّ نَبِـيٍّ عِنـدَ رُتبَتِـهِ ** وَيـا مُحَمَّـدُ هَـذا العَـرشُ فَاِستَلِـمِ
91 خَطَطتَ لِلدينِ وَالدُنيا عُلومَهُما ** يا قارِئَ اللَـوحِ بَـل يـا لامِـسَ القَلَـمِ
92 أَحَطتَ بَينَهُما بِالسِرِّ وَاِنكَشَفَت ** لَكَ الخَزائِـنُ مِـن عِلـمٍ وَمِـن حِكَـمِ
93 وَضاعَفَ القُربُ ما قُلِّدتَ مِن مِنَنٍ ** بِلا عِـدادٍ وَمـا طُوِّقـتَ مِـن نِعَـمِ
94 سَل عُصبَةَ الشِركِ حَولَ الغارِ سائِمَةً ** لَولا مُطارَدَةُ المُختـارِ لَـم تُسَـمَ
95 هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعوا ** هَمسَ التَسابيحِ وَالقُرآنِ مِـن أُمَـمِ
96 وَهَل تَمَثَّلَ نَسجُ العَنكَبوتِ لَهُم ** كَالغابِ وَالحائِمـاتُ وَالزُغـبُ كَالرُخَـمِ
97 فَأَدبَروا وَوُجوهُ الأَرضِ تَلعَنُهُـم ** كَباطِـلٍ مِـن جَـلالِ الحَـقِّ مُنهَـزِمِ
98 لَولا يَدُ اللَهِ بِالجارَينَ ما سَلِما ** وَعَينُـهُ حَـولَ رُكـنِ الديـنِ لَـم يَقُـمِ
99 تَوارَيا بِجَنـاحِ اللَـهِ وَاِستَتَـرا ** وَمَـن يَضُـمُّ جَنـاحُ اللَـهِ لا يُضَـمِ
100 يا أَحمَدَ الخَيرِ لي جاهٌ بِتَسمِيَتي ** وَكَيـفَ لا يَتَسامـى بِالرَسـولِ سَمـي
101 المادِحونَ وَأَربابُ الهَوى تَبَـعٌ ** لِصاحِـبِ البُـردَةِ الفَيحـاءِ ذي القَـدَمِ
102 مَديحُهُ فيكَ حُبٌّ خالِصٌ وَهَوىً ** وَصادِقُ الحُـبِّ يُملـي صـادِقَ الكَلَـمِ
103 اللَهُ يَشهَدُ أَنّي لا أُعارِضُهُ ** من ذا يُعـارِضُ صَـوبَ العـارِضِ العَـرِمِ
104 وَإِنَّما أَنـا بَعـضُ الغابِطيـنَ وَمَـن ** يَغبِـط وَلِيَّـكَ لا يُذمَـم وَلا يُلَـمِ
105 هَذا مَقـامٌ مِـنَ الرَحمَـنِ مُقتَبَـسٌ ** تَرمـي مَهابَتُـهُ سَحبـانَ بِالبَكَـمِ
106 البَدرُ دونَكَ في حُسنٍ وَفي شَرَفٍ ** وَالبَحرُ دونَكَ في خَيـرٍ وَفـي كَـرَمِ
107 شُمُّ الجِبالِ إِذا طاوَلتَها اِنخَفَضَت ** وَالأَنجُمُ الزُهـرُ مـا واسَمتَهـا تَسِـمِ
108 وَاللَيثُ دونَكَ بَأساً عِندَ وَثبَتِهِ ** إِذا مَشَيـتَ إِلـى شاكـي السِـلاحِ كَمـي
109 تَهفو إِلَيكَ وَإِن أَدمَيتَ حَبَّتَهـا ** فـي الحَـربِ أَفئِـدَةُ الأَبطـالِ وَالبُهَـمِ
110 مَحَبَّةُ اللَـهِ أَلقاهـا وَهَيبَتُـهُ ** عَلـى اِبـنِ آمِنَـةٍ فـي كُـلِّ مُصطَـدَمِ
111 كَأَنَّ وَجهَكَ تَحتَ النَقعِ بَدرُ دُجىً ** يُضيءُ مُلتَثِماً أَو غَيـرَ مُلتَثِـمِ
قصيدة معارضة نهج البردى للاستاذ الشاعر مفرج السيد من بدر
ظـبــي مــن الإنــس بـيــن الـحــل والــحــرم= رمــى فــؤادي بـســهــم فـاسـتــبــاح دمـــي
يــا رائــش الـسـهــم مــن أهــداب مـقـلــتــه =هــلاَّ رحـمــت فــؤاداً فــي الـصـمـيــم رمــي
أو خـفــت رب الــورى فــي مـهـجــة تـلــفــت =عـاثــت بـهــا أعـيــن مـرضــى بــلا ســقــم
ولاعـــج مـــن سـعــيــر الــشــوق أجَّــجــه= بـعـد الـنـوى فـاسـتـحــث الـعـيــس فــي ســأم
إلــيــه قـــد شـــد مـــن وجـــد رواحــلــه = والـدمــع مــن عـيـنــه يـسـخــو بـمـنــجــم
مـسـافـر فـي فـضــاء الـحـلــم قــد سـبـحــت = أفــكــاره حـــنّ لـلـمـخــتــار مـــن قِــــدَم
يــا حــادي الـعـيــس عـجــل فــي قـيـادتـهــا= واصـل بـهـا الـسـيـر بـيــن الـضــال والـسـلــم
وإذ رأى طــيــبــة الــمــخــتــار بـــــارزة= تـلــوح فــي مـقـلــة الـرائــيــن كـالـعــلــم
وصـاح داعــي الـهــوى والـشــوق فــي سـحــر= هــذي ديــار الـهــوى يــا عـيــن فـالـتـهـمــي
ألـقـى عـن الـرحـل جـسـمـاً قــد ضـنــاه جــوى = وراح نـحــو الـحـمــى يـسـعــى عـلــى قَـــدَم
هـنـاك ألـقـى عـصــا الـتـسـيــار مــن سـفــر= وآدرك الأمـــن مـــن خــــوف ومــــن ألــــم
مـحــمــد صــفــوة الــهـــادي وخــيــرتــه=مــن خـلـقــه بـيــن كــل الـعــرب والـعـجــم
يــا أعـظــم الــنــاس فـــي دنــيــا وآخـــرة = وأكــرم الــنــاس فـــي الأخـــلاق والـشــيــم
أحــلــك الله فـــي الأخــيــار مـــن نــســـب = أبـــاً وأمَّـــاً لأهـــل الـمـكــرمــات نــمـــي
يــا خـاتــم الأنـبــيــاء الـمـرسـلــيــن ويـــا= زعـيـمـهـم حـيـن يـحـيــا الـنــاس مــن رمــم
نــــاداك ربــــك والأبــصـــار شــاخــصــة= أيــــا مــحــمــد عــنـــد الله فــلــتــقــم
وســـدرة الـمـنـتــهــى زادتــــك مــنــزلــة = شُـرّفْــتَ مـــن عـــزة الـمــنــان بـالـكــلــم
أســـرى بـــك الله فـــي لــيـــل لــرؤيــتــه = عـلــى بــراق ســرى كـالـبــرق فــي الـظـلــم
صـلــيــت بـالــمــلأ الأمـــلاك تـقــدمــهــم = فــي بـاحــة الـمـسـجــد الـقـدســيِّ مــن أَمَــم
رفـيــق مـســراك جـبــريــل الأمــيــن غـــدا =لــك الـدلـيــل سـمــا عــن رتــبــة الــخــدم
حــتــى رأيـــت جـــلال الله مـــا وهــمـــت =بـــه الــظــنــون ولا الأهــــواء بـالــتــهــم
ودولـــة ســاســـت الــدنــيــا بـرمــتــهــا =قـامـت عـلـى الـحـق فـي حـيـن الـوطـيـس حـمـي
لـلـجـيــش والـخـيــل فــي الآفــاق هـمـهـمــة = لـمـا عـلـى الـخـيـل شــد الـجـيــش بـالـلـجــم
عـلـيــك قـامــت ودامــت يـــا بـــن آمــنــة = لـلـبــعــث إذ يـنــشــر الــديــان لـلـنــســم
مـلـكــت لـلـديــن والـدنـيــا حــبــاك بــهــا = مــن جــوده فـــوق كـــل الــجــود والــكــرم
ديــــن تــمــلَّــك أرواحــــاً فــألَّــفــهــا= وزاد فـــي قـــرب ذى الـقــربــى وذى الــرحــم
وأمــرهــم بـيـنــهــم شـــورى إذا وجــبـــت= شــورى وإن أوجــســوا مـــن حـــادث عــمــم
دســتــور أحـكــامــه الــقــرآن مـنـهــجــه = مـــن شــرعــة الله لا وضـعــيــة الــنــظــم
وحـكـمــه الـعــدل لا يــرضــى بـمـظـلــمــة= يـعـيــش ظـلامـهــا فــي الـمـرتــع الــوخــم
وســل ســـواداً . فــقــد أبـــدى لـمـوجــعــة = فـقــال خــذ كــل مــا قــد نـلــت واحـتــكــم
أنـــالـــك الله رضـــوانــــاً ومــغـــفـــرة = وجــنــة مـثـلــهــا الإنــســان لـــم يَــــرُم
لــكــن أقــدامــك الــزهــراء قـــد ركــعــت = لـلــه حـتــى شــكــت مـــن وطـــأة الـــورم
ركــعــت لــلــه شــكــرانــاً لـنـعــمــتــه= وكـنــت عـبــداً شـكــوراً فــي مــدى الـقـيــم
تـنـام عـيــن الـكـسـالــى فــي مـضـاجـعـهــم = وأنـــت يـــا ســيــد الأكـــوان لـــم تــنــم
ومـعــجــزات وآيــــات لــهـــم ظــهـــرت = أقــرهـــا كــــل ذي ريــــب ومـخــتــصــم
إيـــوان كــســرى تــهــاوى عــنــد مــولــده = وهــو الــذي كــان فــي الـبـنـيــان كـالْــهــرم
والـنـجــم قــد غــاب مــا كـانــت بـظــاهــرة = مـوجــودة أن يـغــيــب الـنــجــم كـالُّــرجُــم
وشــقـــة الــبـــدر آي مـــــن نــبــوتـــه = مــا كــان فــي أفـقــه يــومــاً بـمـنـقــســم
يــا قـائــد الـغــر وســم جـبـاهــهــم غـــرر = مـحـجـلــيــن بـسـيـمــاهــم مـــع الأُمــــم
هـــي الــصــلاة لــهــم نـــور ومَّــيــزهــم= وضــوؤهـــم زان لـــلأطـــراف والُّــلــمَـــم
يــا أكــرم الـسـائـلـيــن الـشـافـعـيــن عـلــى=نــــوال مــــولاك ذي الأنــــداء والــنــعـــم
نــداك يـــا ســيــدي لـلـمـرتـجــيــن نـــدًى= كـالـبـحــر فــي مــده والـفـيــض مــن ديـــم
لـك الـشـفـاعــات قـبــل الـخـلــق أجـمـعـهــم = والـجـمــع قــد ســال فــي طـوفـانــه الـعــرم
إنــي إلــى نـهـلــة أحـظــي بــهــا بــغــدي =مـن حـوضـك الـمـشـتـهـي الـثـر لــروي ظـمــي
وسـيـلــتــي عــنــد رب الــعــرش أن يــــدي=مُـــدَّتْ لـــه واشـتـيــاقــي جـــد مـحــتــدم
ومــن حـمــى روضـــة مـــن روض جـنــتــه=والــروح قــد أشـرقــت فــي خـيــر مـلــتــزم
فـي مـسـجـد الـمـصـطـفـى الـمـخـتـار مـوقـعـة= مــن بـعــد مـكــة بـيــت الله فـــي الـقــمــم
وأنـنــي مــن ذنــوبــي بـــت فـــي خــجــل = لـكــن قـلـبــي يـنـاجــي فــي سـنــاه فـمــي
يــا رب قـــد جــئــت والأوزار تـكـتـنـفــنــي =وقــد تـحـمـلـتـهــا مــن مـبــلــغ الـحــلــم
بــبــاك الــبــر يـــا وهــــاب أوقــفــنــي = تـقـطــع الـــزاد والإيــغــال فـــي الـعــشــم
فـمــا لــذى الـذنــب مــن ركــن يـلــوذ بـــه= ســواك يـــا خــيــر مــرجــوٍّ ومـعـتــصــم
ضـيـوفــك الـصـيــد يــا جــواد قــد وقــفــوا =بـيــن الـمـشـاعــر نـزَّالـيــن فــي الـخــيــم
بـعــد الـقـصــور الـتــي بـالــعــز فــارهــة = أو الــرءوس الــتــي تـخــتــال فـــي شــمــم
الأرض أضـحــت بـسـاطــاً فــي مـضـاجـعـهــم = والأنــف قـــد ذل لـلـمـعــبــود فـــي رغـــم
تــجــردوا مـــن ثــيــاب غــيــر ألـبــســة= بـيـضـاء فـي الـلـون قـد شُــدَّتْ عـلــى الـحُــزُم
لا فــــرق بــيـــن ســــراة أو ذوي مـــلـــق= وبــيــن ذاك الـفــتــى والـطــاعــن الْــهَــرِم
جــاءوا إلـــى بــابــك الـمــرجــوِّ نـائــلــه =فــي مـوقــف حــافــل بـالــنــاس مــزدحــم
يـرجــون لـلـعــفــو والـغــفــران خـاشــعــة=قـلـوبـهــم يـنـهـضــون الــعــزم بـالـهــمــم
قــد رددوا فــي جـمـيــل الـصــوت تـلـبــيــة= أكــرم بـلـبـيــك فــي الـتـرنـيــم مــن نـغــم
وكـبــرت يـــوم عــيــد الـنــحــر ألـســنــة = تــلــجُّ لــلــه بـالـتــقــديــس والــعــظــم
يــا رب فـاقـبــل مــن الـحـجــاج حـجـتــهــم =واكـتـب لـهـم أجـرهــا فــي الـلــوح بـالـقـلــم
وردهــم فـــي رحـــاب الـخــيــر أوبـتــهــم=لــلأهــل والــــدار والأمــــوال والــحــشــم
يـــا رب إن يـــد الإرهـــاب قـــد عــبــثــت =بـالأمـن فــي الأرض تـقـفــو فـكــر مـضـطــرم
ودولـــة الــشــر إسـرائــيــل قـــد جـــأرت =مـنـهـا فـلـسـطـيــن بـالـشـكــوى ولــم تُـلــم
وفــي الــعــراق انـقـســامــات تـسـبـبــهــا= مـطـامـع فـهـي تـحـيــا فــي لـظــى الـحـمــم
فـــرب مـــن دولـــة لـلــغــرب طـامــعــة =تـرنــو إلــى فـائــض الـبـتــرول فــي نــهــم
كـشـمـيـر تـسـعـى إلــى الـشـيـشــان بـاكـيــة=وبـورمــا تـشـتـكــي والـكــل فـــي صــمــم
يـــا رب إن بــنــي الإســـلام قـــد بــعـــدوا=عـن وحــدة الـديــن كـالـقـطـعــان مــن غـنــم
إن لــم تــعــول عــلــى الإســـلام وحـدتــنــا = نـعــش مــدى دهـرنــا فــي حـــال مـنــهــزم
يــا رب فـاجـمــع عــلــى الإســـلام أمـتــنــا = وشُـــتَّ اعــداءهــا يـــا خــيــر مـنـتــقــم