حين عانقت محبوبتي
تَجْمُلُ الحياة ُ حين ترسم لنفسك أملاً تسعى لتحقيقه وتعيش آملاً أن يتحقق ، وقد كان مازن كغيره من البشر ــ رغم صغر سنه ــ يرسم في ذهنه صورة لمحبوبته يسرح معها وتسامر روحه روحَها ، يسرح بغنمه للرعي مع بزوغ الشمس ، يترك أغنامه ترعى العشب والكلأ ، ويستند بظهره إلى جذع شجرة ، تمتد يده لتأخذ مزماره يشارك الطيور تغريدها ويعزف مقطوعة حزينة يتألم منها الحزن نفسه ، تأتيه عنزته الصغيرة التي ولدت حديثاً واشرف على ولادتها لتتمسح به فيمرر يده على رأسها وظهرها ، فتتقافز فرحة منتشية ، ويبتسم هو ويسرح بعيداً علَّ يوماً يأتي تداعب فيه أنامله خصلات شعر محبوبته التي تنساب على جبينها ، وتلتقي عيناه بعينيها وما أدراك ما حديث العيون .
يفيق من أحلامه على صوت أغنامه فتعيده إلى واقعه ، كان مازن يعطي ضميره إجازة أحياناً ، ويسمح لأغنامه أن تغير على أرض جيرانه لتأكل منها ما تشاء ، ثم تعود مسرعة وكأنها تعرف أن هذا عمل ضد القانون ، تعود لتشكره على صنيعه ، جميلة هي روح التفاهم بينه وبين أغنامه .
يعود مازن مع مغيب الشمس ، تسبقه أغنامه ، يعود إلى بيته ، حيث تلك العشة الرائعة رغم بساطتها ، أمه تخرج أسرة النوم أو ما يسمى بالأسرة مجازاً ، حيث هي عبارة عن خشب وحبال فقط ، وفي ساحة البيت تلقته أمه بسرور وفرح ، يتوسط ساحة البيت فانوس يمنحهم جواً رومانسياً وشاعرياً ، تذكر مازن حينها تلك الابتسامة التي ترتسم على محيا والديه كل صباح ، عندما ينظران إليه لماذا ؟ لم يجد إجابة تقنعه وأفاق من تساؤلاته على صوت أمه تدعوه للعشاء ،
سحب كرسيه وانتحى جانباً في الفناء الواسع ، حيث لا حدود لفناء البيت ، كانت تتناثر بيوت القرية هنا وهناك ، ينادي الجار جاره فيرد عليه من بيته ، لا ضجيج ولا أنوار أو حركات ، تهمد القرية تماماً بعد صلاة العشاء ، فقط تسمع نوح حمامة أو صياح ديك وأحيانا رغاء شاة ، أو احتجاج جمل نسي صاحبه إطعامه ، دوريات من القطط تبحث عن ما يسد رمقها ، عنزات صغيرة تتقافز هنا وهناك ، وهناك بطارية فارغة بجانبها تلفاز أو بقايا تلفاز ابيض واسود كان يشاهد فيه أحيانا بعض أفلام الكرتون حتى فرغت البطارية ، هذه هي حياته .
اكتمل القمر بدراً في تلك الليلة تلألأت السماء بنجومها ، تطلع في لهفة إلى نجمة تتوهج بجانب القمر تبادله أحاديث المحبين وتسامره مسامرة المغرمين ، آآآآآآهةٌ حرى أطلقها مازن وهو يمني نفسه بحديث مماثل مع محبوبته التي لم تزره في منامه إلا نادراً ، محبوبته التي رسم لها في ذهنه صورة فهي بالنسبة له تشبه وجه ( لينا ) ، وعيون (سميرة) وقامة ( عدنان) ، وروح (عبسي ) بدون ضفادع ، لمحة حزن على وجهها تشبه وجه (ريمي) ، وإذا غضبت ذكرته بـ (نامق) ، لها مشية الأميرة (ياقوت) ، ووثبة (الليث الأبيض )، هذه هي حدود تخيلاته ، نام تلك الليلة وهو يمني نفسه بلقائها في المنام وكان له ما أراد .
تقابلا وتهامسا وتعانقت العيون ، تجرأ ومد يده بارتجاف لتلامس يدها ، فشعر بتيار يسري في جسده ــ يشبه ذلك التيار الذي يحس به عندما يسكب ماء البطارية الحارق على رجله عندما تصاب بجرح ــ أزاح خصلة من شعرها تدلت فوق جبينها ، ارتمت بين ذراعيه ....... يا الله لم يكن يحلم بكل هذا ، شعور جميل تملكه .........
حبيبتي .... هكذا ناداها ، وضعت أصبعها على شفتيه قائلة له : لا تحكي ولا تنطق ، فقط دع أرواحنا تحكي ، واترك أعيننا تنطق ، احتواها بين ذراعيه وانثني يقبل جبينها ويلثم خديها ، بادلته الحب حباً والتقبيل لعقا بلسانها ، كاد قلبه أن يقفز من بين أضلعه ليرتمي بجانب قلبها ، ومع تلك المشاعر قرر أن ....................
مااااااااازن !!!!!!!
دوى ذلك الصوت في أذنيه مخترقاً أسوار اللاوعي ومتجاوزاً حجب النوم ليعيده إلى الحقيقة !!
انه صوت والده ، مع صوت آخر يعرفه جيداً ؟؟؟
التفت فإذا والده ينظر إليه على ضوء القمر وهو يبتسم ، وأمه كذلك ،
تساءل بينه وبين نفسه : هل كنت احكي في المنام ؟؟؟
في حركة لا إرادية امتدت يده لتتحس وجهه الذي لعقته محبوبته ، وأدهشه أن وجد بقايا من ريق محبوبته
تذكر حينها الصوت الآخر ....... نعم صوتها
انه يعرفه
0
0
0
0
0
0
0
0
0
إنها عنزته الصغيرة ، لقد كانت تنام معه على سريره ووو.............. انتم تعرفون البقية
لقد كان يبادل عنزته الحب حباً وتبادله هي الحب ( لعقا بلسانها)
الآن .......... والآن فقط عرف سر ابتسامة والديه
لقد كان يعانق عنزته وهو يتوقع أنها محبوبته
لقد عرف سر الابتسامة .......... ومتأخراً جدا
ومن يومها قررت ألا أحب أو أحلم
آآآآآآسف قرر هو ،( أن لا يحب أو يحلم أو يرعى الغنم ))
(( اعتذر إن كدرت مشاعركم )