كان في حديقة منفردة بنفسجة جميلة ،تعيش قانعة بين رفاقها وتتمايل فرحة بين قامات الأعشاب..
ففي صباح وقد تكلّلت بقطر الندى ،رفعت رأسها ونظرت حواليها فرأت وردة تتطاول نحو العلاء بقامة هيفاء...فقالت متنهدة:
ما أقل حظي بين الرياحين ،وما أوضع مقامي بين الأزهار!فقد ابتدعتني الطبيعة صغيرة ،حقيرة ، أعيش ملتصقة بأديم الأرض ولا أستطيع رفع قامتي...
وسمعت الوردة ما قالته جارتها البنفسجة فاهتزّت ضاحكة ثم قالت:ما أغباك بين الأزهار!فأنت في نعمة تجهلين قيمتها. فكوني قنوعاً بما قسم لك واعلمي أن من خفض جناحه رفع قدره ،وان من طلب المزيد وقع في النقصان.
وسمعت الطبيعة ما دار بين الوردة والبنفسجة فاهتزّت مستغربة ثم رفعت صوتها قائلة:
ماذا جرى لك يا ابنتي البنفسجة؟ أنت لا تدرين ما تطلبين ولا تعلمين ما وراء العظمة الظاهرة من البلايا الخفيّة....
فقالت البنفسجة:حوّ لي كياني البنفسجي الى وردة مديدة القامة مرفوعة الرأس....
فقالت الطبيغة:لقد أجبت طلبك ...
ومدّت الطبيعة أصابعها الخفية السحرية ولمست عروق البنفسجة فتحوّلت بلحظة الى وردة زاهية متعالية فوق الأزهار والرياحين.
ولما جاء عصر ذلك النهار تلبّد الفضاء بغيوم سوداء ثم هاجت سواكن الوجود فكسرت الأغصان ولوت الأنصاب واقتلعت الأزهار الشامخة ولم تبقٍِ الا على الرياحين الصغيرة التي تلتصق بالأرض...
ونظرت اذ ذاك مليكة طائفة البنفسج فرأت الوردة التي كانت بالأمس بنفسجة وقد اقتلعتها العاصفة وبعثرت أوراقها الرياح....فنادت مليكة البنفسج رفيقاتها قائلة:
تأمّلن وانظرن يا بناتي . انظرن الى البنفسجة التي غرّتها المطامع فتحوّلت الى وردة لتتشامخ ساعة ثم هبطت الى الحضيض
؟؟؟؟؟؟؟؟