الملاحة في البحار:
(قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعاً وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين)[سورة الأنعام].
وكذلك في نفس السورة (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون ).
هذه الآيات الكريمة تدلنا على الملاحة، وبالأخص عن ظلمات البحر والتي يعرفها البحارة جيداً، حيث يكون البحر مظلماً كالفحم، وذلك لاجتماع ظلمة الليل والبحر والسحاب بالإضافة إلى الرياح الصعبة والأمواج الهائلة إليها فلم يعرفوا حقيقة الخلاص، وعظم الخوف، فتكون ساعة كرب لا تذهب إلا بحقيقة الإيمان، خاصة أن العواصف تكون سرعتها حوالي 39ـ 46ميل /ساعة ومحملة بالتراب فتظلم الجو. ومن معجزات هذه الآية أنها قد جعلت أحد البحارة الأوربيين يدخل الإسلام بسبب " ظلمات البحر " فقد تأكد بعقله الثاقب وخبرته في مجال البحر ومهنه والبحارة بعد أن قرأ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يركب البحر أو يخبره، فكيف وصف حالة البحر بمثل هذا الوصف الدقيق!!
لذا عرف أن القرآن ليس من قول بشر حقاً، فاعتنق الإسلام فوراً. ثم توضح الآية الثانية كيفية التغلب على البحر واختراقه حيث الاهتداء بالنجوم، فنجد أن النجم القطبي والذي يدل على الشمال وتتجه إليه إبرة البوصلة دائماً، وإذا كان الأقدمون يهتمون بالنجوم إذا ضلوا وتحيروا في الطريق فإن الأجهزة العلمية الدقيقة والحديثة كالبوصلة تعتمد بالأساس عليها أيضاً.
وقد قام عالم الجغرافيا الشهير " توم شبرد " بالجمعية الجغرافية الملكية ببريطانيا برحلة استكشافية معتمداً على الصور الفضائية والبوصلة الشمسية معه أحدث الأجهزة العلمية التي وجدت أن حدثت عاصفة حدثت عاصفة لم يستطع أن يميز أو يحدد الاتجاهات فاعتمد بالأساس على البوصلة والتي تتجه دائماً شمالاً تجاه النجم القطبي الشمالي. فضلا عن أن جماعة الصيادين تسترشد بالنجوم لمعرفة موسم ظهور أنواع معينة من الأسماك كسمك السردين في شهر سبتمبر، بأن يظهر" نجم سهيل " حتى يظهر بالفعل وتتكسر موجة الحر مما يؤكد دقة وعمق الآية الكريمة " وعلامات وبالنجم هم يهتدون " سورة النحل : 16. ثم جعل المولى ـ عز وجل ـ الهداية في ظلمات البر والبحر مع تسيير الرياح للفلك من دلائل القدرة وسبباً من أساب الإيمان بالله تعالى واستنكاراً للمشركين على هذه الآية العظيمة والتي ساقها الخالق العظيم لنا واضحة جلية وظاهرة، ثم نجد هناك من يشركون به، عز وجل (أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون)[سورة النمل].
ثروات الخلجان:
(وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً)[سورة الفرقان].
أي اختلطا ولكن مع هذا نجد نهراً فراتاً ـ أي ماؤه عذب ـ " شديد العذوبة " ، وآخر مالحاً " شديد الملوحة " ثم بينهما برزخ ـ أي حاجز ـ يمنع كلاً منهما أن يطغى على الآخر، وهي ظاهرة طبعية موجودة من أقدم العصور، وقد وضحها القرآن وكشف عن أسابها العلم الحديث، وهو : إذا التقى نهران في ممر مائي واحد فماء أحدهما لا يطغى على ماء الآخر، أو يذوب فيه، بل يظل كل منهما مستقلاً عن الآخر، فالماء العذب في جانب والماء المالح في جانب آخر، ويحدث ذلك عند الأنهار القريبة من السواحل حيث ماء النهر يصب في ماء البحر عند حدوث المد البحري، فالماء العذب في جانب والماء المالح في جانب آخرن ويحدث ذلك عند الأنهار القريبة نم السواحل حيث ماء النهر يصب في ماء البحر عند حدوث المد البحري، ولكنهما لا يختلطان، حيث يبقى الماء العذب تحت الماء الأجاج، تأن بينهما خطأ فاصلاً يميز أحدهما عن الآخر، ويمنع اختلاطهما تماماً حيث توجد منطقة حجز مائي، وبالتالي يوجد حجر سمكي، وحجر نباتي بحري، كما صورتها الأقمار الصناعية، كما يحدث عند التقاء نهر النيل بالبحر المتوسط والسبب العلمي في ذلك هو قانون " المط " أوالتمدد السطحي " Tension Surface"وهو القانون الضابط للمواد السائلة حيث الفصل بين السائلين لأن تجاذب الجزئيات يختلف من سائل لآخر حيث الفصل بين السائلين، لذا فإنه يحتفظ كل سائل باستقلاله كل في مجاله: الماء العذب والماء الأجاج . وكمثال مبسط إنك لو ملأت كوباً بالماء فإنه لن يفيض إلا إذا ارتفع عن سطح الكوب بقدر معين حيث إن جزيئات السائل عندما لا تجد شيئاً تتصل به فوق سطح الكوب تتحول إلى ما هو تحتها، وعندئذ توجد غشاوة مرنة على سطح الماء Elastic film حيث تمنع هذه الغشاوة الماء من الخروج عن الكوب لمسافة معينة، وهذا الغشاوة قوية لدرجة أنها لو وضعت عليها إبرة من الحديد فإنها لن تغوص، وهذا هو قانون " التمدد السطحي " وهو نفسه الذي يحول دون اختلاط الماء والزيت في الإناء ، ويفصل بين الماء العذب والمالح كما أخبرنا القرآن الكريم. ثم نجد في سورة النمل (أمن جعل الأرض قراراً وجعل خلالها أنهاراً وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزاً أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون ).
حيث إن الأرض مستقر وجعل ـ سبحانه وتعالى ـ الأنهار حيث الماء العذب النقي، وكذلك فإن جميع الحضارات قد قامت على ضفاف الأنهار: فعلى الدلتا والوادي قامت الحضارة المصرية القديمة، والبابلية والآشورية، حول دجلة والفرات، وكذلك حول اليانجستي في الصين، والأمازون والميسيسيبي في أمريكا، والدنوب في أوربا، والفولجا في روسيا. ومع الحضارة ولدت الحكومة والإدارة والعلم والتنظيم والتخطيط العمراني، بل والدولة بأكملها بجميع أنماط الحياة، ثم جعل الخالق لها رواسي وهي : الجبال، ولابد أن نلاحظ أمراً مهماً جداً وهو : الارتباط الوثيق بين الأنهار والرواسي ـ الجبال ـ والذي في آيات القرآن في سورة الرعد (وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهاراً ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون). وسورة النمل : (أمن جعل الأرض قراراً وجعل خلالها أنهاراً جعل خلالها أنهاراً وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزاً أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون). سورة النحل (وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهاراً وسبلاً لعلكم تهتدون). وهذا الإعجاز القرآني لم يكتشفه العلم إلا حديثاً، حيث إن مصدر ثراء الأنهار هو نحت مياه الأمطار وجرفها لقمة الجبل يمدها بالغرين والطمي حيث تآكل الأجزاء المنحدرة للجبل بفعل المطر والصقيع والشمس ـ التأثير الجوي ـ حيث تندفع إلى النهر فتصير ضفتا النهر أوسع وأقل انحداراً، ثم يؤدي التآكل النهري تدريجياً إلى تكوين واد بأكمله والدلتا والروافد الكبيرة، وهكذا أوضحنا الربط القرآني بين الأنهار والرواسي والدلتات، وحيث لا توجد رواسي ـ جبال ـ مرتبطة بالنهر فإنه يستتبع ذلك انعدام الغرين والطمي فينشأ الماء معدوم الخصوبة، وبذلك تحتاج الأراضي الزراعية إلى مخصبات وأسمدة كيماوية لمعالجة نقص الطمي والذي لا تخفى أهميته كمجدد لشباب التربة كل عام. بقي أن نوضح حكمة الخالق في جعل الأنهار تتشقق من الحجارة (وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله )[سورة البقرة].
في الإشارة إلى تفجير المياه الجوفية المختزنة في الحجارة تماماً كما حدث في قصة سيدنا إسماعيل ـ عليه السلام ـ ثم ننتقل إلى توضيح الربط بين الماء العذب والماء المالح والغرين والطمي لتكوين الأودية والدلتا للنهر عند مصبه في النهر من خلال إعجاز الآيات القرآنية الكريمة
(أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ) [الرعد: 17].
حيث إن ماء المطر قد أجرى الوديان، ثم تحمل الروافد الطين والغرين. ولكن بسبب تباطؤ سرعة مياه الأنهار وإلى أن المادة الطميية ـ الزبد ـ تحمل شحنات كهربية سالبة، ولأن قاع النهر هو الآخر يحمل شحنات سالبة لذا يستحيل أن يستقر في قاع النهر، وبتنافرهما معاً ينتج عن ذلك مزيج رغوي ـ الزبد الرابي ـ حيث يظل يندفع مع مياه النهر أثناء سيره واندفاعه وحركته حتى يصل إلى الماء المالح والذي يحتوي على شحنات كهربية موجبة ناتجة عن كلوريد الصوديوم، لذا ففي منطقة تلاقي ماء النهر والماء المالح تتعادل شحنات الطمي الرغوي فيتحدان حيث يسقط الطمي في قاع النهر ويترسب مكوناً تراكمات طينية عبر آلاف السنين فتحدث دلتا النهر حيث الحضارة والحياة والعمران فضلاً عن تأثير الترسبات وتكوينها معادن الخلجان كالفضة والذهب غيرهما، وحقول البترول والغاز الطبيعي، كما يهاجر إليها كثير من الأسماك لوضع البيض مما يجعل الثروة السمكية تركز على طول السواحل وعند مصبات الأنهار، خاصة أنه يمكن الصيد في مياه النهر وفي مياه البحر، فضلاً عن أن هذه المنطقة قليلة الغور كثيرة الأكسجين بالإضافة إلى حرارة الشمس مما يساعد على فقس البيض وكثرة السمك. ونختم هذا المبحث بثروات الخلجان بتوضيح سورة الرحمن (مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان ) [آية : 19ـ 20].
وإن كان قد أوضحنا العلاقة بين التقاء ماء النهر بماء البحر وما بينهما من برزخ فإن الآيات تحمل إلينا مفاجأة حيث أكدت الحقائق العلمية والاكتشافات الحديثة عن طريق التصوير من الأقمار الصناعية أن المحيط الأطلسي مقسم إلى عدة أبحر متفاوتة الخواص التكوينية والملوحية، وأن ملتقى البحر الأبيض المتوسط مع المحيط الأطلنطي عند مضيق جبل طارق، وكذلك البرزخ الفاصل بين البحر الأسود والبحر المتوسط عند مضيق البسفور والدردنيل، مما يؤكد على أن البحار المالحة أيضاً بينها برزخ يفصل بينها حتى لا تطغى، وذلك لاختلاف الملوحة والخواص التكوينية المستقلة لكل منها كدرجة الحرارة ودرجة الملوحة ودرجة ذوبان الأوكسجين، وهو ما توضحه الآية الكريمة " بينهما رزخ لا يبغيان " حيث ثبت علمياً وبقياسات دقيقة وجود التيارات المائية التحتية في مضيق جبل طارق والتي تفصل بين البحر المتوسط والمحيط الأطلنطي، وذات الظاهرة نجدها في مضيق البسفور حيث الحواجز الصخرية التحتية بين البحرين المتوسط والأسود، وبين المحيط الأطلنطي والبحر المتوسط، فنجد أن هذا البرزخ يجعل استحالة اختلاط مياه البحار والمحيطات بعضها ببعض كما قد أعلمتنا الآيات العظيمة.
نماذج أخرى للاستفادة من البحار والمحيطات :
حيث سنقوم بعرض إمكانية الاستفادة من البحار والكائنات البحرية وذلك لتوضيح بعض المناذج المختلفة لمنافع وإمكانيات البحار والمحيطات، وهي على سبيل المثال لا الحصر، وذلك من منطلق تسخير البحار لنفع البشرية مصداقاً لقوله تعالى : ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً) [البقرة : 29].
وكذلك (وهو الذي سخر البحر).
أولاً :أكدت وكالات الأنباء أن الدولفين يلعب دوراً كبيراً في اكتشاف الغواصات والألغام البحرية أينما كانت، وذلك بعد التدريب بالطبع، حيث تعتمد أنظمة الإدراك الحسي لديه في تحديدها، وذلك عن طريق استخدامه للموجات فوق الصوتية (Ultrasound) بل والعجيب في الأمر حقاً هو استخدام تلك الموجات في الطب حيث المعالجة الطبية والتشخيص المرضي لأعضاء الجسم الداخلية بنفس الطريقة التي يستخدمها الدولفين حيث يسمى القيام بذلك أسلوب " مبدأ النبضة " حيث توليد دفعات قصيرة لاهتزازات ميكانيكية ضمن مجال ترددي معين 3.5 إلى 10 ميجاهرتز، وذلك بواسطة مرحل Transducerحيث تنتشر عبر أنسجة الجسم الداخلية وتولد انعكاساً جزئياً، فتلتقط إشارة الصدى بالمرحل وتتحول إلى إشارة كهربية يتم تكبيرها لإعطاء صورة لهذا العضو، مما يجعل من الدولفين نموذجاً يحتذي به في أجهزة الأشعة فوق الصوتية بل وتطويرها بحيث يمكن دراسة كيفية توليده للموجات فوق الصوتية، والاستفادة منها تكنولوجياً.
ثانياً :إن حوالي 90% من جميع الكائنات البحرية تعيش في المياه العميقة هي كائنات متألقة وضاءة، وبدأ في المختبرات والمعامل العلمية إجراء التجارب عليها للكشف عن آلية الإضاءة لديها والتي تسمى بالتألق الحيوي (Bioluminescence)وقد ثبت أن هذه المخلوقات أشد حساسية من أية أدوات صنعتها يد الإنسان حتى اليوم، حيث قدم عالم الفسيولوجيا الفرنسي رافائل أول سبب علمي لتوليد الضوء، حيث ينتج الضوء البيولوجي على المستوى الجزئي. إذ يجب أن يدفع الجزئ الأول إلى مستوى طاقة أعلى وغير مستقر في آن واحد، وفي الإضاءة الحيوية يحدث ذلك بوسائل كيميائية أو فيزيائية كالضوء فوق البنفسجين ثم عندما يرجع الجزئ لوضعه الطبيعي فإنه يصدر فوتون أو جسمياً من الضوء، والمهم هو التطبيقات والاستفادة العلمية حيث يتم استخدام الإضاءة الحيوية البكتيرية لقياس جرعة الإشعاع التي سوف تتمكن من تدمير الأورام السرطانية بشكل فعال وآمن، كما قام به بالفعل د/ جوزيف مانتل في مستشفى ديترويت بالولايات المتحدة الأمريكية.
ثالثاً :تحلية مياه البحر والمحيطات والحصول على المياه العذبة لأغراض الشرب والزراعة خاصة أن بها من الماء المالح 1370مليون كيلو متر مكعب، وما يتبخر يرجعه إليه المطر في توازن رباني عجيب.
وقد كان البحارة الأقدمون يأخذون ماء البحر ثم يبخرونه ويتم تكثيفه، وسبيلهم في ذلك الوقود والحطب للحصول على الماء العذب سالكين في ذلك مسلك الطبيعة، ثم باكتشاف الطاقة الشمسية وتطويع الذرة للاستخدامات السلمية أصبح الإنسان يستطيع تحلية مياه البحر بأسعار رخيصة، كما أن هناك عدة طرق حيث التبخير ذو الأثر المضاعف أو الممتد المفعول (Multiple effect)وهي طريقة بسيطة وسهلة للغاية، حيث يتم إدخال بخار شديد الحرارة 120مْ مثلاً في إناء به ماء مالح ثم نخرج هذا البخار بعد أن يكون قد سخن الوعاء الأول فيصعد منه بخار وهو عند درجة 105م ليساق هذا إلى الوعاء الثاني الذي به ماء مالح ثم بدوره إلى الوعاء الثالث والرابع حيث الاستفادة من البخار مرة فمرة بخفض الضغط في الأوعية والحصول على الماء العذب، وهناك طريقة البخر المفاجئ، التكثيف بواسطة الطاقة الشمسية، التحلية بواسطة تثليج مياه البحر كما يفعل أهل سبيريا، تحلية المياه المالحة بواسطة اللوحات المسامية والكهربائية وغيرها.
وهذه الطريقة مستخدمة بالفعل في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والتي تحصل في العام على أكثر من 45 مليون متر مكعب من الماء العذب، وأيضاً في الكويت التي تمتلك ست محطات تحصل منها على حوالي 50 ألف متر مكعب ماء عذباً وفي السعودية والبحرين وغيرها من دول العالم المختلفة.
رابعاً :للحياة وحداتها، ووحدة الحياة الخلية والخلية في نسيج، والنسيج في عضو ثم العضو في الكائن الحي، والذي يمثل بدوره وحدة في جماعة أو شعب أو وطن، ولكي ندرك سر الخلية الحية كان لابد أن نعزلها عن المجتمع الذي تعيش فيه وندرس سلوكها، وهذا ما تم مع شعبة الالتئام والتجمع في مستعمرات خاصة، مع فصلها وتمزيقها إلى اثنين ـ أي خليتين مختلفتين ـ مما ساعد العلماء على معرفة سر نشأة الخلية السرطانية وتدميرها للخلية الحية واختراقها من الداخل وإضعاف مقاومتها ثم قتلها والإحلال محلها، وكذلك ندرك لغز تشكيل وتكوين الجنين الذي يأتي من خلية واحدة ملقحة ثم تتشكل حتى توج العلماء بحوثهم في هذا المجال وتوصلوا إلى أسراره وبداياته، وظهر ما يسمى" طفل الأنابيب " كثمرة لتجارب العلماء في هذا المجال، والعلم " علم زراعة الخلايا والأنسجة بعيداً عن الجسم الحي " نتيجة لجهد عالم الفسيولوجيا الأمريكي هـ .ف . ويلسون بجامعة نورث كارولينا الأمريكية، وذلك على مستعمرة إسفنج، ثم بعد ذلك العالم بول جالستوف من معمل بيولوجيا البحار، وتوم همفريز من جامعة شيكاغو حيث مزق الخلايا الإسفنجية فإذا بها لو توفرت لها الظروف والعوامل المناسبة فإنها تحقق رباطات خلوية ولنظمت كل جالية نفسها، ثم لأخذت الخلايا أوضاعها، عندئذ تبدأ في تكون مستعمرة إسفنجية جديدة لا تختلف قليلاً أو كثيراً عن المستعمرة الأم، وقد وجد أن الخلايا المفككة عندما وضعت في ماء بحر خال من الكالسيوم والماغنسيوم فإنها تتآلف أوتترابط، وقد ثبت علمياً أيضاً أن الخلايا السرطانية التي تنشأ داخل خلايا الإنسان قد تتفكك أيضاً إذا لم تجد الوسط الملائم لنموها متمثلاً في الكالسيوم، غير أنها تهاجر إلى موقع آخر بجسم الكائن الحي حيث تكون فيما بينها رباطات خلوية، وهو ما لا يتوفر لخلايا جسم الإنسان، مما أحدث كشفاً لأسباب مرض السرطان وربما مع بحوث أشمل وأعمق نستطيع القضاء على هذا المرض الخبيث بعد أن أفصح لنا الإسفنج عن بعض أسراره.
خامساً :تتميز الأسماك الكهربائية بوجه عام بتوليد نبضات تيارات كهربية بعضها ضعيف حيث الذبذبات المنخفضة، وأخرى تستطيع توليد جهود كهربائية عالية تترواح بين 300ـ 800 فولت، وقد اكتشفها الإغريق والرومان قديماً وعالجوا بها مرض النقرس، على أن ذلك لم يدم طويلاً نظراً لأن هذا التيار العالي الذي تولده سمكة الشفتين البحرية لا يتحمله إلا ذوو البنية القوية، ولكن الطب الحديث قد استلهم ذلك وطور أساليب ووسائل علاجية بالصدمة الكهربائية ولكن بطريقة آمنة، وذلك عن طريق جهاز مقلد التيار (Simulator)لعلاج مرض اضطرابات الدورة الدموية والأمراض العضلية والعصبية.
يتابع