سيرة 32
- لماذا أنتِ وحيدة ؟!
- لأني كذلك .
لا تهربي إلى الأمام ، أسقطي رداء التعوِّد و الإلفه ، هكذا كتب ابن حزم " طوق الحمامة " . في وصاياي الكثيرة أبدو هامشيا أحيانا ، و عديم الجدوى دائما . الرغبات الكثيفة تؤطِّرُ خُطاي ؛ خطاي التي أسرقها من أرصفة متشابهة مطمئنا إلى انعدام القانون الذي يحاسبني على ذلك ، لذا ؛ قررتُ اليوم أن أكتبَ عنكِ أنتِ فقط .. لا أحد سواك .
- لماذا أنتِ صامتة ؟!
- لأني كذلك .
لا تستمري في الموت ، هنا الحكمة ...
" هكذا هكذا: كُلَّما
مَضَتِ امرأةٌ في المساء إلى سرِّها
وَجَدَتْ شاعرًا سائرًا في هواجسها.
كُلَّما غاص في نفسه شاعرٌ
وَجَدَ امرأةً تتعرَّى أَمام قصيدتِهِ... "
- لماذا تحرضني على الغواية ؟!
- أحبُ أن أجعلكِ أبعد من أي شيء ، ليكن لكِ عالمكِ ، و لي عمري الذي يقضي عليّْ .
- هل لي بسؤال ؟
- تفضلي .
- سؤال محرج قليلا .
- إلى حدٍّ ما ، إذا لم يعجبني سأحتفظ بحقي في الموتِ قليلا أيضا .
- أنتَ شاعر ، فلماذا ترددُ كثيرا شعر درويش ؟!
- هذه فقط . كأنه سبقني إليها .
عموما ، محمود درويش ككائن أسطوري باذخ الثراء بزية الذي ينم عن ذوق رفيع ، هي قوة الشعر التي لم أرها تتكررُ كثير . أجدهم مثلا يصورون " أمل دنقل " على أنه أحد الذين ظلموا ، مسحوقٌ هو و بائس ..
هل يريدون من الآخرين أن يبكوا كلما رددوا شيئا من شعرة ، سيقولون : " ما أعظمه ! " ، قبل أن يكتشفوا أنهم يتصفحون كتابا يتحدثُ عن " المطبخ الشرقي " ...
- لماذا تضحكين ؟!
- لأني كذلك .
" أمل " شاعرٌ عظيم ، أفسدناه ببكائنا عليه .
لا تستمري في الحياة ، هذه هي الحكمة ... تقريبا
__________________