لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أجراس

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مسعد الحارثي
    أديـب وكـاتب قصصي
    تاريخ التسجيل
    03 2004
    المشاركات
    235

    أجراس

    خمسون حولا , دقت اجراسها قبل لحظة , بين صخب جرس وآخر تقبع ارتعاشة مرهفة داخل مسرحية طويلة , يشدها قضيبان , هزلي وتراجيدي 0
    كان في تلك الليلة ضجرا , رغب لو تمطر السماء وتبلل الأرض وتنقر بزخاتها هياكل السيارات التالفة وبقايا الأخشاب المهملة وكميات العلب الفارغة المتناثرة علي جنبات الشوارع 0
    كان يحلم ان تمطر السماء وتثير في مشاعره عبق الذكريات الآفلة0
    قاد سيارته باتجاه جنوب المدينة , كانت منظومة من النجوم مصطفة في السماء وقد نسجت عقدا ضوئيا تلاشى سريعا وسط غيوم بيضاء تمزقت كنتف القطن وسمحت لشفافية ضؤ بعيد بالتسرب بين فجواتها الباردة 0
    الأحياء القديمة جنوب المدينة ، تلتصق في بعضها كالتلال الرملية الصغيرة ، وتشيع عبقها الطيب الممزوج بالسكينة ولإستكانة 0
    للأمكنة في هذه الأحياء المتصلة بغوابر الأزمنة حضور متألق في ذاكرته 0
    عبر شارع ضيق ، أفضى به الى حيه القديم ،ها هو مسجد الحي عند بوابته الخشبية نعشان متقابلان لم يتغير مكانهما ، ثم مقهى(عبده اليماني) الذي رحل الى اليمن قبل سنوات وباع المقهى لأحد الهنود0
    توغل داخل الحي ،الى أن وصل لمنزله الصغير الذي تركه قبل ثلاثين عاما ، بسبب عجزه عن دفع اجره الشهري ،مالك المنزل أمهله يومين للبحث عن منزل آخر 0





    ـ آنذاك ـ جلب عشرات الكراتين ، من مرمى مستودعات الأغذية لشحن كتبه ، أما باقي ألأمتعة فأمكن شحنها بكيس صغير ، إبريق شاي من النحاس الأصفر، سخان كهربائي عتيق ، كوب من
    الزجاج الباهت ، فراش من الإسفنج الهابط ، أقلام ، ناي , شريط غنائي ل (فيروز) ، وآخر ل(فوزي محسون) 0
    أخذ يشحن الكتب ذات الحجم الأكبر (الوجود والعدم) يحتاج بمفرده لكرتون 00 (الحرية سابقة للوجود 00 العدم خارج الوجود) سارتر أديب وفنان أكثر منه فيلسوفا ومنظِرا 0
    (تدهور حضارة الغرب) لاشبنغلر ، ثلاثة أجزاء ، تحتاج لأكثر من كرتون (المدينة ليست نواة حضارة سكان المدن يكررون الحياة والموت بطريقة رتيبة وليس لهم علاقة بصنع الحضارة البتة) كيف ؟0
    ستنتهي مهلة اليومين وأنت تقرأ قبل أن يجيبك هذا الموسوعي الجبار على سؤالك ،أما (هكذا تكلم زاردشت) فأقل حجما ويمكن شحنه مع بقية الكتب( على كل سائر أن يكون جسرا للمتقدمين وقدوة للمتأخرين) نيتشه 00 فيلسوف عظيم لا يتكرر 0
    أقلع عن همهماته وانهمك في ترتيب الكتب ، ذات الحجم الأكبر ، ثم الأوسط ، فالأصغر0
    حمل كراتينه المدهشة وكيس متاعه الصغير ، ورحل عن هذا الحي قبل ثلاثين عاما 0
    إيقاعات حزينة وشجية ، تناغمت في فضاء روحه شعر أن ذاكرته تشتعل وتصهر المكان والزمان ، وكأنها تحيل حقبة توارت الى دقائق معدودات 0
    قاد سيارته متجها الى الشارع العام ، ثم سلك الطريق المؤدية الى البحر00 هناك وقف على الشاطئ منصتا لدمدمة البحر0
    فهد الخليوي

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية مجاهد اليامي
    مشــرف سابق
    تاريخ التسجيل
    08 2003
    المشاركات
    1,268


    تطل هذه القصة بظلالها الحزينة من الحرف الأول
    ونتوحد مع بطلها المثقل بهموم نعيشها جميعا ونظل ننزف مع جراحه (جراحنا ) وإن استخدم كاتبها أسلوب الضمير الغائب
    وإن كان بطلها مثقف فأمتعته أغلبها من كتبه التي قرر شحنها ...
    لكن لاغير البحر يغسل مثل هذه الجراح ...


    شكراٌ مسعد لاختيارك ذو الحس الأدبي الرقيق
    مع أسفي لتأخر الرد فأنا مسافر كما تعلم وما زلت بالخارج

    وتقبل تحياتي الجحفانية



ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •