بسم اله الرحمن الرحيم
وفاء فذ من طالب في التسعين من عمره
ما أجمل وفاء الطالب لمعلمه وكم هو ممتع عرفان الجميل وكم في الحياة من طلاب أوفياء إنهم كثير وكثير 0
وفاء الطالب دليل التربية والنجابة ومثلج لصدر المعلم بل يفخر به ويفاخر ويقول هذا من طلابي والطالب يقول هذا أستاذي 0
وقد فخر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقال هذا خالي ( يقصد سعد بن أبي وقاص ) فليرني امرؤ خاله 0
أحبتي في الله مألوف لدى كثير من المعلمين وفاء طلابهم وفي العادة والوفاء من الطلاب لمعلميهم فهم أكبر منهم سنا وتجربة في الحياة والطالب أصغر سنا من المعلم فصار من البدهي توقيره واحترامه و وبذل المعروف له وخدمته 00000
ولكن كيف بك إذا وجدت وفاء وحبا واحتراما وتوقيرا وبذلا للمعروف وحرصا على خدمتك من طالب أكبر منك سنا بخمسين سنة أو ما يقاربها 0
أخي كم هو الوفاء عذب زلال وكم هو الاحترام والتقدير مثلج للصد وكم هي الغبطة والأنس عندما تسمع كلمات الوفاء والحب والتقدير من شيخ كبير طاعن في السن ربما لا يقوى على الحركة إلا بالكاد كيف بك عندما تسمع (ترحيبا حارا وكلمات حب منها سيدي وما صدقت أني اسمع وحيك ( أي صوتك ) وعندما تعانقه وتسلم عليه يعانقك ويقبلك بحرارة الشوق واللقاء وبكل حفاوة وتكريم 0
وفاء وأي وفاء عندما يكون هذا كله من رجل كبير السن في التسعين من عمره ,مواقف شهمة ووفاء يخجل طلاب اليوم وحفاوة وعناية وإكرام أيما إكرام, كم ترددت في ذهني وخاطري العبارات والكلمات وكم قلبتها وحاولت جاهدا صياغتها كي أعبر عن وفاء أحد طلابي وهو في التسعين من عمره0
ذلكم الوفاء العجيب من أحد طلابي الشيخ ( يحيى بن أحمد علي صلوي ) مؤذن في مسجد بقرية الشمهانية العليا يبلغ التسعين من عمره ومع ذلك يقرا القرآن تلاوة من مصحف صغير الحجم وأخبرني بأن مصحفه دائما معه في جيبه يقرا فيه باستمرار0
ولكن كيف أقول إنه من طلابي وعمره تسعون سنة نعم إنه من طلابي درسته في دورة الأئمة والمؤذنين لمدة شهرين ونصف في مطلع عام 1426هـ عندما أقيمت الدورة المسائية في مدرسة الطوال المتوسطة والثانوية ضمن أنشطة وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد 0
إخوتي قصتي هذه حقيقة عشتها يوم الجمعة الموافق 1-5-1428هـ وذلك أني ألقيت خطبة الجمعة في جامع الشمهانية العليا وبعد الصلاة قابلني الشيخ مقابلة الطالب لمعلمه مرحبا وسلم بكل حفاوة وكلمات على الفطرة معبرة وهو يقول ما صدقت أني سمعت صوتك (فاعرفتوك) سيدي وأخذ يقبل صدري ويسألني عن حالي وأخباري ثم ألح علي إلحاحا شديدا كي أتفضل معه في بيته وما كان مني إلا أن أكرمته وذهبت معه إلى منزله فأعد لي المكان وأكرمني بالماء والشاي وأخذ يتحدث معي ويقص على بعض أخبار القدماء وكيف كانوا يعتنون بالمسافر ويعدون له الماء عل الطريق عند الآبار وهو واحد من هؤلاء وقال لي بأنه كان يسري بالولب (أي الدلو) ليضعه على البئر بعد أن يملأ البلبلة ( جرة كبيرة ) بالماء يترك الدلو على البئر لمن قدم ليلا ليستخرج له ماء من البئر 0
وأهدى لي هدية قارورة سمن من صنع بيته بل فيها الأصالة في الصنعة والذوق المميز ثم استأذنت منه فودعني بكل حفاوة وتكريم 0
فخرجت من عنده متعجبا لحرصه ووفائه وحرارة لقائه وسلامه 0
وكم كان بودي أن أكتب عن هذا لوفاء يوم الجمعة فلم يتيسر لي إلا الليلة
فلكم أن تتصوروا وفاء الشيخ الكبير لمعلمه كيف سطره الشيخ يحيى بن احمد صلوي حفظه الله وغفر له ولوالديه ووفقه لما يحب ويرضى وصلى اله وسلم على نبينا محمد