ساعة محمد عبده ...................
فنان العرب (محمد عبده)..
لا يزال صوتا رخيما (كالطائر الجواب)، وحنجرة بارعة السلطنة فصيحة (العُرب)، قادرة على الإدهاش مزدوجة الخاصية كانعكاس الماسة المشع أو المغناطيس الجاذب.
ليليا.. نشاهده بالقنوات الفضائية..
أما في (روتانا خليجية) فتتسلط عليه الأضواء.. كما يسلط (الطبيب) المجهر على شريان الحياة..
(ساعة كاملة).. نتذوق (محمد عبده)..
ساعة، تنبئ غالبا عن شعور عميق وتحليل نغمي تميز بنبرة تأتلف تنظيما إيقاعيا غير خطي أو هرمي، دقيقا لأطوار النفس والحياة..
ـ اقرأ.. للباحث الأكاديمي الموسيقي الدكتور (محمد الدربي) فأدرك أن (الرخامة.. والنبر.. والتنغيم) هي حصيلة حركة (في صوت محمد عبده)، عززت (التلاقي المعرفي) لشخصيته في أوجه التداخلات المختلفة التي اجتمعت في (موهبة وملكة نادرة)، تهيأت منذ نصف قرن في التعبير عن مشاعر بعيدة الغور..
ـ حين يغني (السامر)، وسواه من (الألوان) يبحث عن (سمو العاطفة) فيقترب من الوجدان، لأنه خلق لدى السامع (لذة أو تخييلا أو انفعالا)، استجلب التزاوج بين شخصيته وبين الشعور في ألحان الملذة وألحان المخيلة، وألحان الانفعال (الرحمة.. الحزن.. الأسف) في تلاقٍ بين:
1ـ النموذج اللساني الصوتي الحديث العريق..
2ـ والمعطى الصوتي العربي القديم (الأصيل)..
3ـ والتجسيد الوطني الشعوري الفطري والإنساني العاشق للجمال.. العاشق (للسلطنة والتطريب)..
ـ (محمد عبده)
لا يزال يستنطق اللفظ العذب والكلمة الفياضة بعاطفة وروح وبزاد من الفكر وذخيرة من الشعور..
لا يزال، حريصا على تأصيل (المبادئ الثقافية للصوت) مفتخرا بقيمه ووطنه وأهله، في زمن سقطت فيه الأصوات في (هلامية الكلمة والنغم)، وعاشت أذواقنا نضوبا في مجال (الدرس الصوتي العفيف) المتذوق، فاحتكمت الأغنية السريعة (للفيديو كليب) الذي (غالبا) ما يختل شرط إئتلافه بين النغمة والسلطنة والنبرة، فينشأ التنافر ضمن المنظور الذي ميز علم الموسيقى وفن الغناء، باعتبارهما مبنيان على (العلوم الطبيعية والقواعد الرياضية)، بحيث تتركب منهما ألحان تستسيغها الآذان حين تكون مبنية على موازين وموازير موسيقية تكسبها طلاوة وتطريبا، أو تتباين الأزمنة فيكون الأداء نشازا (عزفا على الآلة أم غناء)..
ـ إذن.. فنان العرب (محمد عبده)..
يتخذ في ذلك الملكوت الدهشة، لأنه صوت لا يغادر الحنجرة.. إنه زمن.. له زمن.. له مزاجه الخاص ومواهبه الجمة وقدراته وملكاته ومهاراته.. يمليها عليه (برزخه الأدائي) المثال..
لأنفاسه.. نضارة الشباب الدائم.. وعلى شفتيه حمرة العافية..
عندما ترى وجهه (يطل) يدق قلبك.. فتتسارع دقاته.. وتحس أن (التطريب) في شخصيته (لغة مجلجلة) تفرض الرؤية حتى تطبع الصورة في ذهنك.. وحتى يستفيق متذوقوك من ذهول أو هتون شاردة، لأنك مزهر.. رابض على أجنحة قلوبنا، وأجنحة الحمام واليمام في منأى بعيد عن مراوح الطواويس وزخارف الزرافات الممتدة في سرد وإسهاب (أعناقها)..
بقلم د / عدنان المهنا