لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أَبِيْ وَامَّطَاوَعَة.. بقلم الشاعر ابراهيم طالع الألمعي

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية فراس
    مستشار إداري
    تاريخ التسجيل
    06 2003
    المشاركات
    4,009

    أَبِيْ وَامَّطَاوَعَة.. بقلم الشاعر ابراهيم طالع الألمعي

    أَبِيْ وَامَّطَاوَعَة..
    فائدة : كلمة (مطوع) من (طَوَّعَ غيره)، وليست من (أطاع).
    أشكُّ - كثيرا - في قضيَّة صراع الأجيال القديمة قِدَمَ الإنسانية، وهذه القضية مختصرة في أنَّ كلَّ جيلٍ يعتبر مَنْ بَعْدَهُ أقلَّ منه من الناحية القِيَمِيَّة وتعريفها والتمسك بها وحبها، ومن حيث القدرات، وكل جيل جديد يعتبر مَنْ قبله كذلك. ومن هنا أتساءل من خلال قصة أعايشها الآن وأنا أكتب هذه الزاوية.
    أبي الـتِّسْعِيْنِيّ المقعد المتديِّن والعالم بفطرته، الأميّ (لحسن حظِّه) زوّج ابنته أحَدَ شُبَّان القبيلة، وضمن ترتيبات الزّواج دارت بين أبوي الزوجين حوارية دراميّة كنت أتتبعها بمتعة وهدوء، بعد أن قررت فرقة ألمع للثقافة والتراث إحياء الليلة بطريقة تراثية يدَّعون أنني أستحقُّ إسهامهم الرائع بـها. والد الزوج محرج من بعض أحبَّتنا الشَّباب الملتزمين الذين يفقهون أنَّ الحياة لعب ولهو، وأن مفهوم اللعب واللهو يتناقض مع الجدِّيَّة والتديّن، وبالتالي فلا داعي للحياة لأنه لا داعي لِلَّعبِ واللهو !! ويسعون جاهدين إلى مطاردة مناسبات الأفراح لتحويل فنون الشعب وأفراحه إلى محاضرات دينية ووعظ وإرشاد وتنبيه العروسين في ليلة زواجهما إلى تحويل مشاعرهما إلى الموت وعذاب القبر وأهوال جهنم والقيامة.. اقترح الرجل على أبي ألا يكون هناك فرصة للسامرين لأداء أفراحهم الشعبية المحببة لأنه محرج ومستحٍ من بعض أفراد القبيلة الذين يحملون ذاك التفكير. وهنا كانت متعتي في حوارهما، فأبو الزوج في قرارة نفسه يحب الحياة، وبأصالته يعشق فنونها التي تعبِّر عن شخصيته ومكانه، وهو حراث ماهر يجيد غناء الحرث وراء ثوريه وأذكره وهو يؤدي هذا الغناء وغيره في صفوف الرجال، لكنه يذكر لأبي أنه محرج من بعض مطاوعة أبنائنا أولئك فقط، وليست القضية بالنسبة إليه قضية مبدأ تحريم فنون الشعب التي تحمل قيم الحب والجمال !!
    أبي يحاوره بكل استغراب: يا محمد، هل أنت في عقلك؟؟ (أروِّح ابرتي بلا سَمْرَة؟) لم يستوعب الرجل زفاف ابنته إلى زوجها دون ثقافته التي تفرح بجدَّيّةٍ للفرح، كما تتقنُ كثيرا البكاء للحزن !!
    وهما يتحاوران كنت أستعرض بذاكرتي ما نراه صيفا وشتاء من مطاردات للأفراح من بعض شبابنا الذين تلبَّسوا بالدعوة بفقههم الخاص الذي لا يتجاوز حفظ نصوص لا ترتقي أفهامهم إلى فقه سياقاتها والتفريق بين درجاتها وخاصها وعامها وناسخها ومنسوخها، ولا حتى يفقهون معاني ومقتضيات (الأمر) في علم البلاغة والأصول، فلو قلت له: (إنّ في القرآن فعلا للأمر يقتضي الإباحة لحاول مجالدتك)، ويعتبرون أن من استطاع تحويل أحد الأفراح إلى منبر وعظي وخطابي قد أفلح في جني أجر عظيم، وحقق أمام زملائه نجومية عالية تحسب له!.
    أيها الأحبة: لسنا غرباء في هذا البلد على الدين، فآباؤنا هم من حملوه ونشروه في العالم، لكنَّ غربتنا عليه جاءتنا قبل بضعة عقود عندما فرض علينا فقه عادات خاصة بمكان ما على أنها فقه الدين الصحيح، وما نعانيه اليوم هو حصاد تلكم العقود المظلمة. فدعوا الناس يفرحوا ويمارسوا قيمهم الشعبية العريقة عراقة أصلهم ودينهم، دعوهم يفرحوا فإنَّ أحزانهم لابد منها، فلماذا نخاتل الأفراح إذا وجدت ونحن لا نستطيع مقاومة الأحزان؟.
    ولْيُصدِّقْني شبابنا الرائعون - إلا في فقههم - من أولئكم المحتسبين أن كبار مصلحي الأمم ينتشون كثيرا لأفراح أهليهم وشعوبهم، كما يحزنون لأحزانهم.
    وأخيرا: أيهما المحق: أبي الذي لم يفهم زفاف ابنته بلا فرح قيمي شعبي، أم أبٌ أرادَ أن يجامل حضارةَ مطاردة الأفراح للقضاء عليها ؟؟ ولي في موضوع (المطاوعة) زوايا وخبايا قادمة بإذن الله.


    المصدر جريدة الوطن

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية ديوانك وطني
    تاريخ التسجيل
    10 2004
    الدولة
    الحجاز
    المشاركات
    9,432

    رد: أَبِيْ وَامَّطَاوَعَة.. بقلم الشاعر ابراهيم طالع الألمعي

    أيها الأحبة: لسنا غرباء في هذا البلد على الدين، فآباؤنا هم من حملوه ونشروه في العالم، لكنَّ غربتنا عليه جاءتنا قبل بضعة عقود عندما فرض علينا فقه عادات خاصة بمكان ما على أنها فقه الدين الصحيح، وما نعانيه اليوم هو حصاد تلكم العقود المظلمة.
    كم منهم هو أشدّ اخلاصا لفقه عادات المكان منه لفقه الدين الصحيح ..


    ولْيُصدِّقْني شبابنا الرائعون - إلا في فقههم - من أولئكم المحتسبين أن كبار مصلحي الأمم ينتشون كثيرا لأفراح أهليهم وشعوبهم، كما يحزنون لأحزانهم.
    صدق والله ..

    شكراً لك أخي فراس ..

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •