لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: إطلالة على الأسرة عبر التاريخ

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية رديمة

    *¨`*:{سيدة المكان}:*¨`*
    رحمها الله رحمة الأبرار
    تاريخ التسجيل
    10 2003
    الدولة
    منتديات صامطة
    المشاركات
    31,152

    إطلالة على الأسرة عبر التاريخ


    عرف المجتمع البشري نظام الأسرة منذ بداياته الأولى منذ عهد آدم أبي البشر عليه الصلاة والسلام الذي خاطبه ربه سبحانه وتعالى غير مرة في القرآن الكريم خطاباً أسرياً، قال تعالى : ( وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة ) (البقرة:35) بل إن هذا الخطاب الأسري كان مع خلق آدم مما يشعر أن نظام الأسرة والاجتماع نظام فطري، قال تعالى: (يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إنّ الله كان عليكم رقيباً) (النساء:1).

    وقال أيضاً: ( هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها ) ( الأعراف:189) ، وهذه الآيات وغيرها تفيد أن الإنسان اجتماعي بطبعه ولذلك لم يتركه الله عز وجل وحيداً بل جعل له من جنسه من يسكن إليه ويجتمع معه.

    وإذن فأقدم أسرة في تاريخ البشرية هي أسرة أبينا آدم عليه السلام الذي عمّر طويلاً ومات بعد أن رأى من نسله أربعمائة ألف نسمة - كما يذكر أهل التاريخ - وهذا يعني أن آدم عليه السلام ترك مجتمعاً كاملاً رسّخ فيه نظام الأسرة وفضائل العمران والاجتماع ، ووصى لابنه شيث فورث عن أبيه النبوة والفضل وكان من نسلهما إدريس النبي الذي عاش من عمره ثلاثمائة سنة مع آدم عليهما السلام حتى لحق آدم بربه ، فتوارث الأنبياء علم أبيهم ومنهجه في هذا المجتمع الإنساني الذي ترك .


    ثم كان نوح بعد ذلك واستمرت معه مسيرة الأسرة ، وقصة أسرته عليه السلام معروفة منثورة قد ذكرها القرآن الكريم في غير موضع وذكرتها كتب التاريخ، وكان الطوفان ، وكانت من بعده الشعوب والقبائل ، وانتشر الخلق في أنحاء الدنيا يتوارثون نظام الأسرة جيلاً بعد جيل ، وإن اختلفت أشكال أسرهم وطرق اجتماعها ، لكنها بقيت أسراً مبنية على ذكر وأنثى - رجل وامرأة - يتزاوجان وتكون لهما ذرية ، وسواء كانت الزوجة أخت الزوج - كما كان على عهد آدم عليه السلام في أبنائه - أم كان الزوج يجمع - والتعدد قديم قدم البشرية - بين الأختين ، أو بين الأقارب ، أو ما شابه ذلك مما تثبته كتب التاريخ.

    والمهم أن نظام الأسرة وجد مع وجود البشر وهو مستمر ما دام للبشر وجود على الأرض ، ومن يُرِد أن يتتبع الأسرة ونظامها عبر التاريخ فلينظر في سير الأنبياء منذ آدم وأسرته وشيث وأسرته وإدريس وأسرته ونوح وأسرته وإبراهيم وأبنائه من الأنبياء وأسرهم … إلى محمد وأسرته صلى الله عليهم وسلم باعتبار أن الانبياء والرسل هم عيون البشر ، وهم أشرف الخلق عند الله عز وجل، وهذا بحث إن عمدنا إليه يطول ولكننا سوف نعمد إلى الأسرة عند بعض الشعوب ونبسط الحديث عنها، ونختار أولاً:






    الأسرة عند الفراعنة



    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



    الفراعنة من أقدم الشعوب ، وحضارتهم من أقدم الحضارات إن لم تكن أقدمها، وهيكل الأسرة على عهد الفراعنة واحد، وإن اختلفت قدسيتها من فئة إلى فئة ومن طبقة إلى طبقة ، ففي طبقة الحكم يعني مولد ملكٍ مولد إله ، وهناك نرى "آمون" يأخذ شكل الفرعون الحاكم ويضاجع الملكة الأم وبعد هذا الزواج الإلهي يشكل "خنوم" الطفل المقدس، فتتم الولادة على أيدي الربات الحكيمات ويقدم الطفل الحديث الولادة إلى "آمون" والده وترضعه الحتحورات السبع ، وتعمّده الآلهة ، ولنفسح قليلاً لمعجم الحضارة المصرية القديمة ليحدثنا عن الزواج والأسرة والحريم وغيرها من موضوعات تتعلق أساساً بنظام الأسرة .

    فأما عن الزواج عند الفراعنة ففي المعجم ص183 وما بعدها نقرأ الآتي :

    الزواج عند الفراعنة:

    كان من تعاليم أحد أبناء خوفو: "إذا كنت رجلاً ذا أملاك، فليكن لك بيت خاص بك، ولتقترن بزوجة تحبك، فيولد لك ابن " . وبعد ذلك بألفي عام ، قال حكيم آخر : " تزوج عندما تبلغ العشرين من عمرك ، كي يصير لك ابن وأنت لا تزال صغير السن"، وقد طُلب من حتحور الخيرة،



    أن تعطي : " الأرملة زوجاً، والعذراء مسكناً "، وكان من واجبات الرؤساء الإقطاعيين "أن يقدموا الفتيات الصغيرات إلى العزاب ".

    وإذا كان لنا أن نصدق القصائد الغرامية، فقد كان المصريون يتوقون إلى تزويج أولادهم، وكانوا يسمحون لأبنائهم بالاختيار ، وكانت الزيجات بالأقارب ذوي الدم الواحد هي القاعدة، تقريباً، في العصور الهيلينستية، ولكن هل كانت الحال كذلك في العصور السابقة؟ الحقيقة أن كلمتي "أخ" و"أخت" قد استُعملتا في القصائد الغرامية، بمعنى "العشيق والعشيقة ".

    ولكن بتحليل أشجار العائلات لم تتضح أية أمثلة معينة لزواج اثنين من أب واحد، وكان الزواج القانوني بالمحرمات امتيازاً ملكياً، وكان الإله الموجود على الأرض كثير الزوجات، وله حريم من الملكات ومحظيات نبيلات المولد، وأميرات أجنبيات.

    كان الزواج باثنتين من الأمور النادرة بين البشر العاديين، أما الأغنياء فكانت لهم محظيات من الإماء فضلاً عن المسماة "محبوبة البيت" (انظر الأسرة والنساء في المعجم).

    ولم تذكر المصادر التي استقينا منها المعلومات، تلك الطقوس التي تبارك الزواج، ولكنها تدل على بعض عادات شرعية ذات صلة بالزواج، فمثلاً ميزت الإدارة بوضوح، في المستندات الرسمية، بين الأعزب ذي المحظية وبين الرجل المتزوج؛ إذ كان على العاشق أن يأخذ الهدايا إلى بيت فتاته؛ وكان بوسع الزوج أن يحوّل ثلثي ممتلكاته باسم زوجته (لتصير ممتلكات أولاده بعد مماته)؛ وكان الزنى بامرأة سبباً للطلاق وقد يؤدي إلى حرق الزانية وهي مقيدة؛ وكان الزوج يدفع تعويضاً إذا أراد أن يطلق زوجته؛ وأخيراً إذا لم ينجب الزوجان أولاداً أمكنهما اتخاذ أمة صغيرة السن، فإن ولدت للزوج أولاداً أمكن جعلهم شرعيين بالعتق عند وفاته...




    ومن بين ملكات الدولة الحديثة من كانت زوجة لفرعون ووالدة لأولاده، وفي الوقت نفسه كانت "زوجة الإله آمون" لأغراض الطقوس الدينية .


    بيد أنه في عصر لاحق من عصور الملوك الكهنة (الأسرة الحادية والعشرين) ظهرت إحدى العادات التي لا يُعرف منشؤها، واقتضت تكريس ابنة الملك زوجة لذلك الإله، وحتمت عليها أن تبقى عذراء وظل هذا الزواج الإلهي على الطريقة البابلية مدة طويلة أمراً غير مفهوم لنا رغم رواية "هيرودوت"…


    وكانت الزوجة المقدسة زوجة لآمون وحده، وأضفت على عبادته عنصراً جنسياً خفيفاً، إذ كانت تبهج الإله بجمالها وبموسيقى صلصلتها، وتجلس فوق ركبته وتلف ذراعيها حول عنقه، وكان لها بيت، وتُمنح خدمات خاصة وأراضي وجميع مخصصات فرعون الرسمية . بيد أن سلطتها كانت روحية أكثر منها سياسية، وعادة ما تتبنى أميرة صغيرة السن لتخلفها، وكان على كل حاكم جديد أن يقدم واحدة من أسرته لتكون الوارثة المزعومة للزوجة المقدسة الحاكمة، ويتألف بلاط تلك الزوجة من حريم مكون من محظيات آمون . وكانت خادمات الزوجة المقدسة عذراوات مثلها ويتبنين فتيات خلفاً لهن .

    وبعد هذا الحديث الضافي في معجم الحضارة المصرية القديمة عن الزواج ننتقل إلى اقتباس آخر منه عن الحريم ص 135 وما بعدها:

    الحريم Harem : أفرد النبلاء أقساماً من بيوتهم للنساء، ويمكن أن يطلق على المناظر المرسومة على الأوستراكا التي تبين الحسان يتبرجن، اسم "مناظر الحريم".

    بيد أن هذه لم تكن غرفاً للحريم بالمعنى المتداول، ومما هال هيرودوت أن النساء المصريات كن يسرن بحرية في المدن وفي الحقول، وقرب الفيوم (حيث كان الفرعون يذهب لصيد الحيوان)، وفي منف، وفي أماكن أخرى، كان للفرعون "حريم" بالمعنى الحقيقي (هذه الكلمة مشتقة من الحرمانية) كانت تختلف تماماً عن الصورة الكلاسيكية للحياة الفاترة في الحريم الشرقي، وكانت أماكن الحريم، في الدولة الحديثة واسعة وخُصصت للإنفاق عليها أوقاف وضرائب معينة، وكانت الملكات يذهبن إليها ويقمن بها، وكان صغار الأسرى من الأجانب والمستوطنين يربون في "الحريم".

    وتقضي السيدات وخادماتهن وقتهن بالحريم ، في النسج على نطاق صناعي ، ويشرف على ذلك البيت هيئة كاملة من الرجال، تتألف من مدير ومشرفين وكتبة ومحصلي ضرائب وممثلين تجاريين وحراس، ولكن يبدو أنه لم يكن هناك خصيان .

    وإذا كان هذا هو الحال عند الفراعنة في الزواج والزوجات والحريم فما هو الحال عندهم في الأسرة؟ هذا ما تحدثنا عنه تلك الصفحات الخاصة بالأسرة، في معجم الحضارة المصرية القديمة ص29 وما بعدها:-



    الأسرة :

    لا ينبغي أن نندهش اليوم للأسرة المصرية القديمة ، فلا شيء فيها من أفريقيا البدائية ، وتختلف عاداتها عن العادات الشرقية . إذ كانت الوحدة الاجتماعية العادية هي الأسرة الصغيرة المستقلة، وتتكون من زوج وزوجة يتمتعان بقسط وافر من الحرية الشخصية والمالية، ومن أطفال تحت رعاية الوالدين، ويتفق مع ضيق دائرة هذه الأسرة، عدد قليل قلة غير عادية من الألفاظ تعبر عن درجات القرابة. فهناك ثماني كلمات ليس غير (أي نصف العدد الموجود في مجموعة الألفاظ الهندوأوربية القديمة). فإذا أردنا أن نعّبر عن ابن العم وجب علينا أن نقول ابن أخي الوالد، أو إذا أريد التعبير بأدب قلنا "الأخ" (وهذا لا يُرضي عالم الآثار المصرية المهتم بسلاسل الأنساب).

    فإذا ما عقد العقد، صار الشاب رأس الأسرة، لقد أسس أسرته واتخذ لنفسه زوجة تلد له الأطفال، وإذ ارتقت زوجته إلى درجة "ربة الدار"، فإنها تقاسمه مسكنه وقبره، وتبقى أملاكهما مقسمة بينهما وتقسم بين الأطفال في الوصية. ويستقل كل جيل بنفسه بدنياً ومادياً. لذا لم يكن هناك اسم أسرة، بل مركز مدني موجز. وتضيف السلطات المدنية ذكر الأب إلى الاسم الشخصي (س ابن ص)، بينما تذكر النصوص الجنائزية اسم أحد الوالدين أو الآخر، تبعاً للعادة السائدة، وكثيراً ما يضاف اسما الوالدين كليهما، فيقال: س ابن ص ولدته ربة الدارع.

    وفي حقبة متأخرة، أخذ وجهاء القوم يعددون أنسابهم وجدودهم النبلاء والكهنة في قوائم هيروغليفية طويلة. ولم تكن هناك عبادة حقيقية للأسلاف، وإنما كان الابن الأكبر يشعر بأنه ملزم بدفن أبيه، وكان يعتبر مما يشرفه أن يقيم له تمثالاً في معبد مدينته، فيأتي أقرباؤه للاحتفال عند قبره بين آونة وأخرى.



    أما استمرار الطقوس الجنائزية فكانوا يعهدون به إلى أحد الكهنة أو عطف أحد المارة. ولا شك أن أفراد الأسرة كانوا يرحبون من آن إلى آخر بجدة مترملة أو أخت ليس لها زوج، وكان الود الاجتماعي أو الاهتمام الخاص مما يعمل على اتساع أفق الصلات المنزلية. فبوسع خالك أن يساعدك في حياتك؛ وقد تأسست كهانة طيبة على شبكة كاملة تتألف من الأحلاف، فقد تضم القبور أو اللوحات الحجرية جماعة كاملة من الآباء والأمهات والأصدقاء والأقارب، والأتباع والرفقاء.

    لا شك أنه كانت هناك مشاجرات من أجل المواريث، كما كانت هناك قلوب خائنة. غير أنه على العموم، يمكن الاستنتاج من تواريخ الحياة، ومن أدب الحكمة، والخطابات الموجهة إلى الموتى وجماعات الأسرة في الجبانات، وتماثيل الزوجين جنباً إلى جنب وأولادهما عند أقدامهما، أن المصري العادي كان مخلصاً لبيته، الذي كان دائرة ضيقة، وهادئاً ومحترماً، وحظيرة آمنة، وكانت الخصائص العادية، هي: احترام الأمهات، وتبجيل الأم في الأسرة الكبيرة، وحب الأطفال إلى درجة العبادة والاهتمام بمستقبل الابن، والاهتمام باحتياجات النساء واحترام حكمة الحكماء. "أحب زوجتك في إخلاصك لبيتك، كما هو واجب عليك، أطعمها واكسُها، واسع إلى ما يُدخل السرور على نفسها ما دمت على قيد الحياة".



    يتبع >>>

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    بارك الله فيك حفيدي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية رديمة

    *¨`*:{سيدة المكان}:*¨`*
    رحمها الله رحمة الأبرار
    تاريخ التسجيل
    10 2003
    الدولة
    منتديات صامطة
    المشاركات
    31,152

    الأسرة عند اليهود

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



    يقول الدكتور جمال حمدان في كتابه عن اليهود (ص:117) :

    "طوال عصور التاريخ وفي كل البلاد والأقاليم ارتبط اليهود كقاعدة بلا استثناء بالعزلة السكنية في حي خاص من المدينة "الجيتو" Ghetto كما يقال له في كثير من بلاد أوربا وأمريكا أو حارة اليهود في ألمانيا Judengasse وفي مصر وسوريا حارة اليهود وفي أسبانيا اليوديريا Juderia أو هو الملة كما في مدن المغرب العربي Mellah أو القاع قاع اليهود كما في اليمن".


    وفي هذا الجيتو الرهيب كانت تعيش الأسرة اليهودية منعزلة عن العالم ولكن ما لبث هذا الجيتو أن خفت صرامته وعزلته باختلاط اليهود مع العالم أو مع الجوبيم كما يسميهم اليهود أنفسهم، وإن زعم اليهود - لأهداف سياسية - أن جنسهم ظل نقياً وأنهم من أبناء إسرائيل إلى يومنا هذا، وهذا زعم باطل شكلاً وموضوعاً كما قرره الأنثروبولوجيون أخيراً.

    وعلى ذلك فالأسرة اليهودية تشبه أخلاط الأسرة التي يعيش بينها اليهود في كل مكان، وإنما الذي يميز اليهود من غيرهم أنهم وحدة دينية منعزلة وأن دينهم دين مغلق لا يقبل الدعوة إليه، وباختلاطهم حصل التزاوج والتحول كما قرر هذا الأنثروبولوجيون ابتداءً من "كين" إلى "ربلي" Ripley إلى "كون Coon .



    ولكن عادة الزواج المبكر جداً بين اليهود كانت مسؤولة عن انحطاط المستوى الصحي بينهم، وهذا الزواج كان علنياً أحياناً وسرياً أحياناً أخرى أو على شكل علاقات جنسية غير شرعية، وقد ارتفع التزاوج المختلط بين اليهود والجوبيم أو الجنتيل (الجوبيم والجنتيل هم عامة الناس من غير اليهود) إلى نسب عالية في فترات الهدوء وتوقف الاضطهاد فإذا كان الزوج يهودياً نشأ الأبناء يهوداً، وكان يحدث أحياناً أن تنتزع ديانة الزوجة اليهودية من ديانة الأب، والواقع كما يذكر المؤرخ يوسيفوس أن الزواج من غير اليهود لم يكن ممنوعاً على اليهود في اليهودية الأولى والأدلة على ذلك كثيرة، بل تروى في ذلك القصص كقصة شمشون اليهودي ودليلة الفلسطينية، وكما هو الواقع بين العموريين والحيثيين (كما يشير سفر حزقيال : "أمك كانت حيثية، وعموريا كان أبوك").

    والمهم أن هذا الزواج جعل الأسرة اليهودية بأبنائها تأخذ شكل وصفات الأسرة التي ينتمي إليها الأب والأم مضافاً إليها الدين اليهودي، فلا تمييز يذكر إذن لهذه الأسرة اليهودية عن غيرها.




    =========


    الأسرة عند المسيحيين

    نتج عن عقيدة مسيحية الكنيسة في الفداء أمور ثلاثة:



    1- الاعتراف بالخطيئة أمام رجال الكنيسة.

    2- صكوك الغفران تعطيها الكنيسة لمن تغفر لهم.

    3- الزواج الديني يقوم به رجال الدين في الكنيسة، وسط مراسيم خاصة.


    والذي يعنينا هنا هو الزواج الديني الذي تعقده الكنيسة وتباركه فإذا انعقد وبورك كان معنى ذلك أنه لا ينفصم إلا بإشراك الكنيسة وإقرارها الوضع الطارئ عليه، فإذا لم تقر فَصم عروة الزواج بالحكم بإلغائه، فهو قائم إلى الموت ، فليس من حق أحد الزوجين أن يتزوج شخصاً آخر حتى مع انفصالهما جسمياً، وليس من حق أي محكمة أن تفصل بين الزوجين، وإذا تم هذا الفصل فلا يعترف به.

    ونشأ عن هذا الوضع ما يسمى بالزواج المدني الذي يعقد بعيداً عن الكنيسة في دوائر الحكومة المدنية وهو ما لم تعترف به الكنيسة ولم تقر شرعية الأولاد الناتجين عن هذا الزواج.

    هذا الفصام بين الزواج الكنسي الديني والزواج المدني انعكس بالسلب على الأسرة المسيحية فقد باتت تأخذ من الخارج شكل الأسرة وفيها الزوج والزوجة والأبناء، ولكنها من الداخل منفصمة العرى مفككة الروابط.


    أياً ما كان الأمر فالزواج بأي شكل مستمر وإنشاء أسر جديدة - على أي حال من السعادة أو الشقاوة ومن الترابط أو التفكك - مستمر أيضاً وهذا هو الوضع الفطري رغم ما استحدثه الغرب وأدخله على الأجواء الأسرية من عوامل الهدم والمحو ولنأخذ مثالاً على ذلك الأسرة الأمريكية:

    يقول وليام هـ تشيف في كتابه "المرأة الأمريكية" ص124 وما بعدها :

    ولعل أهم نتيجة لدور النساء الاقتصادي الموسع هي الأثر الذي أخذته على طبيعة الزواج وتوزيع المسؤوليات المنزلية، لقد كانت الحياة العائلية التقليدية تقوم على أساس انقسام حاد للعمل والسلطة، كان المطلوب من الرجال أن يكونوا قوامين على النساء، وأن يعنوا أيضاً بالأنشطة خارج البيت، وكان المطلوب من الزوجات أن يقتفين أثر أزواجهن ويعنين بالبيت.

    ولكن جاء في عدد من الدراسات التاريخية أن العلاقات الأسرية كانت تتأثر إلى حدٍ كبير بالأدوار الاقتصادية، وأن كثيراً من الأزواج قد تنازلوا فعلاً عن مركزهم وسلطتهم في المنزل لأنهم لم يكن لديهم أي إحساس بالسيطرة على مصائرهم الاقتصادية، وأن كثيراً منهم أيضاً كانوا يضطلعون بمسؤوليات إضافية هي من اختصاص المرأة منها التنظيف وإعداد الطعام وغير ذلك من الواجبات المنزلية".

    هذا إذن هو الحال في الأسرة المسيحية والغربية، وهو ينبيء عن تفكك مبكر نتج عن الثورة الصناعية وخروج المرأة للعمل وتركها مملكتها الأصلية : بيتها وزوجها وأبناءها، فانفصمت العرى بين الجميع في هذا الكيان سواء من الناحية المالية أو المعنوية الأدبية أو الاجتماعية والأخلاقية وحتى الجنسية فأصبحت الزوجة تستقبل أصدقاءها وتعاشرهم جنسياً وأصبح الزوج كذلك والأبناء !! وحدّث ولا حرج.






    يتبع >>>

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    بارك الله فيك حفيدي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية رديمة

    *¨`*:{سيدة المكان}:*¨`*
    رحمها الله رحمة الأبرار
    تاريخ التسجيل
    10 2003
    الدولة
    منتديات صامطة
    المشاركات
    31,152


    الأسرة العربية قبل الإسلام وبعده


    الكيان الأسري كان قائماً عند العرب قبل الإسلام لكنه قيام معوج لا استواء فيه بما كان من تضييع لحقوق المرأة وجاء الإسلام ليصحح خطأ هذه الأوضاع ويعيدها إلى الصواب ويقوّم معوج هذا الكيان بشرعة عادلة تعيد الحقوق للزوج وللزوجة وتوفر للأبناء حياة كريمة في ظلال أسرة مترابطة متحابة


    (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمة إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) (الروم: 21) فجعل الأسرة السعيدة آية من آيات الله عز وجل، ووسع نطاق الأسرة بالذرية والحفدة قال عز وجل: (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة) (النحل:72). فاعتدل حال الأسرة بالإسلام وقوي كيانها واستقام.


    وختاماً:

    فهذه جولة تاريخية سريعة مع الأسرة أبرزنا فيها فطرية هذا الكيان وملازمته للبشر منذ خلقهم الأول من آدم أبي البشر إلى آخر أسرة تكونت في يومنا هذا، وقد رأينا كيف تفاوتت أحوال الأسرة وتباينت من جيل إلى جيل ومن دين إلى دين ومن زمان إلى زمان، ولكنها بقيت شكلاً مهماً من أشكال الاجتماع والعمران في رحلة الإنسان على الأرض، والأهم من ذلك أن نتتبع سعادة الأسرة وتماسكها تاريخياً لنجد أن أوثق عراها وأوفر حظوظها من السعادة كان مع الإسلام، والله أعلم.

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    بارك الله فيك حفيدي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية أبوإسماعيل
    المشرف العام
    تاريخ التسجيل
    06 2003
    الدولة
    صامطة
    المشاركات
    28,222
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    لقد اعتنى الإسلام بالأسرة منذ بدء تكوينها فوضع الأسس والقواعد التي يعتلي عليها البناء الشامخ القوي الذي لا يهتز أمام رياح المشاكل وعواصف الأزمات . فجعل الدين هو الأساس الأول في اختيار شريك وشريكة الحياة . قال صلى الله عليه وسلم : [ تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها ، فاظفر بذات ا لدين تربت يداك ] رواه البخاري .
    مواصفات رغّب فيها الإسلام ، وقد ورد النهي عن نكاح المرأة لغير دينها ، ففي الحديث : [ من تزوج امرأة لعزها لم يزده الله إلا ذُلاً ، ومن تزوجها لمالها لم يزده الله إلا فقرًا ، ومن تزوجها لحسبها لم يزده الله إلا دناءة ، ومن تزوج امرأة لم يرد بها إلا أن يغض بصره ويحصن فرجه أو يصل رحمه بارك الله له فيها وبارك لها فيه ] (رواه الطبراني في الأوسط ) .
    وقال صلى الله عليه وسلم : [ لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن ، ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن . ولكن تزوجوهن على الدين ولأمة خرماء سوداء ذات دين أفضل ] (رواه ابن ماجة ) .
    وعلى الطرف الآخر قال لأهل الفتاة في الحديث الشريف : [ إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ عريض ] (رواه ابن ماجة والحاكم والترمذي ) .
    ونذكر أيضًا في هذا المقام ما أشار به الحسن بن علي ، على أحد المسلمين عندما جاء يسأله قائلاً : خطب ابنتي جماعة ، فمن أُزوجها ؟ قال زوجها من التقي ، فإنه إن أحبها أكرمها ، وإن أبغضها لم يظلمها . فلو اتفق الطرفان على أن الدين أساس الاختيار واتفقت منابع الفكر وتوحدت مساقي الآراء وانبعثت من الشريعة ، صار الفهم واحدًا والتفاهم بينهما تامًا . أما الطبائع فمن السهل تغييرها بالتعود والإصرار ، وما يصعب تغييره فلنتغاضى عنه . فلو أن هناك ما لا يعجب من صفات فهناك مئات من الخصال الأخرى تعجب ، وليس المطلوب من الزوج والزوجة أن يكونا صورة طبق الأصل من بعضهما .


    تكامل وتراحم

    وأولاً وأخيرًا نحن لسنا ملائكة ولكننا بشر نخطىء ونصيب . فالإسلام جعل العلاقة بين الزوجين علاقة تكامل لا تنافس ، قوامها المودة والرحمة ، قال تعالى : [ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعلَ بينكم مودةً ورحمة ) (الروم : 21) .
    وهذا التكامل أو الاندماج نتيجة أنهما من نفس واحدة ومن أصل واحد . قال تعالى : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة ، وخلق منها زوجها وبثَّ منهما رجالاً كثيرًا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ، إن الله كان عليكم رقيبًا ) (النساء : 1) ، وقوله تعالى في وصف العلاقة بين الزوج وزوجه : ( هُنَّ لباس لكم وأنتم لباسُ لهن ) (البقرة من الآية : 187) ، وفي آية أخرى : ( نساؤكم حرث لكم ) ( البقرة من الآية : 223) ، فلا يوجد كلام أبلغ من هذا وأدق وأعمق في وصف العلاقة الزوجية ، فاللباس ساتر وواق . والسكن راحة وطمأنينة واستقرار ، وداخلهما المودة والرحمة .

    واجبات وحقوق

    ولاستمرار العلاقة كما بينتها الآيات ، حدد الإسلام دورًا ووظيفة لكل من الرجل والمرأة في الحياة الزوجية ، وذكر لكل منهما حقوقًا وواجبات ، إذا أدى كل منهما ما عليه سارت بهما السفينة إلى بر الأمان .
    فمن واجبات الزوج الانفاق على زوجه قدر استطاعته ، ومن الخطأ الاعتقاد أن المال الكثير هو سبب السعادة الزوجية ، ومن الخطأ أن يقال : إذا دخل الفقر من النافذة خرج الحب من الباب ، فالسعادة يهبها الله ، عز وجل ، لمن اتبع تعاليمه وسار على نهجه الذي جاء في كتابه الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
    ومن واجبات الزوج أن يحسن معاملة زوجه ويعلمها تعاليم دينها ، ويشاورها في شؤونهما ويرجح رأي الزوج . فعن حكيم بن معاوية عن أبيه قلت : يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال : [ تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تضرب الوجه ولا تقّبح ولا تهجر إلا في البيت ] (رواه أبو داود) وأن يغض الزوج طرفه عن بعض نقائص زوجه ، ولا سيما إن كان لها محاسن ومكارم تغطي هذا النقص ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : [ لا يفرك - أي لا يبغض - مؤمن مؤمنة إن كره منها خُلقًا رضي منها آخر ] (رواه مسلم ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : [ أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلقًا ، وخياركم خياركم لنسائهم ] (رواه الترمذي ) .
    أما واجبات الزوجة فهي أهم وأكبر من أن تُكتب في بعض السطور والأوراق ، ثم يفرغ من قراءتها ، فبيدها يتحول المنزل من قطعة من رياض الجنة إلى قطعة من نار جهنم ، أو العكس ، وأي تضحية من جانب الزوجة سيقابلها رد فعل أقوى وأكبر من جانب الزوج ، وسينعكس تأثير هذا على الأسرة كلها . ومن المفروض أن تأتي كل المعنويات التي تعتبر من مقومات السعادة الزوجية ، من الزوجة أولاً ، وليس هذا من باب التحيز للرجل أو غيره ، وإنما هو من باب الفطرة السوية التي فطرت عليها المرأة . فأول من تحتضن الطفل وترعاه هي الأم ، وعلى قدر حبها ورعايتها ينشأ الطفل .
    وما الزوج إلا طفل كبير والزوجة الناجحة هي التي ترعى زوجها ، كما ترعى الأم أصغر أبنائها وأحبهم إلى قلبها ، والآية الكريمة عندما ذكرت : ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ) بدأت بوصف واجب المرأة ودورها . ولما كان اللباس هو الساتر والواقي ، ويأتي من صاحب المال والقوة وهو الرجل ، كان من باب أولى أن يبدأ بوصف دور الرجل ووظيفته ، ولكنه لعظم دور المرأة وأهميته الذي يفوق دور المال والقوة بدأ بهن .
    ولِعظم حق الزوج قال صلى الله عليه وسلم : [ لو كنتُ آمرًا أحدًا يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، من عظم حَقِّه عليها ] (رواه الحاكم ) . وعن عائشة رضي الله عنها قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أعظم حقًا على المرأة ؟ : [ قال زوجها ] قالت فأي الناس أعظم حقًا على الرجل ؟ قال : " أُمّه " (رواه البزّار والحاكم ) ، وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ أيّما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة ] (رواه ابن ماجة والترمذي) . وعلى المرأة أن تعي أن طاعتها لزوجها وإقامتها على شؤون حياته ، عبادة لله ولها أجر المجاهدين ، أي أن حُسن معاشرتها لزوجها ستنعم بنتائجه في الدنيا والآخرة .
    والإسلام أوجب على المرأة الامتناع عن أي شيء يضيق به الرجل ، وأن تعلم وتعي أن للرجل حق القوامة عليها لا تسلبه سلطته وآرائه . ومن حق الزوج على الزوجة ألا تصوم نافلة إلا بإذنه ، وألا تحج تطوعًا ولا تخرج من بيته إلا بإذنه ، فعن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ حق الزوج على زوجه ألا تمنعه نفسها ولو كانت على ظهر قتب ، وألا تصوم يومًا واحدًا إلا بإذنه إلا الفريضة ] (رواه أبو داود ) .
    ورب كلمة حانية من الزوجة ، وابتسامة صافية ، وهدوء في الطبع ، وأدب جم ، وسلوك طيب ، وقناعة بما قسمه الله يعدل عند الرجل جمال الكون كله ، والرجل الذي يشعر بالسعادة والراحة والاطمئنان مع زوجه وفي بيته ، ينعكس ذلك على عمله وعلى علاقته بالآخرين .

    أسرة طيبة وأبناء صالحون

    والأسرة الطيبة هي التي تنتج أبناء صالحين للمجتمع . والطفل هذا المخلوق البرىء الذي ننقش نحن الآباء ما نؤمن به فيه ، ونسيّره في هذه الدنيا بإرادتنا وتفكيرنا وتنشئتنا وتعليمنا . هذه العجينة اللينة التي نشكلها نحن كيفما نريد دون إزعاج منه أو إعراض . وليس له مثل أعلى يُحتذى به إلا أهله يتأثر بهم تأثرًا مباشرًا ، ويتكرّس سلوكه الأخلاقي نتيجة توجيه الأهل ، ثم المجتمع من حوله وحسب تكيفه معهم يكون متأثرًا بالمبادئ والعادات المفروضة عليه ، ثم يصبح مفهوم الخير والشر عنده مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بحياة العائلة ومعتقداتها . لذلك فلا بد في هذه المرحلة من حياة الطفل من أن تعلمه أمه مكارم الأخلاق .
    والأم التي لا تأخذ وليدها بالتربية والتهذيب تكون قد قامت بمهمة التكاثر تمامًا كما تقوم بها الحيوانات ، وقصّرت فيما وراء ذلك مما يمتاز به الإنسان عن الحيوان ، فالإنسان يتميز عن الحيوان حينما يتجاوز مطالب البدن إلى مطالب الروح ، ويتجاوز نطاق البيولوجيا إلى نطاق القيم السامية ، ويسمو عن نوازع الطينة الأرضية إلى الآفاق النورانية . وكما تسخو الأم على طفلها بالغذاء إرضاعًا أو إطعامًا مما تشتهي النفس حتى ينتفخ من فرط النعمة والتغذية ، وكما تحنو عليه وتكثر له من الملابس التي تريح البدن وتسر النظر ولا ترد له طلبًا ، عليها أن تؤدِّبه وتحسن تأديبه ، وتربيه على السلوك والخُلق الإسلامي .
    وهذه أعرابية يسألها المفضل بن زيد عن ولدها حينما رآه فإُعجب بمنظره فقالت له أمه : إذا أتم خمس سنوات أسلمته إلى المؤدب فحفظَّه القرآن فتلاه ، وعلّمه الشعر فرواه ، ورغّبه في مفاخر قومه ، وطلب مآثر آبائه فتمرّس وتفرّس ، ولبس السلاح ومشى بين بيوت الحي وأصغى إلى صوت الصارخ . فالطفل محتاج إلى عناية تؤهله لكي يكون رجلاً يحمل رسالة ، ويبلغ دعوة ، فيتعلم القرآن ويحفظه منذ نعومة أظافره ، فينشأ متخلَّقًا بالأخلاق الإسلامية الرفيعة الصادرة عنه في كل أعماله ومقاصده ويكون مسترشدًا بها في طريق الدعوة . ثم يتعلّم الشعر ويرويه فيرق طبعه ويهذب لسانه ، فإذا ما بلغ الحلم يتعلم الفروسية وركوب الخيل مما يكسبه قوة ورجولة ، ولا بد من التعلّم على السلاح ، ففيه هيبة ورهبة تشعر الإنسان بمهمته كرجل يحمي الحمى ويصون الديار ، ويدافع عن الحرمات ويذود عن النفس والعرض والوطن .
    وإذا ما نشأت الأسرة منذ بدء تكوينها على المبادئ والأسس الإسلامية التي ذكرنا بعضًا منها ، ستكون العلاقات الأسرية قوية متينة مبنية على الحب والود والتفاني والتضحية وغيرها من المبادئ السامية . ولكن من الملاحظ ومنذ فترة قصيرة فتور العلاقات داخل الأسرة الواحدة ، والتي حولت بعض الأسر من مصدر للعطف والحنان ولم شمل الأبناء والآباء إلى مصدر للتعاسة والشقاء . وبدلاً من أن تكون الأسرة لبنة طيبة في بناء المجتمع أصبحت معولاً لهدم هذا المجتمع ،وللأسف ارتفعت معدلات الطلاق ، فبينما تسعى الفتاة حثيثًا للزواج تجدها تسعى بنفس السرعة للطلاق ، وأصبح قتل أحد الزوجين للأخر وقتل الأبناء للآباء أو العكس من الجرائم التي ذاع صيتها في الفترة الأخيرة .
    وهذا يجعلنا نسأل ما الذي أصاب الأسرة ، وهل هذه الإصابة أصابت الأشخاص أنفسهم أم أصابت فكرهم ومعتقداتهم ؟ ولماذا فقد الأب سيطرته وسطوته على الأبناء والزوجة ؟ هل هو الاستقلال المادي ، أم الهجمة الفكرية التي أتت علينا من الغرب ؟ فبعد أن كان الابن يعيش في كنف والده حتى بعد أن يتزوج وينجب ، تجمعهما نفس الدار ونفس المكان ونفس مائدة الطعام التي تجمع الآباء والأبناء والأحفاد . نجد أن الابن يهجر بيت أبيه سعيًا وراء المال في بلاد الغرب ، التي ليس لها مبادىء أسرية ، ثم يأتي ليضع رأسه برأس أبيه ويريد أن يكون صاحب الكلمة والسلطة في بيت أبيه .
    وكذلك الأب الذي فرّ إلى الخارج وترك الأسرة تجابه أزمات الحياة ومشاكلها بدون ربان للسفينة ، واختار لهم توفير المال بدلاً من بناء العواطف والأوصال الشخصية .
    والأم أيضًا هي الأم الحانية الحنون التي كانت تشعل الدفء في البيت بحبها وعطفها على الكبير والصغير وإدارة شؤونهم . الأم التي كانت تضحي بنفسها ومالها وراحتها وسعادتها وبكل ما تملك من أجل أبنائها . هل أطفأت شعلة الحب ، وما السبب ؟ ولماذا سحبت القوامة من بين يدي زوجها لتصبح هي الآمر الناهي في البيت وهي صاحبة الرأي ؟ وصوتها فقط الذي يعلو ولا يُعلى عليه ؟


    التحريض وفساد المجتمع

    أم هي الهجمة الفكرية التي ساهم فيها العديد من الأدباء والكُتاب والمفكرين ، وأدت إلى تمرد الزوجة وهجرها لبيت الزوجية ونقمتها على معاشرة زوجها . والتي دفعت المرأة إلى الاستسلام لإغراءات الشيطان ووقعت في حبائله ، ونزعت حجابها وخرجت إلى الشارع تمضي فيه وقتها ، وقتلت الغيرة والحمية عند الرجل عليها وعلى ابنته ، فسمح لها أن تخرج من منزلها دون حسيب أو رقيب ، وغُض بصره عما ترتديه من ملابس مثيرة ، وأباح لها الاختلاط مع زملائها وأصدقائها ، تستقبلهم في المنزل وترد عليهم زيارتهم بزيارة مثلها في بيوتهم ، وأن تتغيب عن المنزل في رحلة عمل أو فُسحة . إلى أين سيصل تأثير هذه الهجمة الفكرية علينا ؟
    وهل سيأتي علينا زمان ننظر فيه إلى خاتم العفة عند الفتاة كما ينظر إليه الغرب الآن ، على الرغم من أن خاتم العفة هذا يعتبر شيئًا من التكريم الذي أنعم الله به على بني آدم وحدهم دون سائر المخلوقات الأخرى ، فلا نعلم أن هناك حيوانًا لأنثاه غشاء بكارة غير بنات حواء ، وهل سننظر إلى الفتاة المتدينة التي ليس لها علاقات غرامية مع الشباب بأنها مريضة نفسيًا ومعقدة كما ينظر إليها الغرب . هل نستهين بالزوجة متعددة العلاقات الغرامية قبل وبعد الزواج ،وننظر إلى هذا الموضوع كأنه شيء عادي لا يثير غيرتنا وحميتنا ؟
    هذه الهجمة الفكرية التي دفعت بالفتاة لاختيار شريك حياتها بنفسها ، تتعرف عليه في مرقص أو ناد أو شاطئ ، أو زميل دراسة أو ظريف ذو دم خفيف جارٌ في الحي ، ولم تعد مفاجأة لدى الأسرة أن تأتي الفتاة إلى الأب بهذا الشاب وقد اختارته شريكًا لحياتها لمجرد إعجابها بما أحسن تمثيله عليها ، وانحصر دور الأب في الموافقة النهائية إن لم تكن تزوجته بالفعل . وغالبًا ما تعصف الخلافات بمثل هذا الزواج ؛ لأنه بُني على الغش والخداع ، وكل منهما يظن في الآخر ما ليس في حقيقته ، وفي الوقت ذاته كل منهما يظهر خلاف ما يبطن من صفات حميدة وقيم تروق للطرف الآخر ؛ حتى يحبك الشباك على فريسته ، ويستمر هذا الزيف فترة الخطوبة ، ولكن سرعان ما ينكشف بعد الزواج ، ويشعر كل طرف بخيبة أمله وصدمته من الطرف الآخر ، وهذه الزيجات هي سبب ما نحن فيه من تحلل خلقي وتفكك أسري .
    وبالأمس القريب كان الأب صاحب القرار الأول والأخير في اختيار زوج ابنته ، وكان الأب بما لديه من حنكة وخبرة يجيد ويحسن اختيار زوج لابنته ، ولمَ لا وهو الذي قام بتربيتها وتهذيبها يعرف ما يروق لها ويتفق مع طباعها ويصلح حالها . والإسلام لم يمنع المرأة من أن تعرض نفسها على رجل من أهل الصلاح والتقوى للزواج منه ، لم يمنع أيضًا من أخذ رأي الفتاة عند زواجها ، إلا أنه منع الفتاة من أن تزوج نفسها بدون ولي أمرها ومن لم يكن لها ولي أمر فالحاكم وليها .
    والإسلام لم يمنع النظر إلى المخطوبة واستشعار التوافق والقبول بين الطرفين ، ولكنه منع وحرّم خروج الفتاة مع الفتى ، واختفائهم في الأماكن النائية تحت شعار الحب ، ودراسة كل طرف للآخر سنوات ، ثم يقرران إما الفراق أو الزواج ، والإسلام لم يمنع المرأة من التزين ، ولكنه يحرم عليها أن تتزين وتتجمل لغير زوجها .
    والإسلام لم يمنع المرأة من التعلم والعمل في مجالات تخدم بنات جنسها ، ولكنه يحرّم عليها أن تختلط بزميل العمل أو الدراسة ، وتتخذه صديقًا أو خليلاً أو زوجًا غير شرعي بجانب زوجها ، تظهر له ما تضن به على زوجها وتحكي له أدق أسرار حياتها الزوجية ، بالإضافة إلى الخضوع في القول والفعل .

    دور المرأة لا يُثمّن

    وفي الماضي القريب ومن قبل هذه الهجمة الفكرية التي أصابت قيمنا ومبادئنا في مقتل ، كانت أمهات وزوجات الماضي وإن كان كثيرات منهن لا يحملن أي مؤهلات دراسية أو علمية ، إلا أنهن أنجبن كثيرًا ممن قادوا حركات التحرير الوطني ضد الاستعمار . وقادوا حركات التنوير العلمي والثقافي .
    وقد كانت الأسرة المترابطة فيما مضى تؤدي دورها أفضل أداء في تنشئه الطفل من الأسرة الحديثة ، حيث كانت هناك فطرة سليمة ونسيج قوي من العلاقات والقيم يتوارثه الأجيال ويتم تنشئة الطفل من خلاله .
    لذلك ، ونحن في القرن الحادي والعشرين ، وقد انكب العلماء على إنشاء المدارس والمعاهد في جميع شؤون الحياة لكافة المهن والتخصصات ، فمهما كبرت أو صغرت هذه المهن ، وعظم شأنها أو قل . فإن كثيرًا من المهن والحرف التي كانت بالأمس القريب لا تحتاج إلى أي نوع من التعلم الأكاديمي ، نجد أنها قد فتحت لها مدارس وانقسمت إلى تخصصات ، وأصبحت مصدر دراسات عليا .
    نطالب من أجل إعداد الأم والزوجة الصالحة بإحياء مدارس للتربية أو الثقافة النسوية . وهذه المدارس كانت موجودة بالفعل ، ولكنها - للأسف - أُلغيت ولم تقم لها قائمة ، أو أن هذه الأمور تدّرس للطالبات بعد انتهاء دراستهن الجامعية ، كما تدرّس في مراكز تنظيم الأسرة لكل مقبل على الزواج بدلاً من تركها للاجتهادات غير العلمية وسط هوس الغزو الفكري .

    أختي رديمة
    أشكرك جدا على هذا الموضوع الثري عن الأسرة عبر التاريخ
    منذ بداية التاريخ إلى وقتنا الحاضر
    ولو فكرنا لوجدنا أن الإسلام جعلها في أرقى وأروع صورها
    فالحمدلله على نعمة الإسلام




    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •