الأمراض المعدية بين التخوف من الكثير واللامبالاة من البعض




* الخوف من انتشار الامراض المعدية يعتبر من اكثر الامور الصحية التي يعطى لها اهتمام خاص على مستوى جميع الدول وكذلك على مستوى الافراد. فترى مئات الملايين تصرف لمنع دخول او التقليل من انتشار مرض وبائي ما. لهذا يعتبر هذا القلق والخوف في محله ولابد ان يكون في قمة الاولويات الصحية لأي دولة.

من آخر الامراض المعدية التي لاقت قلقا واهتماما من قبل الدولة والافراد هو مرض حمى الوادي المتصدع والذي تم التحكم فيه والحمد لله. فعلى مستوى الافراد كان هناك تخوف مبالغ فيه من بعض الاشخاص لدرجة ان بعضهم حَرَم نفسه من اكل لحوم الماشية خوفا من انتقال المرض اليه او لعائلته مع ما نشر في الاعلام بجميع وسائله من سلامة اكل مثل هذه اللحوم بعد الطبخ.

لكن تبقى فئة من الناس تصدق الشائعات وما يدار في المجالس من قصص عن طرق انتقال اخرى رغم تطمين اهل الاختصاص لهم.

اما آخر الامراض المعدية الذي ذاع صيتها في الاسابيع الاخيرة فهو مرض الحمى القلاعية الذي يعتبر الاهتمام الاعلامي به هو لاسباب اقتصادية وحفاظ على الثروة الحيوانية اكثر من مخاوف انتقال المرض للانسان (والذي بالفعل لا يوجد مبرر لهذه المخاوف لدى بعض الاشخاص) ومع كل ما اصبح يعرفه الناس عن هذا المرض لكن تبقى مجموعة من الناس لا تستمع الا الى مخاوفها وقصصها المبالغ فيها. لكن في نفس الوقت وبالرغم من كل هذه المخاوف التي تصيب الناس من انتقال الامراض المعدية اليهم نرى الكثير من الاشخاص لا يبالي بان ينقل مرضا معديا ما لاشخاص آخرين اي بمعنى لا يبالون بالصحة العامة. فتراهم على علم بانهم مصابون هم او احد ابنائهم بأحد هذه الامراض المعدية ويكون قد تلقى نصائح مشددة من قبل اطبائهم ومع ذلك يقومون بالتنقل بين الناس ولا يبالون بالنتائج.

دعوني اعطيكم بعض الامثلة التي تحدث ربما بشكل يومي. فمثلا ترى طفلا او طفلة مصابا بمرض العنقز (الجدري المائي) ويتم نصح الام بعدم تعريض الطفل للاطفال الآخرين (وخصوصا ناقصي المناعة) وايضا عدم اختلاط مثل هؤلاء الاطفال المصابين بمرض العنقز للامهات الحوامل. لكن ما يحدث ان كثيراً منهن لا يأبهن بمثل هذا الكلام وتراهن يأخذن اطفالهن لزيارة بعض اقاربهن وحضور حفلة ما مع علمهن بوجود اطفال او امهات حوامل. واذا حدث ان ابدت احدى الامهات الحوامل انزعاجها من احضار مثل هؤلاء الاطفال مع علم امهم بخطورة انتقال مرض العنقز اليها فانه ومع الاسف يكون رد فعل ام هؤلاء الاطفال المصابين بهذا المرض المعدي بارداً وغير مبال بما سوف يحدث من مضاعفات لو ان المرض انتقل الى مثل هذه الام الحامل المسكينة.

مثال آخر نراه باستمرار نحن اطباء الامراض المعدية وهو ان يأتي مريض مصاب بمرض الدرن (السل) الرئوي المفتوح اي بمعنى آخر انه معد للاخرين ويدخل علينا في العيادة وعندما تسأله منذ متى وانت تعرف انك مصاب بهذا المرض المعدي فاننا نتعجب انه مصاب به منذ عدة اسابيع (ان لم يكن اشهرا) ولم يأخذ العلاج لهذا المرض حفاظا على صحته وصحة المجتمع ككل وتراه قد أتى الينا وقد اختلط بالعديد من الناس وركب الطائرة وراجع في الدوائر الحكومية قبل اخذ العلاج وغير مهتم بما قد يحدث تصرفه هذا ان ينتقل مرض السل لمجموعة كبيرة من الناس. ليس هذا فقط فمع الاسف ان يترك مجموعة من المرضى ومن لديهم مرضا معديا كهذا بالتحرك بحرية وبدون نظام يحكمهم لحماية الآخرين وألوم خصوصا المستشفيات التي تحول مرضاها من منطقة لمنطقة بدون مراعاة واعطاء التعليمات للمرضى بخطورة مرضهم المعدي. ايضا لا توجد اجراءات معينة لو رفض المريض اخذ العلاج او اهمل فيه لحماية المجتمع من انتشار مثل هذا المرض. المثال الثالث والاخيرة ان يكون المريض مصاباً بمرض معد وينتقل عن طريق الاتصال الجنسي يتقدم للزواج ولا يقوم باعلام الزوجة واهلها بوجود مثل هذا المرض لديه لهذا ترى الكثير من المغلوب على امرهن ينتقل لهن مثل هذه الامراض وتعرف عن المرض لكن بعد فوات الاوان وهذا الكلام ايضا ينطبق على المرأة اذا كانت مصابة بمرض معد ولم يقم اهلها باخبار الزوج عن هذا المرض قبل الزواج.

وهناك امثلة كثيرة على ذلك فانني اتذكر ان مريضا مصابا بمرض الايدز وقد تم نصحه من قبل الاطباء المشرفين على علاجه بعدم الزواج في الوقت الحالي لكنه اختفى فترة وبعد سنة اتى الى العيادة ومعه امرأة حامل وتبين انها زوجته، فتصوروا المشكلة الاجتماعية الخطيرة التي تحدث لو ان كل مريض غير مبال باصابته بمرض معد مثل الايدز او فيروس الكبد "ب" او الهربس التناسلي ويقدم على الزواج بدون اخبار شريكته في المستقبل. انا لا اقول انه ليس من حق هؤلاء المرضى ان يتزوجوا لكن اقول انه من حق التشخص (سواء رجل او امرأة) ان يكون على علم بهذا المرض قبل ان يقرر موافقته على الزواج ام لا.. وربما هذا يجعلنا نذكر اهمية الفحص قبل الزواج ودراسة الجدوى منه وفوائده وامكانية تطبيقه في مجتمعنا. مما سبق ذكرت بعض الامثلة وهي قليل من كثير مما يحدث في المجتمع لكن كلنا امل في اهلنا واخواننا ان يتعاملوا مع المجتمع بطريقة الحرص والاخوة واحساسهم بالمسؤولية والحرص على عدم نشر مثل هذه الامراض غير المتعمدة طبعا وهذا مما لا شك فيه هو جزء من تعاليم ديننا الحنيف الذي يحثنا على عدم ايذاء اخيك المسلم في ابسط الاشياء فكيف بامراض خطيرة كهذا؟ ايضا لا ننسى ان هناك اناساً كثر لديهم الاحساس بالمسؤولية ويحاولون قدر جهدهم بعدم انتقال المرض لغيرهم اكثر من حرصهم على أنفسهم وهذا ما نأمله من اخواننا غير المبالين وهم قلة ان شاء الله.



((((((منقووووووووووووووووووووووووووووووووووووول))) )))