لذي سلم والبان لولاك لم أهوى
لـذي سلـم والبـان لـولاك لـم أهــوى *** ولا ازددت مـن سلـع وجيرانـه شجـوى
ولولاك مـا انهلـت علـى الخـد أدمعـي *** لتذكار مـا الروحـاء تحويـه مـن أحـوى
فأنـت الحبيـب الواجـب الحـب والـذي *** سريـرة قلبـي دائمـاً عـنـه لا تـطـوى
وأنـت الـذي لـم أصــب إلا لحسـنـه *** ولم يَلْهُ عـن ذكـراه سـري ولـو سهـوا
وحيـث اتخـذت القلـب مثـوى ومـنـزلا *** ففتشـه وانظـر سيـدي صحـة الدعـوى
أورى إذا شببـت يــا ظـبـي حـاجـر *** بزينـب أو سلمـى وأنـت الـذي تـنـوى
وإنـي وإن نلـت المنـى منـك نـازحـا *** على البعد عـن مغنـاك مـولاي لا أقـوى
أبــى الـحـب إلا أن أذوب صـبـابـة *** وغصـن شبابـي كـاد للبيـن أن يــذوى
تحمـلـت أثـقـالاً بـهـا أطّ كـاهـلـي *** من الشوق لا يقوى علـى حملهـا رضـوى
وبـي بيـن أحنـاء الضـلـوع لـواعـج *** تغادر في الأحشـاء جمـر الغضـا حشـوا
إلى مَ احتمالـي بالنـوى مضـض الهـوى *** وحتـى مَ أفـلاذي بنـا الجـوى تـشـوى
ثكلـت حياتـي أن أقـمـت ولــم أقُــد *** مطية عزمـي نحـو منـزل مـن أهـوى
خليلـي مــن فـهـر أجيـبـا منـاديـا *** إلـى الفـوز يدعـو لا للبنـى ولا علـوى
وكونـا لـدى الترحـال والـحـط رفـقـة *** لنضـو اشتيـاق يمتطـي للسـرى نضـوا
فيـا حبـذا إزماعنـا السـيـر ترتـمـي *** بنـا اليعمـلات السهـل والشقـة الشجـوا
بأرقالها نرمي الفجـاج ونقطـع الهضـاب *** ونطـوي فــي سـرانـا بـهـا الــدوا
ونهـوى بهـا والشـوق يـحـدو قلوبـنـا *** مجديـن حتـى نبلـغ الغايـة القـصـوى
وما الغاية القصـوى سـوى المنـزل الـذي *** لحصبـائـه العـيـوق يغـبـط والـعـوا
رحـاب بهـا القـرآن والـوحـي نــازل *** وجبريـل فـي أرجائهـا ينشـر الألــوا
بـلاد بـهـا خـيـر البـريـة ضــارب *** سرادقـة واختـارهـا الــدار والمـثـوى
مدينـة خيـر المرسليـن وخاتـم النبييـن *** والـهـادي إلــى الأقــوم الأقـــوى
حبيـب إلـه الـعـرش مأمـونـه الــذي *** بغرتـه فـي الجـدب تستمـطـر الأنــوا
نبـي بــراه الله مــن نــور وجـهـه *** وأوجـد منـه الكـون جـل الـذي سـوّى
وابـرزه مــن خـيـر بـيـت أرومــة *** وأطـهـره ذاتــاً وأشـرفـه عـــزوا
لآبــاء مـجـد ينـتـمـي ولأمّـهــات *** عزنجيـبـات إلـــى أمّـنــا حـــوّا
وبـانـت لــدى مـيـلاده ورضـاعــه *** براهـيـن آي لا تــرد لـهـا دعــوى
ومنـذ نشـأ لـم يصـب قـط ولـم يـزغ *** ولـم يـأت محظـوراً ولـم يحضـر اللهوا
إلـى أن أتـاه الوحـي بالبعـثـة الـتـي *** برحمتـهـا عــم الحـضـارة والـبـدوا
فأضحـت بـه الأكـوان تزهـو وتزدهـي *** ولا بـدع أن تاهـت سـروراً ولا غــروا
وأسـرى بـه الرحمـن مـن بطـن مكـة *** إلـى القـدس يختـال البـراق بـه زهـوا
فقدمـه الرسـل الكـرام وهــل تــرى *** لبكـر العـلا غيـر ابـن آمـنـة كـفـوا
وزج بــه والــروح يخـدمـه إلـــى *** طباق السما والحجـب مـن دونـه تطـوى
إلى المـلأ الأعلـى إلـى الحضـرة التـي *** بهـا ربـه ناجـاه يـا لـك مـن نجـوى
فــأولاه مــا أولاه فـضـلاً ومـنّــة *** وأشهـده بالعيـن مـا جــل أن يــروى
وفـي النزلـة الأخـرى تجـلـى إلـهـه *** لـدى سـدرة مـن دونهمـا جنـة المـأوى
فمـا كـان أزهـى ليلـة قـد سـرى بهـا *** وعـاد ولمـا تبـد مـن فجرهـا الأضـوا
فأكـرم بمـن أضـحـى بمـكـة داعـيـا *** وأمسـى إلـى عـرش المهيمـن مـدعـوا
أتـى وظـلام الشـرك مــرخ سـدولـه *** وبالناس عـن نهـج الرشـاد عمـى أروى
فـمـا زال يدعـوهـم بحكـمـة ربـــه *** إلـى اليمـن والإيمـان والبـر والتـقـوى
وأصبـح يتلـو سـيـد الكـتـب بينـهـم *** فيـا لـك مـن تـال ويـا لــك متـلـوا
فأعـجـز اربــاب البـيـان بـديـعـه *** وأخرسهـم رغمـاً وألغـى بــه اللـغـوا
تنبئهـم عــن كــل عـلـم سـطـوره *** وتخبرهـم بالغيـب مـن آيـه الفـحـوى
فصـدقـه أهــل السـوابـق والأولــى *** أتيـح لهـم أن يشربـوا كـاسـه صـفـوا
وكذّبـه قـوم عـن الحـق قــد عـمـوا *** وصمـوا بإعجـاب النـفـوس بالطـغـوى
فسـفـه أحــلام المـشـائـخ مـنـهـم *** وآذوه لـمـا عــاب دينـهـم الألــوى
فهاجـر مـن بطـحـاء مـكـة سـاريـاً *** وباتت عيـون القـوم عـن نـوره عشـوا
فـمـا راعـهـم إلا الصـبـاح وأن رأوا *** علـى رأس كـل منهـم التـرب محـثـوا
وأم مــع الصـديـق أكـالـة الـقــرى *** تلين لـه الشجـوى وتطـوي لـه الفجـوا
فـشـرف إذ وافــى مـنـازل طـيـبـة *** وسكانهـا والـتـرب والـمـاء والـجـوا
وَألقـى عصـا التسيـار إذ أحسنـوا لــه *** وللمؤمنيـن الأوس والـخـزرج الـمـأوى
وفيهـا فشـا الإسـلام وإنبجـسـت بـهـا *** عيون الهـدى والحـق وانزاحـت الأسـوا
ونـاصـره الأنـصـار فيـهـا وآمـنـوا *** به وارعووا عن جهلهـم أحسـن الرعـوى
وقاتـل مـن لـم يدخـل الديـن طائـعـا *** وشـن علـى أعدائـه الـغـارة العـشـوا
وفــرق شـمـل المشركـيـن بعـزمـه *** ثبـات فمـا اسطاعـوا لتمزيـقـه رفــوا
وقـاد إليـهـم جحـفـلاً بـعـد جـحـف *** ل ووالـى عليهـم فـي ديارهـم الـغـزوا
يصبحـهـم مــن صحـبـه بـفـوارس *** يـرون مـذاق المـوت إن جالـدوا حلـوا
يخوضـون لـج الهـول علمـاً بـأن مـن *** نجـا مـن حتـوف الحـرب تقتلـه الأدوا
مآثـر تـروي عــن حنـيـن وخيـبـر *** وعـن أحـد والفتـح والعـدوة القـصـوى
ولم لا وهم في نصر مـن سبـح الحصـى *** بكفيـه والأشجـار جـاءت لــه حـبـوا
وكلـمـه ضــب الـفــلاة وسـلـمـت *** عليـه ولانـت تحـت أخمصـه الصـفـوا
وحـنّ إلـيـه الـجـذع شـوقـاً وإنـنـا *** مـن الجـذع أولـى أن نحـن وأن نجـوى
فــأي فــؤاد لــم يـهـم فــي وداده *** وأيـة نـفـس لا تــزال بــه نـشـوى
ولمـا شكـى العافـون مـا حـل عندمـا *** بأنيابـهـا عضّتـهـم ألسـنـة السـنـوا
دعـا فاستهـل الغيـث سبـعـاً بصـيـب *** مريـع سقـى سفـل المنـابـت والعـلـوا
فأينـعـت الأثـمـار فيـهـا وأخـرجـت *** غثـاء مـن المرعـى لأنعامهـم أحــوى
وعـم العبـاد الخصـب وأنجـاب عنـهـم *** بدعوتـه البـأسـاء والقـحـط والــلأُوا
أتـى ناسخـاً ديـن اليـهـود وشـرعـه *** النصـارى وأحـيـا بالحنيـفـة الفـتـوى
فمـا لغـلاة السـبـت أبــدوا جـحـوده *** عنـاداً وفـي التـوراة أنـبـاؤه تــروى
ومـا للنصـارى أنكـروا بعـثـة الــذي *** بأخبـاره الانجيـل قــد جــاء ممـلـوا
فبعـداً لـكـم أهــل الكتابـيـن إنـكـم *** ضللتـم علـى عـلـم وآثـرتـم الأهــوا
ولا بدع أن يرضى العمي بالهدى من أرتضى *** الـفـوم والقـثـاء بالـمـن والـسـلـوى
ومـن يبتـغ التثليـث دينـاً فلـن تــرى *** لــه أُذنــاً للـحـق واعـيـة خــذوا
ولــو أنـهـم دانــوا بـديـن محـمـد *** وملـتـه لاستوجـبـوا الـعـز والـبـأوا
ألا يـا رسـول الله يــا مــن بـنـوره *** وطلعـتـه يستـدفـع الـسـوء والبـلـوى
ويا خير مـن شـدّت إليـه الرحـال مـن *** عميـق فجـاج الأرض تلتمـس الـجـدوى
إليـك اعتـذاري عـن تـأخّـر رحلـتـي *** إلى سوحـك المملـوء عمّـن جنـى عفـوا
علـى أن خمـر الشـوق خامرنـي فـلـم *** يـدع فـي عرقـا لا يحـن ولا عـضـوا
وإنــي لتعـرونـي لـذكـراك هـــزة *** كما أخـذت سلمـان مـن ذكـرك العـروا
ومـا غيـر سـوء الحـظ عنـك يعوقنـي *** ولكننـي أحسنـت فـي جـودك الـرجـوا
وهـا أنـا قـد وافيـت للروضـة الـتـي *** بهـا نيـر الإيمـان مـا انـفـكَّ مجـلـوا
وقـفـت بـذلـي زائـــراً ومسـلّـمـا *** عليـك سـلام الخاضـع الرابـع الشكـوى
صـلاة وتسليـم علـى روحــك الـتـي *** إليهـا جميـع الفخـر أصـبـح مـعـزوّا
عليـك سـلام الله يــا مــن بجـاهـه *** ينـال مـن الآمـال مـا كـان مـرجـوا
عليـك سـلام الله يــا مــن توجّـهـت *** إلى سوحه الركبـان تطـوي الفـلا عـدوا
عليـك سـلام الله يــا سـيّـداً ســرت *** بهيكـلـه العضـبـاء تـرفـل والقـصـوا
سـلام علـى القبـر الـذي قــد حللـتـه *** فأضـحـى بـأنـوار الجـلالـة مكـسـوا
إليـك ابـن عـبـد الله وافـيـت مثـقـلاً *** بـأوزار عمـر مــر معظـمـه لـهـوا
غفلـت عـن الأخـرى وأهملـت أمرهـا *** وطاوعت غي النفـس فـي زمـن الغلـوا
ومـنـك رســول الله أرجــو شفـاعـة *** تـغـادر مـسـود الصحـائِـف ممـحـوا
ولـي فـي عريـض الجـاه آمـال فائـز *** بمـا رامـه مـن فيـض فضلـك مـبـدوا
ومـن سِـرِّك ابـذر فــي فــؤادي ذرة *** لأرجــع بالعـلـم اللـدُنِّـي مـحـبـوا
علـى عتبـات الفضـل أنزلـت حاجتـي *** وتالله لا يـمـسـي نـزيـلـك مـجـفـوا
وقـد صـح لـي منـك انتمـاء ونسـبـة *** إليـك لسـان الطعـن مـن دونهـا يكـوى
وأنت الذي تـأوي النزيـل وتكـرم السليـل *** وترعـى الـجـار والصـهـر والحـمـوا
وقـد مسّنـي مـن أهـل بيتـي وبلـدتـي *** أذى وكثـيـر منـهـم أكـثـروا الـعـدوا
فكـن منصفـي بالصبـر ضـاق نطـاقـه *** وخذلـي بحقـي يـا ابـن ساكنـة الأبـوا
وقـابـل بألـطـاف القـبـول مـديـحـة *** مبـرأة عـن وصمـة اللـحـن والإِقــوا
بمـدحـك تـزهـو لا بـرونـق لفظـهـا *** وترجو علـى الأتـراب أن تـدرك الشـأوا
تـؤمـل أن يسـقـي محـررهـا غــدا *** من الكوثـر المـورود كأسـاً بهـا يـروى
وصلـى عليـك الله مـا أنـهـل صـيـب *** مـن المـزن فاخضلـت بجناتـه الجنـوى
صـلاة كمـا ترضـى معـطـرة الـشـذا *** تفـوح بهـا فـي الكـون رائحـة الغلـوى
ويـسـري إلــى أرواح آلــك سـرهـا *** وصحبك والأتبـاع فـي السـر والنجـوى