تهذي على صَمْتِ الرمال رياحُ =ويَغيبُ عنْ عُمْرِ السنينِ صَباح
يهمي الجَفافُ على حُقولِ رُبوعِنا=حُرَقاً، لها مَغدى بِها ومَراح
وعلى رُفاةِ الليلِ يبتَلِعُ المدى=وَجَعٌ، ولحنُ الأغنياتِ نُواح
عَطَشُ السَرابِ تسربلتْ بِشَقائهِ=مُدُنٌ عليها مِنْ لظاهُ وِشاح
وصَدى حَكايا الريحِ وَجْهُ عباءةٍ=سَوداءَ، يلوي جيدَها الأشباح
تتسلّلُ الطُرقاتِ أنفاسُ الدُجى=وتجوسُ أحشاءَ الثرى أتراح
لُجَجٌ كهاتيكَ الجبالِ زواحِفٌ=يدعو (مُسيلمةٌ) لها (وسَجاح)
مازالتِ الأيّامُ تحسو قيئَها=لَهبَاً، ودمعُ جفونِها سَحّاح
لا رُوحَ في جسدِ الجِهاتِ، فلا تلُمْ=جَسَدَ الجِهاتِ إذا خلتْ أرواح
هَرِمتْ عُروقُ الظلِّ، أذبلَ روضَها =ظَمَأُ الهجير، فماتتِ الأدواح
حُلُمُ النوارِس صارَ مُمتعِضَ الخُطى =ما عادَ يحضنُهُ الهوى الفيّاح
يا لاحمرارِ الموتِ، فَصْلُ نَخيلِنا=أدمتْ سنابِلَهُ قَناً ورِماح
عَبَثاً نصيحُ، ففي اليمينِ مَواجِعٌ=حرَّى، وفي الأخرى تثورُ جِراح
سكرى هي الأنحاءُ، أثملَ وَعيَها=صَخَبُ القروحِ، فكمْ تفيضُ قِداح
لا شيءَ غير الصمتِ يجهَشُ بالبُكا=فتضِجُّ منه سواحِلٌ وبِطاح
الغَرقَدُ المشؤومُ يحيا هانئاً=ويموتُ في ساحاتِنا التُفّاح
جازان ـــ 15/1/1429هـ