أيها الكرام
الخيال المريض والأدمغة المشوشة هي أيضاً منتجة
بغض النظر عن صلاحيةِ ماتنتجه وبصرفهِ عن كميته.
وهناك أيضاً من العقول المشوشة
ماتستقبل فقط دون أدنى تمحيص أو تدقيق
بل وتزيد الطين بِلةً عندما تصفق بحرارة
لليلة من تلك الليالي الألف .
والفرق واضح بين الخيال المشوش وبين الآخر المبتكر
فقصة كرواية (الشيخ والبحر ) مثلاً لآرنست همنجواي هذا العبقري
تختلف عن قصة رواها (شهاب الدين الأبشيهي)في كتابه (المستطرف في كل فنٍ مستظرف)
فالخط الفاصل هنا وهناك شعرة لاتكاد ترى بالعقول المجردة .

فعندما يريد إنساناً الهروب من واقع مرير
فإنه يدلفُ من بوابة الخيال كيفما اتفق
بل ويستوطنه الخيال ويستعمره
فيقضي فيه حياته بعيداً عن ذلك الواقع.

فالروح المهزومة في واقعها تبحثُ عن النصر في الخيال.
بل وأحياناً يتقمص دور البطل في قصة (علي بابا والأربعين حرامي)
إلى أن يصل لدرجة يصبح فيه خياله المشوش هو واقعه المعاش.

والدليل على ذلك أن من صاغ ألف ليلة وليلة أصبح يعيش
خيالاً في واقعه أو واقعهُ في خياله .
واستمر به الحال إلى أن أنتج تلك الغرابة والسخافة .

المرض الذي لابد أن يكافح هو عندما يشوش خيال مجتمع بأكمله
فلا ينتج إلا كتباً مازالت تطبع (كبدائع الزهور في وقائع الدهور)
ويصبح المجتمع كمن يبكي على دراما هندية يعرفُ أنها كذب
ولكنه يعيشها.

الحسن القاضي
2008/3/15