محمد بن عبدالله الحميِّد
خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اعتاد الصراحة والشفافية والحديث من القلب إلى القلب كلما خاطب شعبه بعضا أو كلاً... ومن ذلك ما ألقاه في مجلس الشورى 7/3/1429هـ من أمثال هذه المقاطع الموجزة والمعبرة عما تعجز عنه المجلدات من الكتب "لا نريد أن يكون بيننا ظالم ومظلوم، وقوي وضعيف... لم أتردد في توجيه النقد الصادق لنفسي إلى حد القسوة خشية من أمانة أحملها... لا نسمع نداءات الجاهلية سواء لبست ثياب التطرف المذهبي أو الإقليمي أو القبلي... فترة الفوضى ذهبت بلا عودة ولن تكون إلا ذكرى ترسخ فينا مفاهيم الفضيلة... لنتذكر جميعاً أننا مسؤولون أمام الله وأمام شعبنا ووطننا... الحرية المسؤولة حق لكل النفوس الطاهرة المحبة لمكتسبات الوطن... الحرية في التفكير والنقد الهادف والمسؤولية أمانة لا مزايدة فيها... لنتذكر جميعاً أننا مسؤولون أمام الله ثم أمام شعبنا ووطننا... الحرية حق لكل النفوس الطاهرة المحبة لمكتسبات الوطن الروحية والمادية".
وهكذا كل فقرة من الخطاب دليل ساطع على صفاء النفس ونقاء الضمير لهذا الزعيم الإنسان فهو الصادق مع ربه المتفاني في محبة شعبه... يفرح لسعادته ويتألم لشقائه ويعطي الأمانة العظمى التي يحملها قدرها من الاهتمام والحرص على أدائها في أكمل صورها.
ويكفي أن يوجه النقد الذاتي إلى شخصه قبل سواه... بل إلى حد القسوة حتى لا يقصر في أداء واجباته نحو دينه ووطنه... وكثيرا ما يذكر شعبه بأن الدين والوطن لهما الأولوية في كل الشؤون، ولا مساومة عليهما ولا رحمة لمن يسيء إليهما بحال من الأحوال.
ومنذ تقلده ـ حفظه الله ـ زمام المسؤولية العظمى وهو يرفع راية الإصلاح... ومكافحة الفقر والفساد وسوء الإدارة... ويفتح أبواب الحوار الوطني الهادف حول كل ما يهم المواطنين للوصول إلى آراء سديدة تخدم الصالح العام، وتقرب بين القلوب وتوحد الصفوف... وتحارب الفتن الطائفية والمذهبية والتشرذم وتضع حدا للفكر المتطرف والإرهاب الوالغ في الحقد والكراهية وإفساد الحياة.
واعتمد خطاباً وحدوياً على نهج والده المؤسس يضع المواطنين جميعاً على صعيد واحد من الاهتمام والرعاية والمساواة دون تفريق ولا تمييز.
مما ضاعف محبته في قلوب شعبه وزاد من الالتفاف حوله والسير وراء قيادته الحكيمة.
وخلاصة القول... فإن خطابه السامي بمجلس الشورى يلقي المسؤولية على عاتق كل مواطن سواء كان في موقع المسؤولية أو أي مجال آخر... أن يبدأ بنفسه فيقومها ويتفاعل مع أهداف القائد الصالح لتصل القافلة إلى غاياتها وتعبر سفينة الوطن إلى شاطئ الأمان والسلام.