أخي العزيز الحلم ..
قد تبدو هذه الحركات الآن فارغة من مضمونها .. ولا تعني شيئا ..
لكنني أتصور بأنها يمكن أن تتسلل الى المجتمع لتصبح بعد تراكم
السنين جزءا من الارث الثقافي لذاك المجتمع ..
لا أشك أبدا في أنك سمعت أو قرأت عن ما يسمى بحرب الحضارات
وصراع الثقافات ..
وهو مصطلح طرحه الغربيون الصليبيون أنفسهم ..
انهم أقصد (الغرب الصليبي ) حريصون حتى فيما بينهم على التمسك
بهويتهم القومية .. رغم توحد دينهم ..
ألا ترى كيف استقبل الفرنسيون بحذر وامتعاض مطاعم الوجبات السريعة
على الطريقة الأمريكية .. وكيف أن كثيرا من مثقفي فرنسا ندد بها
وأتهم أمريكا بمحاولة تصدير ثقافتها الى فرنسا ..لأمركة الثقافة الفرنسية ؟
نحن أولى من الفرنسيين بالتحسس من تلك الدلالات ( الصليبية المضمون )
والتي هي سمة من سمات ثقافة محاربة لنا على كل الأصعدة ..
في السياسة والفكر والاقتصاد ..
سأروي لك قصة من تجاربي الشخصية .. ربما لألفت الانتباه الى شيء مهم
قد يحدث للأطفال أو للمراهقين دون أن يلاحظ الأهل ذلك ..
أذكر أنني عندما كنت طفلة .. كانت والدتي تمنعني من مشاهدة أفلام الرعب ..
لكنني وأخي كنا نجد الفرصة لمشاهدة هذه الأفلام عندما نذهب الى بيت خالتي ..
وكنا مجموعة من الأطفال أكبر مافينا عمره اثنتي عشرة سنة ..
نجلس أمام جهاز الفيديو لمشاهدة أفلام ( دراكولا ) أو مصاصي الدماء .
ولأن جميع أفلام دراكولا .. تحاول تأكيد أهمية الصليب في مواجهة مصاص
الدماء .. فهو وحده الكفيل بابعاده ..
ولأننا كنا عاجزين عن النوم من شدة رعبنا بعد مشاهدة تلك الأفلام ..
تفتق ذهن أحدنا عن صنع صلبان من الخشب .. لكي تحمينا من دراكولا
لو هجم علينا أثناء نومنا ..
لم نكن ندرك حينها ماهو الصليب ولا ماهي المسيحية الصليبية ..
كنا مجرد أطفال .. تسربت الينا فكرة خاطئة من ثقافة معادية ..
الآن أصبح التلفزيون يروج لمثل هذه الأفلام وبالتالي لمثل هذه الأفكار ليتلاقاها
الأطفال و صغار السن ببراءة متناهية .. فمن مغامرات بافي الى تشارم الى انجيل
ومجموعة أفلام الفامباير ..
أرجو ألا أكون قد استطردت كثيرا لأوضح وجهة نظري ..
التي هي أنه يجب علينا أن نكون في أشد حالات الحرص عندما يتعلق الأمر
بأيدولوجيتنا وثقافتنا ..
لك كل التقدير وعظيم الاحترام من أختك ..