اعتداءات وسرقات تنتهي بإحراق المنازل
طه طواشي- جازان تصوير: فيصل مهدي
يقف حي الجبل الذي يقع أسفل جبل الملح بمنطقة جازان وأقدم احياء مدينة جازان بشواهده وآثاره التاريخية الموجودة شاهدا على حقبتين متناقضتين من الزمن ففي الوقت الذي شهد على احداث تاريخية هامة بحكم وجود قلعة الدوسرية التي كانت مقرا لحاكم المدينة إبان الحكم العثماني وقلعة الاتصالات وخروج الكثير من العلماء والمفكرين الذين اثروا الجامعات بمؤلفاتهم وبحوثهم من بين أزقته فقد عاش وتربى فيه مبدعون وعلماء وصلت شهرتهم إلى العالمية ومنهم الشيخ المؤرخ العلامة محمد العقيلي فما يزال منزله يقف شاهدا على المؤلفات والكتب والتاريخ الذي خرج من نوافذه وأبوابه ليثري المكتبات الجامعية... وعلى مدخله إطلالة أول إدارة تعليم للمنطقة في المدينة والتي ساهمت في النهضة التعليمية التي يشهدها أبناء المدينة بشكل خاص والمنطقة بشكل عام.
هجرة السكان
أما اليوم فلم يتبق في هذا الحي من سكانه الأصليين إلا القليل يعيشون بين عبق تاريخه البائد المتمثل في عدد من الآثار وبين روائح البانقو والمروانة وشدو باعة المخدرات ولصوص الليل من جهة والمنازل المنهارة التي تهدد بالسقوط على رؤوسهم بين الحين والأخر
فحسب الإحصائيات الرسمية فإن عدد سكان الحي حاليا يبلغ قرابة
1500 لا يتجاوز عدد السكان الأصليين 500 من السعوديين أما البقية فهم من المخالفين لنظام الإقامة فاغلب سكان الحي الأصليين قد غادروا وانتقلوا إلى الأحياء الجديدة نتيجة التطور العمراني وإنشاء أحياء جديدة خارج مدينة جازان القديمة وبقيت بعض منازلهم الأمر الذي ساهم في تحوله من حي تسكنه نخبة من أبناء مدينة جازان ليصبح اغلب ساكنيه من المقيمين والمخالفين للإقامة.
على قارعة الطريق
الزائر لهذا الحي يشاهد بجلاء باعة المخدرات المنتشرين على طرقاته وأزقته فالقات وبعض أنواع المخدرات متوفرة ولا يحتاج طالب هذه الأنواع إلى دليل فبمجرد دخوله الحي سيجد الكثير من الباعة المخالفين لنظام الإقامة يقتربون منه ويعرضون عليه بعضا منها والغريب وهذا ما حدث معنا اثناء تجولنا في داخل الحي في رابعة النهار قام أحد المخالفين بعرض حبات من القات وبعد ان تمكنا من تصويره غادرنا المكان، الغريب في الأمر ان إحدى الدوريات الأمنية قامت بإيقافنا اثناء تجولنا وطلبت منا إثبات الهوية واخبرنا احد الأفراد أنهم اشتبهوا فينا.
الأزقة والطرق الجبلية تعيق رجال الأمن ولا تهدأ الحركة في هذا الحي على مدار الساعة وذلك نتيجة لبيع المخدرات من قات وغيره على الرغم من التواجد الأمني بين الحين والآخر في الحي إلا ان هذه التجارة تدار في بعض الأوقات بكل جرأة وفي رابعة النهار تساعدهم في ذلك التضاريس وبنية الحي التحتية شبه المدمرة ووجود الأزقة الضيقة والطرق الجبلية الرملية المرتفعة والتي لا تستطيع المركبات الدخول إليها إضافة إلى المنازل المنهارة التي يختبئون فيها مع مخدراتهم كل هذه العوامل جذبتهم لحي الجبل ليكون لهم وكراً لتصريف بضاعتهم.
السرقات والسطو
ولم تقتصر مشاكل الحي على خطر المنهارة بل برزت ظاهرة (السطو والسرقات) وتركت مخاوف كبيرة لدى السكان من المواطنين والمقيمين خاصة ان عملية السرقة تصاحبها عمليات اعتداء بالضرب المبرح وإحراق المنازل وقد ساعدت المنازل المنهارة والمهجورة المتواجدة في الحي اللصوص والمجرمين خاصة من المجهولين على التكاثر لأنها تعتبر أوكارا آمنة لهم ينطلقون منها لتنفيذ مهامهم الإجرامية ويحتمون بها أيضا.
ويصف بعض السكان عمليات السرقات على أنها متكررة حيث طالت أكثر من منزل ولم يتم القبض على اللصوص حتى الآن والمشكلة الكبيرة ان اللصوص قاموا بإحراق بعض المنازل التي سرقوها ولا نعلم السبب في ذلك والحمد لله لم يكن بداخلها أحد والآن ننام بعيون نصف مفتوحة تحسباً لذلك.
فيما يروي البعض الآخر قصص سرقات أخرى فقالوا اقتحم بعض اللصوص منزل امرأة عجوز تسكن لوحدها وسرقوا مبلغاً تجاوز السبعين ألف ريال كجمعيات لبعض الجيران كانت العجوز تهم بتسليمها في اليوم الثاني لأصحابها وعندما قاومت العجوز اللصوص أشبعوها ضرباً دون رحمة وفروا هاربين والى يومنا هذا لم يتم القبض على اللصوص وختموا حديثهم بضرورة تدخل الجهات الأمنية وإيقاف عمليات السرقات.
المنازل المنهارة
تتواصل جولتنا في أزقة حي الجبل ونرصد هنا إشكالية جديدة لا تقل أهمية عن الإشكاليات الاخرى وهي وجود المنازل المنهارة التي يتكئ بعضها على الآخر وهي قنبلة موقوتة تهدد بإزهاق وسحق الكثير من الأرواح والأجساد البريئة لتكرر الانهيارات بين فترة وأخرى.
|
 |
رد مع اقتباس
