منقول عن جسد الثقافه
.
. سيرة 33
--------------------------------------------------------------------------------
بعد كتابتي رسالة : " إلى سعادة الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي حفظه الله " .. وجدتُ رسالة منه في بريدي الخاص بمنتدى مدينة على هدب طفل ..
كنتُ قد قرأتُ له : " امرأة و زوجان " ، و بعض قصص ساخرة مريرة أخرى ، و علَّقتُ على إحدى قصصه بعبارة : " أشعر بالامتنان لمشاركتي إياك هواء جدّة " .
اتصلتُ به ، و اتفقنا على لقاء يتم تنسيقه لاحقا .. و هو ما تم بالفعل ..
فبزيارة كريمة منه لمكتبي في طريق المدينة ذات يوم بهيج تم اللقاء . حضر و قد قمنا إلى صلاة المغرب ، فصلَّى معنا .. ثم جلسنا نتحدَّث .
قلنا أشياء كثيرة في اللقاء الأول
تحدثنا عن القدس و الرنتيسي و عرفات و الوضع العام و الوضع الخاص و القصة و الشِعر ..
ذلك هو نسين هذا الوطن " مسعد الحارثي " ..
في قصته " همهمات على الرصيف " كتب عن الكثير من مظاهر الوضع المتردي في المملكة العربية السعودية .. تلك القصة التي تشعلك ضحكا و حسرة .. فالحكومة " أبخص " ، إذا يلغى من المخطط المسجد و إدارة الدفاع المدني و كثير من المرافق من أجل استغلال الأرض في تخطيط مزيد من القطع التجارية .. و الفتاة التي تخرجت من كلية شرعية تفشل في الحصول حتى على وظيفة مؤذن في أحد المساجد رغم تعهد والدها بتحويلها إلى " رجل " في حال تم قبولها ، و ..
كل ما يخطه " مسعد الحارثي " ساخر و أليم ..
سألته :
-هل يعقل هذا ؟ أن يُنقل المسجد و تلغى المدرسة و .. ؟
أجاب واثقا :
- و الله حصلت ، و ستسنح الظروف يوما ما و ستلتقي بـ " ... " و يخبرك القصة كاملة .
.
جلستُ يوما إلى منتدى المدينة ، و أردتُ كتابة ما ينقل شيئا من ودّي العميق لهذا الرجل ، فجاءت الكتابة نصّا شِعريا .. عفويا لقاص جاوز الخمسين من عمره و لم يفكّر في النشر ، و أول ما تلاحظه على كتبه التي يعيرك إياها من مكتبته الخاصة أن الكثير منها عبارة عن كتب مهداه إليه و من أكثر من مبدع من مبدعي هذا الوطن ، و جميعها - تقريبا - تتصدرها عبارة إهداء تكاد تكون صيغتها واحدة : " إلى القارئ النهم .. "
فأين نحن من نهم القراءة لمجرد المعرفة ، و ليس لاستعراض عضلاتنا الثقافية !!
مسعد الحارثي
ربما وطنٌ واحدٌ
ربما أرصفه
ربما شغفٌ بالوجوه تلبسنا
حين جاء تحدث ثم تحدث ثم تحدث
قال أشياء لا حصر للماء فيها
و أخبرني عن " سدوم " القصائد
و النبلِ
و الشرفاء
جاء في حلةٍ من ضياءٍ فأسرج قافلة الحرفِ في لغتي
قال لي كيف تولدُ في وطنِ الحبرِ أرجوزة لا تراها العيون
قال لي :
كتبتُ الحكاية منذُ اشتعالِ أوار الحلم
قال لي :
وطئتُ ظلال القَصَص
تبلسمتُ بالنزفِ حينَ يؤطرُ خوفَ الجميلين من قلةِ السالكين ..
قال أشياء عن وطن و وطن
قال ماكنتُ يوما لأني أرى أنني لم أحن
قلتُ : يا سيدي
ربما كان قلبي شراعا لأمثالك الطيبين
و لكنني سوف أعصف بالنص من أجل عينيك ..
فكن أنتَ بيني و بيني الحكم
....
قال لي كلَّ ما كنتُ أجهله
و غادرني زاعما أنه لم يحن ..
.
.
أيهذا البديع البديع :
يالهذي الحياه ..