لونك المفضل

المنتديات الثقافية - Powered by vBulletin
 

النتائج 1 إلى 20 من 502

الموضوع: أقدم لكم إستشارة نفسية مجانا

العرض المتطور

  1. #1
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية ضيف الله مهدي
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    10 2006
    المشاركات
    1,832

    مشاركة: أقدم لكم إستشارة نفسية مجانا

    النـجـاح والبـرمجـة السلبية :
    الإسلام يعتبر الإنسان هو محور الكون .وعندما ينجح الإنسان كفرد؛ فإنه يشكل جزءًا لنجاح المجموع كأمّة، وبالتالي بناء الحضارة.فالأمة مجموعة أفراد،والحضارة إنتاج أمة. فكل إنسان لديه إمكانية النجاح، ولكن نجاحه يعتمد على قدرته على تفجير مواهبه.مخطئٌ من يتصور أن النجاح يأتيه على طبق من ذهب، وإلاّ لساد الناسُ كلهم، فالدنيا قد خلقت على كدرٍ، والبعض يريدها خلواً من الأكدار ! فكيف تنجح؟
    1ـ الثقة بالنفس: فهي من المقومات الرئيسة لكل من ينشد النجاح،فلا نجاح بدون ثقة الإنسان بذاته 0
    فضعف الثقة بالنفس هو إصدار حكم بإلغاء قدرات الإنسان ومواهبه، وبالتالي الفشل المحتم!.
    2ـ الإرادة القوية : فالإنسان يعيش صراعاً من أجل البقاء، ولن ينتصر في هذا الصراع إلاّ من تسلح بإرادة قوية، ومن استسهل الصعاب أدرك المنى 0 أما ضعيف الإرادة فلا بد وأن يهزم في معركة الحياة 0
    3ـ الطموح الدائم: حيث يزرع في الإنسان المثابرة والجد والاجتهاد، كما يحفزه على التفكير الجاد ، والتخطيط الدقيق 0
    4ـ الحيوية والنشاط المتواصل: وهو عبارة عن الجهد المستمر الذي يبذله الشخص لإنجاز أعماله وتحقيق أهدافه في الحياة 0
    5ـ التوكل على الله وحسن الظن به: قال تعالى : { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } 0
    قواعد النجاح سبع, وهي :
    1ـ تحديد الهدف في الحياة 0
    2ـ تعرف الإنسان على شخصيته 0
    3ـ عدم التفريط في الوقت 0 والاستفادة من تجارب الآخرين.والبعد عن الإسراف 0
    4ـ مقاومة التعب 0 وأخيراً التأكيد على أن يكون الإنسان متفائلاً 0
    البرمجة السلبية :
    من أهم العوامل التي أثرت على سعادة الإنسان حتى أصبح تعيساً هي البرمجة السلبية التي تعرض لها منذ طفولته من قبل مؤثرات كثيرة ، منها:
    1ـ الأُسْرَة : فلأسرتك دور كبير في تشكيل سعادتك؛ فمعظم العادات السلبية أو الإيجابية يكتسبها الطفل من والديه والمحيطين به في المنزل، فقد يكتسب الطفل الخوف , أو القلق, أو التشاؤم من والديه, أو أحدهما 0 روى البخاري عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم : ( مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاّ َيُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْيُمَجِّسَانِهِ ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ ، هَل ْتُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ )0
    2ـ المدرسة: فلو رجعت بذاكرتك إلى أيام الدراسة ؛ فستذكر مثلاً بعض العبارات التي ألقاها عليك بعض مدرسيك , وأثرت في نفسيتك تأثيراً عظيماً 00 كقولهم :أنت مشاكس 00أنت غبي 00 أنت ساذج 00 وعلى الجانب الآخر ستجد أساتذة قد أخذوا بيدك, وأعطوك جرعات تشجيع؛ زادت من ثقتك بنفسك , وغيرت من نظرتك لذاتك 00 إذن فللمدرسة دور كبير في تشكيل سعادتك 0
    3ـ الأصدقاء:
    للأصدقاء دور كبير في تشكيل سعادتك؛ فأنت تتأثر بهم كما تؤثر فيهم ...وفي الأثر يروى عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : ( الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ ) رواه أحمد, والترمذي, وأبو داود, عن أبي هريرة رضي الله عنه 0
    فكثير من المدخنين ؛ كانت أول سيجارة يدخنها من يد صديق 00 وهذا الأمر يسري على جميع العادات السلبية والإيجابية الأخرى 0 لذا فالأصدقاء أيضاً شاركوا في تشكيل سعادتك 0
    4ـ وسائل الإعلام: لا يخفى على أحد أثر وسائل الإعلام في طريقة تفكير وسلوك وعادات الشعوب ، ولعل ما نراه من عادات دخيلة على مجتمعاتنا أكبر دليل على ذلك، فرأينا الطفل ذا التسعة أعوام يتغنى بالحبيب ، ويتأوه من ألم الفراق! 0 قد تشمئز النفس من فكرة سلبية تعرض ، ولكن مع التكرار تصبح لدى البعض أمراً عادياً 00
    لم لا وقد تمت برمجة عقولهم بتكرار عرضها؟!.
    5ـ المصدر الأخير وذو الأثر الكبير هو: أنت نفسك : لقد برمجت نفسك برمجة ذاتية نابعة منك عن وعي , أو بدون وعي على عادات سلبية أو إيجابية 0 فمن الممكن لهذه البرمجة الذاتية أن تجعل منك إنساناً سعيداً، تغمره مشاعر التفاؤل والحماس؛ يحقق أحلامه وأمانيه، أو إنساناً تعيساً وحيداً بائساً يائساً من الحياة . وفي ذلك يقول أحد المتخصصين : " إن ما تضعه في ذهنك سواء كان سلبياً أو إيجابياً ستجنيه في النهاية " 0
    لذا تذكر هذه النصيحة:
    ـ راقب أفكارك ؛ لأنها سوف تصبح أفعالاً ! 0
    ـ راقب أفعالك ؛ لأنها ستصبح عادات ! 0
    ـ راقب عاداتك ؛ لأنها ستصبح طباعاً ! 0
    ـ راقب طباعك ؛ لأنها ستحدد مصيرك ! والأمر بيد الله ، فقط هذه أسباب 00
    أحدهم يقول: إنه يذهب إلى عمله مع شخصين:
    أحدهما يتحدث دائماً عن مشكلة المواقف وصعوبتها, وعادة ما يمكث أكثر من نصف ساعة يبحث عن موقف والآخر يتحدث عن توفر المواقف مع كثرة الناس ، وغالباً ما يجد الموقف دون عناء 0
    الاسترخاء : إن الحماسة المؤدية للعمل لا تتقاطع مع الأعصاب الباردة 0 والعمل المستمر انتحار بطيء 0
    1ـ امنح نفسك قسطاً من المتعة، وهدوء البال، والحيوية والاسترخاء، لاسيما في أوقات خلوتك بنفسك 0
    2ـ فكّر دوماً بالأمور الإيجابية في حياتك ، وتلك الأشياء التي تمتلكها وليست لدى غيرك 0
    3ـ لا توتر نفسك بمشكلات الدراسة أو العمل ، واعتبرها جزءًا من الحياة 0
    4ـ لا تلتفت أبداً إلى الطعنات التي من الخلف ومضايقات الآخرين ، وتقبل دوماً الأمور على ما هي ؛ لأن شيئاً لن يتغيّر ، فأنت لن تستطيع أن تربي الآخرين أو تغيّر سلوكهم 0
    5ـ إذا كان جدول أعمالك مزدحماً لا تقلق نفسك ، وتصاب بالتوتر، ففي النهاية أنت لن تنجز إلا ما يتسع له الوقت 0
    6ـ من الأفضل أن تنفذها بنفسية جيدة؛ لتشعر بنوع من السعادة والرضا 0
    7ـ كن متفائلاً 0
    8ـ تعلّم كيف تسلم ببعض الأشياء التي جُبلت على ما هي عليه، فليس هناك أسلوب حياة أو عمل أو أسرة تخلو من المشاكل 0
    9ـ لا تنظر إلى تجاربك الفاشلة نظرة حزن أو تشاؤم 0
    10ـ اجعل الفشل دافعاً ووسيلةً لاستمرارك للوصول إلى النجاح، فالأشخاص الذين يأسرون أنفسهم في تجاربهم الفاشلة لا يمكن أن يكونوا سعداء أبداً، وتذكّر الحكمة الصينية التي تقول: "القرار السليم يأتي بعد الخبرة التي تأتي من القرار السيئ" 0
    11ـ عندما تقابل صديقاً مقرّباً قُلْ له نكتة بريئة ، أو اطلب منه أن يقول لك ذلك ، فالابتسام والضحك يولّد بداخلنا نوعاً من السعادة والبهجة 0
    12ـ لا تجعل المستقبل مصدر قلق لك ؛ لأن ذلك سيسلبك السعادة بالأيام التي تعيشها 0
    13ـ كن جريئاً في قراراتك دون تهوّر أو اندفاع ، وكما تقول الحكمة : "الحياة هي المغامرة ذات المخاطر, أو هي لا شيء على الإطلاق" 0
    14ـ لا تلتفت لصغائر الأمور اليومية ؛ فهي لا تحتل الجزء الأكبر من تفكيرك، ولا تدعك تستمتع بمباهج الحياة
    15ـ اجعل أحد مصادر سعادتك القيام بشؤون والديك وإسعادهما، ومساعدة المحتاجين ، أو رسم البسمة على وجه طفل ، أو هرم من شيوخ المسلمين 0
    16ـ أخيراً وأولاً 00 اعمل على تقوية صلتك بالله عز وجل ، وليكن إيمانك بالقدر باعثاً على راحتك النفسية ، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، و أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، واعلم أن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسرًا، كما قال صلى الله عليه وسلم 0

  2. #2
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية ضيف الله مهدي
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    10 2006
    المشاركات
    1,832

    مشاركة: أقدم لكم إستشارة نفسية مجانا

    ازيك يادكتور يارب تكون بخير

    انا سمعت كلام حضرتك في اللي قولته ليا وسمعت كلام اهلى كمان وتركت الشخص اللي بتمناه وقرأت فاتحه مع الشخص اللي هما اختروا وخلاص خطوبتي يوم 26/04/2006
    بس عايزه اقول لحضرتك على حاجه اهلى كلهم فرحانين وكلهم بيضحكوا من قلبهم
    بس بصراحه يادكتور انا كل يوم اسوء من اليوم اللي قبله انا زى مانا اعطيت فرصه لنفسي ووضعت في تفكيري ان ده نصيبي بس انا حقيقي مش عندي قبول خالص خالص للشخص ده بس خلاص اللي حصل حصل
    المشكله دلوقتي اني انا مش انا حاسه اني حد تاني ماشيه بتفكيرم هما الفرح على زوقهم والشبكه هما اللي اختاروها وانا بقيت لا مبالاه وبقيت مستهتره اوى في عملي وفي نفسي وفي كل حاجه حتى الصلاه مش بصلي كمان والضحكه اللي مش بتفارق وجهي هاجرتني خالص ولما بضحك بضحك عشان اجامل اللي امامي وبكون برسمها مش طبيعيه ولا من قلبي
    الحاجه الوحيده اللي عندي دلوقتي البكاء ثم البكاء ثم البكاء ليه مش عارفه حاسه اني دخلت في سجن كبير اسمه اكتئاب مش عارفه اخرج منه حاسه ان في جرح فيا وعمال ينزف ومش عارفه اوقفه حاسه ان الواقع وحش اوى والدنيا كمان وحشه اوى يمكن العيب فيا بس انا خلاص حاسه اني مش عايزه حاجه لا عايزه حد يكلمنى ولا عايزه اكلم حد عايزه اسكت بس
    انا خلاص راضيه بالأمر الواقع بس اللي انا حاسه بيه عمري ماحسيت بيه قبل كده
    نفسي اموت نفسي اسكت حاسه اني مصدومه في الواقع صدمه ملهاش نهايه
    اسفه طولت عليك بس حبيت اقولك على قليل جدا من اللي انا في دلوقتي
    مي اللي كنت تعرفها قبل كده اتغيرت بالكامل بدل الطموح في يأس وبدل النجاح في فشل وبدل الضحك في بكا وبدل الراحه في تعب والله ده قليل جدا من الاحساس اللي انا في واخيرا البكاء والجرح اصدقائي واصبحوا مسيطرين عليا بالكامل ويلازموني في كل مكان واى وقت

  3. #3
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية ضيف الله مهدي
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    10 2006
    المشاركات
    1,832

    مشاركة: أقدم لكم إستشارة نفسية مجانا

    أنت تقولي هذا ؟
    أنت في الماجستير ومتخصصة كمان علم نفس ، مش معقول ولا أقبل منك مثل هذا التحول السلبي 00
    أنت مش أول بنت ولا آخر بنت تحب شخص وما تتزوج به 0
    قيس بن الملوح ( مجنون ليلى ) ما تزوج ليلى رغم الحب الذي لليلى 00 وتوسط في الموضوع ( الحسين بن علي بن أبي طالب ) رضي الله عنه وعن أبيه ومع هذا ما تزوج قيس بليلى 0
    وجميل وبثينة والحب الذي بينهما ومع هذا ما تزوج بها وتزوجت هي بشخص آخر 0
    يا بنتي مش معقول الذي تسلكيه هذا 00 وتتركي الصلاة وتكوني غير مهتمة بعملك ودراستك 0
    خلاص أهلك اختاروا بعض الأشياء التي تخصك ، اجعلي رضاك بهذا برا وطاعة وتقربا إلى الله 00 قولي في نفسك : يا رب أنا رضيت بفعل أهلي حبا في رضاك وتقربا إليك 00 عندك الكثير من الملفات التي بعثت بها إليك راجعيها وطبقي ما فيها من تعليمات 00 وبعدين بقول لك سر من أسراري في العلاج :
    أنا أحط الشخص على أول الطريق الصحيح وأزوده بما يساعده في جميع ما يواجهه من مشاكل 0 ولهذا لا يراجعني الشخص سوى مرة أو مرتين ، أما يسأل عني فهذا يسعدني أما يطلب مساعدة فأنا قد أعطيته ما يعيش به مئة سنة ، وقد أعطيتك ما يبقى معك مئة سنة 0 أنت كلما واجهتك مشكلة عودي لما بعثت به لك من ملفات تساعدك ، وأرحب بك دائما وأسعد عندما أسمع عنك أنك سعيدة 0 وأتضايق جدا عندما أسمع عنك مثل هذا الذي قرأته 0
    برفق هذه الرسالة ملف بعنوان : ( احفظ الله يحفظك )

  4. #4
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية ضيف الله مهدي
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    10 2006
    المشاركات
    1,832

    مشاركة: أقدم لكم إستشارة نفسية مجانا

    عن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : كنت خلفَ النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال : ( يا غلامُ إني أُعَلِّمُك كلمات : احفظِ الله يحفظك، احفظِ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفّت الصحف )
    وفي رواية: ( احفظ الله تجده أمامك، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفْك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك،واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا ) 0
    وفي رواية: ( يا فتى ألا أهب لك ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أنه قد جف القلـــــم بما هو كائن، واعلــــــم بأن الخلائـــق لو أرادوك بشيء لم يردك الله به لم يقدروا عليه، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً ) 0
    مكانة الحديث:
    حديث ابن عباس هذا حديث عظيم ـ وكل أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عظيمة وشريفة ـ فهو أمر نبوي كريم بحفظ الدين، وبيان لنتيجة ذلك، وهو نصر الله وتأييده وحفظه لمن حفظ دينه، وقد اشتمل هذا الحديث على مسائل عقدية تعد أصولاً عظيمة ، من الإيمان بالله والإخلاص له بالعبادة والتوكل عليه والاسـتعانة به ، والقضاء والقـدر ، والاتبـاع لما جاء به رسوله .
    ومما يدل على مكانته اختيار النووي (ت 676هـ) له أن يكون ضمن الأربعين حديثاً التي جمعها، وكان رقمه التاسع عشر، وذكر سبب اختياره لها بقوله : (( وقد استخرت الله تعالى في جمع أربعين حديثاً …، ثم من العلماء من جمع الأربعين في أصول الدين، وبعضهم في الفروع، وبعضهم في الجهاد، وبعضهم في الزهد، وبعضهم في الآداب، وبعضهم في الخطب، وكلها مقاصد صالحة، رضي الله عن قاصديها، وقد رأيت جمع أربعين أهم من هذا كله، وهي أربعون حديثاً مشتملة على جميع ذلك، وكل حديث منها قاعدة عظيمة من قواعد الدين، قد وصفه العلماء بأن مدار الإسلام عليه، أو هو نصف الإسلام، أو ثلثه، أو نحو ذلك… ، وينبغي لكل راغب في الآخرة أن يعرف هذه الأحاديث لما اشتملت عليه من المهمات، واحتوت عليه من التنبيه على جميع الطاعات، وذلك ظاهر لمن تدبره )) 0
    كما اختاره النووي أيضاً ليكون ضمن كتابه القيم (رياض الصالحين)، ووضعه في الباب الخامس، باب المراقبة، من الكتاب الأول، فكان رقمه الثاني والستين من جملة الأحاديث التي بلغت 1896 حديـــثاً، وقد قال في مقدمتها: (( فرأيت أن أجمع مختصراً من الأحاديث الصحيحة، مشتملاً على ما يكون طريقاً لصاحبه إلى الآخرة، ومحصلاً لآدابه الباطنة والظاهرة، جامعاً للترغيب والترهيب، وسائر أنواع آداب السالكين، من أحاديث الزهد، ورياضات النفوس، وتهذيب الأخلاق، وطهارات القلوب وعلاجها، وصيانة الجوارح، وإزالة اعوجاجها،وغير ذلك من مقاصد العارفين )) 0
    وقد وجد هذان الكتابان قبولاً عظيماً عند العلماء، وطلبة العلم بعد النووي، إذ كثر انتشارهما، واعتني بهما بالشرح والتعليق 0
    وقد اعتنى العلماء بهذا الحديث خاصة، وشرحوه، وبينوا منزلته، ومن ذلك ما ذكره ابن رجب الحنبلي (ت 795هـ) حيث قال: (( هذا الحديث يتضمن وصايا عظيمة،وقواعد كلية من أهــم أمــــور الدين، وأجلِّها، حتى قال الإمام أبو الفرج في كتابه (صيد الخاطر): تدبرت هذا الحديث، فأدهشني، وكدت أطيش، فوا أسفي من الجهل بهذا الحديث، وقلة التفهم لمعناه )) 0
    وقــال ابن حجــر الهيتمي (ت 974هـ) بأن هذا الحديث اشــتمل على (( هذه الوصايا الخطيرة القـــدر، الجامعــــة من الأحكام والحكم والمعارف ما يفوق الحصر )) 0
    وقال ابن عثيمين: (( فهذا الحديث الذي أوصى به عبد الله بن عباس ينبغي للإنسان أن يكون على ذكر له دائماً، وأن يعتمد على هذه الوصايا النافعة، التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما )) .

  5. #5
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية ضيف الله مهدي
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    10 2006
    المشاركات
    1,832

    مشاركة: أقدم لكم إستشارة نفسية مجانا

    أولا :
    في قوله صلى الله عليه وسلم : ( يا غلام : إني أعلمك كلمات)
    مما يؤخذ من هذا الجزء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الأمور التالية:
    1ـ وجوب تعليم الناس العقيدة الصحيحة، وتربيتهم عليها، وعل العلم النافع، ويكون ذلك بأسلوب مختصر، وكلم جامع واضح، فلو تأملت هذا الحديث لوجدته جامعاً لمسائل عقدية كثيرة بأسلوب موجز.
    2ـ الحرص على تربية الناشئة على العلم النافع، ويبدأ بتربيتهم على العقيدة الصافية الخالصة؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم وجه هذه الكلمات النافعات إلى ابن عباس وهو صغير؛ إذ قال له : (يا غلام: إني أعلمك كلمات)؛ ليتربى الشاب المسلم على معرفة الله وتوحيده، وحفظ حدوده، يلجأ إلى الله في الرخاء والشدة، ويسأله ويســتعين به، ويتوكل عليه سبحانه ، فيصبح شجاعاً مقداماً؛ لأنه يعلم أنه لا يملك أحد من البشر له نفعاً ولا ضراً إلا بإذن الله تعالى، ولأن الله معه ينصره ويؤيده وييسر له أموره، ما دام متمسكاً بشرع الله إخلاصاً وإتباعاً.
    فعلى الجميع الحرص على غرس الإيمان في نفوس الأبناء، وتربيتهم على فهم أصول الإيمان، والعمل بأحكام الإسلام، وتعويدهم على المراقبة والمحاسبة منذ الصغر، قبل أن تصلهم الفلسفات الإلحادية والشبهات البدعية والشهوات المغرضة، وغير ذلك مما تشنه تلك الحملات المسعورة من حرب ضروس ضد شباب الأمة ذكوراً وإناثاً، مرة باسم التثقيف، وباسم التسلية والترفيه مرات أخرى.
    3ـ استحباب تشويق المتعلم، وتهيئته بلطف العبارة، وتنبيهه إلى أهمية ما يلقى إليه، وإشعاره بسهولة حفظه ووعيه ليسهل عليه تلقيه واستيعابه، وبالتالي حفظه ووعيه، وبخاصة المسائل العقدية التي يحتاج إلى دقة في حفظها ونقلها، ويؤخذ هذا من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال لابن عباس مقدماً له هذه المسائل: (يا غلام: إني أعلمك كلمات).
    4ـ ومما يؤخذ من هذا الحديث حرص الرسول عليه الصلاة والسلام على توجيه الأمة، وتنشئة الجيل المسلم على العقيدة الصحيحة والشرع القويم، وقد قال الله تعالى في وصفه صلى الله عليه وسلم : { لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } ، أي يعز عليه الشيء الذي يعنت أمته، ويشق عليها، حريص على هدايتكم، ووصول النفع الدنيوي والأخروي إليكم ، ولهذا ورد عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكرنا منه علماً، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بُيِّن لكم) .
    ثانيا :
    في قوله صلى الله عليه وسلم : (احفظ الله)
    ومما يؤخذ في هذا الجزء ما يلي:
    1ـ إثبات صفة الحفظ لله تعالى ، أخذاً من قوله صلى الله عليه وسلم : (احفظ الله يحفظك)، فهنا أثبت أن الله تعالى متصف بأنه يحفظ عباده الذين يحفظون حدوده، فدل على إثبات صفة الحفظ لله تعالى ، وأنها تتعلـــق بإرادته ومشيئــــته، وهذه الصفة ثابتة لله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم ، لقـوله تعالى : { فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين }، وقوله ســبحانه: { إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظ } .
    وقد ذكر العلماء أن من أسماء الله تعالى (الحافظ) و(الحفيظ)؛ أخذاً من الآيتين السابقتين، ومن المعلوم أن باب الصفات أوسع من باب الأسماء؛ وذلك لأن كل اسم متضمن لصفة، وأسماء الله تعالى إن دلت على وصف فقد تضمنت ثلاثة أمور:
    أحدها: ثبوت ذلك الاسم لله جلّ جلاله .
    الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله سبحانه وتعالى .
    الثالث: ثبوت حكمها ومقتضاها .
    مثال ذلك (الحافظ) يتضمن إثبات (الحافظ) اسماً لله تعالى، وإثبات الحفظ صفة له، وإثبات حكم ذلك ومقتضاه، وهو أنه سبحانه يحفظ عباده، الذين يحفظونه.
    ومن الأدلة أيضاً على تسمية الله بالحفيظ قوله تعالى : { وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَولِيَاء اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } ، وقوله : { وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظ } .
    يقول صالح البليهي (ت 1410هـ): (( الحفيظ من أسماء الله الحسنى، واشتقاقه من الحفظ، والحفظ لغة هو الحراسة والصيانة والحياطة، والله جل وعلا سمى نفسه حفيظاً 00 فالله تقدّس اسمه هو الحافظ والحفيظ ، هو تعالى على كل شيء حفيظ ، أي شاهد وحافظ ، يحفظ على عباده أقوالهم وأفعالهم، فيجازي كلاً بعمله، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر 00 ، والله تعالى من فضله ولطفه ورحمته وإحسانه يحفظ عباده المؤمنين، وهو خير الحافظين، يحفظهم من كل شر، ومن كل محنة وبلاء، يحفظهم تعالى { وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظ } يحفظهم بشرط أن يحافظوا على ما أوجب الله عليهم في شريعة الإسلام، وبشرط أن يحفظوا جوارحهم عن كل ما حرم الله 00 ، ودعاء الله بأسمائه مشروع، وكيفيته يا غفور اغفر لي ، يا رحمن ارحمني ، يا رزاق ارزقني ، يا معافي عافني ، ونحو ذلك، فالله تعالى هو الحافظ والحفيظ 00 اللهم يا حافظ ويا حفيظ احفظنا وأنت خير الحافظين .
    2ـ وجوب حفظ العقيدة، والحرص على سلامتها مما قد يشوبها، وأن ذلك أعظم أسباب حفظ الله للعبد، كما يجب حفظ الشريعة، وذلك بالعمل بها، والدعوة إليها، والدفاع عنها.
    فإذا كان قوله صلى الله عليه وسلم : (احفظ الله) يعني حفظ حدوده، وحقوقه ، وأوامره ونواهيه، فإن أعظم حقوقه توحيده في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، وإتباع كتاب الله تعالى وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، المصدرين لتلقي العقيدة، والحذر من الانزلاق مع الهوى، أو تقديم العقل على النص الشرعي مما أوقع كثيراً من الفرق والنحل في الشرك والبدع والمخالفات 0
    وحفظ العقيدة يكون بتعلمها والإيمان بها والعمل بمقتضاها،وتعليمها والدعوة إليها 0
    فقوله: (احفظ الله) أمر بحفظ توحيده، وأوامره ونواهيه، وحقوقه وحدوده، كما أنه أمر بحفظ الجوارح كالسمع والبصر واللسان والبطن والفرج 0
    ولهذا يقـــــول الله تعـــالى : { وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيـــــظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ } يقال للمتقين على وجـــه التهنئة: (هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أواب حفيظ ) أي هذه الجنة وما فيها ، هي التي وعد الله لكل أواب ، أي رجاع إلى الله ، في جميع الأوقات ، بتوحيده وذكره ، وحبه ، والاستعانة به ، (حفيظ) أي محافظ على ما أمر الله به، من توحيده وشرعه ، على وجه الإخلاص، والإكمال له على أتم الوجوه، حفيظ لحدوده 0
    وخصت بعض الأعمـــال بالتنصــــيص على حفظها اعتـــناء بشـــــــأنها، ومن ذلك قوله تعالى:
    { حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى } . وقوله تعالى : { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ } ، وقوله : { وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } ، وقوله : { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُون } ، وقوله : { وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ } ، إلى غير ذلك من الآيات .
    وقوله صلى الله عليه وسلم : (من حفظ ما بين لحييه ورجليه دخل الجنة) ، وفي رواية: (من وقاه الله شر ما بين لحييه، وشر ما بين رجليه دخل الجنة ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن) 0
    إذن من فعل الواجبات وترك المحرمات فقد حفظ حدود الله تعالى ، ومن ثم فقد حفظ الله، وأعظم ما أوجبه الله على عباده، توحيده، وعبادته سبحانه إخلاصاً له ، ومتابعة لما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم ، فهي الغاية التي من أجلها خلق الله الخلق ، قال تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون } 0
    فمن آمن بذلك وعمل به فهو من الحافظين لحدود الله تعالى ، الذين أثنى الله عليهم ســـبحانه بقولــه : { وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } ، وقولـــه سبحانـــه : { هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ } 0
    ومن الأدلة على حفظ الجوارح ما جاء في حديث ابن مسعود المرفوع: (الاستحياء من الله حق الحياء: أن يحفظ الرأس وما وعى ، ويحفظ البطن وما حوى ) 0
    وحفظ الرأس وما وعى: يدخل فيه حفظ اللسان من الكذب والغيبة، والنميمة، وشهادة الزور، والقول الحرام، وحفظ السمع عن الأصوات المحرمة، وحفظ البصر عن النظر إلى ما حرم الله تعالى النظر إليه، ونحو ذلك 0
    وحفظ البطن وما حوى: يدخل فيه حفظ القلب عن الاعتقاد الباطل ، والإصرار على المحرم، وحفظ البطن من إدخال ما حرم الله من المأكولات والمشروبات الممنوعة شرعاً 0
    قال تعالى : { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } ؛ أي ولا تتبع ما ليس لك به علم، بل تثبّت في كل ما تقوله وتفعله، فلا تظن ذلك يذهب لا لك ولا عليك، فحقيق بالعبد الذي يعرف أنه مسؤول عما قاله وفعله، وعما استعمل به جوارحه التي خلقها الله لعبادته أن يُعدّ للسؤال جواباً، وللجواب صواباً، وذلك لا يكون إلا باستعمالها بعبودية الله تعالى ، وإخلاص الدين له ، وكفها عما يكرهه الله جل وعلا 0
    (( وكما هو معروف الجزاء من جنس العمل فمن حفظ الله حفظه الله، وحفظ الله لا يحصل إلا بفعل الواجبات وترك المحرمات، فمن فعل جميع ما أوجب الله عليه، وترك جميع ما حرم الله عليه حفظه الله بما يحفظ به عباده الصالحين، ومن المعروف أن هذه الحياة في غالب الأزمان تموج بالشرور والفتن، والحروب الطاحنة، ولكن من حفظ الله حفظه الله )) 0
    ومما يلزم التنبيه عليه أن (( الله عزوجل ليس بحاجة إلى أحد حتى يحفظه ، ولكن المراد حفظ دينه وشرعه، كما قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُم } ، وليس المعنى تنصرون ذات الله؛ لأن الله تعالى غني عن كل أحد، ولهذا قال في آية أخـــرى : { ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لاَنتَصَرَ مِنْهُم } 0
    وهذا الفهم الخاطئ قد يفهمه الجهلة أو يثيره الأعداء، فإن اليهود عندما سمعوا قول الله تعالى: { مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَة } ، قالوا : يا محمد : افتقر ربك فسأل عباده القرض ، ما بنا إلى الله من حاجة، وإنه إلينا لفقير، وإنا عنه لأغنياء، ولو كان عنا غنياً ما استقرض منا ـ كما نُقل ذلك عنهم ـ فأنزل الله تعالى قوله: { لَقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا } 0

  6. #6
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية ضيف الله مهدي
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    10 2006
    المشاركات
    1,832

    مشاركة: أقدم لكم إستشارة نفسية مجانا

    رابعا :
    في قوله صلى الله عليه وسلم : (احفظ الله تجده تجاهك)
    وفي الرواية الأخرى: (احفظ الله تجده أمامك)
    من حفظ الله بحفظ توحيده وشريعته، وقام بأوامر الله تعالى، واجتنب نواهيه وجد الله تجاهه وأمامه، ومعناهما واحد، أي وجد الله أمامه يدله على كل خير، ويذود عنه كل شر، وبخاصة إذا حفظ الله بالاستعانة به والتوكل عليه، فإن الإنسان إذا استعان بالله، وتوكل على الله كان الله حسبه وكافيه، ومن كان الله حسبه؛ فإنه لا يحتاج إلى أحد بعد الله، قال الله تعـالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } ، (( أي حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين هو الله، فهو كافيكم كلكم، وليس المراد أن الله والمؤمنين حسبك كما يظنه بعض المغالطين؛ إذ هو وحده كاف نبيه، وهو حسبه، ليس معه من يكون هو وإياه حسباً للرسول )) 0
    وقال تعالى : { وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ } ؛ فإذا كان الله حسب الإنسان، أي كافيه؛ فلن ينالوه بسوء، ولا يزال عليه من الله حافظ ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : ( احفظ الله تجده تجاهك ) 0
    قال ابن حجر الهيتمي: (( أي تجده معك بالحفظ، والإحاطة والتأييد والإعانة، حيثما كنت، فتأنس به، وتستغني به عن خلقه 00 ، على حد قوله تعالى : { أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } ، { إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } ، المعنى تجده حيثما توجهت وتيممت وقصدت من أمر الدين والدنيا )) 0
    ومعية الله لخلقه نوعان:
    الأولـى: المعية الخاصة بالمؤمنين، الحافظين حدود الله، وهي تقتضي النصر والتأييد، والحفظ والإعانة، وتوجب لمن آمن بها كمال الثبات والقوة 0 ودليل هذه المعية الخاصـــــة قولــــه تعالى : { إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ } ، وقولـــــه تعالـى : { إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى } ، وقوله تعالى عن موسى أنه قال : { إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } ، وقول النبي عليه الصلاة والسلام لأبي بكر رضي الله عنه وهما في الغـــار : ( ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ ) ،{ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} ، وقوله تعالى : { وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ } 0
    فمن حفظ الله حفظه الله وأيده ونصره 0
    الثانية: المعية العامة لجميع الخلق، وهي تقتضي الإحاطة بجميع الخلق من مؤمن وكافر، وبر وفاجر، في العلم، والقدرة، والتدبير، والسلطان ، وغير ذلك من معاني الربوبية 0
    وهي توجب لمن آمن بها كمال المراقبة لله سبحانه وتعالى 0
    ومن أمثلة هذا النوع قوله تعالى : { وَهُوَ مَعَكُمْ أيْنَمَا كُنْتُمْ } ، وقوله تعالى : { مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا } ، وقوله : { وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْل }0
    والكتاب والسنة يدلان على قرب الله تعلى من عبده الحافظ لدينه ، يقول الله تعالى : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَــادِي عَنِّي فَإِنــــــِّي قَرِيـبٌ أُجِيـــــبُ دَعْـــــوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } 0
    وقول الله تعالى في الحديث القدسي: ( وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه ) 0
    والمراد أن الله سبحانه يسدد هذا الولي في سمعه وبصره وعمله، بحيث يكون إدراكه بسمعه وبصره، وعمله بيده، كله لله تعالى، إخلاصاً، وبالله تعالى استعانة، وفي الله تعالى شرعاً واتباعاً، فيتم له بذلك كمال الإخلاص والاستعانة والمتابعة، وهذا غاية التوفيق 0
    وقوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن الله تعالى أنه قال : ( من تقرّب مني شبراً تقربت منه ذراعــــاً، ومن تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة )0
    فالله سبحانه يقرب من عبده كيف يشاء مع علوه جل وعلا، ويأتي عبده كيف يشاء بدون تكييف ولا تمثيل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728 هـ): (( وأما دنوه نفسه وتقربه من بعض عباده، فهذا يثبته من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفسه، ومجيئه يوم القيامة ونزوله واستواءه على العرش، وهذا مذهب أئمة الســلف، وأئمة الإســــلام المشهورين، وأهل الحديث، والنقل عنهم بذلك متواتر )) 0
    وروى ابن رجب عن قتادة (ت 118 هـ) أنه قال: (( من يتق الله يكن معه، ومن يكن الله معه فمعه الفئة التي لا تغلب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل )).
    وذكر أن بعض السلف كتب إلى أخ له يقول: (( أما بعد، فإن كان الله معك فممن تخاف ؟! وإن كان عليك فمن ترجو؟! والسلام )) 0
    ولا شك أن الذي يحفظ عقيدته من الانحراف، وعمله من الشرك، ويتقي الله يكون الله معه، بنصره وتأييده، يهديه ويحفظه، ويؤمنه، ومن اتبع الشبهات، أو ضيع حدود الله فقد عرّض نفسه للهلاك 0
    فمن أراد أن يتولى الله حفظه ورعايته في أموره كلها، فليراعِ حقوق الله عليه، ومن أراد ألا يصيبه شيء مما يكره، فلا يأتِ شيئاً مما يكرهه الله منه، وعلى قدر اهتمام العبد بحقوق الله ومراعاة حدوده وحفظه لها، يكون حفظ الله له ونصره وتأييده، ومن كان غاية همه توحيد الله ومعرفته وطلب قربه ورضاه؛ فإن الله يكون له حسب ذلك، بل هو سبحانه أكرم الأكرمين، فهو يجازي بالحسنة عشراً ويزيد، ومن تقرّب منه شبراً تقرب منه ذراعاً، ومن تقرب منه ذراعاً تقرب منه باعاً، ومن أتاه يمشي أتاه هرولة 0

  7. #7
    Status
    غير متصل

    الصورة الرمزية ضيف الله مهدي
    شخصية مهمة
    تاريخ التسجيل
    10 2006
    المشاركات
    1,832

    مشاركة: أقدم لكم إستشارة نفسية مجانا

    خامسا :
    في قوله صلى الله عليه وسلم : (وإذا سألت فاسأل الله ) قوله: (إذا سألت فاسأل الله) أي لا تعتمد على أحد من المخلوقين، وإذا احتجت فاسأل الله وحده، يأتيك رزقك من حيث لا تحتسب، أما إذا سأل الإنسان المحتاج الناس فربما أعطوه أو منعوه، ولهذا جاء في الحديث: (لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتـــطب ثم يبيـــــعه لكان خيراً له من أن يســــأل الناس أعطـــوه أو منعوه ) 0 فعلى المسلم أن يتجه بسؤاله لله وحده، ويدعوه بإلحاح ، مثل أن يقول: ( اللهم ارزقني )، و(اللهم أغنني بفضلك عمَّن سواك) وما أشبه ذلك من الكلمات 0 وفي قوله: (إذا سألت فاسأل الله) أمر بإفراد الله سبحانه بالسؤال، ونهي عن سؤال غيره 0 وقال الله تعالى : وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ } ، وقال جل وعلا : { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين } 0 (( وهذا من لطفه بعباده، ونعمته العظيمة، حيث دعاهم إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم، وأمرهم بدعائه، دعاء العبادة، ودعاء المسألة، ووعدهم أن يستجيب لهم، وتوعّد من استكبر عنها )) 0 فيجب على المســــــلم أن يتوجه بسؤاله لله وحـــده، لاسيما في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله، فمن طلبها من غير الله فقد أشرك مع الله غيره، كمن يدعو أصحاب القبور ونحوهم، قال تعالى : { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَة } 0 أما سؤال الناس في الأمور التي يقدرون عليها، فقد وردت نصوص كثيرة تذم طلبها منهم، وتثني على المتعففــــين الذين لا يســــألون الناس، قال تعالى : { لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا } 0 وقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه عل ألا يسألوا الناس شيئاً منهم : أبو بكر الصديق ، وأبو ذر ، وثوبان ، وكان أحدهم يسقط سوطه أو خطام ناقته فلا يسأل أحداً أن يناوله إياه 0 وقد أجاد شيخ الإسلام ابن تيمية في تفصيل الحكــــم في هذه المســـألة فقال : (( وتفصيل القول: أن مطلوب العبد إن كان في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله تعالى، مثل أن يطلب شفاء مريضه من الآدميين والبهائم، أو وفاء دينه من غير جهة معينة، أو عافيته، أو عافية أهله، وما به من بلاء الدنيا والآخرة، وانتصاره على عدوه، وهداية قلبه، أو غفران ذنبه، أو دخول الجنة، أو نجاته من النار، أو أن يتعلم القرآن والعلم، أو أن يصلح قلبه، ويحسن خلقه، ويزكي نفسه، وأمثال ذلك، فهذه الأمور كلها لا يجوز أن تطلب إلا من الله تعالى، ولا يجوز أن يقول لا لملك ولا نبي، ولا شـــــــيخ، ســـــواء كان حياً أو ميتاً: اغفر ذنبي ، ولا انصرني على عـدوي ، ولااشـف مريضي ، ولا عافني وعافي أهلي ودوابي، وما أشـبه ذلك ، ومن ســأل ذلك مخلوقاً ـ كائناً من كان ـ فهو مشرك بربه، من جنس المشركين، الذين يعبدون الملائكة والأنبياء والتماثيل، التي يصورونها على صورهم، ومن جنس دعاء النصارى للمسيح وأمه، وقال تعالى : { وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ } ، وقال تعالى : { اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } 0 وأما ما يقدر عليه العبد، ويجوز أن يطلب منه في بعض الأحوال دون بعض؛ فإن مسألة المخلوق قد تكون جائزة، وقد تكون منهياً عنها، وقال تعالى: { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)}، وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس: (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله)، وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم طائفة من أصحابه ألا يسألوا الناس شيئاً، فكان أحدهم يسقط السوط من يده، فلا يقول لأحد: ناولني إياه 00 ، ومن الأمر المشروع في الدعاء دعاء غائب لغائب؛ ولهذا أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه، وطــلب الوســيلة له ، وأخبرنا بمالــنا بذلك من الأجر إذا دعونا بذلك 00 ويشرع للمسلم أن يطلب الدعاء ممن هو فوقه ، وممن هو دونه 00 لكن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمرنا بالصلاة عليه ، وطلب الوسيلة له ، ذكر أن من صلى عليه مرة صلى الله بها عليه عشراً ، وان من سأل الله له الوسيلة حلت له شفاعته يوم القيامة ، فكان طلبه منا لمنفعتنا في ذلك ، وفرق بين من طلب من غيره شيئاً لمنفعة المطلوب منه، ومن يسأل غيره لحاجته إليه فقط 0 وكيف يطلب من غير الله كشف الضر أو جلب النفع، وذلك كله بيده سبحانه وتعالى ، قال تعالى : { وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ } ، وقال سبحانه : { مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ }0 والله سبحانه يحب أن يُسأل ويُرغب إليه في الحوائج، ويلح في سؤاله ودعائه، ويغضب على من لا يسأله، قال صلى الله عليه وسلم: ( من لم يدْعُ الله سبحانه يغضب عليه)0، ويستدعي من عباده سؤاله، وهو قادر على إعطاء خلقه كلهم سؤلهم من غير أن ينقص من ملكه شيء، والمخلوق بخلاف ذلك 0 وقال تعالى : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعونـــي فأســـتجيب له، من يسألني فأعطيه، من يســـتغفرني فأغفر له) 0 وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال : ( يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر) 0 يقول ابن القيم (ت 751 هـ ) في شرح هذه المسألة: (( وهذا كله تحقيق للتوحيد والقدر، وأنه لا رب غيره، ولا خالق سواه، ولا يملك المخلوق لنفسه، ولا لغيره ضراً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، بل الأمر كله لله، ليس لأحد سواه منه شيء، كما قال تعالى لأكرم خلقه عليه، وأحسنهم إليه: { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمـــــْرِ شَيْء }، وقال جـــواباً لمن قال : { هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ } ، { قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ } ، فالملك كله له، والأمر كله له، والحمد كله له، والشفاعة كلها له، والخير كله في يديه، وهذا تحقيق تفرده بالربوبية والألوهية، فلا إله غيره، ولا رب سواه، { قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُون } ، { وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِـضُرٍّ فَلاَ كَاشــــِفَ لَـــهُ إِلاَّ هــــُوَ وَإِن يَمــْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ } { مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } ، فاستعذ به منه، وفرّ منه إليه، واجعل لجاك منه إليه، فالأمر كله له، لا يملك أحد معه منه شيئاً، فلا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يذهـــــب بالسيئات إلا هــــو، ولا تتحرك ذرة فما فوقها إلا بإذنه، ولا يضرّ سم ولا سحر ولا شيطان ولا حيوان ولا غيره إلا بإذنه ومشيئته، يصيب بذلك من يشاء، ويصرفه عمن يشاء )) 0 ولــذلك قــال تعالى ؛ مخــبراً عن نوح عليه السلام أنه قال لقــومـــه : { إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللّهِ فَعَلَى اللّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ }0 فنوح عليه السلام قال لقومه : إن كان عظم عليكم مقامي فيكم بين أظهركم، وتذكيري إياكم بحجج الله وبراهينه، { فَعَلَى اللّهِ تَوَكَّلْتُ }؛ فإني لا أبالي، ولا أكف عنكم، سواء عظم عليكم، أولا، فاجتمعوا أنتم وشركاؤكم، الذين تدعون من دون الله، من صنم ووثن، { ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً } ، أي ولا تجعلوا أمركم عليكم ملتبساً، بل افصلوا حالكم معي ، فإن كنتم تزعمون أنكم محقون فاقضوا إليّ ولا تتأخروا ساعة واحدة، مهما قدرتم فافعلوا ؛ فإني لا أباليكــم ، ولا أخاف منكم؛ لأنكم لستم على شيء 0 وقال تعالى ، مخبراً عن هود عليه السلام :{ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهَ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } 0 يبين هود عليه السلام أنه واثق غاية الوثوق أنه لا يصيبه منهم، ولا من آلهتهم أذى؛ ولهذا أشهد الله وأشهدهم أنه عليه السلام بريء من جميع الأنداد والأصنام، ثم قال لهم : { فَكِيدُونِي جَمِيعًا } أي اطلبوا لي الضرر كلكم، أنتم وآلهتكم، إن كانت حقاً، بكل طريق تتمكنون بها مني ولا تمهلون طرفة عين ، { إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ} واعتمدت عليه في أمري كله، فهو خالق الجميع، ومدبرنا وإياكم، وهو الذي ربانا، فلا تتحرك دابة ولا تسكن إلا بإذنه، فلوا اجتمعتم جميعاً على الإيقاع بي، والله لم يسلطكم علي، لم تقدروا على ذلك؛ فإن سلطكم فلحكمة أرادها، { إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }، أي على عـــدل وقسط وحكمــــة، لا تخرج أفعـــــاله عن الصراط المستقيم، التي يحمد، ويثنى عليه بها 0 وقال تعالى ، مخبراً عن هود عليه السلام :{ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهَ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } 0
    يبين هود عليه السلام أنه واثق غاية الوثوق أنه لا يصيبه منهم، ولا من آلهتهم أذى؛ ولهذا أشهد الله وأشهدهم أنه عليه السلام بريء من جميع الأنداد والأصنام، ثم قال لهم : { فَكِيدُونِي جَمِيعًا } أي اطلبوا لي الضرر كلكم، أنتم وآلهتكم، إن كانت حقاً، بكل طريق تتمكنون بها مني ولا تمهلون طرفة عين ، { إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ} واعتمدت عليه في أمري كله، فهو خالق الجميع، ومدبرنا وإياكم، وهو الذي ربانا، فلا تتحرك دابة ولا تسكن إلا بإذنه، فلوا اجتمعتم جميعاً على الإيقاع بي، والله لم يسلطكم علي، لم تقدروا على ذلك؛ فإن سلطكم فلحكمة أرادها، { إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }، أي على عـــدل وقسط وحكمــــة، لا تخرج أفعـــــاله عن الصراط المستقيم، التي يحمد، ويثنى عليه بها 0
    أما سؤال الناس فيما يقدرون عليه فتركه أولى، وذلك أن في طلب الناس وسؤالهم ذلة وخضوعاً، والمسلم مطالب بإظهار كمال الذل والخضوع لله وحده لا شريك له 0
    يقول ابن رنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي (( واعلم أن سؤال الله تعالى، دون خلقه هو المتعين، لأن السؤال فيه إظهار الذل من السائل والمسكنة والحاجة والافتقار، وفيه الاعتراف بقدرة المســـؤول على دفع هذا الضرر، ونيل المطلوب، وجلب المنافع، ودرء المضــار، ولا يصلح الذل والافتقار إلا لله وحده، لأنه حقيقة العبادة )) 0
    وقال في كتاب آخر: (( واعلم أن سؤال الله تعالى دون خلقه هو المتعين عقلاً وشرعاً، وذلك من وجوه متعددة، منها: أن السؤال فيه بذل ماء الوجه وذلة للسائل، وذلك لا يصلح إلا لله وحده، فلا يصلح الذل إلا له بالعبادة والمسألة، وذلك من علامات المحبة الصادقة 0
    ومنها أن في سؤال الله عبودية عظيمة؛ لأنها إظهار للافتقار إليه، واعتراف بقدرته على قضاء الحوائج ، وفي سؤال المخلوق ظلم، لأن المخلوق عاجز عن جلب النفع لنفسه، ودفع الضر عنها فكيف يقدر على ذلك لغيره ؟ وسؤاله إقامة له مقام من يقدر، وليس هو بقادر 0
    ومنها أن الله يحب أن يسأل، ويغضب على من لا يسأله، فإنه يريد من عباده أن يرغبوا إليه ويسألوه، ويدعوه ويفتقروا إليه، ويحب الملحين في الدعاء، والمخلوق غالباً يكره أن يُسأل لفقره وعجزه 0
    ومنها: أن الله تعالى يستدعي من عباده سؤاله، وينادي كل ليلة: هل من سائل فأعطيه؟ هل من داع فاستجيب له 00 ، فأي وقت دعاه العبد وجده سميعاً قريباً مجيباً، ليس بينه وبينه حجاب ولا بواب، وأما المخلوق؛ فإنه يمتنع بالحجاب والأبواب، ويعسر الوصول إليه في أغلب الأوقات )) 0
    ولهذا كان عقوبة من سأل الناس تكثراً أن يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم )0
    وقال صلى الله عليه وسلم : ( يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة، حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلّت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، أو قال سداداً من عيش، ورجل أصابته فاقة، حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلاناً فاقة، فحلت له المسألة، حتى يصيب قواماً من عيش، أو قال سداداً من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتاً يأكلها صاحبها سحتاً )0
    في هذا الحديث يبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن من يحل له المسألة من الناس ثلاثة: الأول : صاحب الحمالة ، وهو أن يكون بين القوم تشاحن، في دم أومال، فيسعى رجل في إصلاح ذات بينهم، ويضمن مالاً يبذل في تسكين ذلك التشاحن، فإنه يحل له السؤال، ويعطى من الصدقة قدر ما تبرأ ذمته عن الضمان، وإن كان غنياً 0
    الثاني : أن يكون معروفاً بالمال، فيهلك ماله بسبب ظاهر كالجائحة، فهذا يحل له الصدقة، حتى يصيب ما يسد خلته به، ويعطى من غير بينة، تشهد على هلاك ماله؛ لأن سبب ذهاب ماله أمر ظاهر 0
    الثالث : صاحب مال هلك ماله بسبب خفي من لص ، أو خيانة، أو نحو ذلك، فهذا تحل له المسألة، ويعطى من الصدقة بعد أن يذكر جماعة من أهل الاختصاص به، والمعرفة بشأنه أنه قد هلك ماله )) 0
    وقد ذكر النووي (ت 676 هـ)، اتفاق العلماء على النهي عن السؤال إذا لم تكن ضرورة، ثم قال: (( واختلف أصحابنا في مسألة القادر على الكسب على وجهين أصحهما أنها حرام؛ لظاهر الأحاديث والثاني حلال مع الكراهية بثلاثة شروط: أن لا يذل نفسه، ولا يلح في السؤال، ولا يؤذي المسؤول؛ فإن فقد أحد هذه الشروط فهي حرام بالاتفاق )) 0
    وإذا علم المسلم أن الغني القادر الذي بيده الخير كله هو الله سبحانه ، تربى على الأنفة والاستغناء عن المخلوقين، وعلم أن السبيل الوحيد إلى ذلك هو التعلق بالله تعالى والتوكل عليه، وعبادته والالتجاء إليه، مع الأخذ بأسباب الجد والعمل، وبذلك يحفظ المسلم ماء وجهه من التذلل والسؤال، وخفض الأكف والانكسار للأشخاص مهما كانوا، فيحفظ كرامته، وتبقى له عزته ومكانته 0

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •