لا شكّ أنّ لبنان استحقّ تلقيبه ب"سويسرا الشرق"، مع كلّ ما يقدّمه من فرص للتنزّه، والتبضّع،
ومع مطبخه، والحياة الليلية فيه وهي كلّها تسمح لكلّ من يحبّ الحياة ونمطها السريع أن يبقى داخل
المدينة طوال مدّة إقامته في لبنان.
ولكن، ندعوك إلى التوجّه إلى المناطق الساحرة البعيدة عن بيروت إن كنت تسعى للتعرّف إلى وجه لبنان الحقيقي
وهي تجربة يتسنّى لك أن تعيشها من خلال التعمّق في اكتشاف قرى لبنان الجبليّة، وبلداته الساحلية الصغيرة،
وقراه الزراعيّة النشطة.
فلنأخذ وادي قاديشا (أو الوادي المقدّس) الساحر مثلاً، الذي التجأ إليه أتباع المارونية المسيحية سابقاً،
والذي يوفّر اليوم ملاجىء من نوع آخر: فيه دروب متعرّجة لممارسة رياضة المشي ومناظر جبليّة خلاّبة
تشكّل ملاذاُ طبيعياً للبنانيين وللسياح على حدّ سواء.
وفي الواقع، تزداد شعبيّة المغامرات الطبيعية في الهواء الطلق في لبنان، وبزيادة عدد الشركات الصغيرة، المحلية
وعدد منظّمي الرحلات الطبيعيّة في الهواء الطّلق، يزدهر قطاع السياحة البيئية بسرعة فائقة. وتوفّر مجموعة واسعة
من الدروب المخصصة للسير في الطبيعة الفرصة لتنظيم جولات تمتدّ على نهار واحد أو أكثر ، فيما يستطيع منظمو
الرحلات البيئية أن يؤمّنوا المؤن والإقامة المتنوعة إمّا في مواقع للتخييم، أو أماكن المبيت والإفطار، أو الفنادق
المنتشرة على الطريق.
تدبّ الحياة في الأنهر التي تغذّيها مياه الثلوج الذائبة عبر السواقي السريعة. أمّا على الشاطىء، فيمكنك ممارسة
الرياضات المائية المعروفة بدءاً بالغطس، مروراً بركوب الأمواج، وصولاً إلى الإبحار. من الواضح أنّه، بغض
النظر عمّا يستهويك من المغامرات الرياضية في الهواء الطلق، سوف تجد أنّ لبنان يجذب روح أيّ مسافر مغامر.
إنّ في لبنان أكثر من مجرّد الإثارة السريعة. ففي بعض المناطق التي تذكّر المرء أحياناً ب"توسكانة" أو بهضاب
ساحل كاليفورنيا، لا بدّ أن تؤمن النزهات الهادئة في المناطق الجبلية الجميلة، مروراً بالقرى ذات السطوح القرميدية
وبأشجار الأرز التي تعود إلى أكثر من ألف عام، بديلاً لملذّات بيروت المدنية. كما يسهل التوجّه إلى الملاذات التاريخية
والثقافية. لك أن تتجوّل في الجنوب وتزور مواقعه الأثرية والدينية المتنوّعة، ثم أن تقضي اليوم التالي في التعرّف
على الزراعة العضويّة قبل تناول طعام الغداء في المزرعة.
تعرّف إلى الحرف التقليدية المصنوعة بإتقان- كصابون زيت الزيتون، والزجاج المنفوخ، أو الفخّار- التي تتبع
التراث الفينيقي. اقض نهارك في قطف الفواكه في سهل البقاع، ثم إختتم الجولة بتناول كأس من النبيذ المصنوع
من العنب الذي نبت في هذه الكروم. مهما كان نوع النشاط غير التقليدي الذي تبتغيه، من المؤكّد أنّ مسار رحلتك
في لبنان سيكون على قدر الإثارة، أو االثقافة، أو العفويّة التي تريدها
- يتبع -