معلمات يتطلعن لرفع رواتبهن إلى 4 آلاف ريال لإنقاذهن من العقود التعسفية
مدارس أهلية تتحايل لاستغلال الظروف المادية للخريجات السعوديات وحاجتهن لشهادات الخبرة
الطائف: نورة الثقفي
استبشرت معلمات المدارس الأهلية خيرا بإعلان وزارة التربية والتعليم أن تدرس تحديد رواتب معلمي ومعلمات المدارس الأهلية السعوديين بمبلغ 4 آلاف ريال، تتحمل الوزارة منها 50%، معتبرات أن هذا هو الحل الأمثل لمعاناتهن مع إدارات المدارس الأهلية التي تتحايل لتشغيلهن برواتب متدنية، حيث يتم إجبار المعلمة على توقيع عقد عمل صوري بمبلغ معين في الغالب لا يزيد على 1500 ريال، بينما يعمل بعقد آخر لا يزيد على ألف ريال شهريا.
وأكد عدد من معلمات المدارس الأهلية التي التقت "الوطن" بهن أن هذه المدارس باتت تستغل حاجة المعلمات السعوديات، خاصة وأن وزارة الخدمة المدنية تمنح درجات إضافية في المفاضلة للمتقدمات لشغل الوظائف التعليمية في المدارس الحكومية مقابل سنوات الخبرة في المدارس الأهلية مما دفع بعض هذه المدارس إلى مساومة الخريجات للعمل بأقل الأجور وبعقود تعسفية، والتهديد بحرمان أي معلمة من شهادة الخبرة إذا طالبت بحقوقها المادية.
وعلى الرغم من أن هناك توجهات سابقة لدى وزارة التربية والتعليم، أعلن عنها في وقت سابق، لتحديد الحد الأدنى لرواتب المعلمين والمعلمات في المدارس الأهلية، إلا أن كثيرا من المدارس الأهلية تتعاقد مع معلمات ومعلمين برواتب متدنية جدا، وتستغل حاجتهم لشهادة الخبرة وظروفهم المادية.
وكشف استطلاع أجرته "الوطن" مع بعض المعلمات العاملات في مدارس أهلية عن قيام إدارات تلك المدارس بتوقيع عقدين مع كل معلمة، الأول يوقع بشكل صوري براتب معين من أجل تقديمه للتأمينات الاجتماعية، بينما يوجد عقد آخر توقعه المعلمة براتب أقل من الراتب المذكور في العقد الأول يدفع للمعلمة، ومن ترفض يتم فصلها.
وشرح عدد من الخريجات الحاصلات على مؤهلات جامعية وتعاقدن مع مدارس أهلية للبنات في محافظة الطائف معاناتهن مع ملاك المدارس الأهلية والعقود التعسفية حيث أكد الكثير منهن أنهن يعملن برواتب لا يتجاوز 1000ريال، ويسند لهن أكثر من 24حصة في الأسبوع، إضافة إلى أعمال أخرى وأنشطة. كما يلزمن بالصرف على تلك الأنشطة من هذه الرواتب الزهيدة، ودفع رسوم دورات تقيمها إدارات تلك المدارس. وتلزم المعلمة أيضا بحضور هذه الدورات ودفع رسومها.
كما أشرن إلى تأخير صرف الرواتب لنحو 3 أشهر وعدم صرف رواتب عن الأشهر الأولى من التعاقد بحجة أنهن تحت التجربة.
وتقول المعلمة (م . أ) إنها تعمل بإحدى المدارس الأهلية منذ عام، وتعاني وزميلاتها من هضم حقوقهن حيث لا يصرفن الرواتب آخر كل شهر، وإنما يتم الصرف كل شهرين أو ثلاثة وربما أربعة، إضافة إلى إلزامهن بتهيئة الفصول الدراسية من أموالهن الخاصة بما يلزم من لوحات تعليمية لكي تناسب الجو الدراسي، بخلاف إرهاقهن بالحصص والانتظار مقابل رواتب لا يتبقى لهن منها سوى 500 ريال بعد الرسوم التي تستعيدها الإدارة مقابل دورات ومشتريات للفصل ونحو ذلك. وذكرت أنها في بعض الأشهر لا تتسلم سوى 200 ريال.
وأشارت المعلمة ( ج . ا) بمدرسة أخرى إلى أنها وبعض زميلاتها لا يتسلمن رواتب إطلاقا. وذكرت أن إدارة المدرسة أخبرتهن بأنه ليس من حقهن المطالبة براتب لأنهن تحت التجربة والاختبار، وربما قد تطول هذه الفترة فتصل إلى السنة أو أقل وتعطى المعلمة في نهاية الفصل الدراسي مكافأة مالية بسيطة. وأضافت أن نصاب المعلمة قد يصل إلى 28حصة ومن دون أجر وتتحمل أحيانا المعلمة ذلك طمعا في منحها شهادة الخبرة لعلها تفتح لها باب الفرج عند التقدم للخدمة المدنية.
وكشفت المعلمة ( خ. ت) أن معظم المدارس الأهلية في الطائف تسير على هذا النمط إضافة إلى أن بعض تلك المدارس تجبر المعلمات على توقيع عقود خاصة بالتأمينات الاجتماعية. وينص العقد على أنه في حالة التوقيع سيخصم من كل معلمة مبلغ يتراوح بين 200 و500 ريال من الراتب الموضح في العقد، ومن ثم لا تمنح المعلمة هذا الراتب وإنما راتب أقل، تخصم منه رسوم التأمين. وفي النهاية تجد المعلمة نفسها تعمل براتب زهيد يوازي راتب عامل النظافة، بل إن راتب عامل النظافة يزيد في بعض الأحيان عن رواتب بعض المعلمات على حد قولها.
"الوطن" اتصلت بمديرة الإشراف بالتعليم الأهلي والأجنبي بوزارة التربية والتعليم منى الغامدي للتعليق على معاناة المعلمات ودور الوزارة في هذا الجانب فأشارت إلى أنه كان هناك عقد عمل موحد سابقا، ولكنه لم يرض المالك ولا الموظف. وأكدت أهمية إيجاد عقد عمل موحد من قبل الوزارة بعد تجديد لوائحها وأنظمتها بالتنسيق مع مكتب العمل وإيجاد آلية مقننة لإيجاد عقد يرضي الطرفين، ويضمن حق الموظف والمستثمر.
وأكدت الغامدي ضرورة الاستفادة من بعض بنود الإعانات التي تقدم للمدارس الأهلية من قبل الوزارة، وتخصيص جزء منها وليكن ثلثيها، لدعم راتب المعلمات. كما أشارت إلى أهمية تطبيق توجه الدولة الذي أعلن عنه خادم الحرمين الشريفين لدمج المشاريع الصغيرة والمستقبلية واتحادها لإنشاء مشاريع عملاقة ونموذجية. وذكرت أن أفضل الحلول للمدارس الأهلية الصغيرة هو الاندماج مع المدارس المماثلة من أجل إنشاء مجمعات نموذجية تقدم نموذجا للتعليم الأهلي.