هناك عاملان سبّبا تفاقماً لأزمة السكن التي نعيشها حالياُ، الأول تحدثنا وتحدث عنه غيرنا كثيراًُ وهو ارتفاع أسعار مواد البناء، أما السبب الآخر فهو ارتفاع أسعار الأراضي بشكل كبير وغير منطقي خلال العامين الأخيرين لدرجة أن قيمة الأرض وحدها أصبحت تضاهي تكلفة بناء منزل بالكامل.
هذا الارتفاع المهول في أسعار الأراضي ليس نتيجة لشحها إذا علمنا أن معظم مدننا عبارة عن مناطق مفتوحة، كما أن ذلك الارتفاع شمل كذلك الأراضي الخام غير المطورة والخالية من أي من الخدمات الرئيسة. بل هو نتاج مضاربات حامية من سماسرة العقار (الشريطية) على تلك الأراضي والبلكات أو حتى المخططات بأكملها، وخلق عمليات تدوير من بيع وشراء لها حتى بلوغها مستويات سعرية خيالية.
الهدف من هذه الأساليب بالطبع هو إيهام المتابع للنشاط العقاري بوجود حركة جيدة في البيع والشراء وبالتالي إغراؤه بدخول اللعبة اعتقاداً منه بأن العملية تقوم على مبدأ زيادة في الطلب مقابل قلة في المعروض، ويتخلل ذلك ترويج للشائعات كقرب إدخال الخدمات كالكهرباء والماء والصرف الصحي والسفلتة إلى تلك المنطقة قريباً، أو ترسية مشروع حكومي أو تجاري كبير على مقربة منها إلى.. غير ذلك.
المشكلة أن هناك من دخلت اللعبة حديثا وهم عادة من ذوي الدخول المحدودة والخوف أن يكونوا هم المستفيدين النهائيين من تلك المبايعات المتلاحقة، لتصبح صكوك تلك الأراضي فيما بعد ليست إلا جمرة تتقاذفها الأيدي.
ما نخشاه هو حركة تصحيحية وربما انهيار قادم لسوق العقار في المملكة، تماماً كما حدث في فبراير 2006 لسوق الأسهم المحلية. وقد يستمر أثره لفترة طويلة إن لم تعالج تلك المشكلة بوضع ضوابط لتلك الارتفاعات اللا مبررة، كتحديد نسب لارتفاع الأراضي خلال فترة معينة، وإنشاء هيئة عليا للعقار على غرار قرار مجلس الوزراء العام الماضي بإنشاء هيئة تُعنى بالإسكان، إذا علمنا أن الإسكان ليس إلا جزءاً من عالم العقار.
خروج عن النص:
قبل فترة قرأت أن 40% من المتقاعدين لا يمتلكون منازل خاصة بهم، وكأن أملهم بالمؤسسة العامة للتقاعد. لكن عندما أعلنت عن برنامجها (مساكن) تفاجؤوا باشتراط الاستفادة منه ألا يزيد عمر المستفيد عن 55 عاماً، وبهذا الشرط المجحف فإنها تحرمهم من أبسط حقوقهم بعد أن أمضوا زهرة شبابهم وهي تستقطع جزءاً من رواتبهم.
فعلاً.. "عين عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب" ..!!
هايل العبدان