بنت الـ16 عاما تتزوج من رجل يكبرها بنصف قرن مقابل 200 ألف ريال
هوس المال والعنوسة يدفعان صغيرات السن للزواج من مسنين
زواج الرجال كبار السن من فتيات صغيرات، مشكلة أم حسنة؟ هي قضية تثار بين الحين والآخر، فما بين موافق على تلك الزيجات، استنادا على قناعات وتفسيرات غير دقيقة للشرع، أو رفض لتلك الزيجات حينما يتحول همس هؤلاء الصغيرات إلى أنين، يخترق الجدران، ليتنامى إلى مسامع الأهل والجيران صوتهن الحزين وشكوتهن من أزواج في عمر آبائهن،أجبروا على الارتباط بهم والعيش معهم في بيت ربما يكون فاخرا، لكنه غالبا ما يكون باردا وخاليا من التفاهم والمشاعر الدافئة.
ورغم وضوح المشكلة إلا أن بعض الآباء يقدمون على تزويج بناتهم الصغيرات من رجال في أعمارهم،مقابل مهور كبيرة، بصرف النظر عن معاناة هؤلاء الصغيرات من هذا الزواج غير المتكافئ.
وقد تباينت الآراء حول هذه المشكلة، ففيما يرى فريق أن زواج المسن بفتاة صغيرة ظلم للفتاة وأن آثاره سيئة على الأسرة والمجتمع، يرى فريق آخر أن زواج الكبار بالصغيرات يقلل من نسبة عنوسة الفتيات، كما أن الإسلام لم يحدد عمرا للرجل للزواج فيه، واشترط فقط أن يكون الرجل قادرا وعلى خلق ودين.
ولكن ماذا قال الفريقان " المعارض والمؤيد" عن زواج الفتيات الصغيرات من رجال كبار السن، وقبل كل ذلك ماذا قالت الزوجات الصغيرات اللاتي خضن التجربة؟.
مشاعر ميتة
"لقد ماتت مشاعري ولا أشعر بالسعادة مطلقا " بهذه الكلمات بدأت الزوجة "س.ع " كلامها، وقالت إن والدها " باعها " أو زوجها برجل يكبرها بأكثر من نصف قرن، مقابل مبلغ 200 ألف ريال وكان عمرها في ذلك الوقت أقل من 16 سنة بينما كان عمر زوجها قد تجاوز الـ66 عاما.
وأضافت أنها نشأت يتيمة نظرا لوفاة والدتها لتعيش طفولتها في جحيم زوجة أبيها الأولى وإخوانها الكبار، مشيرة إلى أن أبيها لم يكتف بالتعاسة التي عانت منها وهي طفلة، فقد رأى أن تستمر تعاستها حيث زوجها لرجل أصغر أولاده أكبر منها سنا، لتتحول طفولتها وشبابها إلى مأساة حقيقية "بين أب قاس وزوج لا يرحم ولا يعرف متطلباتها".
وأشارت إلى أنها بعد زواجها بثلاثة أعوام تعرفت على صديقة جديدة، وطلبت من زوجها أن تقوم بزيارتها، وأخذها بسيارته إلى منزل هذه الصديقة التي كانت تنظر من النافذة، وعند لقائها فاجأتها بقولها "لماذا لم تدعي زوجك أو أحد إخوتك يحضرك بدلا من أن تتعبي جدك بهذا المشوار الطويل"؟ مؤكدة أن هذا الموقف جعلها تشعر أنها امرأة مسلوبة الإرادة لأنها أرغمت على الزواج من رجل في عمر جدها.
وقالت إنها رزقت من زوجها بطفلتين وعمرها الآن 23 عاما بينما بلغ عمره 73 عاما، وقد أصيب بجلطة ألزمته الفراش، لتتحول إلى ممرضة لا زوجة، وأضافت "لقد تخليت عن جميع مشاعري الأنثوية لمعالجة هذا الكهل الكبير وأصبحت تحت رحمة شكوك أولاده الذين يريدون طلاقي منه ليستأثروا بالميراث دوني".
فستان الزفاف "كفن"
أما (ن.م) فقد خيرها أبوها ما بين الزواج من رجل في العقد السادس من عمره بمقابل مهر 150 ألف ريال، أو طلاق أمها، الأمر الذي جعلها توافق "مرغمة" على هذا الزواج.
وقالت "منذ تلك الليلة التي ألبست فيها فستاني الأبيض وأنا أحس أنه كفني وليس فستان فرحي".
وأضافت أنها كانت تهرب من بيت زوجها إلى أهلها ويرجعها أبيها إلى بيت الزوج واصفة إياه بـ"السجن"، مشيرة إلى أن زوجها بعد أن أخذ وطره منها طلقها بعد مرور شهرين ونصف على الزواج وبعد أن استعاد ما دفعه لتتحول إلى مطلقة قبل أن تبلغ العشرين من عمرها.
وأكدت أن كلمة مطلقة أحب إليها من أن تكون زوجة لهذا الرجل المسن مهما كان يملك من الأموال والقصور، مبينة أن التكافؤ العمري له دور كبير في السعادة الزوجية.
مسن يتزوج ثلاث فتيات
على الجانب الآخر قال زوج مسن "رفض ذكر اسمه" إنه سبق له الزواج ثلاث مرات من فتيات يصغرنه بالسن، مشيرا إلى فشل زيجتين اثنتين بسبب البعد الفكري بينه وبينهما فيما بقيت واحدة تعيش معه الآن.
وأضاف أنه يفكر في الزواج للمرة الرابعة ومن نفس العمر أيضا طالما أنه قادر على القيام بالأعباء الزوجية، مبينا أنه يفضل الزواج من فتاة صغيرة لعدة أسباب منها تخفيف نسبة العنوسة بالمجتمع، والاقتداء بالسلف الصالح من الصحابة الذين أقدموا على مثل هذه الزيجات.
وأشار إلى أنه غير صحيح أن الهدف من مثل هذه الزيجات هو المتعة الخالصة بل رابط الحب والرحمة يتوفر وبقوة والرجل الكبير يحكمه العقل لا العواطف في العلاقة بينه وبين زوجته الصغيرة.
ماذا يقول المختصون؟
وإذا كانت هذه آراء بعض الزوجات الصغيرات والأزواج كبار السن والتي يبدو من خلالها ندم الصغيرات وحزنهن على الزواج من المسنين الذين يعتبرونه حقا من حقوقهم، فماذا قال الخبراء والمختصون في هذه المشكلة؟
لقد اتفقت آراء معظم المختصين الاجتماعيين على أن الآثار المترتبة على زواج المسن بفتاة صغيرة متعددة منها احتمالية الانفصال والطلاق نتيجة الاختلاف وعدم التوافق بين المسن والفتاة أو لعدم قدرة المسن على تلبية احتياجات الفتاة العاطفية والنفسية، وطالبوا بوجوب قيام الدولة بسن تشريعات جديدة للزواج لوضع تكافؤ عمري مناسب بين الأزواج لبناء أسرة سعيدة.
غياب التكافؤ بين الزوجين
ويرى أستاذ الخدمة الاجتماعية المساعد في جامعة الملك سعود الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الدخيل أن من أهم عوامل نجاح الحياة الزوجية التكافؤ بين الزوجين، مشيرا إلى أن التكافؤ الزواجي لا ينحصر في جانب معين، بل إنه يتعدد ليشمل التكافؤ العمري، التعليمي، المادي، والثقافي، والمزاجي، مبينا أن تكافؤ هذه الجوانب يعتبر مؤشرا لحياة زوجية ناجحة..
وأضاف أنه يأتي في مقدمة هذه الجوانب التكافؤ العمري بين الزوجين، فكما هو معروف أن لكل مرحلة عمرية خصائصها واحتياجاتها، فالشاب أو الشابة مثلا يتمتع بالصحة الجيدة والعنفوان الجسدي والجنسي، ناهيك عن طريقة وأساليب التفكير ورؤية العالم بعين الشباب، ويختلف في تلك الخصائص كبار السن فهم أقل صحة جسدية، وأقل قدرة جنسية، وكذلك هم يختلفون عن الشباب في طريقة تفكيرهم ونظرتهم إلى العالم من حولهم. وتبعا لذلك فإن احتياجات الشاب النفسية والاجتماعية والجسدية والعاطفية والترفيهية تختلف عن احتياجات المسن.
وقال إنه إضافة إلى ما سبق فالمسن يمثل ثقافة جيل يختلف عن ثقافة جيل الفتاة الصغيرة سواء من حيث اللهجة، والملبس والمأكل، والأدوات، ونوع الخبرات، مما يؤدي إلى ضعف في عملية التواصل بين الزوجين، مؤكدا أن كل زواج بين مسن وفتاة سيكتب له الفشل.
وأبدى استغرابه من الدعوة إلى تكافؤ النسب بين الزوجين، مشيرا إلى أنه من الأولى أن تكون الدعوة إلى التكافؤ في التعليم والمستوى الاقتصادي وفي السن لأن هذه المتغيرات هي الأهم في مقومات الزواج الناجح.
وأوضح الدكتور عبدالعزيز الدخيل أن الآثار المترتبة على زواج المسن بفتاة صغيرة متعددة منها احتمالية الانفصال والطلاق نتيجة الاختلاف وعدم التوافق بين المسن والفتاة أو لعدم قدرة المسن على تلبية احتياجات الفتاة العاطفية، أيضا قد ينتج عن هذه الزيجة طفل أو أكثر، ولنا أن نتساءل عن مصير هذا الطفل في حالة فشل هذا الزواج، أو وفاة المسن المحتملة "والأعمار بيد الله"، والأعقد إذا كانت هذه الأم فتاة غير سعودية.
وقال" إننا لا نستطيع أن نفرض على الناس كيف ومن يتزوجون، ولكن الواجب توعية الناس وتبيان المخاطر وترك الحرية لهم في الاختيار".
ظلم بين
ويرى الأخصائي النفسي المشرف على إدارة الإعلام الصحي والعلاقات العامة بمديرية الشؤون الصحية بمنطقة حائل سعود بن عبدالكريم الملق أن الزواج سّنة من سنن الحياة وأمر لا بد منه لتستمر حياة البشر، غير أن الاستغلال غير المثالي وغير الموفق لهذا الحق نتيجة زواج كبير السن بفتاة صغيرة السن وما لهذه الفوارق في السن التي تنتج عنها معضلات ومشكلات وسلبيات متعددة تتفاوت في حدتها وخطورتها على الزوجة، حسب ظروف كل زواج غير متكافئ ومنها تتسبب عوامل كثيرة قد تساعد على تفاقمها أو تحد منها نسبيا.
وقال إن التوافق والتقارب العمري بين الزوجين يعد من العناصر المهمة وهي المساهمة في استمرار المودة والمحبة والألفة بينهما وكذا الاستقرار الأسري والاجتماعي والنفسي.
وأضاف أن قلة الوعي والإدراك وعدم وضوح بالرؤى عند البعض في مجتمعنا أفرزت تفشي تلك الظاهرة رغم أنها مستغربه من البعض الآخر الواعي منهم والمدرك ألا وهي زواج كبار السن وبحثهم عن الجمال والجنس من الفتيات الصغيرات وقد تكون في أحيان كثيرة بهدف الرعاية الطبية لهذا الكهل تحت مسمى الزواج، في حين أن زوجاتهم الصغيرات عادة ما يكون هدفهن البحث عن المال فقط وهذه تعد من أكبر المشكلات التي انتشرت أخيرا فينشأ الزواج بينهما على المصلحة والاستنفاع ليس إلا، مشيرا إلى أن هذه الزيجات تغيب عنها معاني المحبة والوئام والمودة والاحترام والسكن والتفاهم، كما أنها تفرز العديد من الآثار الخطرة على مجتمعنا وقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا.
وأكد الملق أن في هذا الزواج ظلما بيّنا للزوجة صغيرة السن وإجحافا في حقوقها المشروعة في آن واحد، كما أن الزوج يظلم نفسه لأنه تزوج زواجا غير متكافئ وغير مؤهل للاستمرار أو للسير فيه.
وقال الملق إن تلك الزيجات أصبحت داخل المجتمع ظاهرة منتشرة ومتفشية إلى حد كبير، لأن تلك النوعية من تلك الزيجات تعتبر مؤذية لجيل كامل من الأولاد يعتبر نتاج هذه الزيجات غير المسؤولة من كهول يعيشون في الوقت الضائع لأعمارهم التي أوشكت أيامها على الانتهاء، وآباء وأمهات لتلك الزوجات صغيرات السن يدفعون بناتهم بهذا النفق المظلم لمصالح وأهداف دنيوية، ولا أغفل فقد تكون الظروف المادية السيئة وكذا الظروف الأسرية والاجتماعية التي يعيش بها عدد من الفتيات الصغيرات في العمر ونشأتهن في بيئات تشكو العوز والفقر، سبباً في موافقتهن على الارتباط بكهول وبفوارق عمرية كبيرة، لكنها في كل الأحوال ليست منطقيا أو مبررا مقنعا أو عذرا مقبولا لهذه الزيجات التي آن الأوان لوقف سيلها وقطع دابرها وسد الذرائع والمنافذ أمامها.
لا يجب الرفض
جملة وتفصيلا
ويرى المأذون الشرعي بمحكمة مدينة جبه محسن خلف فريح السحيمان أنه عندما شرع الزواج بين الذكر والأنثى جعل له ضوابط وحدود يعمل بها حتى يكون الزواج كما شرع الله ويكون نتاجه لبنه صالحة في المجتمع.
وأضاف أن شريعتنا الإسلامية حثت على الزواج وإحصان الشباب وإعفافهم من الوقوع في مستنقعات الرذيلة والشهوة، وقد أطلق صلى الله عليه وسلم مسألة الزواج ولم يحدد لها عمراً معيناً بل حدد معياريين مهمين بهما تسعد المرأة بزوجها ويسعد زوجها بها فقال "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير".
وقال إنه عندما يكون المعيار الدين والخلق تسير السفينة وتنبني الأسرة ويقل الطلاق وعندما يكون المعيار الحسب والمال والثروة والجاه فقط يحدث الخلل ويكثر الطلاق وتكثر العنوسة ويظهر الفساد في الأرض.
وأضاف السحيمان أن هناك إشكاليه تظهر عند البعض في زواج الرجل الكبير من المرأة الصغيرة والذي يكون فارق العمر بينهما كبيراً ففي هذه الحالة مرد الأمر للمرأة فإن وافقت على الزوج برضاها دون إكراه فإن الزواج صحيح والعقد صحيح، وإن لم تكن الزوجة راضية فإن كانت ثيباً فإنه لا يحق لأحد إجبارها على الزواج وإن أجبرت فإنه يحق لها فسخه من عند القاضي إن شاءت، وإن كانت الزوجة بكراً فقد اختلف العلماء هل يحق لأبيها خاصة إجبارها أو لا يحق له والراجح والله أعلم أنها مثل الثيب لا يحق لأحد أجبارها لقوله صلى الله عليه وسلم في ذلك "الثيب تستأمر والبكر تستأذن"
وعن زواج الرجل الكبير بالمرأة الصغيرة قال إن هناك بالفعل بعض السلبيات في زواج الكبير بالصغيرة لكن هذا الحكم لا يعمم في جميع الزواجات وينبغي أن ينظر أيضاً في مسألة كثرة العانسات وما يؤول له ذلك من مخاطر على المرأة نفسها وعلى المجتمع فالمرأة هنا تبقى بين نارين نار شبح العنوسة ونار زواجها من الكبير خاصة ونحن نرى حال بعض شبابنا اليوم من عزوف عن الزواج نتيجة عدم اهتمامهم بذلك أو نتيجة المغالاة بالمهور، فالمرأة الصغيرة ربما تكون قد أصابت كل الإصابة في زواجها من الكبير لما تشاهده من حال الشباب اليوم ولما تشاهد من أخواتها اللاتي أصبحن في عداد العانسات نتيجة انتظارهن لفتى الأحلام الذي طال انتظاره، وبين أن الموازنة في المصالح والمفاسد هنا مطلوبة، فإن غلبت المصالح على المفاسد عمل بها وإن كان العكس لم يعمل بها.
وأضاف "أما من يرفضون زواج الكبير بالصغيرة جملة وتفصيلا بغض النظر عن تداعيات هذا الزواج فإنه ينبغي على الجميع الرجوع للكتاب والسنة في كل شؤون حياتنا ولا نحكم عقولنا فما وافق عقولنا من الشرع قبلناه وما خالف رفضناه".