بحر العلم وأستاذ الشعراء
[size=4][
هل سمعتم بأستاذ درَّس جميع المواد وأحسن فيها كما يحسن المتخصصون ؟؟
هل سمعتم بشاعر يقطع الأبيات الشعرية عروضيا من الخلف إلى الأمام ؟؟
هل رأيتم رجلا لا تراه إلا مبتسما ولا تمل من حديثه أبدا ؟؟
هل عرفتم من هو ؟؟؟؟
إنه أستاذ الشريعة واللغة والأدب والخط والعروض والتاريخ والجغرافيا والرياضيات والعلوم
العالم الجهبذ الأستاذ الشاعر الكبير علي بن عبد الله الأهدل عرفته عن كثب .. تشرفت بأخذ العلم على يديه في معهد صامطة ، وأكرمني الله بأن صاحبته مدرسا في نفس المعهد
ولا زلت أدين له بالفضل معلما ومربيا وإليه يرجع الفضل بعد الله في الوقوف معي والأخذ بيدي في خوض غمار بحر الشعر والأدب .
******
وجهت له أسئلة ليجيب عليها فلبى الطلب بكل سعة صدر وطيبة خاطر وكان بيني
وبينه هذا اللقاء
شيخنا الفاضل وأستاذنا القدير يسر منتديات شبكة صامطة الثقافيةأن تستضيفك عبر هذا اللقاء لتتحف صفحات المنتدى بنفحات من عبير حياتك الأدبية وتعطي القراء الكرام صورة مشرقة عن سيرة إنسان أحب العلم والشعر فكان له ما كان من السيادة والريادة في هذين المجالين
س- حبذا يا شيخنا الفاضل لو عرفت القراء الكرام على سيرتك الذاتية
ج – أولا : أشكر الله تعالى الذي هيأ لنا هذا اللقاء ثم أشكر منتديات شبكة صامطة الثقافية التي أتاحت لي هذه الفرصة لأشارك وأبارك إخواني وأبنائي في هذا المنتدى الأصيل الذي شاع ذكره وعلا صيته فكان درة بين المنتديات ثم أشكر الأستاذ هادي محسن مدخلي على ما بذله من جهد في تحقيق هذا اللقاء .
وأجيب على أسئلتكم بكل أريحية وسرور فأقول :
ولدت في( دير أبكر) باليمن الشمالي جنوب وادي مور التابع لمحافظة الحديدة في 10/6/1354هـ
وتعلمت القرآن الكريم على يد والدي ، ثم انتقلت معه رحمه الله إلى جدة عام 1374 وأقمت معه فيها سنتين ثم رجعت إلى صامطة والتحقت بالمعهد عام 1377 هـ وتخرجت منه عام 1381 هـ والتحقت بكلية الشريعة عام 1382هـ طالبا منتظما وأمضيت بها سنة وحولت إلى منتسب نظرا للحاجة الماسة إلى مدرسين آنذاك حيث عينت مدرسا في( معهد المجمعة) عام 1383هـ ثم عدت إلى (صامطة) مدرسا بمعهدها وحصلت على الشهادة الجامعية انتسابا عام 1385هـ وأنا أدرس في معهد صامطة وبقيت فيها حتى عام 1395هـ ثم نقلت إلى(معهد نجران) مدرسا عام 1396هـ ثم عدت إلى( صامطة) وبقيت بها إلى عام 1411هـ ثم انتقلت إلى ( معهد قنا) حيث أمضيت به حتى بلوغي السن النظامية للإحالة وذلك عام 1418هـ ثم عدت إلى صامطة بعد أن أمضيت أربعا وثلاثين سنة معلما ومتنقلا في أرجاء هذه البلاد المباركة .------
س- كيف كانت رحلتك مع الشعر ؟ج - كانت بدايتي الشعرية بسيطة فكنت أنشء بعض القصائد البسيطة وهي غريزة لدي منذ نعومة أظفاري حيث كنت مغرما بالشعر محبا له حتى قلت فيه
نار القوافي تستكين وتضرم = بجوانحي ولدى الفؤاد تكتم
لكنني ما اسطعت أخفي سره= فإذا تحرك ساعة نطق الفم
ودعا اليراع بأن يسجل للورى = فأصوغه من عقد در ينظم
أمسي أفكر في قوافي الشعر في = جنح الدياجر والخلائق نوم
حينا أغرد في البسيط ووافر = أو بالطويل وكامل أترنم
وأبات أرعى النجم في عليائه = والجو هادي والظلام مخيم
كي تنطفي بالشعر نار لواعجي = حيث الفؤاد بها قديما مغرم
ولما عينت مدرسا في معهد صامطة وجدت الجو مناسبا لإثراء موهبتي الشعرية فقد كنت ألقي بعض القصائد في مناسبات المعهد وبعض المشاركات والمداعبات الإخوانية
----------
س- هل هناك موقف أعجبك فأنشأت فيه قصيدة ؟ج-
أحسن موقف شد انتباهي هو خزان مياه صامطة الذي جاءنا هدية في زمن لا نعرف الخزانات ولا المياه المتدفقة غير أنه لم يطول كثيرا حيث أصابه الخلل فتوقف فعدنا كما كنا فقلت هذه الأبيات
درة جوهرية صامطية = وصلتنا من المليك هدية
هي خزاننا الذي لو رآه = قصر غمدان لانحنى بالتحية
لو نظرت الإبداع فيه بصنع = لا حتقرت المباني البابلية
أشبه المزن ماؤه مستمد = من بحار عميقة فائضية
ثم يهديه للأراضي فتكسى = بعد هذا بحلة سندسية
فترى الماء جاريا بانتظام = واندفاع كدورة دموية
كل بيت حديقة فيه غنا = هزأت بالحدائق القرطبية
شجر الياسمين والفل فيها = والرياحين رائحات زكية
راض للطفل قاده بزمام = أينما شاء كأنما اللي حية
ومضى فترة على ذا ولكن = قد أصابته سكتة قلبية
---------
س- أستاذنا الكبير وشاعرنا القدير يطمع القراء الكرام لسماع نماذج من شعرك
فماذا أنت قائل ؟؟
ج يسعدني ذلك وسوف أوافيكم بنماذج منوعة أرجو أن تنال إعجابكم :
أولا : قصيدة بعنوان الرسالة المحمدية وأثرها في طلاب العلم والمجتمع
نور الهداية شع بالخيرات = من أرض مكة مهبط الآيات
وإذا به عم البسيطة كلها = أنجادها والسهل والفلوات
يهدي الحيارى في دياجير الدجى = كالبدر للسارين في الظلمات
بوركت يابن الأكرمين محمدا = يا خير رسل الله خير هداة
كونت جيلا هم ذؤابة معشر = حملوا لواء النصر في الجبهات
وتتابع الفتح المبين بهم كما = تتابع الموجات بالموجات
بأسنة وبواتر وصواهل = وكماة موطنهم على الصهوات
الثابتون إذا امتطوها مثلما= ثبت النبات على ذرا الربوات
حتى غدت للصين منهم هيبة = وتعج دور الغرب بالأنات
هذا نموذج سيرة من معشر = غر كرام من أعز أباة
وهذه قصيدة أخرى في مدح ولي العهد آنذاك صاحب السمو الملكي الأمير
عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله قلت فيها :
وقف الحبيب على الديار مسلما = وبكى دموعا ود لو قطرت دما
وتذكر القلب المحب حبيبه = من خلته في حسنه بدر السما
يا قلب لا تذكر سعاد وزينبا = أو تلتهي بالغانيات متيما
وتظل في وضح النهار مفكرا = وتبات ترعى في الليالي الأنجما
وتقول للظبي الكحيل إلى متى = يا ظبي تجعلني لسهمك مرتما
بل زر ولي العهد في نجد ترى = كرم العروبة جاثما ومخيما
للشعب كالغيث العميم عطاؤه = ولخدمة الإسلام بحر قد طمى
متفرع من دوحة عربية = لمكارم المجد العريق قد انتمى
متمثل عبد العزيز بشخصه = فكأنه جسد حوى روحيهما
فالشبل ذا من ذلك الأسد الذي = سموه قسورة البلاد وضيغما
أولي عهد المسلمين تقدمت = وثباتكم في شعبكم فتقدما
للخير والأمن العميم فصار في = عز مكين آمنا متنعما
وبنيتم صرح العلوم بهمة = فالشعب أصبح كله متعلما
في الجيش في التدريس في سلك القضا= في الطب في الطيران صقر حوما
ومشارع تعيي الحساب وإنما = ندع البنا كنموذج ليترجما
------------
وهذا نموذج ثالث بعنوان أهلا وسهلا
قلتها عام 1390 عندما زار معهد صامطة وفد من معهد أبها العلمي
فقلت مرحبا بهم
أهلا وسهلا بالضيوف ومرحبا = حياكم الرحمن ضيفا طيبا
جئتم إلينا من بلاد قد نأت = متجشمين مصاعبا ومتاعبا
أكرم بأبها نجدها ووهادها = وجبالها الشم التي فاقت سبا
وأشاوس من فتية كل يرى = في شخصه الأسد الهزبر الأغلبا
فلكم تطلعنا إلى هذا اللقا= حتى روت أخباركم ريح الصبا
إني لأنظر في المعاهد فرقت = والكل من قلب الرياض تشعبا
تحكي الجاول أصلها من منبع = فتفرقت شرق البلاد ومغربا
أو كالكواكب في السماء تنوعت = أيا نظرت ترى أمامك كوكبا
طلابنا الأمجاد أنتم قدوة = وبنور علمكم تزيلوا الغيهبا
أنتم هداة الجيل أنتم أسوة = بل صرتم لهم النجوم الثقبا
أنتم ضرورة ذي الحياة مقامكم = فيها مقام الماء أو كالكهربا
شقوا الطريق لمن أتى من خلفكم = ودعو الونى فلقد نأى زمن الصبا
صور من الشعر الفكاهي
ذات يوم ونحن في مجلس يجمعنا بإستاذنا الشاعر على الأهدل قلت أنا :
إذا أتتك زكمة =وعشعشت في اللوزتين
فاشرب (أدول) حبة = أو (بنادول) حبتين
فانتبه لي الأستاذ علي الأهدل وقال لي خذ يا أبا حذيفة
فقلت له هات : فقال في الحال :
وإن أتتك بشمة = سدت عليك المنخرين
فاستخدمن قطرة =في كل أنف نقطتين
***
وذات مرة خرجنا في رحلة لبحر الموسم وبدأنا هناك في مطارحات شعرية تنتهي بحرف ( الطاء) بدأها الأستاذ علي جبيع مدخلي حيث قال
ألا إن العشاء بدون شطا = كمن سيخط في الأمواج خطا
وأعقبته أنا بأبيات على نفس الحرف
فقال الأستاذ علي الأهدل
أيا ابن الجبيع اخترت نظما = وكان ختام قافية له ( الطا)
لحب ( الطا) قصدت ديار طي = ولكن المزار نأى وشطا
شددت رواحلي لأجا وسلمى = ضربت جنوبها وضربت إبطا
فطورا قد نمر على غدير = وحينا نمتطي صحراء شمطا
ولما أن وصلت ديار نجد = لدى قوم حططت الرحل حطا
نسيت متاعبي فقصدت قوما = يرون رفادة الغراء شرطا
فللأضياف قد نحروا جزورا = وخبزا قد حوى سمنا وإقطا
فناديت القريض يجي تباعا = ولكن القريض علي أبطا
فعدت إلى هنا ودعوت ربي = فأكرمني من المنظوم سمطا
ففي جازان وافانا سراعا = كما نهواه مختصرا وبسطا
فإن شئتم على ميم شعرنا = وهاء أو ختمنا الشعر بـ ( الطا)
هذا ما استطعنا جمعه من حياة شيخنا وشاعرنا الكبير الأستاذ علي بن عبد الله الأهدل
وهو غيض من فيض من حياته وأدبه وبلاغته
ولا زال الشيخ الشاعر يعطي ويعطي وسيظل يعطي بإذن الله
أدام الله عليه لباس الصحة والعافية ونفع الله به وبعلمه وأدبه عموم المسلمين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أعد هذا اللقاء
هادي محسن مدخلي
أبو حذيفة