في آخر لقاء جمع بيننا حدثني كثيرا عن الأحوال المدنية بصامطة.. حديث مؤلم ينساب بلغته القروية البسيطة التي لا تعرف تنميق الكلام أو العبث بالمفردات.. بلغته التي لا تعرف الكذب ولا تجيد التزلف والخداع.. حدثني عن معاناته في أحوال صامطة والتي أثمرت عن سنتين من عمره ذهبت أدراج الرياح وهو يطارد حقه المصادر في أن يحصل على جنسية هذا الوطن الذي ولد فيه وعاش على أرضه.. فرح لفرحه وغضب لغضبه وحزن في أيام حزنه.. هو مثلكم يحب هذا الوطن كثيرا.. يحب الملك عبد الله وكثيرا ما أسمعني قصائدا يكتبها في مدحه وفي الاعتزاز بالوطن.. ولكنه على الرغم من ذلك ليس إلا لاجئا يخاف أن تدهمه قوات الجوازات ومطاردة المتخلفين في أي وقت!.. لأنه سعودي المنشأ والتربية.. ولكنه ليس سعوديا بالبطاقة الشخصية... لا يحمل في جيبه عشرة أرقام تشكل له السجل المدني الذي يذهب به حيث يشاء ... يعيش على تراب هذا الوطن ويرى الخير ينساب على أرضه ولكنه لا ينال من ذلك شيء... لم يدخل مدرسة ولم ينل شهادة لأنه سعودي مع وقف الاعتراف.. لا يسمح له بالعلاج في المستشفيات الحكومية لأنه سعودي ولكن في الأحلام التي تسكن رأسه... يحلم بزيارة مكة والمدينة وأداء الحج ولكن هذا لن يتحقق إلا جلباب التهريب والمتخلفين!!
هل أنكره الوطن؟
كلا: هو أول المجيبين بهذه الإجابة وأول الرافضين لأن يراوده هذا الوسواس.. إنما أنكرته أحوال صامطة وموظفيها حين جعلت من معاملته سراب يركض وراءه من ثلاث سنوات وما زال في أول المشوار.. لم ينكره نظام الجنسية الذي أتاح له الحق في ذلك.. ولكن أنكره موظف الجنسية بأحوال صامطة الذي يأبى أن يقدر المكان الذي يعمل منه والواجب الذي يفترض أن يقوم به.. فمن مماطلة إلى موعد إلى تصريف وخداع.. أنكره مدير أحوال صامطة الذي طالما اشتكى له من معاملة الموظفين ولكنه لم يجد إلا أذنا من طين وأخرى من عجين. أنكره شيخ القبيلة الذي حول معاملته إلى بقرة حلوب تدر عليه الآلاف من الريالات من أجل أن يتنازل بتوقيع!!
صديقي هذا:
يبدأ يومه بعد الإفطار بملفه العلاقي الأخضر الذي أصبح يرافقه كظله منذ ثلاث سنوات, في النهار يحمله في ممرات مبنى الأحوال وفي الليل يعيد قراءته فيجده كما هو لا جديد.
رحلة البحث عن سيارة توصله إلى مثلث العين الحارة كي يجد سيارة ليموزين من هناك هي رحلة أخرى يدفع فيها ما لا بأس به من الكرامة.. ابتداء من جاره الذي تعب هو الآخر من تلكم المعاملة. مرورا بطلاب المدارس الذين يجودون عليه مرة بتوصيلة وأخرى يتندرون به.. وليس انتهاء بتوفير المال لمشوار يحمله من قريته الصغيرة النائية إلى مبنى أحوال صامطة.. ذلك المبنى الذي يتمنى أن يراه يتحطم ركاما أمام عينيه بما فيه من الموظفين الذين يغتالون حلم حياته بأن يصبح سعوديا معترفا به.
وكثر هم الذي يشاركونه ذات الحلم وتلك الأمنية ممن يترددون بشكل شبه يومي على هذه المصلحة دون أن يجنوا منها شيئا غير التعب.
قصته وجع كبير لا يحمل أي مواطن شريف أن يسمعها إلا ويردد: عار عليكم ما تفعلون.
قصته قد لا تهمكم ولكن خذوا منها العبرة وهو أن الفساد والمحسوبية قد عصف بأحوال صامطة عصفا..
موظفون سيئون في تعاملهم وفي أدائهم.. مدير متغاض عما يفعلون.
دعاني ذات يوم إلى زيارة أحوال صامطة وبالفعل ذهبت ووقفت بنفسي أشخص المرض الذس يعصف بهذا المبنى ولا ل له إلا بالاستئصال الفوري العاجل وإليكم هذه النقاط أنقلها من أفواه البؤساء هناك.
التزام الموظفين بدوامهم سيء جدا يأتيك أحدهم متأخرا مع الساعة العاشرة أحيانا وقبل أن يستبشر المراجعون بوصول سعادته يطلب منهم أن ينتظروا حتى يحضر له العامل إفطاره الصباحي الذي يرفض أن يتناوله إلا على المكتب أمام أعين المراجعين في استخفاف بالغ بقيم العمل وأمانة الوظيفة وفي قلة تقدير لهؤلاء المراجعين!!
موظف آخر شهادته بعيني يغلق مكتبه مع الساعة العاشرة ولم يمضعلى دوامه إلاساعتين فقط.. وليذهب المراجعين الواقفين على بابه في ستين داهية.
تخبط في أداء العمل وعدم تكامل بين موظف وآخر.. صديقي هذا كان معاملته عند موظف ثم توفي هذا الموظف فنقلت لآخر فما كان منه إلا أن طلب منهم إعادة كثير من الخطوات التي قطعوها في هذه المعاملة بدعوى أنها غير موافقة لنظام.. وكأن هذا النظام يكتبه كل موظف من هؤلاء على كيفه وليس صادر من مجلس الوزراء وبأمر سام.
بل إن المراجع لا يوجه التوجيه الصحيح في أداء معاملته فلا يدري ما هي الخطوة القادمة لإنجاز معاملته ويضطر إلى الاجتهاد الذي يفضي إلى الخطأ.
عدم تكامل بين إدارات الأحوال.. مراجع أخبر أن معاملته أرسلت إلى الخوبة للتحري والبحث.. فرح المسكين وذهب إلى الخوبة لمتابعة معاملته ولكن موظف الوارد أخبره هناك أنه لم تأتي أية معاملة جديدة من أحوال صامطة منذ شهر.. عاد المسكين إلى موظف الصادر في الأحوال فأخبره بأنه لم ترسل له أي معاملة.. هل أحسن الظن بهذا الموظف وأقول أنه لم يكن يكذب ويستغل سذاجة هذا المراجع؟!..
سوء تعامل مع المراجعين.. فمراجع كان ينتظر دوره مقابلة الموظف.. تعب المسكين من طول الانتظار وذهب إلى الموظف يسأله عن الرقم الحالي.. فما كان من الموظف إلا أن أخرج ملف معاملته من منتصف الملفات ووضعها في أسفل القائمة قائلا: برد بطنك الآن!!
عجوز كانت ضجرت من تعامل الموظف فقامت تشتكي وترفع صوتها.. وهي في مقام أمه.. فكان أن رد عليها قائلا: يا عجوز من غير قلة حياء!!
هذه أخلاق موظف يتعامل مع امرأة مسنة في مقام أمه.. فكيف بأدائه وإنتاجيته.موظف الجنسية
مراجع آخر قام ليشرح للموظف وضعه فكان من الموظف أن وضع أصبعه في أذنه وقال تفضل أنا أسمعك!!
قلة في الإنتاجية هي سمة أخرى.. وما انتظار المراجعين السنوات لإنجاز معاملة إلا أكبر دليل على ذلك!!
إشاعات عن رشاوي ومحسوبيات ولكن لا نتهم أحدا بما لا نملك إثباته.. ولكن هذا غيض من فيض مما رأيت!\
والداء الأكبر هو أن يتغاضى مدير الأحوال عن وضع موظفيه ويبرر تسيبهم في أداء أعمالهم ويقف في صف الموظف وليس في صف المراجع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أعلم أني جديد على منتداكم هذا.. ولكن حسب ما سمعت بأن للنقاشات فيه صدى طيب في محافظة صامطة
فهل يسمع المسئولون هذا الصوت ويلتفتون إلى الوضع الحاصل في أحوال صامطة؟!...
أتمنى ذلك.. وإن استطعتم أن توصلوا صوتي هذا فذلك في ميزان حسناتكم بإذن الله