عشرات من القصص والحكايات تتداولها المجالس في بعض أحياء مدينة جدة من تشغيل وايواء متخلفي العمرة والزيارة.. بعضها ينطبق عليها مقولة شر البلية ما يضحك.. بجانب قصص في ملف تشغيل وإسكان وإيواء المخالفين لانظمة الاقامة. مواطن قام بتشغيل خادمة غير نظامية لسنوات طويلة ثم منحها ثقته وذات يوم تنكرت الخادمة واتفقت مع رفيقات لها من ذات الجنسية وقررت سرقة ما خف وزنه وغلا ثمنه من الفيلا الانيقة: دخلت غرفة النوم وسرقت مبالغ ومجوهرات تبلغ جملتها اكثر من خمسين الف ريال الا ان الاجهزة الامنية كانت لهم بالمرصاد.
المواطن أفاق من غيبوبته وعاد له رشده فكتب عهدا على نفسه بالا يشغل متخلفا او متخلفة.
آخر أسند لمتخلف أعمالا كهربائية في داره الجديدة وبسبب توصيلات خاطئة دفع صاحب الدار مبالغ طائلة ثمنا لحريق هائل أكل الاخضر واليابس.. ومازال صاحب المنزل يعض اصابع الندم لاسناده عملا لمتخلف.
من الحكايات والقصص التي تتداولها المجالس السائق الذي نسخ مفتاح المكتب واخذ كل شيء واختفى قبل ان يتم القبض عليه.
هل تكفي الحملات التوعوية لمواجهة حالات التخلف؟.
وسؤال يضج ويصعد وسط كثافة الاسئلة لماذا يبقى المتخلفون اصلا؟.
المواطن يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية وغضه الطرف عن حالات البقاء غير النظامي.. ربما بعفوية. ربما عن غير قصد وفي مرات كثيرة بقصد وسبق اصرار.. ثم يدفع الثمن كما رأينا في القصص والحكايات.. الجهات المعنية لا تتوانى عن مواجهة حالات التخلف بمزيد من الحملات والمتابعة ومحاسبة كل الاطراف التي تتورط في مساعدة وتسهيل التخلف.
ثقافات ومفارقات
ولعل في عوالم المتخلفين "ثقافات" وعادات ومفارقات اقامة واحدة مثلا قد تسهل لاقامة وسكن نحو 20 متخلفا وربما اكثر يأتي المقيم النظامي ويستأجر دارا بمبلغ زهيد ويسمح لآخرين من بني جلدته بالسكن معه ويقوم باستحصال قيمة الايجار الباطن منهم ويسكن هو بلاش.
ينقسم المتخلفون الى مجموعات ويتوزعون على أحياء معروفة بني مالك مثلا تعتبر مقصدا لجنسية عربية محددة والهنداوية لغيرهم والرويس والصحيفة وهكذا كما ان اصحاب المهن لهم احياؤهم فالسباكون يفضلون احياء دون غيرها والكهربائيون لهم حيهم المفضل وهكذا.
اما المهن التي يمارسونها حدث ولا حرج فكلهم مهرة مجيدون للحرف فيهم السباك الذي لا يشق له غبار ومع ذلك فهو من الحلاقين العتاة في شارع فلسطين والاربعين وحراء تكثر تجمعاتهم وفي ثوان قليلة يحيطون بالزبون ولا يجدون له متنفسا يقتحمون سيارته والاتفاق "بعدين".
الحق يقال ان اسعارهم غير. واياديهم رخيصة لوضاعة امكانياتهم وقلة خبراتهم في حين ان العمالة النظامية لذات المهن أسعارها معروفة.
ملامح المتخلفين
للمتخلفين "شفراتهم" للتعامل مع "الخطر" ولديهم قوة استشعار قوية تشم المخاطر من بعيد ولما يسقط واحد منهم في ايدي الجوازات يختفي رفاقه لايام قبل ان يخرجوا من أوكارهم.. وقد سهلت الهواتف المحمولة نقل اخبار المخاطر المحتملة فيما بينهم.
بعض هؤلاء يفشلون في العثور على مهن ويبقون اسرى لبيوت تؤويهم ورغم ذلك فانهم يفضلون البقاء هكذا بدلا من العودة الى بلدانهم يكفي انهم يقتسمون لقمة العيش مع النظاميين فعشرة ريالات تكفي ليومين وتتميز حياة المتخلفين بملامح عديدة لعل اهمها تواضع الحال وبؤس السكن اغلبهم يتدافعون في حجرات ضيقة في الليل وفي النهار يخرجون الى الشوارع بحثا عن الرزق ويصل سعر ايجار البيت الشعبي في بعض الاحياء الى 800 ريال في الشهر يتقاسمونها فيما بينهم ولا يخفى على احد ان هؤلاء يأتون اساسا وفي نيتهم التخلف وبعيد وصولهم يبحثون عن اقارب لهم يوفرون المأوى لهم مؤقتا.
الغاية تبرر الوسيلة
القاسم المشترك الاعظم بين رغبات المتخلفين هو جمع اكبر قدر من الاموال في اقل وقت ممكن وهناك مكمن الخطورة فهم لا يتورعون عن المكسب بأي شكل فالغاية عندهم تبرر الوسيلة واغلبهم لا يكسبون في الشهر اكثر من 500 ريال مهما بلغت "فهلوته" و "شطارته".
المواجهة.. كيف؟
المديرية العامة للجوازات وفق استراتيجيتها لمواجهة مثل هذه الظواهر كلفت ادارة متخصصة لمتابعتهم وضبطهم واعادتهم الى بلدانهم عبر خطط ميدانية دقيقة.. وتأمل في تعاون اكثر جدية ومسؤولية من المواطنين والمقيمين على حد سواء وتتخد ادارات الجوازات في كافة المناطق تدابير هامة في هذا الصدد.
عدد من عمد الاحياء منهم عبدالصمد محمود عبدالصمد عمدة حارة اليمن والشام ومنصور عقيل عمدة حارة الصحيفة.. وعبدالعزيز الجحدلي عمدة الرويس وعوض المالكي عمدة بني مالك وغيرهم ينادون بتفعيل دور المواطن والبحث عن أصل المشكلة وضرورة النظر اليها من منظور أمني واقتصادي واجتماعي.
معاقبة المتسترين
العقيد حسين الحارثي مدير ادارة الوافدين بجدة حذر من ايواء وتشغيل مخالفي انظمة الاقامة ونبه اصحاب العقارات الى ضرورة التأكد من هوية المستأجرين مذكرا ان التعليمات تقضي بايقاع العقوبات من السجن والغرامة على كل من يساعد او يساهم في ايواء او تشغيل او التستر على هؤلاء وقال ان المواطن يعتبر حجر الزاوية وصمام الامان في قضية محاربة التخلف والحد منه لاسيما ان هناك مؤثرات أمنية واقتصادية واجتماعية وثقافية تنعكس سلبا على الحياة العامة للمجتمع, واضاف العقيد الحارثي انه يتم ترحيل ما بين 30 - 35 الف متخلف شهريا بعد تطبيق العقوبات عليهم فيما يتم شهريا اصدار ما يقارب 700 - 800 قرار كعقوبات على متسترين على المتخلفين مشيرا الى ان نظام البصمة الذي بدئ تطبيقه من شأنه ان يحد من مشاكل التخلف.