ألف شكرلك اخي (جبران حكمي )
بصراحة موضوع رائع وجميل
ويعتبر مرجع للتعرف على هذه الشخصيات العظيمة
الذين تركوا لهم اثرا لا يمحى على مر العصور
بالنسبة لي اول مرةاشوف الموضوع
لكني استمتعت كثيرا بقراءته
فلك من الجميع خالص الشكر والدعاء
ألف شكرلك اخي (جبران حكمي )
بصراحة موضوع رائع وجميل
ويعتبر مرجع للتعرف على هذه الشخصيات العظيمة
الذين تركوا لهم اثرا لا يمحى على مر العصور
بالنسبة لي اول مرةاشوف الموضوع
لكني استمتعت كثيرا بقراءته
فلك من الجميع خالص الشكر والدعاء
الشيخ علي الطنطاوي
الأسم / علي مصطفى الطنطاوي
الدولة : سوريا
سيرة الشيخ ومعلومات عن حياته :
أصل الشيخ و أسرته:
أسرة الشيخ علي الطنطاوي أصلها من من طندتا المعروفة حالياً بطنطا عاصمة إقليم الغربية في مصر ،نزح منها عام 1255هـ جده وعمه .
أبوه مصطفى الطنطاوي كان واحداً من العلماء المعدودين آنذاك في الشام ووصفه علي الطنطاوي بأنه : ( من صدور الفقهاء ومن الطبقة الأولى من المعلمين والمربين (
وقال عنه أيضاً : ( كنت منذ وعيت أجد - إذا اصبحت - مشايخ بعمائم ولحى يقرؤون على أبي (
وقد توفي والد الشيخ في عام 1925 وقد كان عمر الشيخ آنذاك ست عشرة سنة وثلاثة اشهر .
فإذا علمنا أن والده كان كما رأينا فلا ريب بأن يصبح الولد عالماً من العلماء ، ونزداد يقيناً بذلك إذا علمنا أن أسرة أمه من الأسر العلمية الكبيرة في الشام فمثلاً : خاله ، أخو أمه ، هو محب الدين الخطيب الذي استوطن مصر وأنشأ فيها صحيفتي الفتح و الزهراء ، وكان له اثر كبير في الدعوة هنالك .
نشأة الشيخ وتعليمه :
يعتبر علي الطنطاوي من الآوائل الذين درسوا بطريقتين، هما :
1- التلقي على المشايخ.
2- الدراسة في المدارس النظامية.
حصل على شهادة البكالوريا المعروفة بشهادة الثانوية العامة سنة 1928م.
بعد ذلك ذهب إلى مصر وكان هو الطالب الأول من الشام الذي يؤم مصر للدراسة العالية ، ولكنه لم يكمل السنة الأولى فعاد إلى دمشق في السنة التالية فدرس الحقوق في جامعتها حتى نال الليسانس أو ما يعرف بالبكالوريوس .
وقد علمنا أن أباه توفي وعمره ست عشرة سنه ، فكان عليه أن يقوم بمسؤوليات أسرته التي تضم أمه وخمسة من الإخوة والأخوات كان هو كبيرهم .
لذلك فكر شيخنا علي الطنطاوي بترك الدراسة والإشتغال بالتجارة ، ولكن الله أبعده عن طريق العمل بالتجارة وعاد إلى الدراسة وكان مّما قال : ( لقد فقدت أبي وأنا في مطلع الشباب، واضطررت إلى أن أكتسب قبل سن الاكتساب ، وتعلمت ودرست على ضيق الحال وقلّة الأسباب، وأكرمني الله فعلمني وكفاني، فما أحوجني أن أمدّ يدي يوماً إلى أحد ممّن خلق الله(.
ثم ماتت أمه وهو في الرابعة والعشرين، فكانت تلك واحدة من أكبر الصدمات التي تلقاها في حياته ، وقد قال حفيده مجاهد : ( ولقد شهدته مراراً يذكرها ويذكر موتها -وقد مضى على موتها ستين سنة - وأشهد ما كان ذلك إلا وفاضت عيناه(
إشتغاله بالصحافه:
بدأ الشيخ الطنطاوي العمل في الصحافة عام 1926 حيث نشرت له أول مقالة ، ولهذه المقالة قصة طريفة نذكرها لأخذ العبرة بعدم التقليل من النفس ، وقد رواها الشيخ بنفسه : ( كتبت مقالاً و قرأته على رفيقي أنور العطار ، فأشار علي أن أنشره. فاستكبرت(1) ذلك، فما فتئ يزينه لي حتى لنت له، وغدوت على إدارة المقتبس(2) فسلمت على الأستاذ أحمد كرد علي -رحمه الله ورحم جريدته- ودفعت إليه المقال.
فنظر فيه فرأى كلاماً مكتهلاً(3)، ونظر في وجهي فرأى فتى فطيراً، فعجب أن يكون هذا من هذا، وكأنه لم يصدقه فاحتال عليّ حتى امتحنني بشيء أكتبه له زعم أن المطبعة تحتاج إليه فليس يصح تأخيره، فأنشأته له إنشاء من يسابق قلمه فكره، فازداد عجبه مني و وعدني بنشر المقال غداة الغد. فخرجت من حضرته وأنا أتلمس جانبيّ أنظر هل نبت لي أجنحه أطير بها لفرط ما استخفني السرور(
ثم أكمل قائلاً : (حتى إذا انبثق الصبح وأضحى النهار أخذت الجريدة، فإذا فيها المقال وبين يديه كلمة ثناء لو قيلت للجاحظ لرآها كبيره عليه (
وقد كتب الشيخ في الكثير من الصحف منها على سبيل المثال لا الحصر( الفتح و الزهراء و ألف باء و الأيام و الرسالة(
أما من الصحف الحالية فقد كتب في ( الشرق الأوسط والمدينة بالإضافة إلى مجلة الحج(
والصحافة هي العمل الأفضل لديه على حسب كلامه .
حياته و التعليم :
التعليم فهو العمل الذي ملأ حياته بأكملها، فقد بدأ بالتعليم وهو ما يزال طالباً في الثانوية في إحدى مدارس الشام.
ثم انتقل بعد ذلك ليعلم في مناطق أخرى في داخل سوريا وخارجها حيث عمل مدرساً في العراق، وللعراق قصص مشوقة في مذكراته ، كما معلماً في الرياض ومكة وبيروت .
الشيخ والقضاء :
ربع قرن قضاها الشيخ في القضاء كانت من أخصب سنيّ حياته .
وقد قال الشيخ عن تلك الفترة : ( لقد تنقلت في البلاد ورأيت اصنافاً من العباد، ولكني لم أخالطهم ولم أداخلهم. كنت ألقاهم من فوق أعواد المنابر أو من خلال أوراق الصحف والمجلات أو من على منبر التدريس، والذين لقيتهم إنما كان لقائي بهم عارضاً؛ ألامسهم ولا أداخلهم، فلما وليت القضاء رأيت ما لم أكن أعرف من قبل (
وعند توليه القضاء ظهر نبوغ علي الطنطاوي وبان تميزه مجدداً ، فلقد أراد أن يكون متقناً لعمله ، مجيداً ومخلصاً له، فلما نجح في امتحان القضاء وعين ، طلب من الوزارة أن تمهله شهراً ، هل تعرفون لمّ ؟؟
إليكم ماقاله الشيخ : ( لا لألعب فيه وأستمتع، ولا لأسافر وألهو، بل لأواظب في المحكمة الشرعية في دمشق حتى أعرف المعاملات كلها: من عقد النكاح، وحصر الأرث، وتنظيم الوصية، إلى الحكم في قضايا الإرث والوقف والزواج...(
وقد عمل الشيء الكثير حين توليه القضاء وغير كثيراً من الأخطاء الواقعة في تلك الأيام .
وفي عام 1960 كُلف بوضع مناهج الدروس فوضعها وحده بعد سفره لمصر والتقاءه بعلماء الأزهر وإدارة التعليم واعتمدت كلها كما وضعها .
ولا تفوتكم قراءة مذكراته لمعرفة المزيد والمزيد عن تلك الفترة وغيرها.
إنتقال الشيخ إلى المملكة العربية السعودية :
1963 إنتقل الشيخ للرياض مدرساً في (الكليات والمعاهد ) المعروفة حالياً ( بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميه(
وعاد نهاية العام إلى دمشق لإجراء عملية جراحية مبيتاً النية على عدم العودة مجدداً للمملكة إلا أن عرضاً بالتدريس في مكة قد جعله يغير قراره .
إنتقل بعدها الشيخ ليقيم في مكة وجدة خمسة وثلاثين سنة أي إلى أن توفاه الله .
بدأ علي الطنطاوي بالتدريس في كلية التربية بمكة، ثم لم يلبث أن كُلف بتنفيذ برنامج للتوعية الإسلامية، فترك الكلية و ذهب ليجوب مدراس وجامعات السعودية لإلقاء المحاضرات والندوات، ثم تفرغ للإجابة عن الفتاوى في مجلس خصّص له في الحرم أو في بيته، ثم بدأ بإذاعة برنامجيه: ( مسائل ومشكلات) في الإذاعة ، وبرنامج (نور وهداية(في الرائي(4)والشيخ يعد من أقدم مذيعي العالم بأسره حيث بدأ يذيع لأول مرة في أوائل الثلاثينات من القرن الفائت
ذكرياته:
كان الشيخ ينشر كل يوم خميس حلقة من ذكرياته في الصحف إلى أن تعب من العمل فودع القراء( وكانت حلقات الذكريات قد قارب مئتين وخمسين حلقة) أقول : فودع القراء قائلاً : ( لقد عزمت على أن أطوي أوراقي، وأمسح قلمي، وآوي إلى عزلة فكرية كالعزلة المادية التي أعيشها من سنين، فلا أكاد أخرج من بيتي، ولا أكاد ألقى أحداً من رفاقي وصحبي(
آخر آيامه ووفاته :
ذكرت فيما سبق إعتزال الشيخ للرائي والإذاعة والصحف ، فقد أغلق بيته واعتزل الناس إلا قليلاً من المقربين .
وقد قال حفيدة مجاهد عن آخر أيام شيخنا الحبيب علي الطنطاوي: (وبات الشيخ في - في آخر أيامه- ينسى بعضاً من شؤون حياته ؛ فيصلي الصلاة مرتين خشية أن يكون نسيها، ولكن الله منّ عليه وأكرمه بأن حفظ له توقد ذهنه ووعاء ذاكرته حتى آخر يوم من حياته. وصار يتورع من الفتوى خشية الزلل والنسيان، وكان حتى الشهر الذي توفي فيه تفتح بين يديه القصيدة لم يرها منذ عشرات السنين فيُتم أبياتها ويبين غامضها،وربما اختلُلف في ضبط مفردة من مفردات اللغة أو في معناها فيقول هي كذلك، فنفتح القاموس المحيط ( وهو إلى جواره، بقي كذلك حتى آخر يوم )فإذا هي كما قال.
فلما كانت آخر السنوات تعب قلبه الكبير فأدخل المستشفى مراراً، فصار يتنقل بين البيت والمستشفى، حتى فاضت روحه لبارئها بعد عشاء يوم الجمعة، الثامن عشر من حزيران، عام 1999 في قسم العناية المركزة بمستشفى الملك فهد بجدة، ودفن في مكة في اليوم التالي بعدما صُلي عليه في الحرم المكيّ الشريف.
اللهم ارحمه برحمتك رحمة واسعة ، اللهم اغفر له وأحسن إليه حيث هو، اللهم أبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وأدخله الجنة ، وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار ، آمين يارب العالمين.
مؤلفاته:
1-ذكريات علي الطنطاوي(8أجزاء)
2- فِكَر ومباحث
3-صور وخواطر
4-مع الناس
5-هتاف المجد
6- مقالات في كلمات
7-فصص من الحياة
8-صيد الخاطر(تحقيق وتعليق)
9-من حديث النفس
10-من نفحات الحرم
11-بغداد:مشاهد وذكريات
12-في أندونيسيا
13-أبو بكر الصديق
14-أخبار عمر
15-رجال من التاريخ
16-أعلام من التاريخ(7أجزاء(
17-قصص من التاريخ
18-حكايات من التاريخ
19-دمشق
20-الجامع الأموي
21-فصول إسلاميه
22-في سبيل الإصلاح
23-تعريف عام بدين الإسلام(مترجم للكثير من اللغات(
24-فتاوى علي الطنطاوي
ولم يكن ما سبق إلا جزءاً يسيراً للغاية من سيرة علي الطنطاوي الذي يحق لنا وصفه بـ ( أديب الفقهاء، وفقيه الأدباء
وصية الشيخ على الطنطاوي للشباب والشابات
البلدان ولقيت الناس وخبرت الدنيا فاسمعي مني كلمة صحيحة صريحة من سني وتجاربي لم تسمعيها من غيري، لقد كتبت وناديت ندعو الى تقويم الاخلاق ومحو الفساد وقهر الشهوات حتى كلت منا الاقلام وملت الالسنة وما صنعنا شيئا ولا ازلنا منكرا بل ان المنكرات لتزداد والفساد ينتشر والسفور والحسور والتكشف تقوى شرّته وتتسع دائرته ويمتد من بلد الى بلد حتى لم يبق .
بلد اسلامي - فيما احسب - في نجوة منه حتى الشام التي كانت فيها الملاءة السابغة وفيها الغلو في حفظ الاعراض وستر العورات قد خرج نساؤها سافرات حاسرات كاشفات السواعد والنحور.. ما نجحنا وما اظن اننا سننجح ، اتدرين لماذا؟ لاننا لم نهتد الى اليوم الى باب الاصلاح ولم نعرف طريقه ، ان باب الاصلاح امامك انت يا بنتي ومفتاحه بيدك فاذا امنت بوجوده وعملت على دخوله صلحت الحال ، صحيح ان الرجل هو الذي يخطو الخطوة الاولى في طريق الاثم لا تخطوها المراة ابدا ولكن لولا رضاك ما اقدم ولولا لينك ما اشتد انت فتحت له وهو الذي دخل ، قلت للص تفضل .. فلما سرقك اللص صرخت اغيثوني يا ناس سرقت ..... ولو عرفت ان الرجال جميعا ذئاب وانت النعجة لفررت منهم فرار النعجة من الذئب ، وانهم جميعا لصوص لاحترست منهم احتراس الشحيح من اللص0 واذا كان الذئب لا يريد من النعجة إلا لحمها . فالذي يريده منك الرجل أعز عليك من اللحم على النعجة ، وشر عليك من الموت عليها ، يريد منك أعز شئ عليك : عفافك الذي تشرفين ، وبه تفخرين ، وبه تعيشين ، وحياة البنت التي فجعها الرجل بعفافها ، أشد عليها بمئة مرة من الموت على النعجة التي فجعها الذئب بلحمها ... إي والله، وما رأى شاب فتاة إلا جردها بخياله من ثيابها ثم تصورها بلا ثياب. إي والله ، أحلف لك مرة ثانية ، ولا تصدقي ما يقوله بعض الرجال ، من أنهم لا يرون في البنت إلا خلقها وأدبها، وأنهم يكلمونها كلام الرفيق ، ويودونها ود الصديق ، كذب والله، ولو سمعت أحاديث الشباب في خلواتهم ، لسمعت مهولا مرعبا ، وما يبسم لك الشاب بسمة ، ولا يلين لك كلمة ، ولا يقدم لك خدمة ، إلا وهي عنده تمهيد لما يريد ، أو هي على الأقل إيهام لنفسه أنها تمهيد.
وماذا بعد؟ ماذا يا بنت؟ فكري. تشتركان في لذة ساعة ، ثم ينسى هو ، وتظلين أنت أبدا تتجرعين غصصها ، يمضي (خفيفا) يفتش عن مغفلة أخرى يسرق منها عرضها، وينوء بك أنت ثقل الحمل في بطنك ، والهم في نفسك ، والوصمة على جبينك ، يغفر له هذا المجتمع الظالم ، ويقول : شاب ضل ثم تاب ، وتبقين أنت في حمأة الخزي والعار طول الحياة ، لا يغفر لك المجتمع أبدا. ولو انك إذ لقيته نصبت له صدرك ، وزويت عنه بصرك ، وأريته الحزم والاعراض ... فإذا لم يصرفه عنك هذا الصد ، وإذا بلغت به الوقاحة أن ينال منك بلسان أو يد ، نزعت حذاءك من رجلك ، ونزلت به على رأسه ، لو أنك فعلت هذا ، لرأيت من كل من يمر في الطريق عونا لك عليه، ولما جرؤ بعدها فاجر على ذات سوار ، ولجاءك _ إن كان صالحا _ تائبا مستغفرا ، يسأل الصلة بالحلال ، جاءك يطلب الزواج. والبنت مهما بلغت من المنزلة والغنى والشهرة والجاه ، لا تجد البنت أملها الاكبر وسعادتها إلا في الزواج ، في أن تكون زوجا صالحة ، وأما موقر’ ، وربة بيت . سواء في ذلك الملكات و الاميرات ، وممثلات هوليود ذوات الشهرة والبريق الذي يخدع كثيرات من النساء . وأنا أعرف أدبيبتين كبيرتين في مصر والشام ، أديبتين حقا ، جمع لهما المال والمجد الادبي ، ولكنهما فقدتا الزوج فقدتا العقل وصارتا مجنونتين ، ولا تحرجيني بسؤالي عن الاسماء إنها معروفة!! .
الزواج اقصى اماني المراة ولو صارت عضوة البرلمان وصاحبة السلطان ، والفاسقة المستهترة لا يتزوجها احد، حتى الذي يغوي البنت الشريفة بوعد الزواج ان هي غوت وسقطت تركها وذهب- اذا اراد الزواج- فتزوج غيرها من الشريفات لانه لا يرضى ان تكون ربة بيته وام بنته امراة ساقطة والرجل وان كان فاسقا داعرا اذا لم يجد في سوق اللذات بنتا ترضى ان تريق كرامتها على قدميه وان تكون لعبة بين يديه إذ لم يجد البنت الفاسقة او البنت المغفلة التي تشاركه في الزواج على دين ابليس وشريعة القطط في شباط طلب من تكون زوجته على سنة الاسلام فكساد سوق الزواج منكن يا بنات لو لم يكن منكن الفاسقات ما كسدت سوق الزواج ولا راجت سوق الفجور .. فلماذا لا تعملن ، لماذا لا تعمل شريفات النساء على محاربة هذا البلاء ؟ انتن اولى به واقدر عليه منا لأنكن اعرف بلسان المراة وطرق افهامها ولانه لا يذهب ضحية هذا الفساد الا انتن : البنات العفيفات الشريفات البنات الصيّنات الديّنات في كل بيت من بيوت الشام بنات في سن الزواج لا يجدن زوجا ، لان الشباب وجدوا من الخليلات ما يغني عن الحليلات ، ولعل مثل هذا في غير الشام ايضا ... فألفن جماعات منكن من الاديبات والمتعلمات و مدرسات المدرسة و طالبات الجامعة تعبد أخواتكن الضالات الى الجادة، خوّفنهن الله ، فان كن لا يخفنه فحذرهن المرض ، فان كن لا يحذرنه فخاطبهن بلسان الواقع ، قلن لهن : انكن صبايا جميلات فلذلك يقبل عليكن الشباب ويحومون حولكن ولكن هل يدوم عليكن الصبا والجمال ؟ ومتى دام في الدنيا شئ حتى يدوم على الصبيّة صباها وعلى الجميلة جمالها ؟ فكيف يكن اذا صرتن عجائز محنيات الظهور مجعّدات الوجوه من يهتم يومئذ بكنومن يسأل عنكن ، اتعرفن من يهتم بالعجوز ويكرمها ويوقرها ؟ اولادها وبناتها وحفدتها وحفيداتها ، هناك تكون عجوز ملكة في رعيتها ومتوجة على عرشها على حين تكون الاخرى ... انتن اعرف بما تكون عايه.فهل تساوي هذه اللذة تلك الآلام ؟ وهل تشتري بهذه البداية تلك النهاية ?. وأمثال هذا الكلام لا تحتجن الى من يدلكن عليه، ولا تعدمن وسيلة الى هداية أخواتكن المسكينات الضالات ، فإن لم تستطعن ذلك معهن فاعملن على وقاية السلمات من مرضهن ، والناشئات
الغافلات من أن يسلكن طريقهن .
وأنا لا أطلب منكن أن تعدن بالمرأة المسلمة اليوم بوثبة واحدة إلى مثل ما كانت علية المرأة المسلمة حقا، لا، وإني لأعلم أن الطفرة مستحيلة في العادة ، ولكن أن ترجعن إلى الخير خطوة خطوة ، كما أقبلتن على الشر خطوة خطوة ، إنكن قصرتن الثياب شعرة شعرة ، ورققتن الحجاب ، وصبرتن الدهر الاطول تعلمن لهذا الانتقال ، والرجل الفاضل لا يشعر به ، والمجلات الداعرة تحث عليه ، والفساق يفرحون به ، حتى وصلنا إلى حال لا يرضى بها الاسلام ، ولا ترضى بها النصرانية ، ولم يعلمها المجوس الذين نقرأ أخبارهم في التاريخ ، إلى حال تأباها الحيوانات. إن الديكين إذا اجتمعا على الدجاجة اقتتلا غيرة عليها وذودا عنها ، وعلى الشواطئ في الاسكندرية وبيروت رجال مسلمون ، لا يغارون على نسائهم المسلمات أن يراهن الاجنبي ، لا أن يرى وجوههن ...ولا أكفهن...ولا نحورهن... بل كل شيء فيهن!! كل شيء إلا الشيء الذي يقبح مرآه ويجعل ستره ، وهو حلقتا العورتين ، وحلمتا الثديين.....
وفي النوادي والسهرات (التقدمية) الراقية ، رجال مسلمون يقدمون نساءهم المسلمات للاجنبي ليراقصهن ، يضمهن حتى يلامس الصدر الصدر ، والبطن البطن، والفم الخد، والذراع ملتوية على الجسد ، ولا ينكر ذلك أحد ، وفي الجامعات المسلمات شباب مسلمون يجالسون بنات مسلمات متكشفات باديات العورات ، ولا ينكر ذلك الآباء والامهات المسلمات ، وأمثال هذا!!. وأمثال هذا كثير لا يدفع في يوم واحد ، ولا بوثبة عاجلة ، بل بأن نعود إلى الحق ، من الطريق الذي وصلنا منه إلى الباطل ، ولو وجدناه الآن طويلا، وإن من لا يسلك الطريق الطويل الذي لا يجد غيره لا يصل أبدا، وأن نبدأ بمحاربة الاختلاط غير السفور ، أما كشف الوجه، إن كان لا يتحقق بكشفه الضرر على الفتاة والعدوان على عفافها فأمره أسهل ولعله أهون من هذا الذي نسميه في بلاد الشام حجابا ، وما هو إلا ستر للمعايب ، وتجسيم للجمال ، وإغراء للناظر.
السفور إن اقتصر على الوجه كما خلق الله الوجه ليس حراما متفقا على حرمته، وإن كنا نرى الستر أحسن وأولى ، وكان ستره عند خوف الفتنة واجبا. أما الاختلاط فشيء آخر ، وليس يلزم من السفور أن تختلط الفتاة بغير محارمها، وأن تستقبل الزوجة السافرة صديق زوجها في بيتها، أو أن تحييه إن قابلته في الترام ، أو لقيته في الشارع ، وأن تصافح البنت رفيقها في الجامعة ، أو أن تصل الحديث بينها وبينه، أو أن تمشي معه في الطريق ، وتستعد معه للامتحان ، وتنسى أن الله جعلها أنثى وجعله ذكرا ، وركب في كل الميل إلى الآخر ، فلا تستطيع هي ولا هو ولا الاهل الارض جميعا ، أن يغيروا خلقة اله ، وأن (يساووا) بين الجنسين ، أو أن يمحوا من نفوسهم هذا الميل. وإن دعاة المساواة والاختلاط باسم المدينة قوم كذابون من جهتين : كذابون لانهم ما أرادوا من هذا كله إلا إمتاع جوارحهم ، وإرضاء ميولهم ، وإعطاء نفوسهم حظها من لذة النظر ، وما يأملون به من لذائذ أخر، ولكنهم لم يجدوا الجرأة على التصريح به ، فلبسوه بهذا الذي يهرفون به من هذه الالفاظ الطنانة ، التي ليس وراءها شيء : التقدمية، والتمدن ، والفن ، والحياة الجامعية ، والروح الرياضية ، وهذا الكلام الفارغ (على دويه) من المعنى فكأنه الطبل.
وكذابون لان أوروبة التي يأتمون بها ، ويهتدون بهديها ، ولا يعرفون الحق إلا بدمغتها عليه ، فليس الحق عندهم الذي يقابل الباطل ، ولكن الحق ما جاء من هناك : من باريس ولندن وبرلين ونيويورك ، ولو كان الرقص والخلاعة ، والاختلاط في الجامعة ، والتكشف في الملعب والعري على الساحل ، والباطل ما جاء من هنا : من الازهر والاموي وهاتيك المدارس الشرقية ، والمساجد لاسلامية ولو كان الشرف والهدى والعفاف والطهارة ، طهارة القلب وطهارة الجسد. إن في أوروبا وفي أمريكا ، كما قرأنا وحدثنا من ذهب إليهما ، أسرا كثيرات لا ترضى بهذا الاختلاط ولا تسيغه ، وإن في باريز (في باريس يا ناس ) آباء وأمهات لا يسمحون لبناتهم الكبيرات أن يسرن مع الشاب ، أو يصحبنه إلى السينما ، بل هم لا يدخلونهن إلا إلى روايات عرفوها ، وأيقنوا بسلامتها من الفحش والفجور ، اللذين لا يخلو منهما مع الاسف واحد من هذه (التهريجات) و الصبيانيات السخيفة التي تسميها شركات مصر الهزيلة الرقيعة ( الجاهلة بالفن السينمائي مثل جهلها بالدين ) تسميها أفلاما!!يقولون : إن الاختلاط يكسر شرة الشهوة ، ويهذب الخلق ، وينزع من النفس هذا الجنون الجنسي . وأنا أحيل في الجواب على من جرب الاختلاط في المدارس ، روسيا التي لا تعودإلى دين ، ولا تسمع رأي شيخ ولا قسيس ، ألم ترجع عن هذه التجربة لما رأت فسادها؟
وأميركا ، ألم تقرؤوا أن من جملة مشاكل أمريكا مشكلة ازدياد نسبة (الحاملات) من الطالبات؟ فمن يسره أن يكون في جامعات مصر والشام ، وسائر بلاد الاسلام مثل هذه المشكلة. وأنا لا أخاطب الشباب ، ولا أطمع في أن يسمعوا لي ، وأنا أعلم أنهم قد يردون علي ويسفهون رأيي ، لأني أحرمهم من لذائذ ما صدقوا أنهم قد وصلوا إليها حقا ، ولكن أخاطبكن أنتن يا بناتي . يا بناتي المؤمنات الدينات ، يا بناتي الشريفات العفيفات ، إنه لا يكون الضحية إلا أنتن ، فلا تقدمن نفوسكن ضحايا على مذبح إبليس ، لا تسمعن كلام هؤلاء الذين يزينون لكن حياة الاختلاط باسم الحرية والمدنية والتقدمية والفن والحياة الجامعية ، فإن أكثر هؤلاء الملاعين لا زوجة له ولا ولد ، ولا يهمه منكن جميعا إلا اللذة العارضة ، أما أنا فإني أبو بنات ، فأنا حين أدافع عنكن أدافع عن بناتي ، وأنا أريد لكن من الخير ما أريده لهن . إنه لا شيء مما يهرف به هؤلاء يرد على البنت عرضها الذاهب ، ولا يرجع لها شرفها المثلوم ، ولا يعيد لها كرامتها الضائعة ، وإذا سقطت البنت لم تجد واحدا منهم يأخذ بيدها ، أو يرفعها من سقطتها ، إنما تجدهم جميعا يتزاحمون على جمالها ، ما بقي فيها جمال ، فإذا ولى ولوا عنها ، كما تولي الكلاب عن الجيفة التي لم يبق فيها مزعة لحم ! هذه نصيحتي إليك يا بنتي ، وهذا هو الحق فلا تسمعي غيره ، واعلمي أن بيدك أنت ، لا بأيدينا معشر الرجال ، بيدك مفتاح باب الاصلاح ، فإذا شئت أصلحت نفسك وأصلحت بصلاحك الامة كلها.
هذه المقالة كتبها الشيخ علي الطنطاوي سنة 1406هـ رحمه الله
الأخضر الأبراهيمي
الأخضر الإبراهيمي 1 يناير 1934 في عزيزة جنوب الجزائر، هو سياسي وديبلوماسي جزائري، كان الإبراهيمي وزيراً للخارجية بين عامي 1991-1993، كما كان مبعوثا للأمم المتحدة في أفغانستان و العراق.
المناصب التي تقلدها
-بدء رحلته الدبلوماسية بتمثيل جبهة التحرير الوطني في جاكارتا (1954-1961) أي إبان الثورة الجزائرية.
-مسؤول سامي في الجامعة العربية (1984-1991)
-مبعوث للأمم المتحدة في لبنان 1989.
-وزير خارجية الجزائر (1991-1993)
-مبعوث للأمم المتحدة في العراق 2004.
بداية تمثيله الديبلوماسي لدى الأمم المتحدة
كان الأخضر الإبراهيمي مبعوثاً للأمم المتحدة إلى هايتي وجنوب إفريقيا واليمن والزائير في الفترة الممتدة بين عامي 1994-1996، وفي السنوات الأخيرة كلف من طرف الأمم المتحدة لحل تفاوضي في العديد من بؤر التوتر والتي كللت في العديد من الأزمات بنجاح، وبين عامي 1997 حتى عام 1999 كان مبعوثاً أمميا لأول مرة إلى أفغانستان
خدم الأخضر الإبراهيمي، في وقت باكر، سفيرا لبلاده في القاهرة و الخرطوم و نيويورك مبعوثا لدى الأمم المتّحدة. و مستشارا دبلوماسيا للرئيس الشاذلي بن جديد (1982 ـ 1984)، و كيلا للجامعة العربية (1984 ـ 1991)، و من ثم وزيرا للخارجية الجزائرية (1991 ـ 1993).
. خدم الإبراهيمي حاكما لهاييتي في تسعينيات القرن الماضي باسم الأمم المتحدة، و من ثم مبعوثا دوليا لأفغانستان تحت إدارتين أميركيتين إحداهما ديموقراطية و الأخرى جمهورية. و اشتهر كمبعوث في أفغانستان، للمرّة الثانية بعد اتّفاق الطائف، كعراب لترتيب اتّفاق الزعماء الأفغان الشهير باسم الـ (لويا جارقا)، الذي انتهى باستصدار وثيقة دستورية لأفغانستان. و لم تكن خدمته مبعوثا أمميا في العراق أقل أهميّة بالرغم من تحكّم واشنطن و لندن في الملف العراقي أكثر ممّا تفعل الأمم المتّحدة.
اشتهر الإبراهيمي دوليا ببراعته التفاوضية، و في هذا المجال حصل الإبراهيمي على جائزة "المفاوض العظيم" من مدرسة القانون بجامعة هارفارد في العام 2002. أمّا أكثر ما سيثبت في سيرة الإبراهيمي الذاتية فهو تقرير الإبراهيمي الشهير المتعلّق بتقييم فاعلية بعثات حفظ السلام الأممية.
وكان الإبراهيمي قد شغل عدة مناصب في المنظمة من بينها ممثلها لدى جنوب أفريقيا وهايتي وأفغانستان. ولعب دورا مهما في مرحلة ما بعد إسقاط طالبان كمنسق للمعونة الدولية لأفغانستان بين عامي 2001 و2004، كما كان مبعوثا للمنظمة إلى العراق ومنسقا لإجراء الانتخابات وصياغة الدستور في هذا البلد عام 2004.
وقاد الابراهيمي الذي سبق ان شغل منصب وزير الخارجية في بلاده الجزائر بوقف الحرب الاهلية اللبنانية
كما تولى الابراهيمي رئاسة لجنة رئيسية في الامم المتحدة لشؤون عمليات حفظ السلام تولت عام 2002 تقييم عيوب النظام القائم لتلك العمليات وتوصلت الى ان المنظمة الدولية تحتاج الى مزيد من الاموال والموظفين والخطط المدروسة وان عليها التخلي عن حيادها بين المعتدين والضحايا.
لكن الابراهيمي أثار غضب عنان عام 2004 عندما وصف اسرائيل بأنها "سم في المنطقة" وقال ان "سياسة اسرائيل الامنية العنيفة والقمعية وتصميمها على احتلال مزيد ومزيد من الاراضي الفلسطينية" ادت الى تعقيد مهمته في العراق. وكان الابراهيمي قبل انضمامه الى الامم المتحدة يتولى منصب نائب الامين العام لجامعة الدول العربية بين عامي 1984 و1991 ومثل الجامعة في لجنة ثلاثية توسطت في انهاء الحرب الاهلية في لبنان. كما تولى منصب سفير الجزائر لدى بريطانيا ومصر والسودان قبل تعيينه وزيرا للخارجية في بلاده بين عامي 1991 و1993.
منح الرئيس الأفغاني حامد كرزاي الجنسية الأفغانية للدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي تكريما لجهوده كممثل للأمم المتحدة في أفغانستان.
وقال الرئيس الأفغاني أثناء الاحتفال الذي أقيم في القصر الرئاسي لتسليم الإبراهيمي جواز سفر دبلوماسيا: إن هذا التكريم "يعدّ عرفانا بالجميل لمساهمته الفريدة والنشيطة لإحلال السلام والاستقرار وتعزيز العلاقات بين أفغانستان والأمم المتحدة والدول الصديقة".
ومن جهته وقّع الإبراهيمي على جوازه الأفغاني أمام كرزاي وأعضاء حكومته الانتقالية، واعتبر التكريم "شرفا لا يستحقه"، مشيرا إلى رغبته في مشاطرة عرفان الجميل الذي عبّر عنه كرزاي مع زملائه من موظفي الأمم المتحدة في كابول، مؤكدا أن المجتمع الدولي سيكون وفيا بتعهداته حيال أفغانستان.
وقال الإبراهيمي ممازحا: إنه قد يفقد مهمته في أفغانستان "لأن الأمم المتحدة لا تسمح لمواطن إحدى الدول بالعمل في وطنه الأم كممثل لها".
ويذكر أن الأخضر الإبراهيمي وزير الخارجية الجزائري السابق يتولى رئاسة بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان منذ عامين.
خطبة الأمير علي بن الحسين على كريمة الأخضر الابراهيمي
الجمعة 23 أبريل 2004 19:01
"ايلاف" من عمان :
قالت مصادر أردنية مطلعة في عمان اليوم لـ"ايلاف"، أن زيارة العاهل الأردني عبدالله الثاني" المفاجئة" الى العاصمة الفرنسية باريس، لم تكن مقررة لاجراء مباحثات سياسية وانما هدف عاهل الأردن الشاب من خلال زيارته القصيرة الى مباركة خطوبة أخيه غير الشقيق الأمير علي بن الحسين قائد قوات الحماية الملكية الخاصة منذ العام 2000، على كريمة الدبلوماسي الجزائري المرموق الأخضر الابراهيمي التي تعمل صحافية في باريس، حيث تقيم مع أسرتها في العاصمة الفرنسية باريس، وتشغل خطيبة الأمير علي حاليا منصب مديرة مكتب سي أن أن القناة الاخبارية الأمريكية، ذائعة الصيت حول العالم .
وطبقا لبيان الديوان الملكي الأردني، فقد أفيد بأن مراسم الخطوبة قد تمت في باريس على أن يعقد القران في التاسع من سبتمبر المقبل .
ويشغل الأمير علي بن الحسين الى جانب اهتماماته العسكرية والانسانية، منصبا رياضيا رفيعا قربه من الجماهير الأردنية بشكل غير مسبوق ،حيث يرئس الاتحاد الأردني لكرة القدم منذ خمسة أعوام خلفا للعاهل الأردني عبدالله الثاني، الذي تسلم نفس المناصب قبل أن يعتلي عرش أبيه الملك الراحل حسين بن طلال في فبراير عام 1999.
وللأمير علي، وهو الابن الثالث في ترتيب الذكور للملك حسين ، فيما هو الابن الثاني لملكة الأردن المتوفاه علياء طوقان، التي أنجبت أيضا الأميرة هيا التي عقد قرانها هي الأخرى قبل اسبوعين على ولي عهد دبي ووزير الدفاع فيها الشخ محمد بن راشد آل مكتوم، شعبية واسعة في الأردن بسبب ترؤسه لكثير من الهيئات الانسانية تي التي تعنى بأحوال المحرومين والفقراء والأيتام ،شأن والدته علياء التي قضت بحادث تحطم مروحية خلال جولاتها الانسانية على مدن الجنوب في الأردن.
والأمير علي (28 عاما)، هو خريج كلية سانت هيرست الملكية البريطانية للدراسات العسكرية شأنه شأن أشقائه جميعا، ويحمل رتبة عسكرية متقدمة في القوات المسلحة الأردنية.
ومن المتوقع، أن يشهد العام الحالي زفاف ثلاثة أمراء أردنيين هم ولي العهد الأمير حمزة الذي تقرر السابع والعشرين من مايو المقبل موعدا لزفافه على أميرة أردنية، وهي نور بنت عاصم بن علي (ابن عم الملك الراحل حسين)، وكذلك الأميرة هيا على الشيخ ممد بن راشد، خلافا لمعلومات سابقة لاتزال متداولة تؤكد رغبة الأميرة بعدم اقامة حفل زفاف، والاكتفاء بمراسم الخطوبة في القصر الملكي لأخيها غير الشقيق ملك الأردن.
اضافة الى الأمير علي الذي قد يعلن بشكل لاحق موعدا لزفافه على الأميرة الأردنية الجديدة، حيث تمنح طبقا للتقاليد الملكية في الأردن خطيبة الأمير في الأردن، لقب أميرة على الفور، حتى وان كانت من أصول غير أردنية، فيما لايحظى قرين الأميرة الأنثى طبقا لنفس القواعد بنفس اللقب
شجاعة الأخضر الإبراهيمي
د. معن أبو نوار
ترى الرجل النحيل فتزدريه=
ويعجبك الطرير إذا تراه=
ضعاف الأسد أكثرها زئيرا=
عرفته عام 1973 قبل ثلاثين عاما سفيراً للجزائر في لندن خلال وجودي سفيرا لوطني فيها، تعلمت الكثير منه، وأيدني تأييدا كاملا في مهمتي، وقامت بيننا صداقة بل إخوة صافية. وبانت بيننا السنين.. حتى التقيته في أوكسفورد منذ خمس سنوات؛ ثم افترقنا حتى سمعت عن مهمته في أفغانستان التي نجح فيها نجاحا باهراً.
الأخضر رجل نحيل الجسم، معتدل القامة، خفيض الصوت، هادئ حتى السكون، يكاد يزن كل حرف ينطقه، عميق التفكير، نقي الضمير والوجدان، عربي اللسان لكنه يتقن الانجليزية والفرنسية اتقانا عفويا كالعربية، مسلم الانسانية حتى النخاع، أهم ما في شخصيته وكيانه وقيمه شجاعته الفائقة، وتنطبق عليه أبيات الشعر السابق ذكرها.
لماذا؟
قرأت الخبر التالي عن موقفه حول الحرب على العراق:«بدء الاقتباس»
«أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة في أفغانستان، الأخضر الابراهيمي أن الحرب التي شنت على العراق لم تكن مشروعة ولذلك فإن ما يتعرض له العراق الآن هو احتلال من قبل القوات الأمريكية والبريطانية.
وأضاف الابراهيمي في مقابلة مع محطة دورداشان العامة الهندية ان هذه الحرب لم تكن ضرورية. وان اللجوء الى القوة لا يمكن ان تقرره غير الأمم المتحدة وهذا لم يحدث في العراق. وأوضح أن «العراق تعرض للغزو ومهما قال الشعب العراقي، فالحقيقة ان العراق يخضع حالياً للاحتلال».
وأشار الابراهيمي الى الفرق بين الحرب التي شنت في أفغانستان ضد نظام طالبان وشبكة القاعدة، والحرب على العراق «لازاحة نظام الرئيس العراقي صدام حسين». وقال: إن هناك فرقاً أساسياً بين هاتين الحربين «فأفغانستان لم تتعرض للاجتياح».
وانتقد الابراهيمي من جهة ثانية موقف الولايات المتحدة في أفغانستان مؤكداً ان واشنطن تتحمل مسؤولية التدهور الأمني الأخير، وقال إنها ركزت على توقيف «ارهابيين محتملين» عوضا عن البحث عن سبل تحسين الوضع في البلاد عموما». «انتهى الاقتباس».
شجاعة الأخضر الابراهيمي شجاعة الصدق في القول والموقف، فهو يعلن ما يبطن بكل صدق وصراحة.. قال ما لم يقله غالبية الدبلوماسيين العرب الذين يبطنون المواقف المناوئة لأقوالهم تحت ستار الدبلوماسية.
حياك الله أيها الأسد الهصور.. الأخضر الابراهيمي الجزائري المقدام.
المهاتما غاندي
ولد المهاتما غاندي فلقد عرف الإنجليز أن وجود الحكم الإسلامي في الهند كفيل بتعطيل أحلامهم الصليبية لذا فقد اكتفوا بما كان من تأسيسهم لشركة الهند الشرقية للتجارة الإنجليزية في الهند والأقطار المجاورة في عام (1009هـ /1600م). ومع الوقت كانت شركة الهند الشرقية تتوسع وتزداد فروعها في أرجاء الهند ، ومع الوقت بدأت حقيقة هذه الشركة وفروعها تتكشف فلم تكن إلا قواعد عسكرية إنجليزية ، وبؤر تجسسية كان هدفها تجنيد المنافقين من أبناء
المسلمين ، والعملاء من أبناء الهندوس ، والسيخ.
وفي عام (1170هـ / 1757م) وفي إبان الغزو الشيعي الصفوي الإيراني للهند قام الجيش البريطاني التابع لشركة الهند الشرقية باستغلال هذا الظرف الحرج فتمكن من هزيمة المسلمين في منطقة البنغال في معركة (بلاسي) التي تعد أول المعارك الحاسمة بين الطرفين ، وقد تم لهم ذلك بمساعدة المنافقين والعملاء الذين تم تجنيدهم عبر عشرات السنين ، إلا أن احتلال الإنجليز للهند لم يتم إلا بعد قرن من الزمان وبعد معارك طاحنة بين الطرفين ، انتهت بعزل (بهادر شاه) آخر السلاطين المسلمين ونفيه إلى بورما حيث توفي عام (1279هـ / 1862م) لذلك فقد قامت بريطانيا في عام (1275هـ /1858م) بضم الهند إلى التاج البريطاني رسمياً ، لتصبح درة التاج البريطاني منذ ذلك التاريخ.
تقريب الهنادكة :
لقد عرف الاحتلال البريطاني أنه من المستحيل أن يقبل المسلمون في الهند الرضوخ لسياسة الأمر الواقع وفي ذلك يقول (النبرو) الحاكم البريطاني في الهند : (إن العنصر الإسلامي في الهند عدو بريطانيا اللدود ، وإن السياسة البريطانية يجب أن تهدف إلى تقريب العناصر الهندوكية إليها ، لتساعدهم في القضاء على الخطر الذي يتهدد بريطانيا في هذه البلاد).
وفي عام (1303هـ / 1885م) قامت بريطانيا بتأسيس حزب المؤتمر الوطني الهندي ، ومن خلال هذا الحزب تم إحياء القومية الهندوسية الوثنية القديمة ، لتكون عوناً لبريطانيا في محاربتها للإسلام والمسلمين في شبه القارة الهندية.
سياسة بريطانيا تجاه المسلمين
:
لقد كانت بريطانيا تعلم أن بقاءها في الهند لن يكتب له الاستمرار في ظل مقاومة إسلامية صلبة ترفض الذوبان والانبطاح والتوسل للمحتل ، لذا فقد لجأت إلى تنفيذ سلسلة من الخطوات الرامية إلى خلخلة هذه المقاومة وكسرها ، ومن ذلك :
1- إقامة المذابح للمسلمين في كل مكان ، وفي ذلك يقول أحد الكتاب الإنجليز : (إن ما ارتكبه جنودنا من ظلم ووحشية ، ومن حرق وتقتيل ، لا نجد له مثيلاً في أي عصر).
2- زرع العصبية الجاهلية داخل المجتمع المسلم ، حيث قسموا المسلمين إلى طوائف اجتماعية ، وأجبروهم على تسجيل أنفسهم رسمياً حسب هذا التقسيم الطائفي.
3- العبث بمناهج التعليم لتخدم سياسة الاحتلال البريطاني ، مما جعل المسلمين ينفرون من المدارس العلمانية خوفاً على عقيدة أبنائهم.
4- نشر الانحلال والمجون والإباحية والفساد.
5- تأسيس الحركات الهدامة التي تتسمى باسم الإسلام مثل القاديانية ، التي نفت مبدأ ختم النبوة ، ونبذت الجهاد ومقاومة المحتل ، ودعت إلى طاعة الإنجليز والقبول بسياسة الأمر الواقع.
6- تزوير التاريخ الجهادي للأمة المسلمة عن طريق نشر الكتب والمؤلفات التي تنبذ الجهاد والمقاومة ، ومن ذلك كتاب المستشرق ، تومس آرنولد : الدعوة إلى الإسلام.
7- إبعاد العلماء وعزلهم عن قيادة وتوجيه الجماهير المسلمة.
8- إيجاد زعامات قومية إسلامية ، تفتخر بقوميتها على حساب انتمائها إلى دينها وإسلامها ، وقد كان هؤلاء ممن تخرجوا من المدارس والكليات العلمانية.
صناعة غاندي :
عندما توفي السلطان العثماني محمد الفاتح رحمه الله (886هـ) وهو يحاصر روما دعا بابا الفاتيكان في روما النصارى في أوروبا إلى الصلاة شكراً لله ابتهاجاً بوفاة محمد الفاتح.
هذه الحالة من الرعب والفزع لم تكن لتغيب عن أوروبا الصليبية في نظرتها إلى العالم الإسلامي ، لذا فقد كان أخطر عمل قامت به بريطانيا هو إلغاء الخلافة الإسلامية وإسقاط الدولة العثمانية وتفتيت العالمين العربي والإسلامي ، حتى لا تضطر أوربا لإقامة صلاة الشكر مرة أخرى.
لقد أدى قيام بريطانيا الصليبية بإلغاء الخلافة الإسلامية إلى إذكاء روح المقاومة الإسلامية في الهند ، ومن ذلك تأسيس المسلمين جمعية إنقاذ الخلافة في عام (1920م) ، وقاموا بجمع (سبعة عشر مليون روبية) لأجل هذا الغرض.
وهنا طفا على السطح فجأة شخص هندوسي اسمه (غاندي) وقام بالتقرب إلى جمعية إنقاذ الخلافة وطرح عليهم فكرة التعاون مع حزب المؤتمر الوطني الهندي ، فرحب المسلمون بذلك ، ولما عقد أول اجتماع بين الطرفين ، طرح المسلمون شعار استقلال الهند عن بريطانيا ، بدلاً عن فكرة إصلاح حالة الهند التي كانت شعار المؤتمر الوطني ، لكن (غاندي) عارض هذا المقترح وثبط الهمم ، وفي عام (1921م) عقد الطرفان اجتماعاً مهما تمكن فيه المسلمون من فرض شعار الاستقلال عن بريطانيا وقاموا بتشكيل حكومة وطنية لإدارة البلاد.
هذا التطور الخطير لم تكن بريطانيا لتسمح له بإفساد فرحتها بإسقاط الدولة العثمانية وتقسيم العالم الإسلامي ، لذا فقد قام (ريدينج) الحاكم البريطاني للهند بالاجتماع (بغاندي) وقال له : (إن مصدر الحركة الاستقلالية في الهند هم المسلمون ، وأهدافها بأيدي زعمائهم ، ولو أجبنا مطالبكم ، وسلمنا لكم مقاليد الحكم ، صارت البلاد للمسلمين ، وإن الطريق الصحيح هو أن تسعوا أولاً لكسر شوكة المسلمين ، بالتعاون مع بريطانيا ، وحينئذ لن تتمهل بريطانيا في الاعتراف لكم بالاستقلال ، وتسليم مقاليد الحكم في البلاد إليكم).
وبناء على التنسيق والتفاهم الذي تم بين (ريدينج) و (غاندي) قامت بريطانيا بالقبض على الزعماء المسلمين المنادين بالاستقلال ، فأصبح الطريق ممهداً أمام (غاندي) الذي طلب من هيئة المؤتمر الإسلامي الهندوسي ، بأن تسلم له مقاليد الأمور بصفة مؤقتة نظراً لقبض بريطانيا على الزعماء المسلمين ، وعندما عقد أول اجتماع برئاسة (غاندي) نفذ ما تم الاتفاق عليه مع الحاكم البريطاني (ريدينج) وأعلن أن الوقت لم يحن بعد لاستقلال الهند.
وفي الفترة من (1921- 1948م) نجد أن بريطانيا قد طبقت في الهند ما طبقته في فلسطين مع الصهاينة [ انظر الجذور التوراتية للسياسة البريطانية – مقال بصفحة الكاتب في الموقع ]، حيث قامت بتسليح الهندوس وتدريبهم ، والتنسيق معهم لإقامة المذابح للمسلمين ، أما غاندي الذي أصبح كل شيء بعد تلميعه في مسرحية نفيه المؤقت إلى جنوب أفريقيا فقد قام بمذبحة ثقافية بشعة للحضارة الإسلامية في الهند ، وفي ذلك يقول الأستاذ أنور الجندي رحمه الله : (لقد كانت دعوة غاندي إلى ما سماه اكتشاف الروح الهندي الصميم ، والرجوع إلى الحضارة الهندية ، هو بمثابة إعلان حرب على الحضارة الإسلامية التي عاشت على أرض الهند أربعة عشر قرناً ، وغيرت كل مفاهيم الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، بل إنها قد غيرت مفاهيم الهندوكية نفسها).
وعندما اطمأنت بريطانيا على مقدرة الهندوس على حكم الهند قامت بترتيب الأمور لاستقلال الهند.
لقد كان عام (1948م) الفصل الأخير من مسرحية غاندي وبريطانيا حيث سلب الحق من أهله بإعلان استقلال الهند عن بريطانيا في تلك السنة ، لكن مسرحية المقاومة السلمية التي قام غاندي فيها بدور البطل لا تزال تعرض إلى يومنا هذا.
بقي أن نشير إلى أن من يطلق شرارة الحقد والكراهية لا بد أن يكتوي بنارها ، فقد مات غاندي مقتولاً عند استقلال الهند ، ثم تبعه في عام 1978م آخر حاكم بريطاني للهند حيث قتل على أيدي الثوار الإيرلنديين ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
ي الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 1869 في بور بندر بمقاطعة غوجارات الهندية من عائلة محافظة لها باع طويل في العمل السياسي، حيث شغل جده ومن بعده والده منصب رئيس وزراء إمارة بور بندر، كما كان للعائلة مشاريعها التجارية المشهورة. وقضى طفولة عادية ثم تزوج وهو في الثالثة عشرة من عمره بحسب التقاليد الهندية المحلية ورزق من زواجه هذا بأربعة أولاد.
دراسته
سافر غاندي إلى بريطانيا عام 1882 لدراسة القانون، وعاش في الشهور الأولى من إقامته في لندن في حال من الضياع، وعدم التوازن، والرغبة في أن يكون رجلاً جنتلماناً انكليزياً. غير أنه سرعان ما أدرك أنه لا سبيل أمامه سوى العمل الجاد، خاصةً أن وضعه المالي والاجتماعي لم يكونا يسمحان له باللهو وضياع الوقت. وسرعان ما عاد غاندي إلى تدينه والتزامه وسعيه إلى الحقيقة والأخلاق. فأخذ يتعلم القانون، ويعمل على تفسير النصوص بطريقة تناسب عقلية شعبه، ويقبل ما يشبع العقل، ويوحِّد عقله مع دينه، ويطابقه بما يملي عليه ضميره.
بدأت ملامح شخصية غاندي تتضح؛ وكانت نباتيته مصدراً دائماً لإحراجه، فهذه النباتية موروث ثقافي تحول عنده إلى قناعة وإيمان، فأنشأ نادياً نباتياً، رأسه الدكتور أولدفيلد محرِّر مجلة "النباتي"، وصار السير ادوين آرنولد نائباً للرئيس، وغاندي أميناً للسر. ويبدو أن حياة غاندي في انكلترا، وتجاربه فيها، كانتا تتقيدان بوجهة نظره الاقتصادية وومفهومه للصحة.
عاد غاندي إلى الهند في تموز عام 1891، بعد حصوله على الإجازة الجامعية التي تخوله ممارسة مهنة المحاماة. إلا أنه واجه مصاعب كثيرة، بدأت بفقدانه والدته التي غيبها الموت، واكتشافه أن المحاماة ليست طريقاً مضمونةً للنجاح. وقد أعاده الإخفاق من بومباي إلى راجكوت، فعمل فيها كاتباً للعرائض، خاضعاً لصلف المسؤولين البريطانيين. ولهذا السبب لم يتردد في قبول عرض للتعاقد معه لمدة عام، قدَّمته له مؤسسة هندية في ناتال بجنوب إفريقيا. وبدأت مع سفره إلى جنوب إفريقيا مرحلة كفاحه السلمي في مواجهة تحديات التفرقة العنصرية.
الانتماء الفكر
أسس غاندي ما عرف في عالم السياسية بـ"المقاومة السلمية" أو فلسفة اللاعنف (الساتياراها)، وهي مجموعة من المبادئ تقوم على أسس دينية وسياسية واقتصادية في آن واحد ملخصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمحتل عن طريق الوعي الكامل والعميق بالخطر المحدق وتكوين قوة قادرة على مواجهة هذا الخطر باللاعنف أولا ثم بالعنف إذا لم يوجد خيار آخر.
اللاعنف ليس عجزا
وقد أوضح غاندي أن اللاعنف لا يعتبر عجزا أو ضعفا، ذلك لأن "الامتناع عن المعاقبة لا يعتبر غفرانا إلا عندما تكون القدرة على المعاقبة قائمة فعليا"، وهي لا تعني كذلك عدم اللجوء إلى العنف مطلقا "إنني قد ألجأ إلى العنف ألف مرة إذا كان البديل إخصاء عرق بشري بأكمله". فالهدف من سياسة اللاعنف في رأي غاندي هي إبراز ظلم المحتل من جهة وتأليب الرأي العام على هذا الظلم من جهة ثانية تمهيدا للقضاء عليه كلية أو على الأقل حصره والحيلولة دون تفشيه.
أساليب اللاعنف
وتتخذ سياسة اللاعنف عدة أساليب لتحقيق أغراضها منها الصيام والمقاطعة والاعتصام والعصيان المدني والقبول بالسجن وعدم الخوف من أن تقود هذه الأساليب حتى النهاية إلى الموت.
شروط نجاح اللاعنف
يشترط غاندي لنجاح هذه السياسة تمتع الخصم ببقية من ضمير وحرية تمكنه في النهاية من فتح حوار موضوعي مع الطرف الآخر.
كتب أثرت في غاندي
وقد تأثر غاندي بعدد من المؤلفات كان لها دور كبير في بلورة فلسفته ومواقفه السياسية منها "نشيد الطوباوي" وهي عبارة عن ملحمة شعرية هندوسية كتبت في القرن الثالث قبل الميلاد واعتبرها غاندي بمثابة قاموسه الروحي ومرجعا أساسيا يستلهم منه أفكاره. إضافة إلى "موعظة الجبل" في الإنجيل، وكتاب "حتى الرجل الأخير" للفيلسوف الإنجليزي جون راسكين الذي مجد فيه الروح الجماعية والعمل بكافة أشكاله، وكتاب الأديب الروسي تولستوي "الخلاص في أنفسكم" الذي زاده قناعة بمحاربة المبشرين المسيحيين، وأخيرا كتاب الشاعر الأميركي هنري ديفد تورو "العصيان المدني". ويبدو كذلك تأثر غاندي بالبراهمانية التي هي عبارة عن ممارسة يومية ودائمة تهدف إلى جعل الإنسان يتحكم بكل أهوائه وحواسه بواسطة الزهد والتنسك وعن طريق الطعام واللباس والصيام والطهارة والصلاة والخشوع والتزام الصمت يوم الاثنين من كل أسبوع. وعبر هذه الممارسة يتوصل الإنسان إلى تحرير ذاته قبل أن يستحق تحرير الآخرين.
مـاذا قـال غـاندي عن الإسلام :
"أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر......
لقد أصبحت مقتنعا كل الإقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها إكتسب الإسلام مكانته, بل كان ذالك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه في الوعود,وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه, وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته.هذه الصفات هي التي مهدت الطريق. وتخطت المصاعب وليس السيف."
قال أيضـا :
‘‘بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول محمد أجد نفسي بحاجة أكثر إلى التعرف على حياته العظيمة ‘‘
حياته في جنوب أفريقيا
سافر غاندي وعائلته إلى جنوب إفريقيا عام 1893 ، وسكن ولاية "ناتال" الواقعة على المحيط الهندي، مقيماً في أهم مدنها "دوربان" التي عُرفت بصناعة السكر والتبغ، ويوجد الفحم فيها في المرتفعات الداخلية. عمل غاندي في جنوب إفريقيا مدافعاً عن حقوق عمال الزراعة الهنود والبوير(3) العاملين في مزارع قصب السكر. وكان مجتمع العمال في جنوب إفريقيا منقسماً إلى جماعات مختلفة: جماعة التجار المسلمين "العرب"، وجماعة المستخدمين الهندوس، أما الجماعة الثالثة فهي الجماعة المسيحية، وكانت بين هذه الجماعات الثلاث بعض الصلات الاجتماعية.
لم يكن غاندي يعرف معلومات كثيرة عن الاضطهاد والتمييز العنصري في جنوب إفريقيا، ولكن مع مرور الأيام على وجوده في جنوب إفريقيا؛ اطلع على عديد من الحقائق والوقائع المفزعة الخاصة بممارسة التمييز العنصري. حيث شجعت حكومة جنوب إفريقيا على الاضطهاد العرقي، وعملت على تنفيذ إجراءات جائرة لمنع هجرة المزيد من الآسيويين إليها، وإكراه السكان المقيمين منهم في جنوب إفريقيا على الرحيل عنها، من خلال فرض ضرائب باهظة عليهم، ومطاردتهم من الشرطة، إضافة إلى أعمال النهب وتدمير المحلات والممتلكات تحت سمع حكومة البيض وبصرها.
دافع غاندي عن العمال الهنود والمستضعفين من الجاليات الأخرى، واتخذ من الفقر خياراً له، وتدرب على الإسعافات الأولية ليكون قادراً على إسعاف البسطاء، وهيّأ منـزله لاجتماعات رفاقه من أبناء المهنة ومن الساسة، حتى إنه كان ينفق من مدخرات أسرته على الأغراض الإنسانية العامة. وقاده ذلك إلى التخلي عن موكليه الأغنياء، ورفضه إدخال أطفاله المدارس الأوربية استناداً إلى كونه محامياً، يترافع أمام المحاكم العليا.
كان تعاقده مع المؤسسة الهندية لمدة عام قابلة للتمديد إن رغب. وقد رغب في مغادرة جنوب إفريقيا، ولكنّ حادثة شهيرة وقعت جعلته يصمم على البقاء للدفاع عن حقوق الهنود هناك. فقد أعلنت حكومة جنوب إفريقيا نيتها إصدار تشريع يحظر حق الاقتراع العام على الهنود. وكان هؤلاء من الضعف والعجز بحيث لا يستطيعون الدفاع عن حقوقهم، كما افتقروا إلى القيادة القوية. وكان ذلك الأمر إيذاناً ببدء كفاح غاندي غير العنيف، في مواجهة السلطة البيضاء العنصرية. وقد مكنته معرفته بالقوانين من البرهنة على عدم شرعية قانون الاقتراع العام، وتمكن من أن يكسب معركته.
بدأ غاندي كفاحه السلمي بتحرير آلاف العرائض وتوجيهها إلى السلطة البيضاء في جنوب إفريقيا. وقام بتنظيم "المؤتمر الهندي" في الناتال، وأسس صحيفة (الرأي الهندي) Indian Opinion التي صدرت باللغة انكليزية وبثلاث لغات هندية أخرى. وعمل على إقامة مستعمرة "فينيكس" الزراعية قرب "داربان" في العام 1904. وهي مستعمرة صغيرة أسسها مع قليل من أصدقائه الذين شاركوه أفكاره بأهمية الابتعاد عن صخب المدن وتلوثها، وعن طمع وكراهية و حقد البشر في المدن، فانسحب الهنود من المدن الرئيسية، مما أصاب الأعمال الصناعية بالشلل التدريجي.
ولقد اعتقل غاندي غير مرة، ولكن في عام 1906 بعد أن أصدرت حكومة إقليم الترانسفال قانوناً جديداً سمي بالقانون الآسيوي الجديد، وهو قانون يفرض على من يريد من الهنود من الرجال والنساء والأطفال، فوق سن الثامنة، الإقامة في الترانسفال أن يعيد تسجيل نفسه من جديد، ويحصل على إقامة جديدة. ومن يخالف القانون يكن مذنباً ويتعرض للسجن أو الترحيل. ووصلت العنصرية إلى حد اقتحام قوات البوليس منازل الهنود للتفتيش. فاندلعت مظاهرات في جوهانسبرج، وتعاطف الصينيون مع الهنود وانضموا إلى حركتهم. ولقد امتلأت السجون بالمعتقلين. فأرسل غاندي وفداً من ممثلي الهنود في جنوب إفريقيا إلى انكلترا وكان اقترح ثلاثة شروط في مجال مقاومة القانونية، واعتبر هذه المهمة تكليفاً، وهذه الشروط هي:
يجب على من هم مستعدون للمقاومة ضد القانون، في حال تنفيذه، أن يجددوا تعهدهم بالمقاومة.
ينبغي جمع تبرعات لتغطية نفقات سفر الوفد وإقامته في لندن.
يجب أن يكون عدد الوفد ثابتاً
وقد التقى الوفد بوزير المستعمرات البريطاني، حيث كانت الترانسفال مستعمرة تابعة للتاج البريطاني. فأظهر الوزير الانكليزي عدم رضاه علناً عن القانون، في حين أوعز في السر إلى حكومة إقليم الترانسفال بأن بريطانيا ستمنح الإقليم الحكم الذاتي إذا ما نفذت القانون. ألقت قوات الشرطة القبض على غاندي وقادة آخرين بعد تطبيق القانون، وأطلق سراحه بعد مدة قصيرة، ثم قبض عليه مرة أخرى عام 1908، واقتيد إلى قلعة جوهانسبرج بملابس السجن. ووصلت أنباء الاضطرابات الواسعة والاجتماعات الجماهيرية والمسيرات السلمية إلى الهند، ففرضت على نائب الملك فيها للورد "هاربنك" تقديم احتجاج إلى حكومة جنوب إفريقيا لمعاملتها المشينة للهنود.
وجد غاندي وجماعته أنفسهم هدفاً لهراوات الشرطة التي عملت على تفتيت إدارة المقهورين من خلال تكسير العظام، فخرج إلى العالم بالإخلاص للحقيقة على أنه سلاح يغير بوساطته المظالم. يتحمل الألم، ويقاوم الأعداء بلا ضغينة، ويحارب الخصوم بلا عنف. واستمر نضال غاندي على هذا النحو طوال تلك السنوات. قطع معه الألوف الشوط حتى النهاية، مضحين بالعمل والحرية، دخلوا السجون، وتعرضوا للجوع والجلد والمهانة والرصاص، حتى رأت السلطات أن تقلل من تعسفها، فعرضت على غاندي تسوية بين الجانبين وافق عليها، وغادر بعدها جنوب إفريقيا متوجهاً إلى الهند في يوليو 1914. وقد حققت حركة اللاعنف التي قادها غاندي النصر والحياة الكريمة، وضمنت كرامة الهنود في جنوب إفريقيا وحقوقهم، بعد عشرين عاماً من الكفاح.
إنجازاته هناك
كانت جنوب أفريقيا مستعمرة بريطانية كالهند وبها العديد من العمال الهنود الذين قرر غاندي الدفاع عن حقوقهم أمام الشركات البريطانية التي كانوا يعملون فيها. وتعتبر الفترة التي قضاها بجنوب أفريقيا (1893 - 1915) من أهم مراحل تطوره الفكري والسياسي حيث أتاحت له فرصة لتعميق معارفه وثقافاته والاطلاع على ديانات وعقائد مختلفة، واختبر أسلوبا في العمل السياسي أثبت فعاليته ضد الاستعمار البريطاني. وأثرت فيه مشاهد التمييز العنصري التي كان يتبعها البيض ضد الأفارقة أصحاب البلاد الأصليين أو ضد الفئات الملونة الأخرى المقيمة هناك. وكان من ثمرات جهوده آنذاك:
إعادة الثقة إلى أبناء الجالية الهندية المهاجرة وتخليصهم من عقد الخوف والنقص ورفع مستواهم الأخلاقي.
إنشاء صحيفة "الرأي الهندي" التي دعا عبرها إلى فلسفة اللاعنف.
تأسيس حزب "المؤتمر الهندي لنتال" ليدافع عبره عن حقوق العمال الهنود.
محاربة قانون كان يحرم الهنود من حق التصويت.
تغيير ما كان يعرف بـ"المرسوم الآسيوي" الذي يفرض على الهنود تسجيل أنفسهم في سجلات خاصة.
ثني الحكومة البريطانية عن عزمها تحديد الهجرة الهندية إلى جنوب أفريقيا.
مكافحة قانون إلغاء عقود الزواج غير المسيحية.
العودة إلى الهند
عاد غاندي من جنوب أفريقيا إلى الهند عام 1915، وفي غضون سنوات قليلة من العمل الوطني أصبح الزعيم الأكثر شعبية. وركز عمله العام على النضال ضد الظلم الاجتماعي من جهة وضد الاستعمار من جهة أخرى، واهتم بشكل خاص بمشاكل العمال والفلاحين والمنبوذين واعتبر الفئة الأخيرة التي سماها "أبناء الله" سبة في جبين الهند ولا تليق بأمة تسعى لتحقيق الحرية والاستقلال والخلاص من الظلم.
صيام حتى الموت
قرر غاندي في عام 1932 البدء بصيام حتى الموت احتجاجا على مشروع قانون يكرس التمييز في الانتخابات ضد المنبوذين الهنود، مما دفع بالزعماء السياسيين والدينيين إلى التفاوض والتوصل إلى "اتفاقية بونا" التي قضت بزيادة عدد النواب "المنبوذين" وإلغاء نظام التمييز الانتخابي.
مواقفه من الاحتلال البريطاني
تميزت مواقف غاندي من الاحتلال البريطاني لشبه القارة الهندية في عمومها بالصلابة المبدئية التي لا تلغي أحيانا المرونة التكتيكية، وتسبب له تنقله بين المواقف القومية المتصلبة والتسويات المرحلية المهادنة حرجا مع خصومه ومؤيديه وصل أحيانا إلى حد التخوين والطعن في مصداقية نضاله الوطني من قبل المعارضين لأسلوبه، فعلى سبيل المثال تعاون غاندي مع بريطانيا في الحرب العالمية الأولى ضد دول المحور، وشارك عام 1918 بناء على طلب من الحاكم البريطاني في الهند بمؤتمر دلهي الحربي، ثم انتقل للمعارضة المباشرة للسياسة البريطانية بين عامي 1918 و1922 وطالب خلال تلك الفترة بالاستقلال التام للهند. وفي عام 1922 قاد حركة عصيان مدني صعدت من الغضب الشعبي الذي وصل في بعض الأحيان إلى صدام بين الجماهير وقوات الأمن والشرطة البريطانية مما دفعه إلى إيقاف هذه الحركة، ورغم ذلك حكمت عليه السلطات البريطانية بالسجن ست سنوات ثم عادت وأفرجت عنه في عام 1924.
مسيرة الملح
تحدى غاندي القوانين البريطانية التي كانت تحصر استخراج الملح بالسلطات البريطانية مما أوقع هذه السلطات في مأزق، وقاد مسيرة شعبية توجه بها إلى البحر لاستخراج الملح من هناك، وفي عام 1931 أنهى هذا العصيان بعد توصل الطرفين إلى حل وسط ووقعت "معاهدة دلهي".
الاستقالة من حزب المؤتمر
قرر غاندي في عام 1934 الاستقالة من حزب المؤتمر والتفرغ للمشكلات الاقتصادية التي كان يعاني منها الريف الهندي، وفي عام 1937 شجع الحزب على المشاركة في الانتخابات معتبرا أن دستور عام 1935 يشكل ضمانة كافية وحدا أدنى من المصداقية والحياد.
وفي عام 1940 عاد إلى حملات العصيان مرة أخرى فأطلق حملة جديدة احتجاجا على إعلان بريطانيا الهند دولة محاربة لجيوش المحور دون أن تنال استقلالها، واستمر هذا العصيان حتى عام 1941 كانت بريطانيا خلالها مشغولة بالحرب العالمية الثانية ويهمها استتباب أوضاع الهند حتى تكون لها عونا في المجهود الحربي. وإزاء الخطر الياباني المحدق حاولت السلطات البريطانية المصالحة مع الحركة الاستقلالية الهندية فأرسلت في عام 1942 بعثة عرفت باسم "بعثة كريبس" ولكنها فشلت في مسعاها، وعلى أثر ذلك قبل غاندي في عام 1943 ولأول مرة فكرة دخول الهند في حرب شاملة ضد دول المحور على أمل نيل استقلالها بعد ذلك، وخاطب الإنجليز بجملته الشهيرة "اتركوا الهند وأنتم أسياد"، لكن هذا الخطاب لم يعجب السلطات البريطانية فشنت حملة اعتقالات ومارست ألوانا من القمع العنيف كان غاندي نفسه من ضحاياه حيث ظل معتقلا خلف قضبان السجن ولم يفرج عنه إلا في عام 1944.
حزنه على تقسيم الهند
بانتهاء عام 1944 وبداية عام 1945 اقتربت الهند من الاستقلال وتزايدت المخاوف من الدعوات الانفصالية الهادفة إلى تقسيمها إلى دولتين بين المسلمين والهندوس، وحاول غاندي إقناع محمد علي جناح الذي كان على رأس الداعين إلى هذا الانفصال بالعدول عن توجهاته لكنه فشل.
وتم ذلك بالفعل في 16 أغسطس/آب 1947، وما إن أعلن تقسيم الهند حتى سادت الاضطرابات الدينية عموم الهند وبلغت من العنف حدا تجاوز كل التوقعات فسقط في كلكتا وحدها على سبيل المثال ما يزيد عن خمسة آلاف قتيل. وقد تألم غاندي لهذه الأحداث واعتبرها كارثة وطنية، كما زاد من ألمه تصاعد حدة التوتر بين الهند وباكستان بشأن كشمير وسقوط العديد من القتلى في الاشتباكات المسلحة التي نشبت بينهما عام 1947/1948وأخذ يدعو إلى إعادة الوحدة الوطنية بين الهنود والمسلمين طالبا بشكل خاص من الأكثرية الهندوسية احترام حقوق الأقلية المسلمة.
وفاته
لم ترق دعوات غاندي للأغلبية الهندوسية باحترام حقوق الأقلية المسلمة، واعتبرتها بعض الفئات الهندوسية المتعصبة خيانة عظمى فقررت التخلص منه، وبالفعل في 30 يناير 1948 أطلق أحد الهندوس المتعصبين ثلاث رصاصات قاتلة سقط على أثرها المهاتما غاندي صريعا عن عمر يناهر 79 عاما.
يلاحظ أن غاندي قد تعرض في حياته لستة محولات لإغتياله، و قد لقي مصرعه في المحاولة السادسة
عباس فائق غزاوي رحمه الله
نبذة مختصرة عن السيرة الذاتية للعلم المعروف الأستاذ عباس فائق غزاوي:-
- سعادته من مواليد مكة المكرمة بتاريخ 1/7/1932م.
- تسلم عمله في 9/4 لعام 1986م، سفيراًُ للمملكة العربية السعودية لدى جمهورية ألمانيا الاتحادية.
- حاصل على مؤهل جامعي بكالوريوس في القانون من جامعة القاهرة.
- بدأ حياته العملية عام 1952م كمذيع ومقدم برامج، ثم مدير إنتاج البرامج الإذاعية، ثم تولى الإشراف على تحرير صحيفة "أم القرى"، ثم عُين مديراً عاماً للإذاعة، وعند إنشاء التلفزيون أصبح مديراً عاماً للإذاعة والتلفزيون.
- في الإذاعة قدم سعادته الكثير من البرامج التي نجحت ولقيت رواجاً مثل برامج: "دنيا"، و "في الطريق" والبرنامج الذي حظي بشهرة كبيرة وهو برنامج الأطفال حيث عُرِفَ من يومها وإلى الآن باسم "بابا عباس".
- وفي التلفزيون قدم سعادته برنامج "ندوة التلفزيون"، كما قدم برنامجا اجتماعياً باسم "وقفة تأمل".
- نُقلت خدماته إلى وزارة الخارجية بناء على طلبه عام 1966م، حيث شغل منصب مدير عام الإعلام الخارجي في وزارة الخارجية.
- في عام 1970م عُين في سفارة المملكة العربية السعودية في روما وزيراً مفوضاً.
- وفي عام 1972م تولى منصب سفير المملكة العربية السعودية في جمهورية تشاد.
- ما بين عام 1977 إلى عام 1984م شغل منصب رئيس إدارة الشؤون الإفريقية والآسيوية والإدارة الإسلامية في وزارة الخارجية السعودية.
- في عام 1984م عُين سفيراً للمملكة العربية السعودية في جمهورية تونس.
- انتهت خدمته كسفير في ألمانيا في 22/أكتوبر/2001م، وعاد إلى المملكة كشريك مؤسس لشركة المحاماة والاستشارات القانونية التي تحمل اسمه والتي أسسها كمكتب خاص للمحاماة والاستشارات القانونية عام 1977م.
- سعادة السفير عباس فائق غزاوي حاصل على وسام الملك عبد العزيز آل سعود من الدرجة الممتازة في 13/7/1398هـ.
- وسعادته كاتب للقصة والمقالات حيث نُشر له العديد من المواضيع السياسية والاجتماعية في الصحف والإذاعة.
- أهم هواياته القراءة وممارسة الرياضة.
- سعادته يجيد اللغة الإنجليزية، الفرنسية، والإيطالية مع إلمام بالألمانية.
- متزوج وهو أب لعصام ورضا من رجال الأعمال، وماجد وحاتم من المحامين، وهو أب لثلاث بنات.
عباس فائق غزاوي
مشوار حافل بين الإعلام والدبلوماسية والمحاماة
لقاء خاص مع معالية رحمه الله
هو واحد من الرعيل الإعلامي الأول، ينظر إلى العمل الإعلامي كهواية وليس كوظيفة، محب للتغيير دائماً، ولذلك نراه وقد تنقل من عمل لآخر، درس القانون وفتح مكتباً للمحاماة، ثم انتقل للعمل الدبلوماسي، في حياته أكثر من محطة، وله أكثر من هواية.
إنه السفير والإعلامي والمحامي والكاتب عباس فائق غزاوي الذي يجيد أكثر من لغة، الإنجليزية والفرنسية والإيطالية، وإن كانت اللغة الألمانية قد استعصت عليه، وغير ذلك فقد نال شرف الحصول على وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة عام1398هـ، وأخيراً فهو أب لأربعة من الأبناء وثلاث من البنات.
"عالم السعودية" التقته لتسليط الضوء على الجوانب المضيئة في حياته والتي قد تكون مجهولة لكثير من القراء.
· كيف تشكلت شخصيتكم حتى أصبحتم اسماً إعلامياً لامعاً قبل أن تنتقلوا للعمل الدبلوماسي؟
- شكراً لـ"عالم السعودية" على هذه المناسبة الطيبة، وفي الواقع أن الإذاعة أو الإعلام ككل كان من هواياتي منذ أن كنت في مرحلة الدراسة المتوسطة والثانوية، ووجدت نفسي أنخرط في هذا المجال في ذلك الوقت بالإضافة إلى الدراسة، وبعد أن التحقت بالجامعة وجدت نفسي في ذلك الوقت أجمع بين الدراسة الجامعية والعمل في الإعلام حتى أصبح مهمة رسمية بدأت من مذيع ومقدم برامج ثم مديراً لإنتاج البرامج الإذاعية فمشرفاً على تحرير صحيفة "أم القرى" حتى أصبحت مديراً عاماً للإذاعة، وبعد إنشاء التلفزيون جمعت بين مدير عام الإذاعة والتلفزيون.
برامج الأطفال
· ما هي البرامج أو الأعمال الإعلامية التي لا زالت عالقة في وجدانك حتى الآن؟
- إن كنت تريد أن تسأل عن البرامج التي قمت بتقديمها فهي كثيرة، ومن أهمها برنامج الأطفال "بابا عباس"، فقد أتيحت لي الفرصة لكي أقدم مثل هذا البرنامج رغم أن ذلك لا يتناسب مع طبيعة الرجل، وأفضل من يقدم مثل هذه البرامج هي المرأة، وكانت زاوية برنامج الأطفال من الزوايا المهمة، والحقيقة أن هذه البرامج أدت دوراً كبيراً جداً، وقد عشت فيها بكل مشاعري، كما عاش الجميع معنا في ذلك، كالآباء والأمهات والأطفال، وكانت الإذاعة هي النافذة الوحيدة في ذلك الوقت، وكان التجاوب واضحاً من كل أفراد المجتمع صغاراً وكباراً، وما زلت أحن لهذه البرامج التي كانت جزءاً من اهتماماتي
- وعندما بدأ الإرسال التلفزيوني في المملكة فتح صفحة جديدة ومهمة في حياة الناس، ولم تكن هناك قنوات فضائية، وكان الإرسال التلفزيوني محدوداً، وكان أكثر ما يغطيه التلفزيون مسافة محدودة من خلال حوالى خمس محطات في مدن مختلفة ومتباعدة، ومع ذلك فقد استطعنا في ذلك الوقت أن نستغل هذه الإمكانات المحدودة، وقدمت برنامجاً أعتقد أنه كان مفيداً وكان اسمه "ندوة التلفزيون"، وكان يجمع العديد من الشخصيات والتي لها تأثير ولها فكر ثاقب، وكنا نتناول الكثير من الموضوعات والقضايا الحيوية.
العمل الإعلامي هواية
· كيف كان التعاون في ذلك الوقت، وكيف تصفونه كمقدمين للبرامج، وكيف كانت الإمكانات أيضاً؟
- كنا نقول، وما زلت أؤمن بذلك، وكثير من الزملاء بأن العمل الإعلامي ليس وظيفة، بل هو هواية، وإذا أديت عملك الإذاعي أو التلفزيوني أو الصحفي على أنه وظيفة فهو محكوم بالفشل، وإذا أديته على اعتباره حباً وهواية فإنه ينجح
العلاقة بالعمل الدبلوماسي
· وكيف بدأت علاقتكم بالعمل الدبلوماسي؟
- بعد فترة عملي في مجال الإعلام جذبني عالم التمثيل الدبلوماسي وسلكت هذا الاتجاه وهو من أهم وأصعب المجالات التي يعمل فيها الإنسان إذا أراد أن يمثل بلاده تمثيلاً مشرفاً
مرحلة النضج
· خلال عملكم بالعمل الدبلوماسي، ما هي الاستفادة التي عادت عليكم في تكوين شخصيتكم؟
- لقد بدأت العمل الدبلوماسي وأنا في الأربعين من عمري، وفي الأربعين عادة تكون شخصية الإنسان قد نضجت، وقد دخلت إلى عالم الدبلوماسية بفكر معين والحمد لله أنني لا زلت أحمله رغم أن فيه بعض السلبيات وفيه بعض الأشياء الجيدة، والإنسان عادة لا يخلو من السلبيات والإيجابيات
قلب أوروبا
· عملتم سفيراً لخادم الحرمين الشريفين في ألمانيا فترة طويلة، فكيف وجدتم المجتمع الألماني؟
- في الحقيقة أن أطول فترة عملت بها في حياتي كانت في ألمانيا سفيراً لخادم الحرمين الشريفين لحوالى 15 عاماً، وأدركت أن ألمانيا بلد يتمتع بمكانة عالية، ليس في العالم فقط ولكن أيضاً في أوروبا، فهي قلب أوروبا النابض، والشـعب الألمـاني كمـا هـو معـروف مشهور بالجديـة والمحافظـة علـى المواعيـد واحتـرام العمـل، وهـذا ما جعلـه بلـداً صناعيـاً متقـدمـاً وصناعته تمـتاز بخصـوصيـة أنهـا مضمـونـة الجـودة، كمـا أن العمـل الدبلوماسـي فـي ألمانيـا مريــح، وكـل من تخاطبه أو تتعامل معه تشعر بأنه جاد كل الجدية وممكن التعامل معه بدون خوف أو شكوك في أن يتغير موقفه، ولكن عندما تجد نفسك تعـايش بعض المجتمعات التي هي أقرب إلى المادية فإنك تضطر لأن تحيا حياة بعيدة عن الطبيعية والانطلاق. والألمان في معظم حالاتهم يعانون من ذلك، فمنذ الصباح الباكر وحتى المساء عندما يكون الواحد منهم في وقت راحته، تجده يفكر بنفس الأسلوب الذي يفكر فيه وقت عمله، أقصد من ذلك أن الشعب الألماني شعب يدرك قيمة العمل والوقت، وبطبيعة الحال أنا أتحدث كشرقي، والشرقيون ونحن العرب منهم لنا عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا الخاصة بنا
صعوبة اللغة
· وماذا عن صعوبة التفاهم مع الألمان من حيث اللغة؟
- الواقع أن الإنسان لا بد وأن يتعلم يومياً، ورسولنا صلى الله عليه وسلم يحثنا على طلب العلم من المهد إلى اللحد، وقد حاولت أن أتعلم اللغة الألمانية، صحيح أنني لم أتمكن من إجادتها رغم جمالها لأنها صعبة ولا يحب الكثير من الألمان الذين تعاملنا معهم أن يكلفوننا مشقة الحديث معهم بلغتهم، وهم يريدون الدقة ويريدون أن يساعدوك في التعامل معهم باللغة التي تستطيع أن تشرح بها ما تريد لكي يفهموك، وبالتالي فإنهم لا يصرون على أن تتحدث بلغتهم في تعاملاتك اليومية رغم اعتزازهم بها وهذا يعود إلى ناحيتين، الأولى أن الألمان شعب عملي كما قلنا ولا يريد إضاعة الوقت، لذلك يفضلون لضيفهم أن يتعامل معهم باللغة التي يستطيع أن ينقل بها رسالته إلى من يتحدث معه، ومن ناحية أخرى وجدت أن الاهتمام بالجوهر لدى الألمان أهم كثيراً من المظاهر، لكن وبطبيعة الحال هناك الكثير الذي يتعلمه الإنسان في حياته سواءً داخل بلاده أو خارجها، فالحياة مدرسة مستمرة ولا تنتهي
واجهة حضارية
· هل يقتصر العمل الدبلوماسي على المجال السياسي وحده؟
- أحب أن أؤكد أن الدبلوماسية ليست واجهة سياسية فقط كما يعتقد البعض، ولكنها واجهة حضارية وثقافية وإعلامية، ومن هذه الناحية ولله الحمد كنا وما زلنا حريصين على أن يكون العمل الدبلوماسي السعودي كما خططت له قيادتنا الحكيمة بهدف تقديم المملكة العربية السعودية للعالم بصورتها الحضارية وقيمها الاجتماعية وخصوصيتها الثقافية، وفي هذا الإطار كنا ننتهز المناسبات المختلفة لإلقاء المحاضرات وإقامة المعارض ودعوة بعض الشخصيات المهمة لزيارة بلادنا، كما تمكنا ولله الحمد من إقامة جسور قوية بين البلاد التي شرفنا بالعمل فيها مثل ألمانيا وإيطاليا وتشاد وتونس وبين المملكة، ولا شك أن الجانب الثقافي والإعلامي في البلد المضيف له أهمية كبرى، فالعمل على المستوى السياسي سواءً كان بين رؤساء الدول أو بين الأجهزة المختلفة بين الدولتين سائر ومستمر ويمضي ضمن ضوابط معينة، والذي أريد أن أقوله باختصار أن السفير أو الدبلوماسي في أي بلد مفترض فيه أن يكون واجهة لبلاده بكل ما فيها من مظاهر الإشراق والتحضر والأصالة، وهذه أمور مهمة جداً، والدبلوماسية علمتني أن خير ما يتركه الإنسان في بلد ما هو أن يقدم لهذا البلد صورة لبلاده تبقى ذكرى، وهذه الصورة قد لا تنقلها الكتب أو الرسائل أو الوسائل الإعلامية الأخرى كما ينقلها السفير
هذه صورتنا
· كيف كانت الصورة لدى المواطن الأوروبي، وكيف استطعتم تقديم صورة المملكة العربية السعودية والمواطن السعودي لشعوب الدول التي عملتهم بها؟
- الصورة العامة لأي دولة عربية وخاصة المملكة التي عرفت في الغرب بصفة عامة هي أنها بلاد صحراء وظهر بها البترول وأصبح لهذا البترول أهمية كبرى، وكانوا ينظرون إلينا على أننا شعب من البدو يعيش في الصحارى ويرعى الإبل، وهذا أمر لا نخجل منه، ومع ذلك استطعنا أن نقول لهم بأننا بلد الحرمين الشريفين الذي له ثقافته وعاداته وتقاليده وقيمه وتاريخه، وأننا استطعنا اللحاق بركب الحضارة وأنجزنا خططاً للتنمية الشاملة وأقمنا الصروح العلمية والحضارية على كل شبر من أرضنا.
- والحقيقة أن المشكلة ليست من هذه الناحية فقط، ولكن المشكلة تأتي من أن الإعلام الغربي، رغم أن المجتمعات الغربية ديمقراطية، إلا أنه هو الديكتاتور الوحيد الذي يعيش في هذه المجتمعات، وتحكمه مصالح شخصية ومادية، وهذا شيء مؤسف بطبيعة الحال، رغم أن هذه الشعوب نشأت على الحرية، وهذه الكلمة عامة كما نعلم ومطاطة وممكن إساءة استعمالها، وهنا يأتي دور رجل الدبلوماسية في إبراز الوجه المشرق والأفضل لبلاده، وهي مهمة صعبة خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع وسائل الإعلام في البلد المضيف، وبالتالي يصبح أمامك الشعب الذي يمكن أن تتعامل معه من خلال الدعوات والمحاضرات ومن خلال الاتصال بقيادات الرأي العام والشخصيات المثقفة المستنيرة، وهذا ما يمكن أن يمنحك الفرصة في إعطاء الصورة المشرفة والحقيقية لبلادك.
تأثير الكلمة
· العمل الدبلوماسي تحكمه الكثير من عوامل الشد والجذب، ويحتاج لمواصفات خاصة، فكيف تنظرون إليه؟
- العمل في المجال الدبلوماسي يوجب عليك أن تحسب كل كلمة وتزنها قبل أن تقولها سواء كانت في وسائل الإعلام أو الاجتماعات أو غير ذلك، فأنت هنا لا تعبر عن رأيك الشخصي وإنما تتحدث باسم بلادك، لذلك فإن الكلمة يجب أن توزن بميزان دقيق جداً لأن حرفاً واحداً قد يغير المقصود من الكلمة خاصة إذا كنت تتحدث بلغة غير لغتك، والكلمة قد تؤدي إلى الخير وقد تقود إلى المهالك، فالكلمة خطيرة ويجب أن يوزن ميزانها في كل وقت.
أطفالنا الضحية
· خلال المسيرة الطويلة في العمل الدبلوماسي خارج المملكة، كيف استطعت أن تتأقلم وأفراد أسرتك مع المجتمعات التي عشت فيها؟
- هذا السؤال مهم، ويمكن القول بأن الضحايا الأوائل لكل من اشتغل بالعمل الدبلوماسي هم أبناؤه وبناته، فدراساتهم ليست على الشكل المستقر كما لو كان الإنسان يدرس في بلاده، فالأطفال الذين يعيشون في مجتمعهم ويذهبون إلى مدارسهم، وعندما يصلون إلى سن معينة لا مانع من أن يسافروا للدراسة في المعاهد والكليات الأجنبية، لكن مع الأسف أطفال الدبلوماسيين ليسوا كذلك، وهذه المشكلة تواجه أسرة كل من يعمل في الدبلوماسية، ولكن ولله الحمد هذه المشكلة تكاد تكون قد حلت في السنوات الأخيرة بفضل الله ثم بفضل حكومتنا الرشيدة، إذ تمكنت من إقامة مدارس وأكاديميات عربية إسلامية في معظم البلاد التي ليس فيها تعليم عربي إسلامي، ونحمد الله أننا وفقنا في تنفيذ أمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز يحفظه الله بإقامة صرح علمي كبير في مدينة بون الألمانية، حيث أنشئت أكاديمية الملك فهد وأصبحت صرحاً من صروح العلم وجسراً من جسور الحوار والتفاهم والتعارف بين الحضارات العربية والإسلامية والغربية، ويدرس بها الآن ما يزيد عن ستمائة طالب وطالبة من مختلف دول العالم.
مسيرة الأبناء
· هل لك أن تحدثنا عن تعليم أبنائكم وتخصصاتهم؟
- واجه أبنائي في الحقيقة العديد من المشاكل في الدراسة وخاصة الأصغر سناً، فقد رزقني الله بأربعة من الأولاد وثلاث من البنات، والثلاثة الأوائل درسوا في المملكة والجامعات الخارجية، والحمد لله ليس لديهم أي مشاكل من هذا النوع.أما باقي الأولاد والبنات وهم ولدان وبنتان فقد درسوا في الخارج، واستطعنا أن نتجاوز هذه المشكلة بحيث أصبح البيت له واجب، وأصبحنا نعلم أولادنا وبناتنا في البيت إلى أن تهيأوا للجامعات، والحمد لله لا أجد أي مشاكل لديهم الآن، ولكن ربما تشتت الدراسة أحياناً والانتقال من مكان لآخر كان له تأثيره، ولكنني أعول دائماً على دور البيت ممثلاً في الأب والأم، فهما المدرسة الحقيقة التي يتعلم فيها الإنسان ما لا يجده في الكتب ولا في المدارس.
حرية الاختيار
· وهل تتدخلون في اختيار نوعية تعليم الأبناء أم أنكم تتركون لهم حرية الاختيار؟
- في الواقع لم أتدخل شخصياً في دراسة أي من الأبناء، فالإبن الأكبر عصام درس إدارة الأعمال في الخارج وعاد إلى البلاد ليمارس الآن الأعمال التجارية بالإضافة إلى هواية أخرى يحبها ويعشقها وهي تنسيق الحدائق والديكور الداخلي والحمد لله أصبح مدرساً فيها.
- والابن الثاني رضا درس أيضاً إدارة الأعمال وتفرغ لها، والآن يملك شركات خاصة ولله الحمد وهو يديرها بنجاح، وهذا أيضاً ينطبق على الإبنين الآخرين ماجد وحاتم، وقد تخرجا من كلية الحقوق وهما يعملان في مهنة المحاماة في المكتب الذي أسسته قبل 82 عاماً في جدة، وهما ولله الحمد والمنة محاميان ناجحان، ونحن كآباء وأمهات نقدم النصيحة العامة ونترك حرية اختيار نوع التعليم والعمل للأبناء.
التعليم حق للجميع
· هل تمنحون البنات نفس الحقوق؟
- في الحقيقة إنني لا أجد أي مانع من تعليم الفتاة جميع العلوم النافعة لدنياها ولدينها، فالمرأة كالرجل تحتاج للعلم في كل مرحلة، والتعليم المختص تحتاجه المرأة كما يحتاجه الرجل، ربما كانت المرأة تحتاج لنوع التعليم الذي يتفق مع طبيعتها كامرأة، لكن إذا اختارت أنواعاً أخرى واستطاعت أن تبرز وتتفوق فيها دون أن يكون في ذلك مساساً بعقيدتها فلا مانع.
مهنة المحاماة
· ذكرتم أن لكم مكتباً للمحاماة منذ أكثر من 82 عامـــــــاً، ومنذ فترة طويلة لم تكن مهنة المحاماة معروفة، فما هو الدافع وراء إنشاء هذا المكتب؟
- لا يمكن أن تكون المحاماة لشغل وقت الفراغ، ولا يمكن أن تكون مغامرة غير محسوبة، لأنها أمر متعلق بمصالح الناس ومصائرهم، فمن يعمل بها يجب أن يكون قادراً على أداء رسالتها ومقدراً لقيمتها وأهميتها، ولقد درست المحاماة بكلية الحقوق وتخرجت محامياً، وكانت رغبتي أن أبدأ مشواري بالمحاماة، لكن ولظروف معينة وجدت نفسي أنتقل من مجال إلى آخر إلى أن قررت أن أفتتح مكتباً للمحاماة، وكان هناك القليل من مكاتب المحاماة، وعملت بالمكتب بالإضافة إلى عملي بالسلك الدبلوماسي، وتعاونت مع محامين سعوديين ومن خارج المملكة، وأصبح المكتب الآن جزءاً لا يتجزأ من تفكيري ومن حياتي ومن التزاماتي.
الضمير أولاً
· بماذا تشعر عندما تترافع في قضية ما تجد فيها أن المتهم الذي تدافع عنه مظلوماً والمظلمة غير واضحة؟
- يجب على كل محام أن يخاف الله ويحترم الناس، وكل من له حق لا بد أن يحصل على حقه، فمنذ البداية عليه أن يرفض القضية التي يشعر أن بها غموضاً أو شكاً في الموكل الذي قام بتوكيله، فالقضية ليست سعياً لكسب المادة وإنما هي ضميرية في المقام الأول وحساسة، ولله الحمد لم أجد نفسي في ذلك الموقف حتى الآن، وعلى المحامي أن يكون مطلعاً على جميع تفاصيل القضية التي سيقوم بنظرها أمام المحكمة، الصغيرة منها قبل الكبيرة، ومع الإطلاع ومراقبة الضمير لا بد عند قبول المحامي لقضية ما أن يرتاح ضميرياً لهذه القضية ويتأكد أنه ليس ظلماً للآخرين، فأنت لا تطلب العدالة لموكلك على حساب الآخرين.
هذه هوايتي
· ما الهواية التي لا زالت تجد منك اهتماماً بها؟
- هوايتي الرئيسية التي أحبها هي القراءة ثم الكتابة، وهذا ما قادني إلى العمل، واستمرت هذه الهواية معي بقدر ما سمح لي الوقت إلى اليوم، لذلك أنا من المنهمكين والشغوفين بالقراءة والمقلين جداً في الكتابة، لأنه لا بد من القراءة كي يتعلم الإنسان، فقراءة كتاب ما تعلم ومتعة، أما الكتابة فأنا لا أقبل عليها إلا عندما أستطيع أن أضيف جديداً لما أكتبه، وهذا ما يجب أن يلزم الإنسان نفسه به طالما كانت الكتابة ليست مهنته الأساسية
لا يهمني اسم الكاتب
· ما أبرز المجالات التي تستهويكم في القراءة؟
- كثير من المجالات في الواقع، ومنها السير الشخصية والمذكرات والشعر الممتاز وليس العادي والقصص، ولا ألتزم باسم كاتب معين حينما أقرأ بل أحاول عندما يقع في يدي كتاب أشتريه بنفسي أن أقرأ السطور الأولى من الصفحات، وإذا جذبني الكاتب واصلت قراءته، وإن لم يحدث ذلك تجدني أنصرف عنه إلى كتاب آخر
حقيقة مرة
· وكيف تنظر للأدباء والكتاب والحركة الأدبية في المملكة؟
- لا شك في أن الحركة الأدبية في المملكة جيدة، ولدينا كتاباً فطاحل في العديد من المجالات، وأصبحت شهرتهم تتعدى حدود البلاد، ونعتز بالكثير منهم، ولكنني لا أستطيع أن أقول أن ليس في الإمكان أبدع مما كان، فيجب في نظري أن يجد الكاتب الجيد المبدع من التشجيع أكثر بكثير مما يجده الآن، ولقد صُدمت عندما سألت أحد الكتاب كم نسخة تتوقع أن يتم بيعها من كتابك؟ وهذا الكاتب للعلم ليس سعودياً، صدمني برقم لم أكن أتوقعه وقال بالصداقات والوساطات من 500 إلى ألف نسخة، كما قال لي أحد الكتاب أيضاً وهو صديق لي، إذا كان الكتاب رياضياً يباع منه من 50 إلى 100 ألف نسخة، وقياساً إلى الكتاب الأول هذه حقـــــيقة مرة، وللأسف الكتاب الجيد يبدو وكـــــــأنه يتيم، وهذا ليس في بلادنا فقط وإنما في العــالم العربي بشكل عام، وأتمنى أن نجد الكاتب الذي يعتمد في حياته على الكتابة وأن يلقى الانتشار المناسب، ولكن هذه قضية يطول شرحها
وقفة تأمل
· وهل تفسر ذلك بعدم الإقبال على القراءة بسبب انتشار الإعلام المرئي؟
- أنا أتفق معك في هذا السؤال بالذات، وأذكر أنني كنت أقدم برنامجاً تلفزيونياً منذ أكثر من عشرين عاماً اسمه "وقفة تأمل"، وأثرت في البرنامج هذه النقطة بالذات، كم كتاباً نقرأ في الشهر؟ فكان الجواب أن هناك أناساً كثيرين مرت عليهم شهوراً ولم يقرأوا كتاباً واحداً، والطبيعي ألا يقل ما يقرأه الإنسان عن كتاب كل شهر، وعندما كان الفيديو منتشراً، كان يذهب إلى محلات الفيديو ويحضر من 10 إلى 12 شريطا في اليوم أو الأسبوع، أما الكتاب فلا مكان له في اهتماماته، وهذا شيء مؤسف
البداية من هنا
· وكيف يمكن أن نعيد للقراءة أهميتها من وجهة نظرك؟
- قضــية القــراءة تبدأ مــن بداية المراحــل التعليـــــمية الأولى وهــي المــدارس الابتــدائية إذ يجــب أن تعــلم المدرســة الأولاد والــبنات أهمية وفوائد القــــــــراءة وأهمــــية الكــتاب، وتســتمر هــذه العــملية إلــى الجامــعة ومــا بعــدها، إضافــة إلــى أن للمــنزل دور كبــير لا يقــــل أهمية عـــن المدرسة.
الوفاه
انتقل الى رحمة الله في 1 /8 /2005 في باريس
الشيخ عبدالله الخليفي رحمه الله
الاسم : الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالله بن عبدالرحمن الخليفي ولد في منطقة القصيم عام 1313 هـ المنشأ : نشأ وترعرع في مدينة البكيريةفي ظل بيئة دينية واعية في ظل والده الشيخ محمد الخليفي الذي كان عالما كبيرا وقاضيا في نفس المدينة حفظ القران على يد والده جزاه الله الف خيرواتم الحفظ عندما كان في السابعة عشرة طلب العلم في بداية نشأته على يد والده وممن طلب العلم على أيديهم أيضاً الشيخ محمد بن مقبل والشيخ عبدالعزيز بن سبيّل وسماحة الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ والشيخ سعد وقاص البخاري العالم المعروف في التجويد فضيلة شيخنا المحبوب عبدالله الخليفي ـ رحمه الله ـ جمع بين الدراسة الحديثة بمدرسة تحضير البعثات بمكة المكرمة إضافة إلى حلقات العلم على أيدي المشائخ السالف ذكرهم
رحمه الله حاصل على شهادة كفاءة المعلمين من المعارف كما انه حاصل على شهادة التجويد في القراءات ولديه اجازة التدريس في السجد الحرام .
بدأت علاقة الشيخ/عبدالله الخليفي رحمه الله بالامامة في المسجد التحتي بالبكرية وهو اول مسجد في المدينة في ذلك الوقت ثم اصبح اماما للتراويح والقيام في مسجد المدينة وهو مسجد يقع في احدى المزارع وبعد ان انتهى من طلب العلم على المشايخ ذاع صيته بين ابناء المنطقة فذكر ذلك بعض المقربين للامير فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله فامر باستدعائه للصلاة معه كامام خاص به في مدينة الطائف وكان ذلك حوالي سنة 1365هـ واستمر اماما عنده لمدة سنتين .
وعندما ذاع صيته أعجب به الشيخ / عبدالله بن حسن آل الشيخ رحمه الله فطلبه ليكون اماما مساعدا للشيخ عبدالظاهر ابو السمح رحمه الله في المسجد الحرام فكان له ما طلب حيث انتقل الشيخ عبدالله الخليفي الى المسجد الحرام اماما مساعدا للشيخ عبدالظاهر أبوالسمح واستمر في ذلك الى ان توفى الشيخ ابو السمح واصبح الخليفي اماما رسميا للمسجد الحرام عام 1373هـ حيث كان يصلي بالناس الفروض الخمسة والجمعة والتراويح طوال السنوات العشر التى تلت وفاة الشيخ ابو السمح وعندما جاء بعض الائمة للمسجد الحرام اصبح يؤم الناس في صلاتي العصر والمغرب ثم اصبح يؤم الناس في صلاة المغرب فقط الى ان توفى رحمه الله وهكذا قضى في امامة المسجد الحرام ما يربوا على اربعين عاما..
لقد ساهم الشيخ/عبدالله الخليفي رحمه الله في مجالات دعوية شتى منها الخطابة والتدريس في المسجد الحرام .....والتدريس في مدارس وزارة المعارف فقد عين عام 1372هـ مدرسا للعلوم الدينية في الثانوية العزيزية في مكة المكرمة ثم مديرا للمدرسة العزيزية الابتدائية ثم عين مديرا لمدرسة القرارة الابتدائية ثم انشئت مدرسة جديدة بحي المعابدة وهي مدرسة حراء الابتدائية فطلب الانتقال اليها فانتقل مديرا لها .كما عين ملاحظا على المدرسين في المسجد الحرام ...كما اثرى الشيخ الخليي رحمه الله المكتبة الاسلامية بمجموعة من الكتب..
كما ان للشيخ مشاركات في اذاعة نداء الاسلام من خلال برنامج دروس في الفقه الاسلامي كما ان له مصحفا مرتلا بصوته يذاع من خلال اذاعة القران الكريم.
وفضيلة الشيخ عبدالله من كبار المربين، فلقد اشتغل بالتدريس والإدارة منذ عام 1373هـ وكان آخرها مدير مدرسة حراء الابتدائية بمكة المكرمة. وفضيلة شيخنا المحبوب الشيخ عبدالله الخليفي شيخ وقور عليه سمة الصالحين تعلوه المهابة وتحفه السكينة متواضعاً محبوباً، دمث الأخلاق، جميل الألفاظ، رقيق الإحساس، بكاء بالقرآن تغلبه
العبرة، شديد التأثير. يَبكي ويُبكي، تشهد له جناب المسجد الحرام كم بكى وكم أبكى فيها من أنفس مؤمنة وأرواح طاهرة.
ولفضيلة شيخنا المحبوب مشاركات كثيرة في مجال الإرشاد والتوعية العامة والتأليف وذلك من خلال أحاديثه المذاعة أسبوعياً تحت عنوان دروس من الفقه الإسلامي.
أنشد فيه العديد من الشعراء ...... للشيخ سعود الشريم ومنها:
فالله نسأل أن يثيب إمامنا
بحبوحة في جنة الرضوان
وكذا زواج الحور في جناته
بل نظرة في الواحد الديّان
وصلاة ربي وسلامه
للمصطفى الطيب الأردان
ومما يجدر ذكره ولا يحق لنا أن نتجاهله ونغفله أن فضيلة الشيخ عبدالله ابن محمد الخليفي إمام وخطيب المسجد
الحرام ـ رحمه الله ـ هو أول من جمع المصلين على صلاة التهجد آخر الليل في العشر الأواخر من رمضان خلف إمام المسجد الحرام فبدأها ـ رحمه الله ـ بعدد يسير من المصلين في حصوة باب السلام جهة بئر زمزم فتزايد العدد يوماً بعد يوم وكثرت الصفوف من صف إلى صفين إلى ثلاثة، وهكذا بدأ يتزايد عدد المصلين ويكثر توافدهم للصلاة خلف فضيلته وازداد عددهم عاماً بعد عام وظل كذلك ـ رحمه الله ـ حتى أصبح من يصليها خلفه بالآلاف ثم شاركه فيها باقي الأئمة واستمرت تقام هذه الصلاة في العشر الأواخر من رمضان كل عام حتى وقتنا الحاضر يصليها مئات الألوف من المقيمين والوافدين خلف أئمة الحرم المكي الرسميين، جعل الله ذلك في موازين حسناته.
مؤلفاته ووفاته
وكتاباته في الصحف منها مقال أسبوعي ينشر في جريدة عكاظ الغراء، ومن مؤلفاته المباركة:
1ـ إرشاد المسترشد إلى المقدم في مذهب أحمد.
2ـ القول المبين في رد بدع المبتدعين.
3ـ المسائل النافعة.
4ـ فضل الإسلام.
5ـ الثقافة العامة.
6ـ خطب الجُمع في المسجد الحرام.
7ـ أدب الإسلام.
8ـ التربية الإسلامية.
9ـ دواء القلوب والأبدان من وساوس الشيطان.
10ـ المعاملات الربوية.
11ـ مناسك الحج.
توفى الشيخ رحمه الله بالطائف عصر يوم الاثنين 28/2/1414هـ .. رحم الله الشيخ رحمة واسعة و أسكنه فسيح
جناته ..
شبيه الجاحظ
أبو عثمان عمرو بن بحر محبوب الكناني الليثي البصري، (159-255 هـ) أديب عربي من كبار أئمة الأدب في العصر العباسي، ولد في البصرة وتوفي فيها.
كان ثَمَّةَ نتوءٌ واضحٌ في حدقتيه فلقب بالحدقي ولكنَّ اللقب الذي التصق به أكثر وبه طارت شهرته في الآفاق هو الجاحظ، ، عمّر الجاحظ نحو تسعين عاماً وترك كتباً كثيرة يصعب حصرها، وإن كان البيان والتبيين، كتاب الحيوان، البخلاء أشهر هذه الكتب. كتب في علم الكلام والأدب والسياسية والتاريخ والأخلاق والنبات والحيوان والصناعة والنساء وغيرها.
قال ابن خلدون عند الكلام على علم الأدب: «وسمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم أن أصول هذا الفن وأركانه أربعة كتب هي: أدب الكاتب لابن قتيبة، كتاب الكامل للمبرد، كتاب البيان والتبيين للجاحظ، وكتاب النوادر لأبي علي القالي، وما سوى هذه الأربعة فتبع لها وفروع منها».
المولد و النشأة
ولد في مدينة البصرة نشأ فقيرا، وكان دميما قبيحا جاحظ العينين. طلب العلم في سن مبكّرة، فقرأ القرآن ومبادئ اللغة على شيوخ بلده، ولكن اليتم والفقر حال دون تفرغه لطلب العلم، فصار يبيع السمك والخبز في النهار، ويكتري دكاكين الورّاقين في الليل فكان يقرأ منها ما يستطيع قراءته.
كانت ولادة الجاحظ في خلافة المهدي ثالث الخلفاء العباسيين ووفاته في خلافة المهتدي بالله سنة 255 هجرية، فعاصر بذلك 12 خليفة عباسياً هم: المهدي والهادي والرشيد والأمين والمأمون والمعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز والمهتدي بالله، وعاش القرن الذي كانت فيه الثقافة العربية في ذروة ازدهارها.
أخذ علم اللغة العربية وآدابها على أبي عبيدة صاحب عيون الأخبار، والأصمعي الراوية المشهور صاحب الأصمعيات وأبي زيد الأنصاري، ودرس النحو على الأخفش، وعلم الكلام على يد إبراهيم بن سيار بن هانئ النظام البصري.
كان متصلا -بالإضافة لاتصاله للثقافة العربية- بالثقافات غير العربية كالفارسية واليونانية والهندية، عن طريق قراءة أعمال مترجمة أو مناقشة المترجمين أنفسهم، كحنين بن إسحق وسلمويه.
توجه إلى بغداد، وفيها تميز وبرز، وتصدّر للتدريس، وتولّى ديوان الرسائل للخليفة المأمون.
كان الجاحظ موسوعة تمشي على قدمين، وتعتبر كتبه دائرة معارف لزمانه، كتب في كل شيء تقريبًا؛ كتب في علم الكلام والأدب والسياسية والتاريخ والأخلاق والنبات والحيوان والصناعة والنساء والسلطان والجند والقضاة والولاة والمعلمين واللصوص والإمامة والحول والعور وصفات الله والقيان والهجاء.
أما عن منهجه في معرفة الحلال والحرام فيقول : "إنما يعرف الحلال والحرام بالكتاب الناطق، وبالسنة المجمع عليها، والعقول الصحيحة، والمقاييس المعينة" رافضًا بذلك أن يكون اتفاق أهل المدينة على شيء دليلاً على حله أو حرمته؛ لأن عظم حق البلدة لا يحل شيئا ولا يحرمه، ولأن أهل المدينة لم يخرجوا من طباع الإنس إلى طبائع الملائكة "وليس كل ما يقولونه حقًا وصوابًا".
فقد كان الجاحظ لسان حال المعتزلة في زمانه، فرفع لواء العقل وجعله الحكم الأعلى في كل شيء، ورفض من أسماهم بالنقليين الذين يلغون عقولهم أمام ما ينقلونه ويحفظونه من نصوص القدماء، سواء من ينقلون علم أرسطو، أو بعض من ينقلون الحديث النبوي.
فإذا كان بعض فلاسفة الشرق والغرب فد وقفوا أمام أرسطو موقف التلميذ المصدق لكل ما يقوله الأستاذ فإن الجاحظ وقف أمام أرسطو عقلا لعقل؛ يقبل منه ما يقبله عقله، ويرد عليه ما يرفضه عقله، حتى إنه كان يسخر منه أحيانا.. ففي كتابه الحيوان يقول الجاحظ عن أرسطو وهو يسميه صاحب المنطق: "وقال صاحب المنطق: ويكون بالبلدة التي تسمى باليونانية "طبقون"، حية صغيرة شديدة اللدغ إلا أنها تُعالج بحجر يخرج من بعض قبور قدماء الملوك-، ولم أفهم هذا ولمَ كان ذلك؟!"
ويقول الجاحظ: "زعم صاحب المنطق أن قد ظهرت حية لها رأسان، فسألت أعرابيًا عن ذلك فزعم أن ذلك حق، فقلت له: فمن أي جهة الرأسين تسعى؟ ومن أيهما تأكل وتعض؟ فقال: فأما السعي فلا تسعى؛ ولكنها تسعى على حاجتها بالتقلب كما يتقلب الصبيان على الرمل، وأما الأكل فإنها تتعشى بفم وتتغذى بفم، وأما العض فأنها تعض برأسيها معًا. فإذا هو أكذب البرية".
وكان الجاحظ يؤمن بأهمية الشك الذي يؤدي إلى اليقين عن طريق التجربة، فهو يراقب الديكة والدجاج والكلاب ليعرف طباعها، ويسأل أرباب الحرف ليتأكد من معلومات الكتب.. قال أرسطو: إن إناث العصافير أطول أعمارًا، وإن ذكورها لا تعيش إلا سنة واحدة… فانتقده الجاحظ بشدة لأنه لم يأت بدليل، ولامه لأنه لم يقل ذلك على وجه التقريب بل على وجه اليقين.
كما هاجم الجاحظ رجال الحديث، لأنهم لا يحكّمون عقولهم فيما يجمعون ويروون، ويقول: ولو كانوا يروون الأمور مع عللها وبرهانها خفّت المؤنة، ولكن أكثر الروايات مجردة، وقد اقتصروا على ظاهر اللفظ دون حكاية العلة ودون الإخبار عن البرهان.
فهو لا يقبل ما يرويه الرواة من أن الحجر الأسود كان أبيض اللون واسودَّ من ذنوب البشر، فيقول ساخرًا: "ولماذا لم يعد إلى لونه بعد أن آمن الناس بالإسلام؟
والجاحظ يرفض الخرافات كلها ، وينقد من يرويها من العلماء أمثال أبي زيد الأنصاري، فيقول: إن أبا زيد أمين ثقة، لكنه ينقصه النقد لأمثال هذه الأخبار التي يرويها عن السعالي والجن، وكيف يراهم الناس ويتحدثون إليهم ويتزوجونهم وينجبون؟.
وكان الجاحظ يرفض وضع صحابة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في مكانة أعلى من البشر، بحيث لا يحق لأحد أن يتعرض لأعمالهم ويقيمها وينقدها، فهو يرى أن من حق المؤرخ أن يتناول أعمالهم بميزان العقل، لأنهم بشر كالبشر يخطئون ويصيبون، وليسوا ملائكة، وإذا كانت صحبتهم للرسول -صلى الله عليه وسلم- تعطيهم حق التوقير فإن هذه الصحبة نفسها تجعل المخطئ منهم موضع لوم شديد؛ لأنه أخطأ رغم صحبته وقربه من الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
ورفض الجاحظ بشدة القول بأن سب الولاة فتنة ولعنهم بدعة"، وعجب من أن الذين يقولون بذلك الرأي مجمعون على لعن من قتل مؤمنًا متعمدًا، ثم إذا كان القاتل سلطانًا ظالمًا لم يستحلوا سبه ولا لعنه ولا خلعه، وإن أخاف العلماء وأجاع الفقراء وظلم الضعفاء..، فالجاحظ -كمعتزلي- كان يرى ضرورة الخروج على الإمام الظالم في حالة وجود إمام عادل، مع الثقة في القدرة على خلع الظالم وإحلال العادل محله، دون إحداث أضرار أكثر مما يتوقع جلبه من المنافع.
وكان الجاحظ يؤكد أن العقل الصحيح أساس من أسس التشريع.
والأسلوب أحد المميزات الكبرى التي تمتع بها الجاحظ، فهو سهل واضح فيه عذوبة وفكاهة واستطراد بلا ملل، وفيه موسوعية ونظر ثاقب وإيمان بالعقل لا يتزعزع.
ويعد الجاحظ من أغزر كتّاب العالم ؛ فقد كتب حوالي 360 كتابًا في كل فروع المعرفة في عصره… وكان عدد كبير من هذه الكتب في مذهب الاعتزال.. وبحث مشكلاته.. والدفاع عنه… لكن التعصب المذهبي أدى إلى أن يحتفظ الناس بكتب الجاحظ الأدبية.. ويتجاهلوا كتبه الدينية فلم يصل إلينا منها شيء.
ومن أشهر وأهم كتب الجاحظ كتابا "البيان والتبيين" و"الحيوان".
ويعتبر البيان والتبيين من أواخر مؤلفات الجاحظ.. وهو كتاب في الأدب يتناول فيه موضوعات متفرقة مثل الحديث عن الأنبياء والخطباء والفقهاء والأمراء… والحديث عن البلاغة واللسان والصمت والشعر والخطب والرد على الشعوبية واللحن والحمقى والمجانين ووصايا الأعراب ونوادرهم والزهد.. وغير ذلك.
ويعد كتاب الحيوان -وهو من مؤلفات الجاحظ الأخيرة أيضا- أول كتاب وضع في العربية جامع في علم الحيوان.. لأن من كتبوا قبل الجاحظ في هذا المجال أمثال الأصمعي وأبي عبيدة وابن الكلبي وابن الأعرابي والسجستاني وغيرهم.. كانوا يتناولون حيوانًا واحدًا مثل الإبل أو النحل أو الطير.. وكان اهتمامهم الأول والأخير بالناحية اللغوية وليس العلمية.. ولكن الجاحظ اهتم إلى جانب اللغة والشعر بالبحث في طبائع الحيوان وغرائزه وأحواله وعاداته.
ولأن الجاحظ كان غزير العلم.. مستوعبًا لثقافات عصره.. فقد كانت مراجعه في كتبه تمتد لتشمل القرآن الكريم والحديث النبوي والتوراة والإنجيل وأقوال الحكماء والشعراء وعلوم اليونان وأدب فارس وحكمة الهند بالإضافة إلى تجاربه العلمية ومشاهداته وملاحظاته الخاصة.
وقد كان للجاحظ أسلوب فريد يشبه قصص ألف ليلة وليلة المتداخلة… إذ أن شهرزاد تحكي لشهريار قصة… ثم يحكي أحد أبطال هذه القصة قصة فرعية.. وتتخلل القصة الفرعية قصة ثالثة ورابعة أحيانًا..ثم نعود للقصة الأساسية.. فالجاحظ يتناول موضوعًا ثم يتركه ليتناول غيره.. ثم يعود للموضوع الأول.. وقد يتركه ثانية قبل أن يستوفيه وينتقل إلى موضوع جديد… وهكذا.
فكتابه "الحيوان" مثلاً لم يقتصر فيه على الموضوع الذي يدل عليه عنوان الكتاب.. بل تناول بعض المعارف الطبيعية والفلسفية.. وتحدث في سياسة الأفراد والأمم.. والنزاع بين أهل الكلام وغيرهم من الطوائف الدينية.. كما تحدث في كتاب الحيوان عن موضوعات تتعلق بالجغرافيا والطب وعادات الأعراب وبعض مسائل الفقه … هذا عدا ما امتلأ به الكتاب من شعر وفكاهة تصل إلى حد المجون بل والفحش.
فكل فصل من الفصول -كما يقول أحمد أمين عن كتاب البيان والتبيين- "فوضى لا تضبط، واستطراد لا يحد… والحق أن الجاحظ مسئول عن الفوضى التي تسود كتب الأدب العربي، فقد جرت على منواله، وحذت حذوه، فالمبرد تأثر به في تأليفه، والكتب التي ألفت بعد كعيون الأخبار والعقد الفريد فيها شيء من روح الجاحظ، وإن دخلها شيء من الترتيب والتبويب.. والجاحظ مسئول عما جاء في الكتب بعده من نقص وعيب، لأن البيان والتبيين أول كتاب ألف في الأدب على هذا النحو وأثر فيمن جاءوا بعده.. وأوضح شئ من آثار الجاحظ في كتب الأدب إذا قورنت بالعلوم الأخرى الفوضى والمزاح ومجون يصل إلى الفحش أحيانًا.
وقد أوضح الجاحظ في "الحيوان" أسلوب تأليفه للكتاب قائلاً : "متى خرج -القارئ- من آي القرآن صار إلى الأثر، ومتى خرج من أثر صار إلى خبر، ثم يخرج من الخبر إلى الشعر، ومن الشعر إلى النوادر، ومن النوادر إلى حكم عقلية ومقاييس شداد، ثم لا يترك هذا الباب ولعله أن يكون أثقل والملال أسرع حتى يفضي به إلى مزح وفكاهة وإلى سخف وخرافة ولست أراه سخفًا".
ويبدو أن عدم ثقة الجاحظ في القراء على وجه العموم كانت سبباً في سلوكه هذا السبيل… فهو يقول: "ولولا سوء ظني بمن يظهر التماس العلم في هذا الزمان، ويظهر اصطناع الكتب في هذا الدهر لما احتجت إلى مداراتهم واستمالتهم، وترقيق نفوسهم وتشجيع قلوبهم -مع فوائد هذا الكتاب- إلى هذه الرياضة الطويلة، وإلى كثرة هذا الاعتذار، حتى كأن الذي أفيده إياهم أستفيده منهم، وحتى كأن رغبتي في صلاحهم رغبة من رغب في دنياهم"
والأسلوب أحد المميزات الكبرى التي تمتع بها الجاحظ، فهو سهل واضح فيه عذوبة وفكاهة واستطراد بلا ملل، وفيه موسوعية ونظر ثاقب وإيمان بالعقل لا يتزعزع.
والجاحظ بهذا الفكر الذي يعلي من شأن العقل، وهذه الثقافة المتنوعة الجامعة، وهذا العمر المديد بما يعطيه للمرء من خبرات وتجارب، وهذا الأسلوب المميز: استحق مكانه المتميز في تاريخ الثقافة العربية بما له من تأثير واضح قوي في كل من جاءوا بعده.
أما ما يؤخذ عليه فهو ما يؤخذ على المعتزلة عمومًا .
ثقافته
كان للجاحظ منذ نعومة أظفاره ميلٌ واضحٌ ونزوعٌ عارمٌ إلى القراءة والمطالعة حَتَّى ضَجِرَتْ أُمُّهُ وتبرَّمت به(8). وظلَّ هذا الميل ملازماً لـه طيلة عمره، حتَّى إنَّه فيما اشتُهِرَ عنه لم يكن يقنع أو يكتفي بقراءة الكتاب والكتابين في اليوم الواحد، بل كان يكتري دكاكين الورَّاقين ويبيت فيها للقراءة والنَّظر ويورد ياقوت الحموي قولاً لأبي هفَّان ـ وهو من معاصريه ومعاشريه ـ يدلُّ على مدى نَهَمِ الجاحظ بالكتب، يقول فيه: «لم أر قطُّ ولا سمعت من أحبَّ الكتب والعلوم أكثر من الجاحظ، فإنَّه لم يقع بيده كتاب قَطُّ إلا استوفى قراءته كائناً ما كان ولا عَجَبَ إذ ذاك في أن يُفْرِد الصَّفحات الطِّوال مرَّات عدَّة في كتبه، للحديث عن فوائد الكتب وفضائلها ومحاسنها. والحقُّ أنَّه «كان أشبه بآلة مصوِّرةٍ، فليس هناك شيءٌ يقرؤه إلاَّ ويرتسم في ذهنه، ويظلُّ في ذاكرته آماداً متطاوله.
ولكن الجاحظ لم يقصر مصادر فكره ومعارفه على الكتب، وخاصَّةً أنَّ ذلك عادةٌ مذمومةٌ فيما أخبرنا هو ذاته وأخبرنا كثيرون غيره، إذ العلم الحقُّ لا يؤخذ إلا عن معلم، فتتلمذ على أيدي كثيرٍ من المعلمين العلماء واغتنى فكره من اتصاله بهم، وهو وإن لم يتَّفق مع بعضهم أو لم يرض عن فكرهم فإنَّهُ أقرَّ بفضل الجميع ونقل عنهم وذكرهم مراراً بين طيات كتبه.
لقد تكوَّنَتْ لدى الجاحظ ثقافةٌ هائلةٌ ومعارفُ طائلةٌ عن طريق التحاقه بحلقات العلم المسجديَّة التي كانت تجتمع لمناقشة عددٍ كبيرٍ وواسعٍ من الأسئلة، وبمتابعة محاضرات أكثر الرِّجال علماً في تلك الأيَّام، في فقه اللغة وفقه النَّحو والشِّعر، وسرعان ما حصَّل الأستاذيَّة الحقيقيَّة في اللغة العربيَّة بوصفها ثقافةً تقليديَّة، وقد مَكنَّهُ ذكاؤُه الحادُّ من ولوج حلقات المعتزلة حيث المناقشات الأكثر بريقاً، والمهتمَّة بالمشكلات الَّتي تواجه المسلمين، وبالوعي الإسلامي في ذلك الوقت».
ونظراً لسعة علمه وكثرة معارفه وَصَفَهُ ابن يزداد بقوله: هو نسيج وَحْدِهِ في جميع العلوم؛ علم الكلام، والأخبار، والفتيا، والعربيَّة، وتأويل القرآن، وأيَّام العرب، مع ما فيه من الفصاحة.
وإن كان معاصرو الجاحظ من العلماء، على موسوعيَّة ثقافتهم، أقرب إلى التَّخصص بالمعنى المعاصر، فإن «تردُّد الجاحظ على حلقات التَّدريس المختلفة قد نجَّاه من عيب معاصريه ذوي الاختصاص الضَّيِّقِ. فهو بدرسه العلوم النقليَّة قد ارتفع فوق مستوى الكُتَّاب ذوي الثَّقافة الأجنبيَّة في أساسها القليلة النَّصيب من العربيَّة وغير الإسلاميَّة البتَّة»، ولذلك «لم يكتف بالتردُّد على أوساطٍ معيَّنةٍ بغية التَّعمق في مادَّة اختارها بل لازمَ كلَّ المجامع، وحضر جميع الدُّروس، واشترك في مناقشات العلماء المسجديين، وأطال الوقوف في المربد ليستمع إلى كلام الأعراب، ونضيف إلى جانب هذا التكوين، الذي لم يعد لـه طابع مدرسي محدود، المحادثات التي جرت بينه وبين معاصريه وأساتيذه في مختلف المواضيع».
أساتذة الجاحظ
أما أساتذة الجاحظ الذين تتلمذ عليهم وَرَوَى عنهم في مختلف العلوم والمعارف فهم كثيرون جدًّا، وهم معظم علماء البصرة إبَّان حياته، المظنون أنَّ الجاحظ لم ينقطع عن حضور حلقاتهم. ولكنَّ مترجميه يكتفون بقائمةٍ صغيرةٍ منهم غالباً ما تقتصر على العلماء الأَجِلَّة المشهورين. ومهما يكن من أمر، وبناءً على بعض المصادر، نستطيع القول: إنَّ أهمَّ هؤلاء الأساتذة هم:
ـ في ميدان علوم اللغة والأدب والشِّعر والرِّواية: أبو عبيدة معمر بن المثنَّى التميمي و الأصمعي وأبو زيد بن أوس الأنصاري ومحمد بن زياد بن الأعرابي و خلف الأحمر وأبو عمرو الشَّيباني وأبو الحسن الأخفش وعلي بن محمد المدائني.
ـ في علوم الفقه والحديث: أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي ويزيد بن هارون والسري بن عبدويه والحجَّاج بن محمد بن حماد بن سلمه بالإضافة إلى ثمامة بن الأشرس الذي لازمه الجاحظ في بغداد.
ـ في الاعتزال وعلم الكلام: أبو الهذيل العلاَّف والنَّظَّام ومويس بن عمران وضرار بن عمر والكندي وبشر بن المعتمر الهلالي وثمامة بن أشرس النُّميري(17). و أحمد بن حنبل.
وثَمَّةَ علماء ومفكرون آخرون لا تقلُّ أهمِّيَّتهم عن هؤلاء، والجاحـظ ذاته لم يَغفل عن ذكر معظمهم.
وإذا ما أضفنا إلى ذلك أصالة الجاحظ ونبوغه وألمعيَّته واتِّقاد قريحته، وجليل إسهامه وإبداعاته وجدناه يستحقُّ بجدارةٍ كاملةٍ كلَّ ما قاله فيه مريدوه ومحبُّوه والمعجبون به من تقريظاتٍ ساحرةٍ باهرةٍ، تكاد تبدو لمن لم يطَّلع على آثار الجاحظ وحياته وفكره أنَّها محض مبالغات. ومما أورده ياقوت الحموي، ويوجز فيه لنا ما سبق بلفظٍ أنيقٍ وتعبيرٍ رشيقٍ قولـه: «أبو عثمان الجاحظ، خطيبُ المسلمين، وشيخُ المتكلِّمين، ومَدْرَهُ المتقدمين والمتأخِّرين. إن تكلَّم حكى سحبان في البلاغة، وإن ناظر ضارع النَّظَّام في الجدال، وإن جدَّ خرج في مسك عامر بن عبد قيس، وإن هَزَلَ زاد على مزبد، حبيب القلوب، ومزاج الأرَّواح، وشيخ الأدب، ولسان العرب، كتبه رياضٌ زاهرةٌ، ورسائله أفنانٌ مثمرةٌ، ما نازعه منازعٌ إلا رشاه أنفاً، ولا تعرَّض لـه منقوصٌ إلا قدَّم لـه التَّواضع استبقاءً. الخلفاء تعرفه، والأمراء تصافيه وتنادمه، والعلماء تأخذ عنه، والخاصَّة تسلِّم له، والعامَّة تحبُّه. جَمَعَ بَيْنَ اللسان والقلم، وبَيْنَ الفطنة والعلم، وبين الرأي والأدب، وبين النثر والنظم، وبين الذكاء والفهم، طال عمره، وفشت حكمته، وظهرت خلَّته، ووطئ الرِّجال عقبه، وتهادوا أدبه، وافتخروا بالانتساب إليه.
منهجه العلمي
انتـهج الجاحظُ في كتبه ورسـائله أسلوباً بحثيًّا أقلُّ ما يقال فيه إنَّهُ منهجُ بحثٍ علميٍّ مضبوطٌ ودقيقٌ، يبدأ بالشَّك لِيُعْرَضَ على النَّقد، ويمرُّ بالاسـتقراء على طريق التَّعميم والشُّـمول بنـزوعٍ واقعيٍّ وعقلانيٍّ، وهو «في تجربته وعيانه وسماعه ونقده وشكِّه وتعليله كان يطلع علينا في صورةِ العالم الذي يُعْمِلُ عقله في البحث عن الحقيقة، ولكنَّه استطاع برهافة حسِّه أن يسبغ على بحثه صبغة أدبيَّةً جماليَّة تُضفي على المعارف العلميَّة رواءً من الحسن والظَّرْف، يرفُّ بأجنحته المهفهفة رفيف العاطف الحاني على معطيات العلم في قوالبها الجافية، ليسيغها في الأذهان ويحببها إلى القلوب، وهذه ميزة قلَّت نظيراتها في التُّراث الإنساني.
الشك
لم يكتف أبو عثمان بالشَّك أساساً من أسس منهجه في البحث العلميِّ بل عَرَضَ لِمَكانة الشَّك وأهمِّيَّته من النَّاحية النَّظريَّة في كثيرٍ من مواضع كتبه، ومن أهم ما قاله في ذلك: «واعرف مواضع الشَّك وحالاتها الموجبة لها لتعرف بها مواضع اليقين والحالات الموجبة لـه، وتعلَّم الشَّك في المشكوك فيه تعلُّماً، فلو لم يكن في ذلك إلا تعرُّف التَّوقُّف ثُمَّ التَّثبُّت ، لقد كان ذلك مما يُحتاج إليه. ثمَّ اعلم أنَّ الشَّكَّ في طبقاتٍ عند جميعهم، ولم يُجمعوا على أنَّ اليقين طبقات في القوَّة والضَّعف
النـقـد
إنَّ تتبـُّعَ كتب الجاحظ ورسائله يكشفُ لنا عن عقليَّة نقديَّةٍ بارعةٍ؛ نقديَّةٍ بالمعنى الاصطلاحي المنهجي وبالمعنى الشَّائع للانتقاد، فنقده بالمعنى الشَّائع يتجلَّى أكثر ما يتجلَّى في تهكُّمه وتعليقاته السَّاخرة التي لم يسلم منها جانبٌ من جوانب المعرفة ولا مخطئٌ أمامه أو واصلٌ إليه خبره، ومن ذلك مثلاً تهكُّمه بالخليل بن أحمد الفراهيدي من خلال علم العروض الذي قال فيه: «العروض علمٌ مردود، ومذهبٌ مرفوض، وكلام مجهول، يستكدُّ العقول، بمستفعل ومفعول، من غير فائدة ولا محصول».
أما نقده المنهجيُّ فما أكثر ما تجلَّى في كتبه ورسائله في تعامله مع مختلف الموضوعات المعرفيَّة؛ العلميَّة والأدبيَّة، ومن ذلك نقده لعلماء عصره ومحدِّثيه ورواته وفقهائه والعلماء السَّابقين، والشَّواهد على ذلك جدِّ كثيرة، تجعلنا حقًّا في حيرة أمام اختيار واحد منها.
انتقد بعضهم اتجاه علماء الكلام نحو الأمور الطَّبيعية بالعناية والدِّراسة فقال: «لو كان بدلُ النَّظرِ فيهما النَّظرَ في التَّوحيد، وفي نفي التَّشبيه، وفي الوعد والوعيد، وفي التَّعديل والتَّجويد، وفي تصحيح الأخبار، والتَّفضيل بَيْنَ علم الطَّبائع والاختيار، لكان أصوب. فردَّ عليه الجاحظ ناقداً ادعاءه بقوله: العَجَبُ أنَّك عمدت إلى رجالٍ لا صناعة لهم ولا تجارة إلا الدُّعاءُ إلى ما ذكرت، والاحتجاجُ لما وصفت، وإلاَّ وضع الكتب فيه والولايةُ والعداوةُ فيه، ولا لهم لذَّة ولا همٌّ ولا مذهبٌ ولا مجازٌ إلاَّ عليه وإليه؛ فحين أرادوا أن يقسِّطوا بَيْنَ الجميع بالحِصص، ويَعْدِلوا بين الكلِّ بإعطاء كلِّ شيءٍ نصيبه، حَتَّى يقع التَّعديلُ شاملاً، والتَّقسيط جامعاً، ويظهر بذلك الخفيُّ من الحكم، والمستور من التَّدبير، اعترضتَ بالتعنُّت والتَّعجُّب، وسطَّرت الكلام، وأطلت الخطب، من غير أن يكون صوَّب رأيك أديبٌ، وشايعك حكيمٌ».
وبنظرةٍ عجلى في آثار الجاحظ « فإنك تراهُ وهو يطلق العنان لقلمه في جلِّ كتبه ـ يزيِّف الخرافات والتُّرَّهات في عصره وقبل عصره، ويورد عليك نقداته ومباحثاته، فيقطع في نَفْسك أنَّه لو جاء كثيرٌ مثله في عقلاء العلماء لخلت كتب الأقدمين من السَّخافات، إذ إنَّ الجاحظ نفسه يقول: ومما لا أكتبه لك من الأخبار العجيبة التي لا يجسر عليها إلا كلُّ وقاح أخبار ولذلك ما أكثر ما كان يستفتح الأخبار المغلوطة أو الأسطورية بقوله زعم فلان، وزعموا، ثُمَّ يُعَقِّبُ بتحليله ونقده «بعقلٍ راجحٍ، ونظرٍ صائبٍ، وأسلوبٍ سهلٍ عَذْبٍ متنوِّعٍ دقيقٍ فكهٍ، يَتَتَبَّعُ المعنى ويقلِّبُه على وجوهه المختلفة، ولا يزال يولِّده حَتَّى لا يترك فيه قولاً لقائل»
التجريب والمعاينة
إذا كان النَّقد هو الخطوة اللاحقة على الشَّكِّ فإنَّ المعاينة والتَّجريب هي الخطوةُ المقترنة بالنَّقد والمتلازمة معه، وخاصَّةً في مسائل العلم الطَّبيعي، والجاحظ لم ينس هذه الخطوة ولم يتناسها بل جعلها عماداً لازماً من أعمدة منهجه البحثي، وقد بدا ذلك في اتجاهين؛ أولهما قيامه هو ذاته بالمعاينة والتَّجريب، وثانيهما نقل تجارب أساتذته ومعاصريه.
وقـد أجرى الجاحظ كما أخبرنا تجارب ومعايناتٍ كثيرةً للتَّثبُّت من معلومةٍ وصلت إليه، أو لنفي خبرٍ تناهى إلى سمعه ولم يستسغه عقله، والأمثلة على ذلك جدُّ كثيرة نذكر منها تجربته في زراعة شجرة الآراك وقصَّته الطَّويلة معها للتَّأكُّد مما قيل عن تكاثر الذَّرِّ عليها ويصف لنا بُرنيَّةَ زجاجٍ وُضِع فيها عشرون فأراً مع عشرين عقرب، وما فعلته العقارب بالفئران وكذلك عندما أجمع أناس، بينهم طبيبٌ، على أنَّ الجمل إذا نُحِر ومات والتمست خصيته وشقشقته فإنهما لا توجدان، فأرسل إلى جزَّار أن يأتيه بالخصية والشقشقة إذا نحر جملاً، ففعل، فلم يكتف بذلك، فبعث إليه رسولاً يقول: «ليس يشفيني إلا المعاينة» ففعل ودحض هذا الادعاء ولجأ أيضاً إلى تجريب بعض المواد الكيماويَّة في الحيوان ليعلم مبلغ تأثيرها فيها، وليتأكَّد مما قيل في ذلك ومما أورده من تجارب غيره تجربة أستاذه النَّظَّام عندما سقى الحيوانات خمراً ليعرف كيف يؤثِّر الخمر في الحيوان، ولم يكتف بنوعٍ واحدٍ بل جرَّب على عددٍ كبيرٍ من الحيوانات كالإبل والبقر والجواميس والخيل والبراذين والظِّباء والكلاب والسَّنانير والحيَّات وغيرها.
أما عن منهجه في معرفة الحلال والحرام فيقول : "إنما يعرف الحلال والحرام بالكتاب الناطق، وبالسنة المجمع عليها، والعقول الصحيحة، والمقاييس المعينة" رافضًا بذلك أن يكون اتفاق أهل المدينة على شيء دليلاً على حله أو حرمته؛ لأن عظم حق البلدة لا يحل شيئا ولا يحرمه، ولأن أهل المدينة لم يخرجوا من طباع الإنس إلى طبائع الملائكة "وليس كل ما يقولونه حقًا وصوابًا".
فقد كان الجاحظ لسان حال المعتزلة في زمانه، فرفع لواء العقل وجعله الحكم الأعلى في كل شيء، ورفض من أسماهم بالنقليين الذين يلغون عقولهم أمام ما ينقلونه ويحفظونه من نصوص القدماء، سواء من ينقلون علم أرسطو، أو بعض من ينقلون الحديث النبوي.
فإذا كان بعض فلاسفة الشرق والغرب فد وقفوا أمام أرسطو موقف التلميذ المصدق لكل ما يقوله الأستاذ فإن الجاحظ وقف أمام أرسطو عقلا لعقل؛ يقبل منه ما يقبله عقله، ويرد عليه ما يرفضه عقله، حتى إنه كان يسخر منه أحيانا.. ففي كتابه الحيوان يقول الجاحظ عن أرسطو وهو يسميه صاحب المنطق: "وقال صاحب المنطق: ويكون بالبلدة التي تسمى باليونانية "طبقون"، حية صغيرة شديدة اللدغ إلا أنها تُعالج بحجر يخرج من بعض قبور قدماء الملوك-، ولم أفهم هذا ولمَ كان ذلك؟!"
ويقول الجاحظ: "زعم صاحب المنطق أن قد ظهرت حية لها رأسان، فسألت أعرابيًا عن ذلك فزعم أن ذلك حق، فقلت له: فمن أي جهة الرأسين تسعى؟ ومن أيهما تأكل وتعض؟ فقال: فأما السعي فلا تسعى؛ ولكنها تسعى على حاجتها بالتقلب كما يتقلب الصبيان على الرمل، وأما الأكل فإنها تتعشى بفم وتتغذى بفم، وأما العض فأنها تعض برأسيها معًا. فإذا هو أكذب البرية".
وفاته
ويتحدّث كتّاب السير عن نهايته في عام 868 م الموافق لسنة(255) هـ وقد نيف على التسعين سنة. وله مقالة في أصول الدين وإليه تنسب الجاحظية. وقد هدّه شلل أقعده وشيخوخة صالحة، عندما كان جالسا في مكتبته يطالع بعض الكتب المحببة إليه,فوقع عليه صف من الكتب اردته ميتاً,لقد مات الجاحظ مدفونا بالكتب, مخلفاً وراءه كتباً ومقالات وافكاراً ما زالت خالدةً حتى الان.
كتبه
البيان والتبيين كتاب الحيوان البخلاء الأضداد و المتشابهات
كتاب البخلاء
كتاب البخلاء، وهو كتاب ادب وعلم وفكاهة. وهو من أنفس الكتب التي يتنافس فيها الادباء والمؤرخون. فلا نعرف كتابا يقوقه للجاحظ، ظهرت فيه روحه الخفيفة تهز الارواح، وتجتذب النفوس. ولا نعرف كتابا يفوقه للجاحظ، تجلى فيه اسلوبه الفياض، وبيانه الجزل الرصين، وقدرته النادرة، على صياغة النادرة، في اوضح بيان، وادق تعبير، وابرع وصف. ولا نعرف كتابا غيره للجاحظ او لغيره، وصف الحياة الاجتماعية في صدر الدولة العباسية كما وصف: فقد اطلعنا على اسرار الاسر، ودخائل المنازل، واسمعنا حديث القوم في شؤونهم الخاصة والعامة، وكشف لنا عن كثير من عاداتهم وصفاتهم واحوالهم.
وقد كان الذي يغلب على الظن ان يكون الجاحظ قد كتب ( كتاب البخلاء) وهو في سن الشباب، وابان الفتوة، لان هذه السن في الغالب سن العبث والسخرية، والتندر والدعابة، والتفكه بعيوب الناس. ولكنا نقرأ في كتاب البخلاء من الاخبار ما يحملنا على انه كتب الكتاب او جمعه وهو هرم، يحمل فوق كتفيه اعباء السنين.
والجاحظ يشير في طليعة كتاب البخلاء انه قدمه إلى عظيم من عظماء الدولة، ولكنه لم يبح باسمه. واننا نرجح ان يكون الكتاب كتب لواحد من ثلاثة، هم: محمد ابن عبد الملك الزيات، وزير المعتصم والواثق، لما كان بينه وبين الجاحظ من وثيق الصلة، والفتح بن خاقان وزير المتوكل، لما اثر عن الفتح من الاعجاب بكتب الجاحظ، وحثه على التأليف في مختلف الشؤون، وابن المدبر، وقد كان للجاحظ صديقا حميما.
و قد صور الجاحظ في كتابه البخلاء الذين قابلهم وتعرفهم في بيئته الخاصة خاصة في بلدة مرو عاصمة خراسان ، وقد صور الجاحظ البخلاء تصويراً واقعياً حسياً نفسياً فكاهياً ، فأبرز لنا حركاتهم ونظراتهم القلقة أو المطمئنة ونزواتهم النفسية، وفضح أسرارهم وخفايا منازلهم واطلعنا على مختلف أحاديثهم، وأرانا نفسياتهم وأحوالهم جميعاً، ولكنه لا يكرهنا بهم لأنه لا يترك لهم أثراً سيئاً في نفوسنا.
ـ وقصص الكتاب مواقف هزلية تربوية قصيرة.
ـ والكتاب دراسة اجتماعية تربوية نفسية اقتصادية لهذا الصنف من الناس وهم البخلاء.
و لكتاب البخلاء أهمية علمية حيث يكشف لنا عن نفوس البشر وطبائعهم وسلوكهم علاوة على احتوائه على العديد من أسماء الأعلام والمشاهير والمغمورين وكذلك أسماء البلدان والأماكن وصفات أهلها والعديد من أبيات الشعر والأحاديث والآثار فالكتاب موسوعة علمية أدبية اجتماعية جغرافية تاريخية