الأمام البدر وبجانبه الأمير محمد الأحمد السديري عندمكان امير جازان
هو الإمام البدر محمد بن أحمد،بن يحيى حميد الدين آخر حكام المملكة المتوكلية اليمنية أطيح به على يد الثوار غدرا في السادس والعشرون من سبتمبر للعام 1962م، بعد توليه السلطة بأسبوع خلفاً لأبيه الأمام أحمد بن يحيى حميد الدين، وانتهى بذلك عهد الأمامية العهد المشرق في تاريخ اليمن الحديث, توفي في العام 1417هـ
الأمام البدر ايام الثورة
هروب الإمام البدر
بعد أن خسر الملكيون آخر مواقعهم في بعض مناطق سنحان وبلاد الروس عادوا مرة أخري بقيادة الإمام البدر نفسه بعد أن تلقي دعماً وتمويلاً من الخارج علي أساس يحتل مدينة حجة وإذا استعادوا حجة فبإمكانهم أن يستعيدوا المناطق التي خرجوا منها.
خرج البدر ليستقر في المحابشة وتوافد عليه الناس من هنا وهناك وكان الأخ عبد الوهاب الشهاري رحمه الله الذي عمل معي من أول الثورة هو همزة الوصل بيننا وبين تلك المناطق لأن المحابشة منطقته وكان يعلم أيضاً أن البدر من عناصر بيت حميد الدين السلميين وكلنا نفهم هذا. قام بزيارة البدر إلي مقر إقامته فوق المحابشة وقال له: أنا مرسل من الشيخ عبدالله إليك يقول لك أنه يعلم أنك رجل عظيم ورجل سلم فإذا لديك الرغبة بالخروج من اليمن أو أي شيء ترغب فيه فسوف يضمنه لك. فقال البدر: أريد رسالة من القاضي عبد الرحمن الإرياني والتزامًا وعهدًا من الشيخ عبدالله أنهم لا يخدعوني وأريد طائرة تقلني من عبس أقرب منطقة إلي خارج اليمن لكن بصورة سريعة فالناس يدفعوني دفعاً نحو حجة والمناطق المجاورة لها وأنا مضطر للاستجابة لمطالبهم.
جاء عبد الوهاب إلينا وأخذ منا الرسالة والالتزام والعهد وعاد للبدر لكنه لم يصل هناك إلا وقد تحرك البدر نحو حجة فقال له البدر: لقد تأخرت قليلاً ولم أستطع أن أقنع الناس فدفعوني للزحف علي حجة. وقد بعث إلينا برسالة للتثبيط يؤكد فيها رغبته في الصلاح وجمع الشمل.
طوق البدر ومن معه علي حجة وكان المحافظون عليها ـ من أول الثورة ـ هم رجال حاشد سواءً قبل الحصار أو بعده حتي في أيام المصريين كان يوجد في حجة أثناء حصار الملكيين لها جيش من حاشد بقيادة حمود عاطف وعلي صلاح ومعه سرية أو سريتان من لواء الوحدة والمحافظ محمد عبدالله الكحلاني وهو قائد محنك وشجاع، اجتمع هؤلاء القادة الثلاثة ورتبوا أوضاعهم واستعدوا للصمود والدفاع عن المدينة وتوزعوا وتولي كل واحد منهم مسؤولية الدفاع عن جهة من جهات المدينة وحفر كل واحد منهم قبره في مترسه، فلما ضاق الخناق واشتد عليهم جهزنا العميد مجاهد مع قوم من حاشد لفك الحصار علي المدينة، وأنا خرجت بقوم طريق ثلاء وشبام وكوكبان لمناوشة الأمير علي بن إبراهيم الذي كان في الطويلة حتي لا يقطعوا الطريق علي مجاهد ويحولوا بينه وبين الوصول إلي حجة، وفعلاً ظنوا أنني متقدم في اتجاههم فتوقفوا استعداداً للمواجهة معي ومجاهد تحرك حتي وصل منطقة كحلان ليواصل توجهه إلي حجة وكان أمامه حصن جرع وهو حصن مهم بالنسبة للطريق وكان فيه السيد محمد عبدالله أبو منصر قائد قوات الملكية والذي وصله الخبر أن مجاهد وصل بقوم علي كحلان متوجهاً إلي حجة فاتصل به بالجهاز الذي كان يستخدمه الجنود أين ستتجه؟ قال مجاهد: حجة
كذبة أشعب
من المؤكد أن صنعاء كانت محطة أنظار العالم والنقطة الأكثر سخونة في الخارطة الاخبارية صبيحة خميس الثورة - على الأقل في تقدير وكالات الأنباء - ففي الساعة العاشرة من مساء اليوم السابق كان راديو صنعاء قد أذاع خبراً قال فيه: «إن ضباط الجيش حاصروا القصور الملكية وطلبوا من الإمام أن يسلم ولكنه رفض وظل قصره يقاوم وعندئذ قصفت المدفعية القصر ودفن الإمام البدر تحت الأنقاض» وفي العاشرة والنصف من صباح اليوم التالي كان راديو صنعاء يذيع خبر قيام الثورة وإعلان النظام الجمهوري في اليمن، وعندها كان خبر مصرع الإمام البدر قد أصبح في حكم المؤكد وتناقلته كبريات الصحف العربية والأجنبية «بالمانشيت العريض» في الصفحات الأولى منها فجاء: «مانشيت جريدة الأهرام المصرية - على سبيل المثال - على هذا النحو «الجيش ضرب قصر الملك بالمدافع بعد أن رفض التسليم وهدم القصر على رأس الإمام»، وهي صياغة تميل إلى ترجيح مصرع البدر، أما «مانشيت الجمهورية المصرية أىضاً» فكان مباشراً وأكد مصرعه حيث جاء فيه: «اغتيال الملك البدر.. إعلان الجمهورية في اليمن»، وفي جريدة الأخبار نقرأ بالبنط العريض «الملك البدر هو الذي حدد ساعة الصفر لمصرعه»، وعنواناً آخر في الجريدة نفسها «أراد الملك أن يقتل عمه فقتله الثوار».. غير أن السؤال هو: هل كان الثوار أنفسهم مقتنعين بأن البدر قد دفن تحت أنقاض قصره «دار البشائر» ولقي مصرعه بالفعل؟!.. بالطبع.. لا!! وإلا لكان حالهم كحال «أشعب» الذي أوهم الصبية بأن هناك وليمة في الطرف الآخر من الحي - حتى يتفرقوا من حوله - ثم سابقهم إلى الوليمة المزعومة مصدقاً نفسه.
- لقد هرب البدر وتأكد للثوار ذلك في وقت مبكر، بيد أنه لم يكن أمامهم - وقد فشلوا في تصفيته جسدياً - إلا أن يسعوا لتصفيته إعلامياً وكان هدفهم من تأكيد وإذاعة خبر مصرعه، زعزعة صفوف أنصاره والموالين له، وبث اليأس في نفوسهم، لضمان عدم المقاومة من جانبهم، على حد تعبير اللواء عبدالله جزيلان «في التاريخ السري للثورة» فإن إعلان نبأ وفاة البدر تحت أنقاض القصر كان له «أصداء عميقة في الداخل والخارج»، ففي الداخل استسلم كل المسئولين وحاولوا التقرب من الثورة، أما بالنسبة للخارج فقد بادرت الدول إلى الاعتراف بالنظام الجمهوري كأمر واقع»، وبصرف النظر عن أن «كل المسئولين» قد استسلموا أم لا أو أن «الدول» بادرت إلى الاعتراف بالجمهورية أو تأخرت مبادرة بعضها لأيام وشهور وسنوات عقب ذلك؟! بصرف النظر عن كل ماسبق، فإن تضخيم حجم المكسب من وراء إذاعة خبر مصرع البدر المكذوب يبدو - في نظر البعض - قفزاً على حقيقة: إن الثوار قد عجزوا في إحكام الطوق حول «دار البشائر» ماتمكن معه البدر من الفرار وهو - أي نجاة البدر - ماكان يفترض ألا يحدث، في حين يذهب - آخروون - إلى القول: بأن ضباط الثورة على الأقل بعضهم لم يكن في نيته تصفية البدر جسدياً، فوقف ضد هذه الفكرة في «سره» وقام بتسهيل هروب الإمام المخلوع... إن أحداً من الثوار لم يبد استياءه لدى معرفته بهروب البدر، ولم يكلف نفسه مجرد السؤال: كيف تمكن من الهرب؟ ويصف جزيلان - برضا واضح - قصة هروبه بهذه السطور الباردة «أدرك البدر أن الموقف لم يعد في صالحه، وأن الرياح تأتي بما لاتشتهي سفنه، فخرج من منزله متخفياً وتسلق الجدار إلى منزل صديقه وسكرتيره عبدالحميد الشوكاني، كما بلغني ومن هنا فر هارباً.. «وبينما تقول رواية: إن السلال هو من أذاع نبأ مقتل البدر فإن رواية جزيلان تنسب هذا الفعل إلىه «توقف إطلاق النار تماماً مما جعلنا نشك في أن البدر مازال على قيد الحياة فطلبنا إذاعة خبر موته..» و «نشك» هذه تحتمل أن يكون قد مات بالفعل أو لم يمت بالفعل، فلماذا هذه العجلة في إذاعة نبأ الموت؟ ولماذا هذا الاجماع حول ضرورة إذاعته؟!
تقرير الماني
إذا كان البيان الرسمي الذي زعم بأن الإمام المخلوع قد لقي حتفه تحت أنقاض دار البشائر قد بدا مصدقاً في الساعات الأولى للثورة فإنه سرعان مادخل دائرة الشك والمساءلة مع دخول العديد من الصحافيين إلى صنعاء، حيث بدأ هؤلاء يبحثون عن دليل ىؤكد موته فعلاً، وأمام الحاحهم اضطرت حكومة الثورة المشكلة للتو إلى إجراء تعديل في بيانها الأول حول نهاية البدر فقالت: إن جندياً القى عليه النار أثناء محاولته الفرار فأصابه بجراح بليغة توفي على إثرها في مكان غير معلوم.. غير أن اختفاء جثة البدر قد ترك المجال مفتوحاً للشك في هذه الرواية رغم أن الحكومة كانت قد عرضت على الصحافيين جندياً أدعى أنه من أطلق النار على البدر.. وفي 3 أكتوبر نشر ألماني يدعى «جورجن جريشباخ» تقريراً إذاعياً من عدن ذكر فيه أنه كان في صنعاء أثناء قيام الثورة وأنه - يعرف على نحو ما - أن الإمام قد هرب من القصر المدمر بعد أن حصل على بعض المساعدات، كما صرحت حكومة المنفى التي شكلها الحسن بعد إعلان نفسه إماماً بأن البدر على اتصال معها وتوالت أنباء التكذيب لوفاته فأذاع راديو عمان - الأردن - إن البدر قد بعث رسالة إلى الملك حسين يبلغه فيها بهربه، وقضى الإمام المخلوع في جبل نادر على آخر فرصة لإدعاء وفاته بظهوره هناك في مؤتمر صحافي يحكي قصة هروبه، وكان ذلك في العاشر من نوفمبر بعد شهر ونصف الشهر على وفاته تحت أنقاض القصر.
حركة غير عادية
نصف الساعة هي الفاصل بين مغادرة العقيد عبدالله السلال دار البشائر وبين قصف الدار بالمدفعية.. كان السلال يشغل منصب رئيس لأركان الجيش - حينها - وكان من ضمن الوجوه التي «سعدت» برؤية البدر - قبل دخوله طور الأفول في تلك الليلة التي شهدت هي الأخرى ـ آخر اجتماع وزاري لآخر حكومات المملكة المتوكلية اليمنية، وضم الاجتماع إلى جانب السلال شخصيتين بارزتين هما عبدالرحمن الإرياني ووزير مالية البدر محمد علي عثمان، علاوة على بقية أعضاء الحكومة، وباستثناء الرواية التي تقول: إن السلال قد غادر القصر فور انتهاء الاجتماع في الساعة الحادية عشرة مساء، ليس هناك خبر عن الكيفية التي غادر بها بقية المجتمعين، لاسيما وأن المدفعية الثائرة قد باشرت قصف القصر بعد ذلك بنصف ساعة.. وتذكر الرواية أن مغادة السلال بتلك السرعة أثارت ريبة الإمام البدر خصوصاً وأنه كان قد طلب إليه البقاء لمناقشة بعض الأمور.. وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده الإمام المخلوع عقب ظهوره في العاشر من نوفمبر لم يدل البدر بتفصيلات ذات قيمة عن الطريقة التي تجاوز بها طوق المحاصرين الثائرين حول قصره، واكتفى بصب جام غضبه على «المصريين» ... إن القصة مثيرة بالفعل وتزداد إثارتها بتقرير «دانا آمر شمدت» الذي تذكر: «إن موعد الثورة قد جرى تقديمه، وأن الضابط الذي جاء بالمدرعات من الحديدة، قام بقصف القصر على مسئوليته الشخصية ودون تعليمات بذلك».
وأنه - أي الضابط - «أرسل سيارة إلى السلال الذي كان قد أوى إلى فراشه ولم يعرف عن القصف شيئاً، وطلب إليه المشاركة في الثورة، ويزعم التقرير أن السلال رد عليه: «نعم إذا ما أصبحت رئيساً للجمهورية، وقد تمت الموافقة على هذا الشرط» وبعد أيام خرج - الضابط السابق - «علي عبدالمغني» في مهمة عسكرية إلى منطقة خولان وهناك تم اغتياله.. وفي «التاريخ السري» لجزيلان: يورد رواية مناقضة تماماً للرواية السابقة حيث يقول: «جاء الزعيم السلال إلى الكلية الحربية ومدرسة الأسلحة بصحبة جندي من الحرس الملكي و ... أخبرني الشاويش حنيش بوجوده.. فرحبت به وكان هدفي نحصل على ذخيرة من قصر السلاح... اقترب مني الشاويش وهمس في أذني أنه سيطلق النار على الزعيم السلال إذا أحس بأي شىء فقلت له - الكلام لجزيلان -: إذا لاحظت أي حركة غير عادية فأطلق النار على العكفي».. ويورد جزيلان: إن الحوار التالي الذي قال إنه دار بينه وبين السلال: «قال الزعيم السلال ووجهه مكفهراً: ماذا فعلت ؟!.. قلت له بصراحة: قمنا بالثورة، والطائرات والدبابات والأسلحة المختلفة قادمة في الطريق.
فسأل: هل أنت متأكد أن المساعدات والطائرات قادمة؟!
يقول جزيلان: بدأت أشك في تحركاته وأسئلته وكنت على حذر شديد منه فقلت: إنني متأكد وإلا ما قمنا بالثورة «انتهى» ويبقى أن نذكر أن «ضابطاً من متخرجي الكلية الحربية أرتدى ملابسه العسكرية إثر سماعه دوي قصف المدافع وتحرك صوب القصر بهدف «السلب» وهناك التقى الإمام المخلوع فقام بتسهيل فراره مقابل حفنة من الذهب» حسب ما أورده ناجي علي الأشول في كتابه «الجيش والحركة الوطنية» الصادر عن دائرة التوجيه السياسي في القوات المسلحة وتتنوع الروايات حول هروب البدر وتختلف كل رواية عن الأخرى، غير أن جميعها تتفق على أنه قد هرب بمساعدة أحدهم ولعل أطرف الروايات على الإطلاق تلك التي تقول: إن عجوزاً قد صادفت البدر أثناء هروبه وكان لايزال في لباسه الملكي وقد نصحته العجوز بتغييرها وأخذته إلى منزلها فألبسته ملابس فلاحية رثة مهلهلة مكنته من التعمية على الآخرين والمرور من أوساط الناس دون أن يتبين ملامحه أحد.
الأمام البدر في شيخوخته
قصص بلاد اليمن كثيرة وضاربة في أعماق التاريخ. بعضها أساطير وبعضها ورد على لسان الأنبياء والرسل وفي كتبهم.. هذه القصص تعيشها كما لو انك تشاهد افلام »الفانتازيا« والخيال, ويبدو ان الاميركيين خصبوا مخيلتهم بهذه القصص التي تروى عن اليمن السعيد وأساطيره, وملاحم سيف بن ذي يزن والف ليلة وليلة.
للبلاد الأخرى أساطيرها, وقصصها, لكن لا نشاهدها الا في افلام الرعب والعنف وغزو الفضاء, اما اليمن فبلاد مختلفة التراث. كانت تسمى ب¯ »اليمن السعيد«, ولكثرة الخير والجمال فيه كان اهله يدعون ربهم ويقولون » اللهم باعد بين اسفارنا« حتى يروا شيئا آخر غير تلك الجنات الارضية المترابطة.وفعلا استجاب لدعائهم, وباعد بين اسفارهم.
اما المزاج اليمني فيختلف بين الشمال والجنوب, بعضه حار وساخن, وبعضه هادئ, وبعضه غدار, وبعضه هائم يحلق في سماوات »القات«, يصحو وقت القيلولة, ويشرب في الليل ليمحو صحوة النهار.
ويقولون ان يحيى حميد الدين, امام اليمن الاخير, كان اقل قسوة على شعبه من ابنه الامام احمد الذي مات مقتولا...كان قاسيا على الناس, وخصوصا الذين يعبثون بالأمن, كان مثل الحجاج الذي امر المصلين لو ان احدهم طلب منه ان يخرج من هذا الباب وخرج من الباب الآخر لقطع عنقه. وقد قطع الحجاج بالفعل عنق شخص عندما خرج من باب آخر, وقد ظن ان الحجاج لن يقطع عنقه, اي يقول ولا يفعل, ولا يبتغي الا ارهاب الناس.
الامام احمد قال لابيه, وكان وليا للعهد, لا ترحم من لا ينفذ الأوامر, ومن يخل بالامن, فرفض الاب حميد الدين أن يأخذ بنصيحة ابنه, لكنه قال له, وهو على فراش الموت ليتني عملت بنصيحتك يا ولدي, فقد فاق التلميذ استاذه, وقد سأل الامام احمد, قبل ان يقتل, احد العرافين ان يكشف له الطالع, فقال له العراف انك ستقتل, وسيحكم ابنك اليمن لبعض الوقت وسيموت, وسيأتي من بعده ابنه ويحكم ثمانية, فصرخ في وجه العراف وقال ثمانية ماذا فقال لا ادري, فقد يحكم ثماني ساعات, او ثمانية ايام, او ثماني سنوات... ولا ادري اي التوقيت صائب, فالله وحده علام الغيوب, لكنه سيزاح عن الحكم بفعل فاعل, وحذر ابنك احمد ان يحذر ابنه البدر من مصاحبة اي شخص اسمه عبدالله.
وبالتواتر نصح الامام احمد ابنه البدر ان يبعد عن جيشه, وعن رجال امنه الشخصي اي واحد اسمه عبدالله. كان الامام البدر يومها صغيرا يافعا ووليا للعهد, فرد على ابيه قائلا يا ابي لدينا اربعة في الجيش والامن الخاص يحملون اسم عبدالله, وكان من بينهم عبدالله السلال, ولا اعرف الآن اي عبدالله سابعده منهم. واضاف علينا ان ندخل مرحلة جديدة في التاريخ لا تعتمد على توقعات العرافين.
وعندما تولى البدر الإمامة خلفا لابيه, تمت ازاحته عن السلطة بانقلاب عسكري قاده ضابط في الجيش اسمه عبدالله السلال, ولما يمضي عليه في الإمامة سوى ثمانية ايام.. نام يوم الخميس إماما واستيقظ بعد ثمانية ايام مخلوعا, وهو الرقم ثمانية الذي توقعه العراف للإمام يحيى. وبعد سقوطه ظل الإمام البدر يحارب لاستعادة ملكه ولكن بلا جدوى, واستقر في نهاية الامر في لندن ومات فيها.
وبالمناسبة ليس الإمام يحيى وحده من زعماء العالم الذين يطلبون العرافين ويصدقونهم. وقد رويت قصص كثيرة عن هؤلاء تشبه الاساطير, منهم من آمن بالعرافين, وطالع النجوم, وحسابات الفلك, وصاحب المنجمين ولاحق اخبارهم وسعى للتعرف على حالهم واحوالهم, واستمع الى احاديثهم التي يجودون بها ببلاغة شديدة, ومقنعة وواضحة. وبعض هؤلاء السلاطين كان يأخذ كلام العراف على محمل الجد, ويتابعه اما بحذر واما بتوتر ذهني وشدة انتباه, سواء اصاب العراف أو لم يصب.
وفي قديم الزمان كان السلاطين يقررون في مسائل السلم والحرب بعد سماع توقعات العرافين, حتى لو لم يصدق شيء منها, ولدى هؤلاء العرافين ما يكفي ليقولوه عندما تفشل توقعاتهم, ولديهم ما يكفي من المبررات, ورمي الاخطاء على غيرهم, لا على انفسهم ولا على ما توقعوه.
انتهت الإمامة في اليمن, ومات الإمام حميد الدين مقتولا وكذلك الإمام احمد, ولم يدم حكم البدر الا ثمانية ايام, ازيح بعدها وخلع من الحكم على يد واحد اسمه عبدالله السلال.